31/01/2015

(4) أقانيمُ التَّكفير!!

(4)

أقانيمُ التَّكفير!!                                                                           
استمرَّ (أقانيم التكفير) ردحًا من الزمان يؤصلون لموضوع الردَّة، سواء ردَّة الحاكم أم ردَّة المجتمعات، وكتبوا لترسيخ هذه الفكرة في عقول أتباعهم الكتابات المتكاثرة، وطبعت ووزِّعت على شباب الأمَّة باسم الفكر والدعوة الإسلامية، حتى تخمَّرت الفكرة في العقول، وأصبح من البَدَهيِّ أن الحكوماتِ (مُرتدَّة)! وحصل بسبب هذا تبعات وأهوال!
أبو الحسن الندوي يؤلِّف كتابه: (ردَّة ولا أبا بكر لها!) يصف فيه ردَّة المسلمين في هذه الأعصار ، ويقرر أن الناس -والمثقَّفين خاصَّة- قد تدينوا بدين غير دين الإسلام تتمثل تعاليم هذا الدين الجديد: إنكار الخالق، والنار، والثواب والعقاب، والنبوَّات والرسالات، وإنكار الشرائع السماوية والحدود الشرعية... إلخ. ووصفَ هذا المذكورَ آنفًا بأنه ديانة الطبقة المُثقَّفة المُمتازة التي تملك زمام الحياة في أكثر بلدان الإسلام، ويَعْتبرُ دينها الذي تتدين به هو الديانة المادية وفلسفة الحياة الغربية التي قامت على الإلحاد!
وما ذكره الندوي من مظاهر لا شكَّ في أنها من الكفر الذي لا يخالف فيه أحد.
لكن.. كيف تسنَّى للندوي أن يحكم هذا الحكم الشمولي على غالب حكومات العالم الإسلامي؟!
ثمَّ هل يقف الندوي عند هذا الحد؟!
كلَّا..
إنه يزعم: أنها ردَّة اكتسحت العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، وغزت البيوتات والجامعات والكليات والثانويات والمؤسسات فما من أسرة مُثقفة -إلا من عصم ربُّك- إلا وفيها مَن لا يؤمن بالله، أو الآخرة، أو الرسول H، أو لا يؤمن بالقرآن...!
هكذا يؤصل أقانيم التكفير لتكفير المجتمعات والحكومات؛ بوصف حالةٍ قد يُقال: إنها خاصة أو محصورة في أناس مُعيَّنين، فيقوم هو بتعميمها وعرضها للقارئ على أنها ظاهرة عمَّت طبقات المجتمع وتغلغلت فيه حتى كان لزامًا على الدَّاعين إلى الله من «القلَّة المؤمنة»! أن تدعوا إلى الدين الحق -من جديد- لتدخل أفواج المُرتدين في دين الله أفواجًا!!

(11/4/1436هـ).

(3) أقانيمُ التَّكفير!!

(3)

أقانيمُ التَّكفير!!                                                                           
يؤصل أقانيم التكفير  لموضوع الردَّة تأصيلًا عميقًا مؤثِّرًا حتى استحكم بعقول كثير ممن ينتسب إلى ما يُسمى الجماعات الجهادية في عصرنا هذا، فإنَّك تسمع هذا المصطلح في كل بيان يتلوه أحد القيادات، أو يردده أحد عناصر هذه التنظيمات، ففلان مرتدٌّ، وفلان ارتدَّ، والمُرتدُّ الفلاني... بطريقة ممجوجة تزعج السامع أيما إزعاج، وتقع منه في عقله الباطن -كما يقول علماء النفس- فيجترَّها يومًا من الأيام إذا ما عارضه مُعارض أو آذاه أحد!
ولهذا المُصطلح عند أقانيم التكفير عدَّة معانٍ؛ فهذا (محمد كاظم حبيب الحلبي) (1351-1434هـ) يؤلِّف كتابه (الرِّدَّة بين الأمس واليوم)! ويقسِّم الردَّة إلى: سريَّة وجهرية، أو خفية وجليَّة، أو فردية وجماعية، أو خاصة وعامَّة، أو صغرى وكبرى، وكذلك هناك ردَّة سياسية!
وحتى يكون التأصيل تأصيلًا حركيًّا فلا بُدَّ من بيان لأحوال المرتدين وأحكامهم وما هو واجب الرعية تُجاه ردَّة الحاكم، وما هو واجب الحاكم تجاه ردَّة الرعية في فصول عديدة في كتابه المذكور آنفًا.
ثُمَّ يعقد الحلبي فصلًا مُستقلًّا حول سلوك «القلَّة المؤمنة»! إذا ارتدَّ الراعي والرعية!!
يبيِّنُ فيه حال المُستضعفين في الأرض وواجبهم تجاه أنفسهم وأهليهم ومَن حولهم. مع استعراض تاريخي موجز لبعض سير الأولين في تعاملهم مع مَن حولهم إذا ارتدُّوا، مع استخلاص للحِكم والمواقف الواجب اتخاذها في مُختلف الظروف والأحوال في مُجتمع الردَّة!!
ولعلك أخي القارئ الكريم لا تعجب إن قلت لك أن الكاتب المذكور قد قدَّم لكتابه أحد أعلام التكفير العصري وهو أبو الأعلى المودودي، وقد أثنى على الكتاب أيما ثناء، وبارك استشهاد الحلبي بتفسير (سيد قطب)! للآيات والنصوص الدالَّة على موضوع الكتاب!
هكذا تعاونًا على الإثم والعدوان وتضليلًا لشباب الأمَّة باسم محاربة أعداء الدين والملَّة!!
فماذا ينتج عن هذا الخليط (المودودي/كاظم/قطب) غير التكفير والتفجير الذي تجرَّعت الأمَّة الويلات بسببه؟!!
(11/4/1436هـ).

(2) أقانيمُ التَّكفير!!



(2) أقانيمُ التَّكفير!!
كان لا بُدَّ لكل صاحب فكرٍ يريدُ له الانتشارَ في النَّاس ويبتغي منهم اتِّباعه عليه أن يؤصل لهم أصلًا ينطلقون منه، وفكرةً ينهلون منها ويستَلْهِمون منها ويتذرَّعون بها عند المُحاججة والمُناظرة، فلم يكن -والحالة هذه- أنسبَ من استغلال بُعد الناس عن دينهم وتلبُّسهم بشتَّى أنواع المعاصي والفسق من شرب للخمر وتبرج وسفور وزنًا إلى غير ذلك من الآفات التي أصيبت بها الأمَّة في فترة من الزمن، إبَّان خروج المستعمر من بلادهم!
وبالطبع لم تكن الحكومات بمنأًى عن هذه الأمور؛ فكانت هدفًا رئيسًا لهذه الفكرة المراد اتباعُها وحمْلِ رايتها لكونها -أي الحكومات- أظهرت ألوانًا من هذه الصنوف وكثير منها لم يحكُم بالشريعة فكانت هدفًا سهلًا يمكن اتِّخاذه، فوجدت هذه الجماعات ومُنظِّروها في أحد المصطلحات الشرعية سبيلًا لنشر ما ترنو إليه؛ فكان مصطلح: (الرِّدَّة)!
الرِّدَّة، مصطلح شرعي له مفهومة وله ضوابطه وشروطه التي يثبُت بثبوتها وينتفي بانتفائها، ولا يُحكم على مَن ثبت إسلامه بيقين بالرِّدَّة عن الدِّين من غير بيِّنة يُتيقَّنُ معها وقوع الرِّدَّة من الموصوف بها، فلا ينفع الظنُّ، ولا ينفع أخذ الناس بالشُّبه، وبمجرد الخطرات والنزوات !
فخلُصَ أقانيم التكفير إلى إرساء هذا المعنى -بقصد أو بغير قصد- من غير بيان لضوابطه، ومن غير إدراك لتبعات تداول الناس -خاصَّة المتحمسون للدعوة الإسلامية- لهذا المصطلح، حتى فشا بين أفراد الجماعات التكفيرية وما يُسمَّى اليوم بالجماعات الجهادية، فوقع المحظور، وطارت به الركبان زرافات ووحدانًا فلهجت بردَّة الحكومات بَلْهَ والمجتمعات!!
فإنَّا لله وإنا إليه راجعون.
فكيف كان هذا وكيف وقع الشباب في شَرَك هذه الفكرة الخطيرة على المجتمعات الإسلامية بخاصَّة وعلى العالم بعامَّة؟!
هذا ما سأتطرَّق إلى مُناقشته في مجموعة مقالات أسأل الله الإعانة على إتمامها.
والحمد لله ربِّ العالمين.


وكتب: أبو موسى أحمد بن عيَّاش الغرايبة
11 ربيع الآخر 1436هـ

طورُ التَّحول والتحوُّر الإخواني الجديد بعد قرب انهيار الجماعة والانتقال إلى أرضية جديدة وخصبة لزرع الأفكار الخارجية المتأصلة في فكر الجماعة! (التمهيد)

  (1) طورُ التَّحول والتحوُّر الإخواني الجديد بعد قرب انهيار الجماعة والانتقال إلى أرضية جديدة وخصبة لزرع الأفكار الخارجية المتأصلة في فكر...