13‏/12‏/2013

يَا لِعَذَابَاتِ الشَّاميّين!

يَا لِعَذَابَاتِ الشَّاميّين!
جالسٌ في هذا اليوم العاصف الماطر؛ شديد البرودة كأنه الزَّمهرير!
جالسٌ أمامَ مِدْفأتي المُلْتَهبةِ والَّتي تَبُثُّ مِن أَلْسِنةِ نَارِها الدِّفْءَ والْحَرارةَ، وَأَبْنائي الأربعة جالسون حولها يتبادلون كَلام الطُّفُولَةِ الَّذي لا يَنْتَهِي!
طُفولةٌ آمِنَة تَنْعُمُ بِرزق اللهِ الكريم مِنْ غَير أَنْ تُدْرِكَ عَذَابَاتِ أَضْرَابِهَا مِنْ أبناء الشَّام المَكْلُومِ!
يَنْعُمون بِحَنَانِ الْأَبِ ورِعَايَةِ الْأُم، وأَمْنِ البلَدِ الَّذِي نَسْأَلُ الله أَنْ يُدِيْمَهُ عَلَيْنَا وَأَنْ يُنْعِمَ بِهِ على إِخْوَانِنَا في سائِرِ بِلَادِ المُسْلِمين..
يَتَمَنّى أَوْلادُنَا أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الدِّفْءِ لِيَلْعَبُوا في الثَّلج!
لِيَتَراشَقُوا كُرَاتِهِ الدَّائِريَّة على أَجْسَادِهِمْ الدَّافِئَةِ وَيُطْلِقُوا الضَّحِكَاتِ والصَّيْحَاتِ تَعْبِيرًا عَن فَرْحَتِهِم العَارِمَةِ بِنُزُولِ رَحْمَةِ الله على الْعِبَادِ وَالبِلادِ!
بَيْنَمَا أَبْنَاءُ الشَّامِ الْجَرِيْحِ يَتَمَنّوْنَ أَنْ يَنْعُمُوا بِبُيُوْتٍ آمِنَةٍ دَافِئَةٍ، وَوَالِدٍ حَنُوْنٍ، وَأُمٍّ رَحِيْمَةٍ!
لَكِنْ هَيْهَاتَ!
الْأَبُ الْحَنُوْنُ قُتِلَ شَرَّ قِتْلَةٍ مِنْ غَيْرِ رَحْمَةٍ، وَالْأُمُّ الرَّحِيْمَةُ انْتُهِكَ عِرْضُهَا مِنْ وُحُوْشٍ لًا تَرْقُبُ في مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً!
وَأَمّا مَنْ يَنْشُدُ أَطْفَالُ الشَّامِ أَنْ يَلْعَبُوْا مَعَهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ جِيْلِهِمْ؛ فَأَيْنَ هُمْ؟!
في مَلْجَإٍ أَوْ خيمةٍ أَوْ مَاتُوا مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ أَوْ هُدِّمَتْ فَوْقَ رُؤُوْسِهِمْ مَدْرَسَتُهُمْ!!
إِنَّ اسْتِشْعَارَ عَذَابَاتِ هؤلاءِ الإِخْوَةِ إِخوةِ العقيدة والدِّين- لَمِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ على مَنْ خَلَقَ اللهُ لَهُ بَيْنَ أَضْلُعِهِ قَلْبًا يَنْبِضُ بِالْإِيْمَانِ وَالرَّحْمَةِ!
إِنَّ المُسلمَ لِلْمُسلمِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا؛ فإِذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ؛ يَسْتَشْعِرُ قَهْرَهُ وَسُوْءَ حَالِهِ وَقِلَّةَ حِيْلَتِهِ، يَئِنُّ لِأَنِيْنِهِ، وَتَجْرِي دُمُوعُهُ لِجَرَيَانِ دَمْعِهِ، وَيَعْتَصِرُ قَلْبُهُ أَلَمًا لَمَّا يَرَى أَوْلَادَهُ آمِنينَ مُطْمَئِنِّيْنَ في كَنَفِ وَالِدِيْهِمْ، وَأَبناءَ إِخْوَانهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لَا وَالِدَ وَلَا وَالِدَةَ وَلَا أَمْنَ وَلَا طُمَأْنِيْنَةَ بَلْهَ- وَلَا مَأْوًى وَلَا مُعِيْنٍ!!
تَتَبَعْثَرُ كَلِمَاتِيْ وَيَتَلَكَّأُ قَلَمِيْ طَوِيْلًا قَبْلَ أَنْ يَسْرِيَ مِدَادُهُ على الوَرَقِ!
مَا بَالُكَ لَا تَكْتُبْ أَيْ قَلَمْ؟!
أأذَهَلَكَ يا عزيزي! الخطْبُ الْجَلَلُ؟
أَم الهمُّ الثَّقِيل.. وناسٌ تئنُّ وتذبح ولا حيلة لي ولا لَكَ إلا الْبَوْحَ بشعور القلب؟!!
ساعدني كي لا أنفجر باكيًا أمام أبنائي ..
ساعدني لأخفف ثورة البركان الحارق بداخلي..
ليس لي ولأمثالي إلى أن نجأر بالدُّعاء لعلَّام الغيوب، ولمغيِّر الأحوالِ والخطوب!
فاللهُمَّ مالِك المُلك، وقيُّوم السَّمَاواتِ والْأَرْضِ، يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ، يَا فَرْدُ يَا صَمَدُ!
كن لأهل الشَّام وارفع عنهم عذاباتهم..
وَآوِهِمْ؛ فإنه لا مُؤْوِيَ لهم إلا أنت..
وَاكْسُهُمْ فَلَا كاسِيَ لهم إلا أنت..
وَأَطْعِمْهُمْ فَلَا مُطْعِمَ لهم إلا أنت..
 لك الله يا شام!
فإنَّنَا لا نَمْلِكُ إلَّا الدُّعاءَ.. واللهُ قريبٌ يُجيبُ دعوَةَ الدَّاعِي إذا دعاه!

فلَعَلَّ الْفَرَجَ يَكُوْنُ قَرِيْبًا!!

وكتب:
ليلة السبت 10/صفر الخير/1435هـ
أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه
آمين..

19‏/11‏/2013

مبشرات نبوية!

#مبشرات_نبوية

لم يكن العهد بجزيرة العرب أن تشهد أمطارًا بهذه الكثافة والغزارة، بل إن الجزيرة لم تكن تُعرف إلا بالجدب والقحط، وهذا أحد أسباب اتساع رقعة الصحراء فيها، إلا أن نبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- بشر أهل هذه البلاد ببشرى خير وبركة؛ وهي أن أرض هذه الجزيرة وهي أرض العرب ستعود مروجًا وأنهارًا في آخر الزمان!

وها هي مبشرات هذه النبوءة قد بدت تلوح في الأفق، فمنذ السنوات القليلة الماضية وأرض الجزيرة تشهد تغيُّرات عجيبة لم تكن تخطر ببال أحد البتَّة! 

أمطارٌ وثلوجُ وبردٌ! ولقد رأيت عيانًا في السنوات الماضية في مكة -حرسها الله- كيف اكتست جبالها السوداء الصمَّاء بحلة خضراء مهيبة توقع في النفس السرور والرهبة معًا!!

خضرة في سواد؟! 

نعم، إنه ما أخبر به النبي -عليه الصلاة والسلام- الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا"(1).


نسأل الله أن يحفظ بلاد التوحيد والسنة وسائر بلاد المسلمين من شر الأشرار ومن كيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار.
آمين.. آمين!
_______________________________
(1) رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم: ( 157 ).

18‏/11‏/2013

قصيدة أبي إسحاق الألبيري الغرناطي في التوبة والزهد والحث على طلب العلم!


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله..
أمَّا بعد:
فـ (( هذه قصيدة قالها الفقيهُ الزَّاهدُ أبو إسحاق إبراهيمُ بنُ مَسعُود الإلبيريّ , رحمه الله , يخاطب الشاعر فيها ويعاتب ويحاور مَنْ دعاه (أبا بكر) .
وكان هذا الرجل قد ذكر بعض معايب الشاعر , وبلغه ما قال . وقد جعل الشاعر هذا المُنطلق فرصة لبسط آرائه في العلم والتقوى والتوبة ونبذ الدنيا , وإشارةً إلى مقالة أبي بكر فيه , وتجاوزاً لها في الوقت نفسه .
واختلط الحديث بين توجيه أبي بكر هذا , والحديث عن النفس , من منطلق لوم  الذات (من التحرّج المستمر) , وتضخيم الهفوات , وإعلان الخضوع المطلق لله تعالى )) .
[منقول من مقدمة تحقيق القصيدة].
وأنا أنقلها هنا لفائدتها وما فيها من معانٍ حسنة جميلة لعل الله أن ينفع بها أحدًا..

تَفُتُّ فُؤَادَكَ الأَيَّامُ فَتَّا           (1)        وَتَنْحِتُ جِسْمَكَ السَّاعَاتُ نَحْتَا
وَتَدْعُوكَ المْنَونُ دُعَاءَ صِدْقٍ    (2)        أَلاَ يَا صَاحٍ: أَنْتَ أُرِيدُ أَنْتَا
أَرَاكَ تُحِبُّ عِرْساً ذَاتَ خِدْرٍ    (3)        أَبَتَّ طَلاَقَهَا الأَكْيَاسُ بَتَّا
تَنامُ الدَّهْرَ وَيْحَكَ فِي غَطِيطٍ (4)        بِهَا حَتَّى إِذَا مِتَّ انْتَبَهْتَا
فَكَمْ ذَا أَنْتَ مَخْدُوعٌ وَحَتَّى    (5)        مَتَى لاَ تَرْعَوِي عَنْهَا وَحَتَّى ؟
" أَبَا بَكْرٍ" دَعَوْتُكَ لَوْ أَجَبْتَا    (6)        إِلَى مَا فِيهِ حَظُّكَ لَوْ عَقَلْتَا
إِلَى عِلْمٍ تَكُونُ بِهِ إِمَاماً         (7)        مُطَاعاً إِنْ نَهَيْتَ وَإِنَ أَمَرْتَا
وَيَجْلُو مَا بِعَيْنِكَ مِنْ غِشَاهَا   (8)        وَيَهْدِيكَ الطَّرِيقَ إِذَا ضَلَلْتَا
وَتَحْمِلُ مِنْهُ فِي نَادِيكَ تَاجاً    (9)        وَيَكْسُوكَ الْجَمَالَ إِذَا عَرِيتَا
يَنَالُكَ نَفْعُهُ مَا دُمْتَ حَياً        (10)      وَيَبْقَى ذِكْرُهُ لَكَ إِنْ ذَهَبْتَا
هُوَ الْعَضْبُ المُهَنَّدُ لَيْسَ يَنْبُو   (11)      تُصِيبُ بِهِ مَقَاتِلَ مَنْ ضَرَبتا
وَكَنْزٌ لاَ تَخَافُ عَلَيْهِ لِصّاً       (12)      خَفِيفَ الْحَمْلِ يُوجَدُ حَيْثُ كُنتَا
يَزِيدُ بِكَثْرَةِ الإِنْفَاقِ مِنْهُ        (13)      وَيَنْقُصُ إِنْ بِهِ كَفّاً شَدَدْتَا
فَلَوْ قَدْ ذُقْتَ مِنْ حَلْوَاهُ طَعْماً (14)      لآثَرْتَ التَّعَلُّمَ وَاجْتَهَدْتَا
وَلَمْ يَشْغَلْكَ عَنْهُ هَوىً مُطَاعٌ   (15)      وَلاَ دُنْيَا بِزُخْرُفِهَا فُتِنْتَا
وَلاَ أَلْهَاكَ عَنْهُ أَنِيقُ رَوْضٍ      (16)      ولا خِدرٌ برَبرَبه كَلفُتا
فَقُوتُ الرُّوْحِ أَرْوَاحُ الْمَعَانِي    (17)      وَلَيْسَ بِأَنْ طَعِمْتَ وَلاَ شَرِبْتَا
فَوَاظِبْهُ وَخُذْ بِالْجِدِّ فِيهِ        (18)      فَإِنْ أَعْطَاكَهُ اللهُ انتَفَعْتَا
وَإِنْ أُعْطِيتَ فِيهِ طَوِيلَ بَاعٍ    (19)      وَقَالَ النَّاسُ : إِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَا
فَلاَ تَأْمَنْ سُؤَالَ اللهِ عَنْهُ         (20)      بِتَوْبِيخٍ : عَلِمْتَ ؛ فَهَلْ عَمِلْتَا؟
فَرَأْسُ الْعِلْمِ تَقْوَى اللهِ حَقّاً     (21)      وَلَيْسَ بِأَنْ يُقَالَ : لَقَدْ رَأَسْتَا
وَأَفْضَلُ ثَوْبِكَ الإِحْسَانُ لَكِنْ   (22)      نَرَى ثَوْبَ الإِسَاءَةِ قَدْ لَبِسْتَا
إِذَا مَا لَمْ يُفِدْكَ الْعِلْمُ خَيْراً     (23)      فَخَيْرٌ مِنْهُ أَنْ لَوْ قَدْ جَهِلْتَا
وَإِنْ أَلْقَاكَ فَهْمُكَ فِي مَهَاوٍ      (24)      فَلَيْتَكَ ثُمَّ لَيْتَكَ مَا فَهِمْتَا
سَتَجْنِي مِنْ ثِمَارِ الْعَجْزِ جَهْلاً (25)      وَتَصْغُرُ فِي الْعُيُونِ إِذَا كَبِرْتَا
وَتُفْقَدُ إِنْ جَهِلْتَ وَأَنْتَ بَاقٍ     (26)      وَتُوجَدُ إِنْ عَلِمْتَ وَلَوْ فُقِدْتَا
وَتَذْكُرُ قَوْلَتِي لَكَ بَعْدَ حِينٍ     (27)      إِذَا حقّاً بِهَا يَوْماً عَمِلْتَا
وَإِنْ أَهْمَلْتَهَا وَنَبَذْتَ نُصْحاً      (28)      وَمِلتَ إِلَى حُطَامٍ قَدْ جَمَعْتَا
فَسَوْفَ تَعَضُّ مِنْ نَدَمٍ عَلَيْهَا   (29)      وَمَا تُغْنِي النَّدَامَةُ إِنْ نَدِمْتَا
إِذَا أَبْصَرْتَ صَحْبَكَ فِي سَمَاءٍ  (30)      قَدِ ارْتَفَعُوا عَلَيْكَ وَقَدْ سَفُلْتَا
فَرَاجِعْهَا وَدَعْ عَنْكَ الْهُوَيْنَى    (31)      فَمَا بِالْبُطْءِ تُدْرِكُ مَا طَلَبْتَا
وَلاَ تَخْتَلْ بِمَالِكَ وَالْهُ عَنْهُ      (32)      فَلَيْسَ الْمَالُ إِلاَّ مَا عَلِمْتَا
وَلَيْسَ لِجَاهِلٍ فِي النَّاسِ مُغْنٍ (33)      وَلَو مُلْكُ الْعِرَاقِ لَهُ تَأَتَّى
سَيَنْطِقُ عَنْكَ عِلْمُكَ فِي مَلاءٍ  (34)      وَيُكْتَبُ عَنْكَ يَوْماً إِنْ كَتَمْتَا
وَمَا يُغْنِيكَ تَشْيِيدُ الْمَبَانِي      (35)      إِذَا بِالْجَهْلِ نَفْسَكَ قَدْ هَدَمْتَا
جَعَلْتَ المَالَ فَوْقَ الْعِلْمِ جَهْلاً    (36)      لَعَمْرُكَ فِي الْقَضِيَّةِ مَا عَدَلْتَا
وَبَيْنَهُمَا بِنَصِّ الْوَحْيِ بَوْنٌ      (37)      سَتَعْلَمُهُ إِذَا " طَه " قَرَأْتَا
لَئِنْ رَفَعَ الْغَنِيُّ لِوَاءَ مَالٍ         (38)      لأَنْتَ لِوَاءَ عِلْمِكَ قَدْ رَفَعْتَا
لَئِنْ جَلَسَ الْغَنِيُّ عَلَى الْحَشَايَا (39)      لأَنْتَ عَلَى الكَوَاكِبِ قَدْ جَلَسْتَا
وَإِنْ رَكِبَ الْجِيَادَ مُسَوَّمَاتٍ     (40)      لأَنْتَ مَنَاهِجَ التَّقْوَى رَكِبْتَا
وَمَهْمَا افْتَضَّ أَبْكَارَ الْغَوَانِي    (41)      فَكَمْ بِكْرٍ مِنَ الحِكَمِ افْتَضَضْتَا ؟
وَلَيْسَ يَضُرُّكَ الإِقْتَارُ شَيْئاً     (42)      إِذَا مَا أَنْتَ رَبَّكَ قَدْ عَرَفْتَا
فَمَاذَا عِنْدَهُ لَكَ مِنْ جَمِيلٍ     (43)      إِذَا بِفِنَاءِ طَاعَتِهِ أَنَخْتَا
فَقَابِلْ بِالْقَبُولِ لِنُصْحِ قَوْلِي     (44)      فَإِنْ أَعْرَضْتَ عَنْهُ فَقَدْ خَسِرْتَا
وَإِنْ رَاعَيْتَهُ قَوْلاً وَفِعْلاً          (45)      وَتَاجَرْتَ الإِلَهَ بِهِ رَبحْتَا
فَلَيْسَتْ هَذِهِ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ       (46)      تَسْوؤُكَ حِقْبَةً وَتَسُرُّ وَقْتَا
وَغَايَتُهَا إِذَا فَكَّرْتَ فِيهَا          (47)      كَفَيْئِكَ أَوْ كَحُلْمِكَ إِذْ حَلَمْتَا
سُجِنْتَ بِهَا وَأَنْتَ لَهَا مُحِبٌّ      (48)      فَكَيْفَ تُحِبُّ مَا فِيهِ سُجِنْتَا ؟
وَتُطْعِمُكَ الطَّعَامَ وَعَنْ قَرِيبٍ  (49)      سَتَطْعَمُ مِنْكَ مَا فِيهَا طَعِمْتَا
وَتَعْرَى إِنْ لَبِسْتَ بِهَا ثِيَاباً       (50)      وَتُكْسَى إِنْ مَلاَبِسَهَا خَلعْتَا
وَتَشْهَدُ كُلَّ يَوْمٍ دَفْنَ خِلٍّ      (51)      كَأَنَّكَ لاَ تُرَادُ لِمَا شَهِدْتَا
وَلَمْ تُخْلَقْ لِتَعْمُرَهَا وَلٰكِنْ    (52)      لِتَعْبُرَهَا فَجِدَّ لِمَا خُلِقْتَا
وَإِنْ هُدِمَتْ فَزِدْهَا أَنْتَ هَدْماً   (53)      وَحَصِّنْ أَمْرَ دِينِكَ مَا اسْتَطَعْتَا
وَلاَ تَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَ مِنْهَا    (54)      إِذَا مَا أَنْتَ فِي أُخْرَاكَ فُزْتَا
فَلَيْسَ بِنَافِعٍ مَا نِلْتَ مِنْهَا        (55)      مِنَ الْفَانِي إِذَا الْبَاقِي حُرِمْتَا
وَلاَ تَضْحَكْ مَعَ السُّفَهَاءِ يَوْماً  (56)      فَإِنْكَ سَوْفَ تَبْكِي إِنْ ضَحِكْتَا
وَمَنْ لَكَ بِالسُّرُورِ وَأَنْتَ رَهْنٌ   (57)      وَمَا تَدْرِي أَتُفْدَى أَمْ غُلِلْتَا ؟
وَسَلْ مِنْ رَبِّكَ التَّوْفِيقَ فِيهَا   (58)      وَأَخْلِصْ فِي السُّؤَالِ إِذَا سَأَلْتَا
وَنَادِ إِذَا سَجَدْتَ لَهُ اعْتِرَافاً     (59)      بِمَا نَادَاهُ ذُو النُّونِ ابْنُ مَتَّى
وَلاَزِمْ بَابَهُ قَرْعاً عَسَاهُ           (60)      سَيَفْتَحُ بَابَهُ لَكَ إِنْ قَرَعْتَا
وَأَكْثِرْ ذِكْرَهُ فِي الأَرْضِ دَأْباً    (61)      لِتُذْكَرَ فِي السَّمَاءِ إِذَا ذَكَرْتَا
وَلاَ تَقُلِ الصِّبَا فِيهِ امْتِهَالٌ     (62)      وَفَكِّرْ كَمْ صَغِيرٍ قَدْ دَفَنْتَا
وَقُلْ : يَا نَاصِحِي بَلْ أَنْتَ أَوْلَى (63)      بِنُصْحِكَ لَوْ لِفِعْلِكَ قَدْ نَظَرْتَا
تُقَطِّعُنِي عَلَى التَّفْرِيطِ لَوْماً  (64)      وَبِالتَّفْرِيطِ دَهْرَكَ قَدْ قَطَعْتَا
وَفِي صِغَرِي تُخَوِّفُنِي الْمَنَايَا   (65)      وَمَا تَدْرِي بِحَالِكَ حَيْثُ شِخْتَا
وَكُنْتَ مَعَ الصِّبَا أَهْدَى سَبِيلاً   (66)      فَمَا لَكَ بَعْدَ شَيْبِكَ قَدْ نَكَثْتَا
وَهَا أَناَ لَمْ أَخُضْ بَحْرَ الْخَطَايَا (67)      كَمَا قَدْ خُضْتَهُ حَتَّى غَرِقْتَا
وَ لَمْ أَشْرَبْ حمَُيَّا أُمِّ دَفْرٍ         (68)      وَأَنْتَ شَرِبْتَهَا حَتَّى سَكِرْتَا
وَ لَمْ أَنْشَأْ بِعَصْرٍ فِيهِ نَفْعٌ      (69)      وَأَنْتَ نَشَأْتَ فِيهِ وَمَا انْتَفَعْتَا
وَلَمْ أَحْلُلْ بِوَادٍ فِيهِ ظُلْمٌ        (70)      وَأَنْتَ حَلَلْتَ فِيهِ وَانْتَهَكْتَا
لَقَدْ صَاحَبْتَ أَعْلاَماً كِبَاراً       (71)      وَلَمْ أَرَكَ اقْتَدَيْتَ بِمَنْ صَحِبْتَا
وَنَادَاكَ " الْكِتَابُ " فَلَمْ تُجِبْهُ   (72)      وَنَبَّهَكَ الْمَشِيبُ فَمَا انتَبَهْتَا
وَيَقْبُحُ بِالْفَتَى فِعْلُ التَّصَابِي   (73)      وَأَقْبَحُ مِنْهُ شَيْخٌ قَدْ تَفَتَّى
وَنَفْسَكَ ذُمَّ لاَ تَذْمُمْ سِوَاهَا     (74)      لِعَيْبٍ فَهْيَ أَجْدَرُ مَنْ ذَمَمْتَا
وَأَنْتَ أَحَقُّ بِالتَّفْنِيدِ مِنِّي        (75)      وَلَوْ كُنْتَ اللَّبِيبَ لَمَا نَطَقْتَا
وَلَوْ بَكَتِ الدِّمَا عَيْنَاكَ خَوْفاً    (76)      لِذَنْبِكَ لَمْ أَقُلْ لَكَ قَدْ أَمِنْتَا
وَمَنْ لَكَ بِالأَمَانِ وَأَنْتَ عَبْدٌ      (77)      أُمِرْتَ فَمَا ائْتَمَرْتَ وَلاَ أَطَعْتَا
ثَقُلْتَ مِنَ الذُّنُوبِ وَلَسْتَ تَخْشَى          (78)      لِجَهْلِكَ أَنْ تَخِفَّ إِذَا وُزِنْتَا
وَتُشْفِقُ لِلْمُصِرِّ عَلَى المَعَاصِي (79)      وَتَرْحَمُهُ وَنَفْسَكَ مَا رَحِمْتَا
رَجَعْتَ الْقَهْقَرَى وَخَبَطْتَ عَشْوَا          (80)      لَعَمْرُكَ لَوْ وَصَلْتَ لما رَجَعْتَا
وَلَوْ وَافَيْتَ رَبَّكَ دُونَ ذَنْبٍ      (81)      وَنُوقِشْتَ الْحِسَابَ إِذاً هَلَكْتَا
وَلَمْ يَظْلِمْكَ فِي عَمَلٍ وَلٰكِنْ (82)      عَسِيرٌ أَنْ تَقُومَ بِمَا حَمَلْتَا
وَلَوْ قَدْ جِئْتَ يَوْمَ الْحَشْرِ فَرْداً (83)      وَأَبْصَرْتَ الْمَنَازِلَ فِيهِ شَتَّى
لأَعْظَمْتَ النَّدَامَةَ فِيهِ لَهْفاً     (84)      عَلَى مَا فِي حَيَاتِكَ قَدْ أَضَعْتَا
تَفِرُّ مِنْ الْهَجِيرِ وَتَتَّقِيهِ        (85)      فَهَلاَّ مِنْ جَهَنَّمَ قَدْ فَرَرْتَا
وَلَسْتَ تُطِيقُ أَهْوَنَهَا عَذَاباً      (86)      وَلَوْ كُنْتَ الْحَدِيدَ بِهَا لَذُبْتَا
وَلاَ تُنْكِرْ فَإِنَّ الأَمْرَ جِدُّ         (87)      وَلَيْسَ كَمَا حَسِبْتَ وَلاَ ظَنَنْتَا
" أَبَا بَكْرٍ " كَشَفْتَ أَقَلَّ عَيْبِي  (88)      وَأَكْثَرَهُ وَمُعْظَمَهُ سَتَرْتَا
فَقُلْ مَا شِئْتَ فِيَّ مِنَ الْمَخَازِي            (89)      وَضَاعِفْهَا فَإِنَّكَ قَدْ صَدَقْتَا
وَمَهْمَا عِبْتَنِي فَلِفَرْطِ عِلْمِي   (90)      بِبَاطِنِهِ كَأَنَّكَ قَدْ مَدَحْتَا
فَلاَ تَرْضَ الْمَعَايِبَ فَهُو عَارٌ    (91)      عَظِيمٌ يُورِثُ الْمَحْبُوبَ مَقْتَا
وَيَهْوِي بِالْوَجِيهِ مِنَ الثُّرَيَّا      (92)      وَيُبْدِلُهُ مَكَانَ الْفَوْقِ تَحْتَا
كَمَا الطَّاعَاتُ تُبْدِلُكَ الدَّرَارِي   (93)      وَتَجْعَلُكَ الْقَرِيبَ وَإِنْ بَعُدْتَا
وَتَنْشُرُ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا جَمِيلاً  (94)      وَتَلْقَى البِرَّ فِيهَا حَيْثُ شِئْتَا
وَتَمْشِي فِي مَنَاكِبِهَا عَزِيزاً     (95)      وَتَجْنِي الْحَمْدَ فِيمَا قَدْ غَرَسْتَا
وَأَنْتَ الآنَ لَمْ تُعْرَفْ بِعَيْبٍ       (96)      وَلاَ دَنَّسْتَ ثَوْبَكَ مُذْ نَشَأْتَا
وَلاَ سَابَقْتَ فِي مَيْدَانِ زُورٍ     (97)      وَلاَ أَوْضَعْتَ فِيهِ وَلاَ خَبَبْتَا
فَإِنْ لَمْ تَنْأَ عَنْهُ نَشِبْتَ فِيهِ      (98)      وَمَنْ لَكَ بِالْخَلاَصِ إِذَا نَشِبْتَا
تُدَنِّسُ مَا تَطَهَّرَ مِنْكَ حَتَّى    (99)      كَأَنَّكَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا طَهُرْتَا
وَصِرْتَ أَسِيرَ ذَنْبِكَ فِي وَثَاقٍ    (100)    وَكَيْفَ لَكَ الْفِكَاكُ وَقَدْ أُسِرْتَا
فَخِفْ أَبْنَاءَ جِنْسِكَ وَاخْشَ مِنْهُم          (101)    كَمَا تَخْشَى الضَّرَاغِمَ وَالسَّبَنْتَى
وَخَالِطْهُمْ وَزاَيِلْهُم حِذَاراً       (102)    وَكُنْ كَـ "السَّامِرِيِّ " إِذَا لُمِسْتَا
وَإِنْ جَهِلُوا عَلَيْكَ فَقُلْ : سَلاَمٌ (103)    لَعَلَّكَ سَوْفَ تَسْلَمُ إِنْ فَعَلْتَا
وَمَنْ لَكَ بِالسَّلاَمَةِ فِي زَمَانٍ    (104)    تَنالُ الْعِصْمَ إِلاَّ إِنْ عُصِمْتَا
وَلاَ تَلْبَثْ بِحَيٍّ فِيهِ ضَيْمٌ        (105)    يُمِيتُ الْقَلْبَ إِلاَّ إِنْ كُبِلْتَا
وَغَرِّبْ فَالتَّغَرُّبُ فِيهِ خَيْرٌ       (106)    وَشَرِّقْ إِنْ بِريِقِكَ قَدْ شَرِقْتَا
فَلَيْسَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا خُمُولاً (107)    لأَنْتَ بِهَا الأَمِيرُ إِذَا زَهِدْتَا
وَلَوْ فَوْقَ الأَمِيرِ تَكُونُ فِيهَا     (108)    سُمُّواً وَارْتِفَاعاً كُنْتَ أَنْتَا
فَإِنْ فَارَقْتَهَا وَخَرَجْتَ مِنْهَا     (109)    إِلَى " دَارِ السَّلاَمِ " فَقَدْ سَلِمْتَا
وَإِنْ أَكْرَمْتَهَا وَنَظَرْتَ فِيهَا      (110)    لإِكْرَامٍ فَنَفْسَكَ قَدْ أَهَنْتَا
جَمَعْتُ لَكَ النَّصَائِحَ فَامْتَثِلْهَا   (111)    حَيَاتَكَ فَهْيَ أَفْضَلُ مَا امْتَثلْتَا
وَطَوَّلْتُ الْعِتَابَ وَزِدْتُ فِيهِ      (112)    لأَنَّكَ فِي الْبَطَالَةِ قَدْ أَطَلْتَا
وَلاَ يَغْرُرْكَ تَقْصِيرِي وَسَهْوِي  (113)    وَخُذْ بِوَصِيَّتِي لَكَ إِنْ رَشَدْتَا
وَقَدْ أَرْدَفْتُهَا تِسْعاً حِسَاناً       (114)    وَكَانَتْ قَبْلَ ذَا مِائَةً وَسِتَّا

وَصَلِّ عَلَى تَمَامِ الرُّسْلِ رَبِّي   (115)    وَعِتْرَتِهِ الْكَرِيمَةِ مَا ذُكِرْتَا

13‏/11‏/2013

من كمال مروءة سعد بن الربيع تنازله عن إحدى زوجاته لعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما ليتزوجها!


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا رسول بعده..
أما بعد:
فلقد رأيت كلامًا لأحدهم على صفحات أحد المواقع التواصلية يقول فيه:
«هل يجوز شرعا وعقلا وعرفا ورجولة ...أن يعرض المسلم إحدى زوجاته... لأحد أصحابه...لكي يختار من تعجبه..... لكي يطلقها من أجله...ويتزوجها صاحبه....؟!!!!!!»!!
ثم ذكر بعده حديث أنس –رضي الله عنه- والذي أخرجه البخاري في «صحيحه» باب (قول الرجل لأخيه انظر أي زوجتي شئت حتى أنزل لك عنها)، وفيه قول سعد بن الربيع لعبدالرحمن بن عوف –رضي الله عنهما-: «ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فأطلقها حتى إذا حلت تزوجتها. فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك».
فأقول مستعينًا بالله تبارك وتعالى:
يفهم من هذا السؤال المطروح أن صاحب المقال يرى أنه ليس من الشرع ولا العقل ولا العرف ولا الرجولة أن يفعل المسلم ما فعله سعد -رضي الله عنه-، بدليل سؤاله الاستنكاري الذي ملأه بعلامات التعجب!
وحقيقة لا أدري هل تخرُج مثل هذه الأسئلة ممن ينتسب إلى السنة –بله- إلى السلفية؟!
لقد تعودنا قديمًا وحديثًا على إصدار أمثال هذه الشبهات والتساؤلات والتي لا تصدر غالبًا إلا عن أهل الضلال من الرافضة الطاعنين بأصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- أو من المستشرقين الذين يرومون هدم قواعد الدين بطعنهم بحملته ونقَلَتِه، وهذا الأمر ليس هو بالمستغرب إن صدر عن أمثال هؤلاء القوم فإنَّه دينهم وديدنهم!
أمّا أن يصدر مثل هذا الكلام عمّن يلبس لبوس السنة، ومسوح العلم، ويجعل من نفسه مُعلمًا للناس؛ فإن هذا غاية في الخطورة .
ماذا يريد الكاتب من هذا السؤال، وما هي الذريعة التي سيتذرع بها إن اتهمه أحدهم بالطعن في أخلاق ومروءة الصحابة الكرام ومنهم المبشرون بالجنة؟!
هل يريد بالفعل أن يشحذ عقول أصحابه لتوجيه هذا الحديث؟!
أم هي شبهة ألقيت ويريد الجواب عليها ممن يتابعه من العوام وغيرهم؟!
إنه وعلى مدار الخمسة عشر قرنًا الماضية لم يكن من طريقة أهل العلم السلفيين أن يسألوا مثل هذا السؤال الاستنكاري، ولا طرق هذا الباب أحد ممن يُعرف بالعلم والتقوى وتعليم الناس، فلماذا يقوم الكاتب في زماننا –هذا- بطرح مثل هذا السؤال؟!
فأقول إن الله –عز وجل- هو وحده العالم بما في الصدور وهو حسيبك أيها الكاتب فيما كتبت وبين يديه ستقف فأعدَّ جوابًا..
إنَّ أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- أشدُّ الناس غيرة على أعراضهم وهم عرب أقحاح لا تشوب أخلاقهم ومروءتهم وغيرتهم أدنى شائبة، فكيف يُظن أنهم فعلوا ما لم يصح عندهم في شرعتهم ورجولتهم؟!
 إن النبي –صلى الله عليه وسلم- لمّا آخى بين المهاجرين والأنصار قام الأنصار على الفور بالاستجابة لأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- فضربوا أعلى وأسمى وأرقى صور الإيثار والتضحية ولو كان هذا على حساب أنفسهم وأهليهم –رضي الله عنهم وأرضاهم-.
وهذا لعمري ليس بمستغرب ممن تربى في مدرسة محمد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم- ونهل من معينها الصافي الذي لا ينضب أخلاقًا ومروءة وتقوى وعلمًا ونخوة ورجولة، فبالغ من بالغ منهم بهذا الفعل الذي لم يُطلب منه أصلًا حتى أمعن في ذلك سعد –رضي الله عن سعد- وعرض على أخيه عبدالرحمن إحدى زوجتيه ليطلقها له فيتزوجها إذا انقضت عدَّتها..
هذا الذي فعله سعد مستنكر عند الكاتب ويتساءل مستنكرًا هل هو من الرجولة أم لا!
ذكر العلماء عدَّة فوائد من حديث أنس –رضي الله عنه- ومنها أن الغيرة تسقط في مثل هذه المواقف لفعل سعد -رضي الله عنه-، ولكن هذا العرض من سعد -الطاهر القلب الكامل المروءة- قوبل بأحسن منه؛ فقد ردّ عبدالرحمن بن عوف على أخيه سعد بالدعاء بالبركة له في ماله وأهله ولم يقبل من سعد ما عرضه عليه، فعرض سعد بمروءته ورفض ابن عوف بمروءته، فرضي الله عنهما وعن سائر الصحب الكرام.
واسمع ما قاله الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود –رضي الله عنه- واصفًا به أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:
«أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَانُوا خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَبَرَّهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَنَقْلِ دِينِهِ، فَتَشَبَّهُوا بِأَخْلاقِهِمْ وَطَرَائِقِهِمْ، فَهُمْ كَانُوا عَلَى الْهَدْيِ الْمُسْتَقِيمِ».
إذن: أبرُّ الأمَّة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، هذه هي أخلاق سعد وعبدالرحمن لم يكن في قلب أحدهما ما يكون في قلوب أرباب المعاصي والذنوب ممن غلف الران قلوبهم فصارت تنكر ما كانت تعرف، وتعرف ما كانت تنكر!
إنّ الذي يريد أن يعلم الناس لا يقوم بإلقاء ما يفسد عليهم قلوبهم من الشبه والتساؤلات المحتملة للأوجه القبيحة فيما يتعلق بأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما يربي الناس على صغار العلم قبل كباره {ولكن كونوا ربَّانيين}، وليس فيما طرحه الكاتب –هداه الله- أي فائدة تُرجى للمتعلم ولا للعالم حتى يطرحه بهذه الصورة، اللهم إلا إن كان وراء الأكمة ما وراءها !
خصوصًا وأن الكاتب بدأت تظهر عليه في الآونة الأخيرة طريقة غريبة في طرح المسائل وإلقاء الشبهات متعللًا بالعلم وأنه لا يريد إلا تحقيق المسألة الفلانية واستبيان الوجه الصحيح فيها، حتى بدأ يصف من كان ينتسب إليهم وينتسبون إليه: بالأدعياء، فلعلّه اطلع على أمر دعاه إلى وصفهم بهذا الوصف!!
فنسأل الله لنا وللكاتب الهداية، ونتضرع إليه أن يثبتنا على الإيمان والسنة وأن يميتنا وليس في رقابنا أي مطعن في أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم-.
وكتب:
ليلة العاشر من محرم 1435 هـ
أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه آمين






01‏/11‏/2013

خاطرة .. ::دماج::

خاطرة .. ::دماج::

نتابع منذ أيام ما يحصل ﻹخواننا من أهل السنة في دماج/اليمن ولا شك أن المؤمن يعتصر قلبه ألما لما يحدث ﻹخوانه هناك من قتل وترويع للنساء واﻷطفال فضلاً عن الاعتداءات الغاشمة المتكررة من أذناب إيران المجوسية والمتمثلة بالقرد الناطق الحوثي وجلاوزته على طلاب مركز اﻹمام مقبل الوادعي رحمه الله. .

والغريب في اﻷمر ليس سكوت اﻹعلام عن إظهار هذه المجازر كما يفعل هذا مع بعض الجماعات التي تنتسب إلى اﻹسلام فيتباكى وينحب ويشجب ويعيد ويكرر عرض الوقائع ﻻستجلاب الرأي العالمي لنصرة حزب معين..


هذا ليس مستغرباً من وسائل الإعلام المختلفة. .


وإنما المستغرب كيف يمسخ البعض ويظهر بلادة -بله- بلاهة عقله، وسوء طويته؛ فتجده يخور كما يخور الثور إن تعلق اﻷمر بالحزب الفلاني الذي يتاجر بالدين الإسلامي ﻷجل الوصول إلى الكراسي.. ثم هو يطلق الشعارات والصيحات بل ويتوعد عباد الله بدخول جهنم! إذا ما هم سكتوا ﻷن اﻹسلام بزعمه -والذي هو الحزب!- يحارب ويراد له أن يندرس!


فإذا ما وقع عدوان على من يطبق شرع الله على نفسه وأهل بيته على أقل حال ويقضي أيامه ولياليه في طلب العلم الشرعي وهو في أصعب الظروف الصحية والمادية اللهم إلا الكفاف.. تجد هذا البعض ممن يسمى داعية وهو أحرى أن يسمى داهية يصيبه الخرس بعد العمى والشلل العقلي والعاطفي فلا ينبس ببنت شفة ليقول عشر معشار ما كان يقوله لما أصيب حزبه!!


ولكن يسلينا قول ربنا-تبارك وتعالى-: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً}، {ولينصرن الله من ينصره}..


فالله عز وجل نسأل أن ينصر إخواننا في دماج على الرافضة اﻷنجاس وأن يجعل الحوثي ومن معه غنيمة لهم وأن يخرجهم من محنتهم سالمين غانمين..


اللهم آمين. 


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. 


وكتب: ليلة الجمعة 27 ذي الحجة 1434 هجرية
أبو موسى أحمد الغرايبة غفر الله له ولوالديه ولمشايخه آمين

21‏/10‏/2013

قول أئمَّة السَّلف -رحمهم الله- في تفسير المقام المحمود!

« المقام المحمود »

قول أئمَّة السَّلف -رحمهم الله- في تفسير المقام المحمود المذكور في قوله تعالى: {عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}[الإسراء:٧٩].
الحمد لله مكرم الناس ببعثة أفضل الخلق، صاحب الشفاعة والمقام المحمود، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه، ومن أثبت له ما يليق بشخصه الشريف من المكرمات والفضائل مما حباه به الله..
أمَّا بعدُ:
قال الإمام ابن جرير الطبري : في «تفسيره» لقول الله تعالى في سورة الإسراء: {عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}[الإسراء:٧٩]، بعد أن ساق أقوال أهل التأويل في معنى المقام المحمود وأنَّ منهم من فسَّره بالشفاعة للخلق يوم المحشر، وهو الذي ذهب إليه الإمام ابن جرير : ، حيث قال
«وهذا .. هو الصحيح من القول في تأويل قوله{عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}[الإسراء:٧٩]، لما ذكرنا من الرواية عن رسول الله ، وأصحابه والتَّابعين ».
ولكنَّه : بيَّن أن القول الآخر غيرُ مدفوعٍ صِحَّتُهُ، لا من جهة النظرِ ولا من جهةِ خَبَرٍ صحيح، وهو ما قاله وذهب إليه مجاهدٌ : وجماعة من السَّلف من أنَّ المعنى إنَّما هو :الإقعاد على العرش، فقال:
«فإنَّ ما قاله مجاهد من أنَّ الله يُقعد محمَّدًا على عرشه، قول غير مدفوع صحته، لا من جهة خبر ولا نظر، وذلك لأنَّه لا خبر عن رسول الله ، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن التَّابعين بإحالة ذلك»اهـ.
قلتُ: 
ثمَّ ساق : مذاهب أهل الإسلام في معنى بينونة الله -سبحانه وتعالى- من خلقه وأن أهل الإسلام في ذلك على ثلاثة مذاهب أُلَخِّصها فيما يلي:
ففرقة قالت: إنَّ الله -عز وجل- بائن من الخلق قبل خلقه لهم وبعد خلقه لهم، لا يكون مماسًّا لشيءٍ منها أبدًا.
وقالت أخرى: إنَّ الله -سبحانه وتعالى- كان قبل خلقهِ الأشياء لا مماسًّا لها ولا مباينًا لها وهو كذلك بعد خلقه الأشياء، لا مماسًّا لها ولا مباينًا لها.
وقالت الثالثة: إنَّ الله -تبارك وتعالى- كان قبل خلقه الأشياء، لا شيء يُماسُّهُ ولا شيء يُباينه فخلق الأشياء فماسَّ منها ما شاء، وباين منها ما شاء.
وعلى قول كل فرقة من المذكورة آنفًا يكون سواء إقعادُ النَّبي  على العرش أو على الأرض.
وقرر الإمام ابن جرير : في نهاية كلامه أن هذه الأقوال الثلاثة ليس في واحدٍ منها ما يمنع ما قاله مجاهد : من أنَّ المقام المحمود الذي وُعِدَ به النَّبي  هو الإقعاد على العرش.
ويظهر بهذا القول أنْ لا موجب للإنكار على من يقول بهذا القول أبدًا، وسأنقل فيما يأتي من الكلام ما قرره أئمَّة السلف ونزعوا إليه من تصحيحهم حديث مجاهد والقول بما فيه من إثبات هذه الفضيلة للنَّبي ، والله المستعان.
أخرج الإمام أبو بكر ابن أبي عاصم في «السُّنَّة» عن عبدالله بن سلام قال: «إذا كان يوم القيامة جيء بنبيِّكم فَأُقْعِد بين يدي الله تبارك وتعالى على كرسيِّه».
وكذلك أخرج هذا الأثر أبو بكر الخلال في كتاب «السُّنَّة» في باب ذكر المقام المحمود، وساق الحديث بأكثر من إسناد عن عبدالله بن سلام، ثُمَّ أخرج : بإسناده عن مجاهد قال: {عَسَى رَبُّكَ أَنْ يَبْعَثَكَ مَقَامًا مَحْمُوْدًا}[الإسراء:٧٩] يُجْلِسُهُ على العرش.وذكر بعدها عِدَّة روايات عنه، فيها:
يُجلسه معه على العرش، ويقعده على العرش.
ثُمَّ قال الخلال رحمه الله:
«فسمعت محمَّد بن أحمد بن واصل قال: من ردَّ حديث مجاهد فهو جهمي».
ثمَّ قال :
«وسمعت أبا داود يقول: من أنكر هذا فهو عندنا متهم. وقال: ما زال الناس يحدثون بهذا يريدون مغايظة الجهمية؛ وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء.
وأخبرنا أبو داود قال ثنا القعنبي قال ثنا مالك قال قال رجل ما كنتَ لاعبًا به فلا تلعبن بدينك».
وقال :: «قال أبو بكر بن أبي طالب: من رده -يعني حديث مجاهد- فقد رد على الله عز وجل ومن كذب بفضيلة النبي  فقد كفر بالله العظيم.
وأخبرني أحمد بن أصرم المزني بهذا الحديث وقال: من رد هذا فهو متهم على الله ورسوله وهو عندنا كافر، وزعم أن من قال بهذا فهو ثنوي فقد زعم أن العلماء والتابعين ثنويه ومن قال بهذا فهو زنديق يقتل».
ثمَّ قال الخلال: :
«وأخبرني محمد بن عبدوس والحسن بن صالح وبعضهما أتم من بعض قالا: ثنا أبو بكر المروذي قال: قال أبوبكر بن حماد المقري: من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت فهو متهم على الإسلام فكيف من طعن فيها ؟!
وقال أبو جعفر الدقيقي: من ردَّها فهو عندنا جهمي، وحكم من ردَّ هذا أن يُتَّقَا.
وقال عباس الدوري: لا يرد هذا إلا متهم.
وقال إسحاق بن راهويه: الإيمان بهذا الحديث والتسليم له.
وقال إسحاق لأبي علي القوهستاني: من رد هذا الحديث فهو جهمي.
وقال عبدالوهاب الوراق للذي رد فضيلة النبي يقعده على العرش فهو متهم على الإسلام.
وقال إبراهيم الأصبهاني: هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومائة سنة، ولا يرده إلا أهل البدع، قال: وسألت حمدان بن علي عن هذا الحديث فقال: كتبته منذ خمسين سنة وما رأيت أحدًا يرده إلا أهل البدع.
وقال إبراهيم الحربي: حدثنا هارون بن معروف: وما ينكر هذا إلا أهل البدع».
قال هارون بن معروف: هذا حديث يُسَخِّنُ الله به أعين الزنادقة، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل السُّلمي يقول: من توهم أنَّ محمدًا لم يستوجب من الله عز و جل ما قال مجاهد؛ فهو كافر بالله العظيم، قال :وسمعت أبا عبدالله الخفاف يقول: سمعت محمد بن مصعب -يعني العابد- يقول: نعم يقعده على العرش ليرى الخلائق منزلته».
ثمَّ أورد : إسنادًا آخر فيه هذه القصة وزاد فيه:
«ثم يصرفه إلى أزواحه وكرامته .
وعن ابن مصعب قال: يجلسه على العرش ليرى الخلائق كرامته عليه ثم ينزل النبي إلى أزواجه وجناته».
ونقل الخلال بإسناده عن إبراهيم الزهري قال: «سمعت هارون بن معروف يقول: ليس ينكر حديث ابن فضيل عن ليث عن مجاهد إلا الجهمية.
وسمعت أبا بكر بن صدقة يقول: قال إبراهيم الحربي يومًا -وذكر حديث ليث عن مجاهد- فجعل يقول هذا حدَّث به عثمان بن أبي شيبة في المجلس على رؤوس الناس فكم ترى كان في المجلس؟ عشرين ألفا؟ فترى لو أن إنسانًا قام إلى عثمان فقال: لا تحدث بهذا الحديث أو أظهر إنكاره، تراه كان يخرج من ثَمَّ إلا وقد قتل؟!
قال أبو بكر بن صدقة: وصدق ما حكمه عندي إلا القتل».
ثم ذكر الخلال أقوال الأئمة في ليث -راوي الحديث عن مجاهد- وأنه غير متهم بالبدعة، وذكر أقوالهم في مجاهد إلى أن ذكر أنه قرأ كتاب «السنة» بطرسوس مرَّات عديدة في سنوات عديدة، حتى بلغه أن قومًا أنكروا حديث المقام المحمود -يعني حديث مجاهد-وأنَّهم ردُّوا فضيلة رسول الله فلمَّا شهد عليهم الثقات بهذا، هجروهم وبيَّنوا أمرهم، وذكر : أنَّه كاتب شيوخه ببغداد في هذا الأمر، وأنهم ردُّوا عليه ووافقوه على القول بحديث مجاهد، وفي كتابهم المذكور التغليظ على من ردَّ القول بالإقعاد على العرش، وأنَّ القائل بردِّه عدوٌّ لله مخالف للأئمَّة وأهل العلم، وأنه بقوله هذا قد انسلخ من الدِّين لتكبره ونفاقه، في كلام طويل جدًّا فيه سردٌ لمذهب السلف في الردِّ على أمثال هؤلاء فانظره فإنَّه مهم.
وكان آخر الكتاب المذكور أن قالوا فيه:
«وإن هذا الحديث لا ينكره إلا مبتدع جهمي، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته فما أعظم ما جاء به هذا من الضلالة والبدع، عَمَدَ إلى حديث فيه فضيلة للنبي فأراد أن يزيله ويتكلم في من رواه، وقد قال النبي : «لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من ناوأهم»، ونحن نحذر عن هذا الرجل أن تستمعوا منه وممن قال بقوله أو تصدقوهم في شيء، فإن السنة عندنا إحياء ذكر هذا الحديث وما أشبهه مما ترده الجهمية»اهـ.
قلتُ:
فانظر يرحمك الله إلى شديد قولهم فيمن أنكر هذا الحديث، وكيف جعلوا من السُّنَّة إحياء ذِكره، فاللهم ثبتنا على الإيمان والسُّنَّة.
«وقال أبو بكر يحيى بن أبي طالب عن حديث مجاهد: «رواه الخلق عن ابن فضيل عن ليث عن مجاهد، واحتمله المحدِّثون الثقات، وحدَّثوا به على رؤوس الأشهاد لا يدفعون ذلك، يتلقونه بالقبول والسرور بذلك، وأنا فيما أرى أني أعقل منذ سبعين سنة والله ما أعرف أحدًا رده ولا يرده إلا كل جهمي مبتدع خبيث يدعو إلى خلاف ما كان عليه أشياخنا وأئمتنا ... والذي عندنا والحمد لله أنَّا نؤمن بحديث مجاهد ونقول به على ما جاء، ونسلم الحديث وغيره مما يخالف فيه الجهمية من الرؤية والصفات وقرب محمَّد منه ... فهذا ديني الذي أدين الله عز و جل به أسأل الله أن يميتنا ويحيينا عليه»اهـ بتصرف.
وقال أبو داود السجستاني: «.. ما ظننت أن أحدًا يُذكر بالسنة يتكلم في هذا الحديث».
«وقال محمد بن عمران الفارسي الزاهد: ما ظننت أنه يكون في المسلمين ولا في المؤمنين الصادقين ولا في العلماء المتفقهين ولا في العارفين العابدين ولا في الضلال المبتدعين أحد يستحل في عقد ديانته أو بدعته الطعن على رسول الله وردِّ فضيلة فضله الله بها وخصه بها ...فأما قول المسلمين المقام المحمود الشفاعة فإنا لا ندفع ذلك... بل صدق رسول الله أن الله عز وجل يشفعه في وقت ما يأذن له بالشفاعة ويكرمه بما أحب من الكرامة حتى يعرف أولياءه وأنبياءه كرامته وفضله... فكذلك الجلوس في وقت والشفاعة في وقت»اهـ بتصرف واختصار.
قال أبو موسى غفر الله له:
وهذا الذي نعتقده وندين الله به من أن المقام المحمود هو الإجلاس على العرش، وأن الشَّفاعة مقام آخر لا تَدْفَعُ إحدى الفضيلتين الأخرى، بل الكلُّ حقٌّ، ونرجوا له المزيد من العلو والرفعة يوم القيامة، فوالله ما أنقذنا الله من الكفر والضلال إلَّا به صلوات ربِّي وسلامه عليه، وحشرنا في زمرته وحزبه يوم القيامة. آمين.
فهذه طائفة -مختصرة- من أقوال أئمة السلف في هذا المسألة وإن ما نقلناه من أقوالهم يشعر أنَّ هناك إجماعًا منهم رحمهم الله على ثبوت هذه الفضيلة ولم ينكر هذا في القرون الثلاثة إلَّا الجهمية والمبتدعة أعاذنا الله من نحلتهم وشرِّهم.
فظهر بما نقلنا أنَّ المقام المحمود هو الإقعاد على العرش وأنَّه غير مدفوع البتَّة كما قال ذلك ابن جرير الطبري : ، وظهر أنَّ الحديث وإن كان في إسناده من هو متكلم فيه من قبل أهل الحديث -وهو ليث بن أبي سليم-، إلَّا أنَّهم قبلوا روايته هذه عن مجاهد ولم يردُّوها بل ولم ينقلوا عن أحد أنَّه أنكرها إلَّا مبتدع ضال جهمي زنديق. والله أعلم.
هذا ما تيسر جمعه في هذه المسألة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

والحمد لله رب العالمين.
وكتب:
أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة الأردني
3/3/1432هـ
* * *

لماذا يُحذر السلفيون من كل من يُجيز إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية؟

  #تصحيح_المفاهيم #زَغَلُ_التَّمييع لماذا يُحذر السلفيون من كل من يُجيز إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية؟ لما جاء هذا الدين بالنور ال...