03‏/07‏/2018

روحي كطائر ضل عن عشة (رحيل صديق)!

روحي كطائر قد ضل عُشّه (رحيل صديق)!

بك اللهم أستعين ..!
سبحان من قدَّر الأقدار وأخفاها، وخلق في القلوب المشاعر وأبداها، يصرِّف الأقدار وفق بالغ حكمته ويبرؤها بتمام علمه، وأصلي وأسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين، والمبشر بجنات النعيم ..
أمّا بعد:
فإن الأقدار لا تنفك تتصرف بما يسر ويحزن، وبما تطمئن له النفوس وتجزع، وهذه الدنيا دُوَل وأرواحنا تجري مع أقدارها كطائر غِرٍّ قد ضل عن عشه، فهو يضرب بجناحيه الضعيفين ويخبط خبط عشواء لا يهتدي إلى عُشِّه ولا يجد إلى ذلك سبيلًا!
ولعل من أشد الأمور صعوبة على الإنسان في هذه الدنيا أن يجد الصديق الصادق الصدوق، والأخ العاقل والرفيق الحريص، وليس ضربًا من العجب أن جعلت العربُ ذلك من المستحيلات!
ولقد يجد الإنسان ذلك الخل الوفي على ندرته ولكن إيجاده لن يكون بأصعب وأشق على النفس من مفارقته بعد إيجاده والاستئناس بصحبته والطمأنينة إلى رفقته سنوات طوال؛ فيا لله العجب ما أصعب إيجاده وما أشد مفارقته؛ فمن عرف مشقة البحث والإيجاد عرف ألم الفقد والمفارقة!
ولقد منَّ الله عليّ منذ ما يزيد على أربعة عشر سنة أن وجدت ذلك الصديق الذي ضربت العرب في ندرته الأمثال، فكان الأخ المؤدَّب والمؤدِّب، والرفيقَ الرفيق، والصديق الصَّدوق الذي تجده عند كل نائبة من نوائب الدنيا على كثرتها ومرارتها شاخصًا كما الرمح ينبري قبل غيره في مجالدتها ومدافعتها عنك، ومهما يكن من قول يخرج من بين لحييَّ، أو كتابة تخطها يمني فإنه في حقه قليل، وعن إيفاء أياديه البيضاء حقها عاجز وعليل؛ فجزاه الله خيرًا في الدنيا والآخرة!
ولقد شاء الله لهذا الأخ أن ينتقل من جواري في مسكني إلى مسكن آخر في مدينة عمّان البلقاء -حرسها الله-  يوم الأحد السادس عشر من شهر شوال عام تسع وثلاثين إلى بيته الجديد، وهكذا هي الدنيا ملاقٍ ومودِّع ولله في خلقه شؤون!
ولعل من عجيب الأقدار أنني كنت أنا من أقلَّه وأهله إلى منزله الجديد بسيارتي أحمل عليها حاجياته ومعها ذكرياتي وأيامنا الخوالي، أمشي بها كمن يمشي بروحه ليضعها بعيدًا عنه فيا لله ما أبأس الإنسان وما أشد عناءه.. نعم! حملت معي أخي أبا عبدالعزيز وذكريات السنين ومجالسنا وخيرات ولحظات قد نُثرت فيها ضحكات ودمعات، وأفراح وأتراح، ونصائح ومشاورات، وعيش للأحداث بكل ما فيها وكأننا قلبان ينبضان في ذات الجسد!
كل ذلك مرَّ كطرفة عين، ولقد نزل من سيارتي ونزلت معه روحي إلى منزلها الجديد ترفرف حوله في اضطراب وقلق وحيرة فكيف لها أن تكون في مدينتين معًا؟!
حالها كحال طفل لم يبلغ التمييز أضاع أعز شيء عليه فلا تراه إلا وَجِلًا كئيبًا شارد الذهن وكأن قطعة من روحه قد انتزعت أو مساحة من جلده قد مُزّقت!
ليس بالأمر السهل أن أفارقك يا أخي منير وليس بالهين عليَّ أن لا أجدك إلى جواري، وأنت وإن كنت ما زلت قريبًا يمكن الوصول إليك وبلوغ منزلك ولو كل مدة إلا أن ثمّة فراغًا موحشًا قد تركته خلفك فأضحت النفس كبيت على أطراف المدينة قد تكسرت نوافذها وخفقت الأرياح بين جنباتها وأخذت أبوابها تصفق!
وعلى جدران هذا البيت ذكريات جميلة كنا قد عشناها بين الأزقة والطرقات وفي المساجد والحلقات ولم يكن هناك مكان تحلُّ به إلا ويُنتفع منك بشيء؛ كان علمًا أو سمتًا أو حتى انشراح صدر بالنظر إلى مبسمك!
ولعل جاهلًا يعترض على ما أكتبه فيك اليوم ولكنني أعذره إن ظن أن ذلك مني غلوًّا في أخٍ أو مبالغة في مدح صديق، فأقول: إنني لا أجدني عاجزًا عن الكتابة عجزي الساعة عن وصف ما يختلج صدري ويعتلج وجداني، وعزائي في كل هذا ما قدره الله بيننا من أخوّة في الله لم يكتنفها يومًا مصالح دنيوية ولا شهوات دنيَّة، خالصة في ذات الله ﷻ ملؤها النصيحة والأخوة والمروءة. 
فأسأل الله في عليائه أن يسهل أمرك وأن يختم لي ولك بالصالحات، وأن يمن علينا بعد التوبة النصوح بالاستظلال في ظله وأن يجعلنا ممن قال نبينا ﷺ فيهم:  «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله»، وذكر منهم: «رجلان تحابَّا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه»!
وكتب:
ظهر يوم الثلاثاء ١٨ من شهر شوال سنة ٣٩ هـ
أبو موسى أحمد بن عيّاش بن موسى الغرايبة 
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين
آمين
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. 

لماذا يُحذر السلفيون من كل من يُجيز إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية؟

  #تصحيح_المفاهيم #زَغَلُ_التَّمييع لماذا يُحذر السلفيون من كل من يُجيز إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية؟ لما جاء هذا الدين بالنور ال...