الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. أما بعد:
كنت قد كتبت قبل عقد من الزمان مجموعة من التغريدات أتكلم فيها عن #السلفية دعوة ومنهجًا، ورأيت أن أعيد صياغتها على شكل مقالة قصيرة لعل الله أن ينفع بها كاتبها وقارئها وناشرها، والسبب في إعادتها خروج بعض الأغرار يصفها ويصف أهلها بأوصاف هي أليق ما تكون به، فهذه الدعوة -في الحقيقة- تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد، فهي دعوة ثقيلة لا يثبت فيها ولا عليها إلا من وفقه الله وأراد به خيرًا، أما البعض ممن يبحث عن مكاسب شخصية أو دنيوية فإنه يتمرحل فيها طبقة طبقة حتى ينسلخ منها ويصبح كالهُلام والزبد الجافي لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء بل وجهته لمن يدفع أكثر أو يصفق أكثر، مع خُواء من مروءة الرجال الأحرار ووقاحة فيها قُحة يريد أن يُضحك بها أقرانه وأخدانه ويُظهر بها نفسه الوضيعة التي بين جنباته بأنه أهلٌ للفهم والمعرفة والنقد وهو في حقيقته -كان ولا زال- سفيهَ العقلِ واللسان ركيك الفهم والبيان، فمثلُ هذا ينكشف أمره عند أول جُعالة تمتد إليه فيسيل لها لُعابه ويهفو إليها قلبه، فتراه ينسلخ بحسب الجُعالة وبحسب توجه أو توجيه صاحبها، ويغدو المسكين بوقًا ناعقًا على الدعوة وأهلها لا يصطف إلا في صف المخالفين والمنابذين لها منتفخة أَوْدَاجُهُ على كل كلمة تخرج من أصحابها، فمثله كثيرون ذهبوا -كما ذهب الذين من قبلهم- أدراج الرياح لم يلتفت إليهم إنسان وإنما كانوا مشهدًا هزليًا مر عليه الناس على دكة التمثيل فضحكوا ملء أفواههم ثم مضوا حيث شاء الله لهم أن يمضوا وبقي هذا المنابذ الساخر شريدًا تائهًا في دياجير الضلالة وعتمة الانحراف!
فله ولمن على شاكلته أعيد تحرير تغريداتي فأقول وبالله وحده أصول وأجول:
#الدعوة_السلفية دعوة إلى الإيمان والأمن، ونبذٍ للعنف والتكفير، وهي تضع في أول أولوياتها مراعاة المصالح والمفاسد، فهي وسط بين إفراط فرق #الخوارج، وتفريط فرق #الصوفية!
والدعوة #السلفية تريد ربط الناس بالله -عز وجل-، وبسنة رسوله ﷺ وبخير القرون قرون #الصحابة -رضوان الله عليهم-، وهي بهذا المعنى ليست #حزبًا ولا فرقة توالي وتعادي أحدًا إلا على #الكتاب و #السنة.
فليس لها علاقة بالسياسة العصرية -وإن اتُّهمَت بذلك- ولكن لها علاقة بالسياسة الشرعية والتي تقوم في أساسها على القاعدة الكلية: "جلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها"، صيانةً للعقل والدين والعرض والمال والنفس والتي يسميها الأصوليون: (الضرورات الخمس)!
قد تبدوا ردود طلاب العلم من المنتسبين إلى #الدعوة_السلفية قاسية ومُسقطة لكثيرين من المتصدرين لتعليم الناس، ولكن ليست الغاية من النقد اللاذع إسقاط هؤلاء –وفيهم أفاضل أحيانًا- وإنما الغاية صيانة الدين عقيدةً وسلوكًا من شوائب الفرق والعقائد والمناهج الدخيلة ليعود الإسلام صافيًا نقيًا كما كان زمن النبوة.
ومما يكثر الطعن فيه في هذه الدعوة باب الجهاد فيصفون السلفيين بأنهم متخاذلون عنه ولا يعظمون بابه والحق بخلاف هذه الدعاوى العاطلة الباطلة، فالجهاد ذروة سنام الإسلام، إلا أن الجهاد اليوم لا يمكن له أن يقوم في الأمة وهي ليست على قلب رجل واحد في العقائد والسلوك، ولن يؤتي هذا الجهاد ثماره المنشودة في ظل تردي ديانة الناس وسوء أخلاقهم، وخفة عقولهم باتباعهم سنن اليهود والنصارى ومناهج الشرق والغرب. وعليه فالكلام عن الجهاد في هذه الأزمان مجازفة كبيرة وبعد عن حقيقته وإغفال لواقع الأمة المريض فكيف لعاقل أن يجاهد بأناس ضعفاء في دينهم مزعزعةً عقائدهم مختلفةً قلوبهم؟!
وكما هو الحال في الكثير من الدعوات يوجد في الدعوة السلفية من ينتسب إليها وليس هو منها أو لا يفهم مبادئها الحقيقية أو تم التغرير به وإضلاله عمدًا عن حقيقتها القائمة على الكتاب والسنة واتباع سلف الأمة عقيدة ومنهجًا وسلوكًا، لذلك تجد كثيرين يتجاوزون الحد ويعتدون وهذا أمر مقبول في إطار تفاوت العقول واختلاف الأفهام ومثل هذا يُقوَّمُ ويُؤخذ على يده ليعلم ويفهم، وتبقى الدعوة السلفية الحقَّة قائمة بأصولها السنية لا تداهن ولا تُماري أحدًا مهما علا شأنه!
واليوم يستهجن الكثير من الناس ما يقوم به طلبة العلم من تحذير من أعيانٍ منتمين للسلفية ولغيرها ممن يخوض في دين الله مخالفًا خير القرون في العقائد والسلوك والمعاملات ويظنون أنه وقوف في صف الحكومات التي تصد عن دين الله أو الأحزاب العلمانية المحاربة للدين أيًّا كان، أو وقوف في صف الأعداء المحتلين لبلادنا الإسلامية شرقًا وغربًأ أوغيرها ممن يَظهر منه مُعاداة ونفور، وهذا الاستهجان أو هذه النظرة القاصرة ناشئة عن تضليل إعلامي مقصود أو تدليس حزبي مرصود على حد سواء، فالإعلام المنحل يريد تخويف الناس من هذه الدعوة السلفية لأنها تدعوا إلى #العفة و #الطهارة و #صيانة_العقول من الأفكار الهدامة للخلق والدين والإنسان، والمتحزبة وأضرابهم من #المتصوفة و #الخوارج ونحوهم يريدون تخويف الناس من #الدعوة_السلفية لأنها تدعوا إلى طاعة ولي الأمر بالمعروف وترك وسائل الشرك ونبذ الخرافة وهذان الأمران الطاعة والشرك والخرافة إذا تنبه الناس إلى خطرهما على العقائد والأديان وتنبهوا إلى أهمية التوحيد والاتباع انحلت عقد الأمة جميعًا واتحدت في صف واحد لكن هذا سيفوت على المتحزبين والخرافيين وقبلهم أعداء الدين فرصة الاستثمارات العديدة التي يمارسونها باسم الدين والجهاد والنهوض بالأمة، فبضاعة الخارجي المتحزب الطعن في الولاة والعمل علىإثارة الناس عليهم، والصوفي الخرافي بضاعته التوسل بالأولياء والنذر والذبح لهم وملءُ الكروش من قروش المغفلين، فتأمل!
واليوم جميع الأطياف تصف #السلفية بالرجعية والتخلف والتحجر وإسقاط المخالفين والغلو والتفريق بين المسلمين وهو كذب محض ودعوى فارغة مدادها الكذب والتخرصات والتحليلات الحزبية والطعونات الردية وما هذا الهجوم وهذه الشراسة في السعي إلى تحقيقه إلا لتقاطع مصالح هؤلاء جميعًا مع مبادئ الدعوة السلفية..!
وكتب مُنسلخ ربيع الأول سنة 46هـ
أحمد بن طريف أبو موسى الغرايبة
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.