16‏/03‏/2019

رسالة إلى أخت أصابها الاكتئاب بسبب أحداث (نيوزيلاندا)!


المستقبل لهذا الدين!

الحمد لله وحده وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده ،،،

أما بعدُ:

فإن للهِ -عزَّ وجلَّ- سننًا شرعية وكونية في هذه الحياة، لا يستطيع أحد من الخلق أن يتخطَّاها ولا أن يتجاوزها إلا أن يشاء الله، ولمَّا كان من حكمة الله البالغة في هذا الخلق إرسال الرسل وإنزال الكتب، كان لا بُد وأن يضع الناس في امتحان واختبار يظهر فيه أهل الإيمان والتقوى من أهل الكفر والنفاق كما تظهر الشمس في رائعة النهار لا يحول بينها وبين الناس شيء!

 ولمَّا كان الناس متغايرين تُجاه الدين والشرائع فمنهم المؤمن ومنهم الكافر كان للشيطان قدم السبق والقدح المُعلَّى في تحريض أهل الكفر والضلالة على أهل الإيمان والهداية؛ فوقع الخبيث بين الناس بالإضلال وتزيين الاعتداء على الأبرياء والآمنين، إرواءً لغليل أتباعه من أهل الضلالة!

لقد فُجع المسلمون والعالم بخبر الحادث الإرهابي الوحشي الذي وقع على المصلين في مسجدين من مساجد المسلمين في بلاد (نيوزيلاندا) حيث انطلق كلب مسعور يتقاطر من أنيابه لعاب الحقد والغل على الإسلام وأهله، مشهرًا سلاح الغدر والجبن على فئة آمنة ليس معها ما تدافع به عن أنفسها ولا ما تدفعُ به الموت عن أرواحها!

كانوا في بيت من بيوت الله يجأرون إلى الله بالدعاء أن يسهل أمورهم وأن يهوِّن عليهم غربتهم وُبعدهم عن أوطانهم، تجمعهم أخوَّة الإسلام لا يكترثون للون ولا عِرق ولا جنس ولا انتماء إلا انتماءهم إلى هذا الدين العظيم!

لن أصف في هذه العُجالة الحادث الذي راح ضحيته خمسون شهيدًا -كذا نحتسبهم على الله- وعشرات المُصابين، ولن أخوض في بيان خُلَلِ الكُفر وأهله، ولن أبيِّن ما تنضوي عليه المدنية الأوربيَّة من كذب وغش وحقد أسود على أمة الإسلام، فإن هذا مما لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح في عنزان كما يقال؛ بيد أنني سأورد بعض العبارات التي فيها تسلية لهذه الأخت التي أصابها الاكتئاب مما حلَّ بإخواننا في هذه الحادثة المُخزية في جبين أوربَّة والتي تُضم إلى سجل خزاياها منذ سقوط الأندلس إلى يوم الناس هذا!

 فلها عندي (بُشرى)، وسأُبرق لها في هذه العُجالة (ومضة)؛ فأقول وبالله وحده أستعين:

(البُشرى)!

عن تميم بن أوس الداريِّ -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

"ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، إلا أدخَله الله هذا الدين بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلامَ، وذلًّا يُذِلُّ الله به الكفر"!

رواه أحمد وغيره، وصحَّحه الحاكم والعلامة الألباني رحم الله الجميع.

نعم! هذا قول الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: "ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار"! يعني هذا الدين الذي هو الإسلام، وهذا الحديث من أعظم المُبشرات النبوية الكريمة وفيه تسلية لأهل الإسلام والإيمان بأن الله ناصرهم ولو بعد حين، كيف لا وهو الذي يخبرنا في غير ما موضع من كتابه العزيز -الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه- عن ما في صدور القوم من أهل الكفر بأنواعهم، ويُظهره لنا كحقيقة واضحة لا يشوبها شائبة شك ولا ريبة، فيقول -عزَّ مِن قائل- عن ما في صدورهم وما يُخططون له بالليل والنهار فاضحًا إيَّاهم: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ [التوبة: 32]، وقال: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ [الصف: 8]!

إذن! هذا مُرادهم وديدنهم زيَّنه لهم شيطانهم وغرورهم في الأرض، يريدون أن يطفئوا الإسلام، ويريدون أن يهلك محمد وأصحابه، وأن لا يعبدوا الله بالإسلام في الأرض!



قال أبو موسى غفر الله له ولوالديه:

لم يزل أهل الكفر منذ فجر التاريخ يُغذُّون هذه العقيدة في قلوبهم وقلوب أتباعهم، فيحملون هذه الإرادة كابرًا عن كابر، ويرضعونها الأجيال تلو الأجيال، ليطمسوا نور التوحيد في الأرض وليقضوا على أعظم رسالة عرفتها البشرية من لدن آدم إلى يوم القيامة، ولكن أين الغابرون منهم وأين هي إرادتهم وأين هو دين الله الغالب؟!

 إن الله -عزَّ وجل- كفانا مُؤنة هذه العقيدة الخبيثة التي في صدور القوم وتعهَّد عهدًا لا يُخلفه بإفشال هذا المخطط الرهيب فقال -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ  نُورَهُ﴾؛ "لأنه النور الباهر، الذي لا يمكن لجميع الخلق لو اجتمعوا على إطفائه أن يطفئوه، والذي أنزله؛ جميعُ نواصي العباد بيده، وقد تكفل بحفظه من كل من يريده بسوء، ولهذا قال: ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ وسعوا ما أمكنهم في رده وإبطاله، فإن سعيهم لا يضر الحق شيئا"! [تيسير الكريم الرحمن للسعدي].

الله أكبر!

فليطمئن أهل الإسلام وليفرحوا بهذه البُشرى الإلهية العظيمة وبهذه الرعاية الربَّانية الكريمة!

قال الله -سبحانه تعالى-: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (*) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (*)﴾ [التوبة: 32- 33].

وقال -تبارك وتعالى-: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (*) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (*)﴾ [الصف: 8 - 9].



(الوَمْضَة)!

لا بُدَّ من التمحيص للمسلمين ولا بد وأن يتخذ الله منهم شُهداء، وحالنا اليوم حال بعيد عن تحقيق البشارة النبوية والوعد الإلهي، لأننا ركنَّا إلى الدنيا وتخلينا عن السنن النبوية الهادية إلى سواء السبيل، ولن يتغير هذا الحال للمسلمين اليوم إلا بالرجوع إلى مَعينهم الأول الصافي فينهلون منه ويتضلَّعون به ليكون زادهم لهذا المستقبل المنشود والذي لا شكَّ آتٍ ولا محالة واقعٌ، فهذه الشجرة الطيبة -أعني الإسلام- يصيبها الضعف وتصيبها الأمراض وتتساقط أوراقها غير أنها لا تذوي ولا تموت أبدًا بإذن ربها؛ فهي دين الله وخاتمة رسالاته، والمُسلمون اليوم كرجل أهمل شجرته التي فيها عِزُّه، فما التفت إلى أسباب ضعفها ولا غَذَاها بما يُقيم عودها؛ فإن المسلمين اليوم إن لم يتنبهوا ويبدؤوا بريها وإزالة الفساد الذي حل بجذورها وأغصانها فلن تقوم لهم قائمة إلا أن يشاء الله، وعلى الأمة اليوم أن تغيِّر خُطتها مع نفسها ومع ربِّها لينظر إليها بعين العطف والرعاية فيغير من أحوالها ويبدل حالها ويُذلَّ أعداءها، وهو مما وعد الله به الناس فقال مُظهرًا عظيم قوَّته وسؤدُدَه وعِلمه التام: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد: 8 11].

إذن هذا هو المُفتاح الذي تُفتح به الأقفال التي وضعت على الأمة اليوم فغلَّتها وأضعفت شوكتها فتكالب عليها الأمم كما تتداعى الأَكَلَةُ إلى قصعتها، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾!



رحم الله من قضى في هذه الحادثة الإرهابية اللئيمة، وتقبلهم في الشهداء، وصبَّر أهليهم وذويهم على ما أصابهم، وأخلف الأمة في مصيبتها خيرًا!

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين!

وكتب لتِسعٍ مَضينَ من شهر رجب الحرام سنة أربعين وأربعمئة وألف من الهجرة الشريفة

أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة 

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين

آمين.

لماذا يُحذر السلفيون من كل من يُجيز إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية؟

  #تصحيح_المفاهيم #زَغَلُ_التَّمييع لماذا يُحذر السلفيون من كل من يُجيز إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية؟ لما جاء هذا الدين بالنور ال...