19/05/2025

(إِيْلَامُ أهل السنة -السلفيين- لأهل الأهواء -الخلفيين- يحملهم على الاعتداء بالضرب أو الوشاية عند السلاطين)!


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله..

أمَّا بعدُ:

قال تعالى مبينًا عداوة شياطين الجن والإنس لأهل الحق من الأنبياء ومن سار على منوالهم في بيان الحق والتحذير من الباطل وأهله: [وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ] [سورة الأنعام: 112]. وقال تعالى ذِكرُه: [وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا] [سورة الفرقان: 31].

فبين الله -عز وجل- أن الأنبياء لهم أعداء من المجرمين وأن هذه العداوة ظاهرة مستمرة استمرار وجود دعاة الحق على منهاج النبوة، من السلف والخلف، وبين -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين الصادقين أنهم هم المنصورون أن جماعتهم هم الغالبون فقال -عزَّ من قائل-: [وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ] [سورة الصافات: 171-173].

وقال في بيان نُصرته المرسلين والمؤمنين: [إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ] [سورة غافر: 51].

وبين -تعالى وتقدَّس- أن ثبات أهل الحق على ما عندهم من الحق والسنة واتباع السلف الصالح سببٌ في نصر الله لهم فقال -تبارك وتعالى-: [وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ] [سورة الحج: 40].

وأخبر المؤمنين أن نصره قريب وأن بأسه واصل إلى القوم المجرمين حتى ولو ظن المرسلون والمؤمنون أنهم قد كُذِّبُوا فقال: [حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين] [سورة يوسف: 110].

ثم أمرهم بالصبر وعدم الحزن والضيق من مكر هؤلاء المخالفين فقال مواسيًا لأهل الحق ومبشرًا لهم بمعيته وحفظه إذا هم صبروا على الأذى: [وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِالله وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ] [سورة النحل: 127- 128].

وبيَّن -عز وجل- عقوبة هذا الصنف من أهل البدع والأهواء ممن ينتقم لنفسه ويتعصب لرأيه فيؤذي دُعاة السنة والتوحيد فقال: [سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ الله وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ] [سورة الأنعام: 124].

ثم إن لكل قوم من هؤلاء وارث فأهل السنة ودعاتها ورثة الأنبياء والسلف الصالحين، وأهل البدع والأهواء ورثة أئمة الكفر والمنافقين الذين يدخل فيهم أهل البدع والأهواء المنحرفون عن سبيل السلف الصالحين.

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في «مدارج السالكين»: «ولكن ليس هذا الوارث كذاك الوارث ولا يستوي من موروثه الرسول ﷺ ومن موروثهم المنافقون» اهـ.

ولما قام أهل السنة الموحدون ببيان عوار المناهج المنحرفة عن الدين وقاموا بالواجب الكفائي في بيان مقالات المنحرفين عن السبيل والسنة انبرى شياطين الإنس والجن للنيل من أهل الحق وإيصال الأذى لهم واستعمال الوشايات لدى السلاطين لقمعهم، حتى بلغوا من الدناوة وانعدام المروَّة مبلغًا جعلهم يستطيلوا بالضرب والتهديد والوعيد بالسجن، وتمادى بعضهم فاستمرأ الكذب عند السلطان ليُسكت العلماء والدعاة عن بيان الحق ونصيحة الخلق، وقد ادعى بعض أهل البدع أن الهروي -رحمه الله- يعبد صنمًا ليغيظ قلب السلطان عليه ويقتله!

ذكر الحافظ الذهبي في كتابه «تذكرة الحفاظ» قصة وشاية أهل البدع بأبي إسماعيل الهروي الأنصاري فقال:

«وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان (ألب أرسلان) هراة في بعض قدماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه ودخلوا على أبي إسماعيل [يعني الهروي] وسلموا عليه وقالوا: ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج ونسلم عليه فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك، وكانوا قد تواطئوا على أن حملوا معهم ((صنمًا من نحاس صغيرًا وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ))!! وخرجوا، وقام إلى خلوته.

ودخلوا على السلطان واستغاثوا من (الأنصاري) وأنه (مُجسم)! وأنه يترك في محرابه صنمًا يزعم أن الله على صورته!! إن بعث الآنَ السلطانُ يجده؛ فعظُم ذلك على السلطان وبعث غلامًا ومعه جماعة فدخلوا الدار وقصدوا المحراب فأخذوا الصنم. ورجع الغلام بالصنم فبعث السلطان من أحضر (الأنصاري)، فأتى فرأى الصنم والعلماء، والسلطان قد اشتد غضبه؛ فقال السلطان له: ما هذا؟

قال: هذا صنم يُعمل من الصفر=(أي: النحاس) شبه اللعبة؛ قال: لست عن ذا أسألك؟

قال: فعم يسألني السلطان؟

قال: إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول: إن الله على صورته!

فقال الأنصاري بصولة وصوت جهوري: سبحانك هذا بهتان عظيم!!

فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه، فأمر به فأُخرج إلى داره مكرمًا، وقال لهم: اصدقوني، وهددهم.

فقالوا: نحن في يد هذا الرجل في بلية من استيلائه علينا بالعامة، فأردنا أن نقطع شره عنا.

فأمر بهم ووكل بكل واحد منهم وصادرهم وأهانهم» اهـ.

قال أبو موسى:

الله أكبر! انظر يرحمك الله كيف أن فعلهم هذا والذي كان من الممكن أن يُقتل بسببه، كان الحامل لهم عليه أن هذا الإمام قد اتبعه العامة على مذهبه ونفَّرَ عنهم الأتباع فأرادوا أن يكفوا شره عن أنفسهم وعن أتباعهم فقاموا بهذه الوشاية الرخيصة، ولكن الله قد أنجز وعده للمؤمنين الصابرين المحتسبين في الحق فآل على الوشاء بالإهانة والخذلان.

وأهل الأهواء في كل زمان يتوارثون هذه الطريقة في رد الحق فتارة بالتهويش وتارة بالكذب على أهل السنة وإلصاق التهم الكاذبة بهم، وتارة بالتهديد، وتارة بالضرب، وهم يصدُق عليهم قول ربنا -تبارك وتعالى-: [تَحْسَبُهُمْ ‌جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى] [سورة الأنعام: 124]. قال قتادة كما في: «تفسير ابن أبي حاتم»:

«كَذَلِكَ أَهْلُ الْبَاطِلِ مُخْتَلِفَةٌ شَهَادَتُهُمْ، مُخْتَلِفَةٌ أَهْوَاؤُهُمْ، مَخْتَلِفَةٌ أَعْمَالُهُمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي عَدَاوَةِ أَهْلِ الْحَقِّ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ».

قال الشربيني في «السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير»:

«[وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى] أي: متفرقة أشدّ افتراقاً، وموجب هذا الشتات اختلاف الأهواء التي لا جامع لها من نظام العقل كالبهائم، وإن اجتمعوا في عداوة أهل الحق كاجتماع البهائم في الهرب من الذئب. قال القشيري: اجتماع النفوس مع تنافر القلوب واختلافها أصل كل فساد، وموجب كل تخاذل، ومقتض لتجاسر العدو».

قال أبو موسى:

فأعداء السنن وأعداء أهل الحديث والأثر -الطائفة المنصورة- على الدوام شديدون في العداوة لأهل السنة مجتمعون عليها متحالفون في إنفاذها، وهم مع اختلافهم في المشارب إلا أنهم مُحتقرون لهم مستخفون بهم يقولون: ليس عندهم فهم، وليس يملكون العقل، أهل جمود وتخلف وغباء، وهم والله من هذه التهم -الحقيرة- بُرآء!

قال الإمام الصابوني في «اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث»: «وعلامات البدع على أهلها بادية ظاهرة ، وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدةُ معاداتهم لحَمَلَة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم واحتقارهم لهم واستخفافهم بهم».

وقد بين علماؤنا الأفذاذ كما بين سلفنا النجباء علامات هؤلاء المنحرفين عن جادة الصواب وبينوا أن اعتداء أسافل المبتدعة بإرسالهم لمن يؤذي الدعاة إلى منهاج النبوة بالقول أو الفعل، واللجوء إلى السلطان ليعينهم على إسكات صوت الحق هو من أعمال الجاهلية الجهلاء، وقد بين هذه الخصال شيخ الإسلام في زماننا الإمام محمد بن عبدالوهاب التميمي النجدي -رحمه الله تعالى- في كتابه «مسائل الجاهلية» إذ قال في المسألة الثانية والستون: «إذا غُلِبوا -أي أهل الأهواء والبدع- بالحجة فزعوا إلى السيف والشكوى إلى الملوك، ودعوى احتقار السلطان، وتحويل الرعية عن دينه، قال تعالى: [أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأرْضِ][سورة الأعراف: ١٢٧]».

قال الألوسي في شرحه على مسائل الجاهلية:

«كَونهُمْ إذا غُلِبوا بِالحجَّةِ، فَزِعوا إلى السَّيفِ والشَّكْوى إلى المُلوكِ، وَدَعْوى احْتِقارِ السّلْطانِ، وَتَحْويلِ الرَّعِيَّةِ عَنْ دِيْنِهِ. قال تَعالى في سورةِ [الأعراف: 127] : [‌أَتَذَرُ ‌مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ] فانظُرْ إلى شَكْوى آلِ فِرْعونَ وَقَومِهِ إِلَيْهِ، وَتَحْريشِهمْ إيَّاهُ عَلَى مُقاتَلَةِ موسى -عليه السلام- وَتَهْييجِه، وَمَا ذُكِرَ في آخِرِ الآية مِن احْتِقارِ ما كانوا عَلَيْهِ» اهـ.

والحوادث من هذا القبيل كثيرة جدًا ويطول سردها، وهي مبسوطة في كتب التراجم -خاصة تراجم علماء السلف- كالذي حصل من البلاء بسبب أهل الأهواء للإمام المبجل أحمد بن حنبل ولشيخ الإسلام ابن تيمية وكالذي حصل للشيخ الألباني وللشيخ أحمد النجمي ولغيرهم من أهل العلم -رحم الله الجميع-، فقد كان أهل الأهواء والبدع في كل مرة إذا أعجزهم أهل الحق وغلبوهم يفزعون إلى هذه التصرفات الوضيعة لما يرونه من تأثر الناس بكلام أهل الحق، ولأن العامة إذا رأوا ثبات العلماء وسمعوا ما عندهم من الحق -بدلائله- ولمسوا إخلاصهم في البيان والنصيحة زال ما في قلوبهم من تعظيم لأهل التحزب والأهواء المنحرفين عن السنة، ولذلك تجد الحزبيين في زماننا قد ورثوا أفعال سلفهم من أهل البدع فيُشوِّشون على الناس ليصرفوهم عن سماع الحق بدعوى التعصب والغلو والإسقاط والتبديع والتجديع وغيرها من التهم الباطلة الداحضة، فأروني رجلًا انتقد منتسبًا إلى العلم ولم يأت بالدليل من قوله أو كتابته أو أُلفته لأهل البدع لنجعل قوله هذا تحت أقدامنا، أما من يأتي بالدليل ويبين موضع الخطأ أو الانحراف فعلى الرأس والعين ولو كان المُنتقد هذا أكبر أشياخنا وأعلم أهل الأرض فواجب المؤمن أن يقبل هذا الحق وينبه عليه الخلق ويطرح عنه سواليف النسوان من الاتهام بالغلو والتبديع بدل الحجة والبيان؛ فالحق أحق أن يُتبع، قال الإمام الهُمام ابن القيم -رحمه الله-:

«إن كنتم فحولًا فابرزوا ... ودعوا الشكاوي حيلة النسوان

وإذا اشتكيتم فاجعلوا الشكوى إلــــ ... ــــــــى الوحيين لا القاضي ولا السلطان»!

فاثبتوا إخواني أهل السنة على الحق فإنكم -والله!- منصورون وأعداؤكم مخذولون مغلوبون، والحق عليه نور والباطل تغشاه الظلمة ولو زخرفه المزخرفون، والباطل مردود من كل أحد -إنس أو جان- والحق مقبول على كل أحد ولو كان أصغر إنسان، فلا يهولنكم إخوتي وشاية الوشاة ولا تهديد السفلة الأوغاد فالله ناصرٌ دينه ومظهره على الدين كله فـ [إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ][سورة يونس: 82].

وكتب متواصيًا بالحق ومتواصيًا بالصبر

أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين

آمين .. آمين

لثمانية بقين من شهر ذي القعدة الحرام سنة 1446هـ

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

الأردن – صانه الله من الشرور والفتن!


16/05/2025

حديث مكذوب متداول بين الناس في دخول جمل على النبي ﷺ وتكليمه إياه!

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..

أما بعد:

فقد صح عن النبي ﷺ قوله: (إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ، فمن كذب عليَّ مُتعمِّدًا، فلْيتبوَّأْ مقعدَه من النَّارِ)! وقد انتشرت الأحاديث المكذوبة على رسول الله ﷺ في مواقع التواصل الاجتماعي وأخذ يتداولها الناس من غير تمحيص وبيان لدرجتها وصدق نسبتها إلى صاحب الشريعة ﷺ وقد أرسلت إليَّ بعض قرابتي تسألني عن حديث من هذه الأحاديث يتداوله الناس بينهم وعلى صفحاتهم في مواقع التواصل ونصه:

"روى الحافظ المنذري رضي الله عنه عن الصحابي الجليل تميم الداري رضي الله عنه قال :

(بينما نحن جلوس عند رسول الله ﷺ إذ دخل علينا جمل ودخل على رسول الله كأنه يعرفه ووضع فمه على أذن رسول الله وانصت له الرسول حتى إذا فرغ من كلامه قال الرسول: "أرسلوا إلى فلان بن فلان"؛ فجيء به فقال له: "أأنت صاحب هذا الجمل؟" قال له: نعم يا رسول الله. قال: "إنه يشكوك إلى الله لأنك تقسو عليه وتحمله أقسى مما يطيق وقد أصبح الجمل كبير السن" فقال الرسول لصاحب الجمل: "بعه لي" فباعه لرسول الله، فقال الرسول للجمل: "اذهب كما تشاء وارعى كما تشاء ولا تحزن على ما مضى" فانحنى الجمل على أذن رسول الله وكلمه بلغة لا يفهمها إلا رسول الله والرسول يقول: "آمين . آمين . آمين". وفي الرابعة بكى رسول الله. وسألت الصحابة الرسول يا رسول الله أمنت ثلاث مرات وبكيت في الرابعة حدثنا وأخبرنا فقال النبي ﷺ: "إن الجمل دعى لي الله قائلا: جزاك الله يا نبي القرآن عني وعن الإسلام خيرًا، فقلت: آمين، ثم دعى قائلا: وانقذ الله أمتك من خزي الدنيا وعذاب الأخرة فقلت: آمين، ثم قال لي: وستر الله أمتك يوم القيامة كما سترتني فقلت: آمين، ثم قال: ولا جعل الله بأسهم بينهم؛ فبكيت لأنني أعلم أن بأس هذه الأمة سيكون بينهم شديدًا.. إلخ).

قلت:

هذا الحديث كذب موضوع بهذا السياق لم أجد أحدًا من الأئمة أخرجه بهذا اللفظ، وهو من تحريفات المتصوفة -وقد وجدته في بعض منتدياتهم وصفحاتهم- ممن يُظهر الغلو في الرسول ﷺ ويكذب له على طريقة الكرامية!

وبعد البحث في كتب السنة وجدت أصل هذا الحديث المتداول، وهو ما أخرجه الحافظ المنذري في كتابه «الترغيب والترهيب - ط العلمية» (3/ 144) ونصُّه:

«وروى ابْن مَاجَه عَن تَمِيم الدَّارِيّ -رضي الله عنه- قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُول الله ﷺ إِذْ أقبل ‌بعير ‌يعدو ‌حَتَّى ‌وقف ‌على ‌هَامة رَسُول الله ﷺ فَقَالَ ﷺ: "أَيهَا الْبَعِير اسكن فَإِن تَكُ صَادِقا فلك صدقك وَإِن تَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْك كَذبك مَعَ أَن الله تَعَالَى قد أَمن عائذنا وَلَيْسَ بخائب لائذنا"؛ فَقُلْنَا يَا رَسُول الله مَا يَقُول هَذَا الْبَعِير؟ فَقَالَ: "هَذَا بعير قد هم أَهله بنحره وَأكل لَحْمه فهرب مِنْهُم واستغاث بنبيكم ﷺ" فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ أقبل أَصْحَابه يتعادون فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم الْبَعِير عَاد إِلَى هَامة رَسُول الله ﷺ فلاذ بهَا؛ فَقَالُوا يَا رَسُول الله: هَذَا بعيرنا هرب مُنْذُ ثَلَاثَة أَيَّام فَلم نلقه إِلَّا بَين يَديك. فَقَالَ ﷺ: "أما إِنَّه يشكو إِلَيّ فبئست الشكاية" فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا يَقُول؟ قَالَ: "يَقُول إِنَّه رَبِّي فِي أمنكم أحوالا وكنتم تحملون عَلَيْهِ فِي الصَّيف إِلَى مَوضِع الكلإ فَإِذا كَانَ الشتَاء رحلتم إِلَى مَوضِع الدفاء فَلَمَّا كبر استفحلتموه فرزقكم الله مِنْهُ إبِلا سَائِمَة فَلَمَّا أَدْرَكته هَذِه السّنة الخصبة هممتم بنحره وَأكل لَحْمه" فَقَالُوا قد وَالله كَانَ ذَلِك يَا رَسُول الله فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: "مَا هَذَا جَزَاء الْمَمْلُوك الصَّالح من موَالِيه" فَقَالُوا: يَا رَسُول الله فَإنَّا لَا نبيعه وَلَا ننحره. فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: "كَذبْتُمْ قد اسْتَغَاثَ بكم فَلم تغيثوه وَأَنا أولى بِالرَّحْمَةِ مِنْكُم فَإِن الله نزع الرَّحْمَة من قُلُوب الْمُنَافِقين وأسكنها فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ" فَاشْتَرَاهُ عليه الصلاة والسلام مِنْهُم بِمِائَة دِرْهَم وَقَالَ: "يَا أَيهَا الْبَعِير انْطلق فَأَنت حر لوجه الله تَعَالَى" فرغى على هَامة رَسُول الله ﷺ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: "آمين" ثمَّ دَعَا فَقَالَ: "آمين" ثمَّ دَعَا فَقَالَ: "آمين" ثمَّ دَعَا الرَّابِعَة فَبكى عليه الصلاة والسلام. فَقُلْنَا يَا رَسُول الله مَا يَقُول هَذَا الْبَعِير؟ قَالَ: "قَالَ جَزَاك الله أَيهَا النَّبِي عَن الْإِسْلَام وَالْقُرْآن خيرا فَقلت آمين. ثمَّ قَالَ سكن الله رعب أمتك يَوْم الْقِيَامَة كَمَا سكنت رعبي فَقلت آمين. ثمَّ قَالَ حقن الله دِمَاء أمتك من أعدائها كَمَا حقنت دمي فَقلت آمين. ثمَّ قَالَ لَا جعل الله بأسها بَينهَا فَبَكَيْت فَإِن هَذِه الْخِصَال سَأَلت رَبِّي فَأَعْطَانِيهَا وَمَنَعَنِي هَذِه وَأَخْبرنِي جِبْرِيل عَن الله تَعَالَى أَن فنَاء أمتِي بِالسَّيْفِ جرى الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن.

وقد أورده الشيخ الألباني -رحمه الله- في (ضعيف الترغيب والترهيب) (2/93) برقم: (1372)، وقال: [منكر جدًا].

وقال في الحاشية معلقًا على عزو المنذري الحديث لابن ماجه بقوله:

"عزوه إليه خطأ محض تعجب منه الحافظ الناجي. ثم ذكر أنه أخرجه السِّلفي وغيره بإسناد فيه متروك ومجهول، وعن ابن كثير أنه قال: "فيه غرابة ونكارة في إسناده ومتنه" وأطال الكلام في ذلك (180 / 1 - 2).".

قلت:

وكلام الحافظ ابن كثير الذي أشار إليه الشيخ الألباني موجود في «البداية والنهاية» (9/ 20 - 22) حيث قال:

"حديث آخر غريب في قصة البعير: قال الشيخ أبو محمد عبدالله بن حامد الفقيه في كتابه «دلائل النبوة»، وهو مجلد كبير، حافل، كثير الفوائد: أخبرني أبو علي الفارسي، حدثنا أبو سعيد عبدالعزيز بن شهلان القواس، حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن خالد الراسبي، حدثنا عبدالرحمن بن علي البصري، حدثنا سلامة بن سعيد بن زياد بن فائد بن زياد بن أبي هند الداري، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده حدثنا تميم بن أوس، يعني الداري، قال: "فذكره".

ثم قال:

«قلت: هذا الحديث غريب جدًا، لم أر أحدًا من هؤلاء المصنفين في الدلائل أورده سوى هذا المصنف، وفيه غرابة ونكارة في إسناده ومتنه أيضًا. والله أعلم» اهـ.

فكما ترى أخي القارئ الكريم فإن دلالات الوضع على هذا الحديث بادية كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير وتقدم حكمُ الشيخ الألباني بنكارته فرحمهما الله، فالحديث بهذه السياقات موضوع مكذوب على رسول الله ﷺ. ويُغني عنه ما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" برقم: (342) -مختصرًا دون قصة الجمل-، وأبي داود في «سننه» (4/ 200، ت: الأرنؤوط)، برقم: (2549) -واللفظ له-:

«حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا مَهدي، حدَثنا ابنُ أبي يعقوبَ، عن الحسنِ بن سَعدٍ مولى الحسنِ بن عليٍّ عن عبدالله بن جعفرٍ، قال: أرْدفَني رسولُ الله ﷺ خلفَه ذاتَ يومٍ، فأسرَّ إليَّ حديثاً لا أُحدَّث به أحداً من الناس، وكان أحبُّ ما استتر به رسولُ الله ﷺ لحاجته هَدَفاً أو ‌حائشَ نخلٍ، قال: فدخل حائطاً لرجلٍ من الأنصار، فإذا جملٌ، فلما رأى النبي ﷺ حَنَّ وذَرَفَت عيناه، فأتاه النبيُّ ﷺ فمسح ذِفْراه فسكتَ، فقال: "من ربُّ هذا الجملِ؟ لمن هذا الجملُ؟" فجاء فتًى من الأنصارِ، فقال: لي يا رسول الله، قال: "أفلا تتقي اللهَ في هذه البهيمةِ التي مَلَّككَ اللهُ إياها، فإنه شكا إليَّ أنك تُجِيعُه وتُدْئبه"؟!».

قال الشيخ شُعيب الأرنؤوط -رحمه الله- في تعليقه على الحديث الذي أخرجه أبو داود في الموضع الآنف الذكر:

«إسناده صحيح.

مهدي: هو ابن ميمون المِعولي، وابن أبي يعقوب: هو محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب الضبي.

وأخرجه مختصراً مسلم (342) و(2429)، وابن ماجه (340) من طريق مهدي ابن ميمون، بهذا الإسناد. واقتصر مسلم في الموضع الأول وابن ماجه على قصة الاستتار، واقتصر مسلم في الموضع الثاني على قصة الإسرار.

وهو بتمامه في "مسند أحمد" (1745) و(1754).

وفي "صحيح ابن حبان" (1411) و(1412) مختصرًا بقصة الاستتار.

قال الخطابي: "الهدف": كل ما كان له شخص مرتفع من بناء وغيره، و"الحائش": جماعة النخل الصغار، لا واحد له من لفظه، و"الذِّفْرى" من البعير: مؤخر رأسه، وهو الموضع الذي يعرق مِن قفاه.

قال: وقوله: "تُدئبُه": يريد تُكِدُّه وتتعِبُه» اهـ.

هذا ما يسره الله -تبارك وتعالى- من بحث في أقوال العلماء في صحة هذا الحديث المنسوب إلى رسول الله ﷺ والحمد لله على توفيقه.

ومسألة الرفق بالحيوان من المسائل المتقررة شرعًا قبل أن يعرفها الأوروبيون ويسنوا لها القوانين والمواثيق، فما جلب الإسلام للبشرية إلا الخير والصلاح والرحمة بالخلائق، وقد وردت عدة أحاديث تنهى عن إيذاء الحيوان بل أمر النبي ﷺ الذي يريد أن يذبح أضحيته أن يُسن شفرته ولا يُظهرها لها وأن يعجل في ذبحها ولا يعذبها وهذا من تمام رحمته ﷺ بهذه البهائم التي هي أرواح ينبغي مراعاتها، فنحمد الله على ما شرع ونحمده على ما وفقنا له من عمل بهذا الدين العظيم، والحمد لله رب العالمين.

وكتب: أبو موسى أحمد الغرايبة، غفر الله له ولوالديه .. آمين.

الأردن – صانه الله من الشرور والفتن

الجمعة، 18 ذو القعدة 1446هـ

25/04/2025

(لا مساس بالأمن والأمان) .. القنيبي تدليس وخداع ولعب على وتر العواطف!


الواجب حظر كتب سيد قطب ومن سار على منواله وإخراجها من مكتباتنا ومساجدنا ومدارسنا وجامعاتنا وإتلافها واعتبار اقتنائها جرمًا يُعاقب عليه لخطورتها وعظيم تأثيرها على الأجيال لما تحتويه من أفكار متطرفة وتصريح بتكفير الأمة عن بكرة أبيها إلا أصحاب الفكر الإخواني!

  (لا مساس بالأمن والأمان) .. القنيبي تدليس وخداع ولعب على وتر العواطف! 

عنوان برَّاق وضعه أحد منظري جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في بلادنا لمقطع مصوَّر له على (اليوتيوب)، فإذا دخلت المقطع لتسمعه رأيت ثعلبًا ماكرًا يحرك حاجبيه ويجلُقُ =(جَلَقَ فَمَه عند الضَّحِك: فتحه) شفتيه ويمطِّطُها ويلوي ويُحرف ويُدلس على المستمعين الذين علق بعضهم بقوله: 

(قرأتُ العنوان فاختنقت أنفاسي خشية فَقْدِ عَلَمٍ آخر على طريق الحق)!!

إياد القنيبي وضع في وصف مقطعه العبارة التالية:

(هذه الكلمة تغطي مفهوماً مهماً جداً في هذا التوقيت ، احضرها بتأمل، فهي تزودك بالحجج اللازمة في النقاش، وتعينك لتكون سبباً في الأمن والأمان)!

 الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..

أمَّا بعد:

فإن من عادة الإخوان المسلمين من حملة الفكر القطبي تحديدًا أن يستعملوا في تدليسهم على الأمة وعلى الشباب المتحمس خاصَّة نصوصَ الكتاب والسنة فيقومون بتحريف معانيها بشقشقة الكلام أو باجتزاء بعض النص ونزعه من سياقه أو ببتر ما يُقيد العام أو يخصصه، والقنيبي هذا من أمهر -وأمكر- أصحاب الفكر الإخواني والمسمى -زورًا- فكرًا إسلاميًا في فعل هذا الأمر؛ فقد استهل الكلام في مقطعه المذكور بعبارة -تهكمية- على عادته يستهل بها مسرحياته للضحك على السُّذَّج من مُتابعيه فقال:

(الأمن والأمان خط أحمر ويجب أن لا نسمح لأي أحد أن يعبث به تحت أي ذريعة)

فيا تُرى ماذا يريد القنيبي أن يقول تحت هذا الاستهلال؟!

لقد أورد القنيبي قول الله تعالى في سورة الأنعام، الآية رقم: 82، وهي قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}، ثم أورد أن معنى الظلم في الآية هو: (الشرك)، وعقَّب بقوله:

(ومن أوضح أشكاله: شركُ الطاعة، أن تطيع أحدًا في معصية الله وكأن نفعك وضرك ورزقك وأجلك بيده!)

هكذا -وبهذا الاستهلال- وطَّن القنيبي في ذهن السامع أن أشد أنواع الشرك المذكور في الآية هو (شركُ الطاعة)! فإن أنتم أطعتم من يمنعكم من واجب النصرة لإخوانكم -والذي صرح به بعد هذه الكلمات مباشرة- فأنت معرضون للوقوع في شرك الطاعة!

ثم أردف القنيبي آيات الموالاة بين المؤمنين وآيات نُصرة المؤمنين والنفر إلى الجهاد وقد بتر من بعض الآيات ما يهدم مُراده من كلمته بلا خوف من الله ولا حياء!

وللفائدة أورد للقارئ الكريم تفسير أهل العلم لهذه الآية التي استهل القنيبي بها مقطعه فمعرفة تفسير العلماء الثقات لكلام الله مُهم في فهمه الفهم الصحيح الخليَّ عن التحريف والتوجيه الحزبي.

قال البغوي: "قوله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، لم يخلطوا إيمانهم بشرك". 

وقال ابن كثير: "أي : هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له، ولم يشركوا به شيئًا هم الآمنون يوم القيامة، المهتدون في الدنيا والآخرة".

وقال السعدي: "قال الله تعالى فاصلا بين الفريقين {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} أي :  يخلطوا {إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} الأمن من المخاوفِ والعذاب والشقاء، والهدايةُ إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقًا، لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة.

وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها 

ومفهوم الآية الكريمة، أن الذين لم يحصل لهم الأمران، لم يحصل لهم هداية، ولا أمن، بل حظهم الضلال والشقاء".

قلتُ: 

فأنت ترى أخي القارئ الكريم أن أهل العلم سلفًا وخلفًا إنما قصروا معنى الظلم في الآية على الشرك الأكبر أي شرك الألوهية وهو صرف شيء من العبادة أو عبادة غير الله، ولم يتطرقوا إلى تخصيص معناه بما يندرج تحت مسائل الربوبية وأبوابها..

فمن أين جاء القنيبي بهذا التفسير لمعنى الشرك في الآية وجعل أوضح أشكاله شرك الطاعة؟!

والجواب: 

أن القنيبي يتقفَّر تفسير أقنوم التكفير في عصرنا سيد قطب حذو القُذَّة بالقُذَّة بل ولا تكاد تجده ينقل من تفسير إلا ما يجد له موضعًا في كلام سيد قطب، فقد قال سيد قطب في تفسيره لهذه الآية من كتابه: (في ظلال القرآن):

"الذين آمنوا وأخلصوا أنفسهم لله، لا يخلطون بهذا الإيمان شركًا في عبادة ولا طاعة ولا اتجاههؤلاء لهم الأمن، وهؤلاء هم المهتدون".

وقال سيد قطب في موضع آخر:

"من أطاع بشرًا في شريعة من عند نفسه، ولو في جزئية صغيرة، فإنما هو مشرك. وإن كان في الأصل مسلمًا ثم فعلها؛ فإنما خرج بها من الإسلام إلى الشرك أيضًا... مهما بقي بعد ذلك يقول: أشهد أن لا إله إلا الله بلسانه. بينما هو يتلقى من غير الله، ويطيع غير الله".

 إذن يرى سيد قطب وأفراخه اليوم أن طاعة المخلوقين -وهم يعنون هنا بلا ريب الحُكَّام المسلمين- هي من الشرك المخرج من الملة، ولذلك تراهم يتداولون كثيرًا مسائل الحاكمية وما يتعلق بها لأنهم يتوصلون بها إلى مبتغاهم من إخافة الجيل وتوجيهه بأنه إذا أقدم على طاعة الحاكم -ولو في غير معصية- أنه يكون معرضًا للوقوع في هذا الباب من أبواب الشرك.. فتأمل!

وشركُ الطاعة إنما المقصود به عند العلماء المحققين طاعة غير الله في معصية الله تعالى في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله. قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مجموع فتاواه: "فمن أطاع إنسانًا عالمًا أو عابدًا، أو غيره، في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، واعتقد ذلك بقلبه، فقد اتخذه ربًا".

وحقيقته شرك الطاعة فسرها نبينا -صلّى الله عليه وسلّم-، لعدي بن حاتم -رضي الله عنه- حيث قال:

 أتيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ. 

فقالَ: "يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ"!

وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةٌ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}.

قالَ: "أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه".

أخرجه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني كما في صحيح سنن الترمذي.

وقال الشيخ ابن عثيمين في: (القول المُفيد): "فمن أطاع العلماء في مخالفة أمر الله ورسوله فقد اتخذهم أربابًا من دون الله باعتبار التصرف الشرعي؛ لأنه اعتبرهم مشرعين واعتبر تشريعهم شرعًا يعمل به".

فهل طاعة الولاة في حفظ أمن وأمان البلاد من شرك الطاعة، لأن القوم اليوم كُلموا كُلمة شديدة في جماعتهم حيث تم اكتشاف خلايا لهم يقومون بتصنيع الأسلحة دون علم الدولة ويُهربون المواد المتفجرة ويخزنونها بين البيوت وفي الحواري والمنشآت المدنية، وفي هذا الاتجاه كان من المسلم به أن الدولة ستحظر أي نشاط لجماعة الإخوان المسلمين الذين ثبت باعتراف أفراد الخلية تورط مسؤولين فيها فكان لزامًا على مُنظري الجماعة أن يمهدوا الطريق للأتباع والرعاع من أن أي منع لنشاطات الجماعة من الدولة وطاعة الجهات الأمنية في ذلك هو من الإثم الذي يصل حد الشرك!

وتقرير هذه المسألة من الخطورة بمكان أن فيها إخراجًا لمن أطاع الكبراء والأمراء في معصية الله من الإسلام؛ بل حقيقة هذا الكلام يؤول إلى تكفير المسلمين حكامًا ومحكومين، وهو من أصول الخوارج التي يقررونها في عقول الشباب ليحرفوهم عن الصراط المستقيم فيقعون في تكفير دولهم وولاتهم ومجتمعاتهم المسلمة.

ثم قام القنيبي بترسيخ هذه الفكرة وهي عدم طاعة الولاة في منعهم أي نشاط من شأنه زعزعة الأمن أو إذعار الدول التي تمتلك من الأسلحة ما يبيد الشجر والحجر والبشر لكي لا يعطي أي عمل من هذه الأعمال الذريعة لأعداء الأمة ليستبيحوا أرضها ويبيدوا أهلها كما هو حاصل في فعل حمقى الإخوان المسلمين في فلسطين حيث كانوا في عافية فتحرشوا بالعدو الصهيوني فأزال قطاع غزة عن الوجود وجعله أثرًا بعد عين فإنا لله وإنا إليه راجعون!

بتر القنيبي واجتزأ آية الأنفال واقتصر على نقل الجزء الأول منها دون الاستثناء الذي فيها من قوله تعالى: {وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ} وترك باقي الآية والذي فيه الاستثناء وهو قوله: {إِلّا عَلى قَومٍ بَينَكُم وَبَينَهُم ميثاقٌ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ} [الأنفال: ٧٢].

هكذا يفعل القنيبي بمن يسمعه ويتبعه على تدليسه يورد الأدلة من غير نظر في معناها ولا في تفسير العلماء لها ويظن أنه بإيرادها يُلزم مخالفه من طلبة العلم ويقيم عليهم الحُجة بذلك، وبصرف النظر عن الحال الحاصلة فإن الله قيَّد الأمر بالنصرة لمن استنصرنا من المؤمنين بقوله: {إلا على قومٍ بينكم وبينهم ميثاق}، وإلا أداة استثناء فكأنه استثنى من واجب النصرة من كانوا بهذه الصفة المذكورة وهي أنهم يلتزمون عهودًا ومواثيق مع العدو الذي يستنصرهم عليه إخوانهم، وفي تفسير هذا المعنى قال شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تفسيره «جامع البيان عن تأويل آي القرآن» (11/ 294):

«{وإن استنصروكم في الدين} يقول: إن استنصركم هؤلاء الذين آمنوا، ولم يهاجروا. {في الدين}. يعنى: بأنهم من أهل دينكم على أعدائكم وأعدائهم من المشركين، فعليكم أيها المؤمنون من المهاجرين والأنصار النصر، إلا أن يستنصروكم {على قوم بينكم وبينهم ميثاق}. يعني: عهد قد وثق به بعضكم على بعض أن لا يحاربه {والله بما تعملون بصير}. يقول: والله بما تعملون فيما أمركم ونهاكم من ولاية بعضكم بعضا أيها المهاجرون والأنصار، وترك ولاية من آمن ولم يهاجر، ونصرتكم إياهم عند استنصاركم في الدين، وغير ذلك من فرائض الله التي فرضها عليكم {بصير} يراه ويبصره، فلا يخفى عليه من ذلك ولا من غيره شيء». انتهى.

فأنت ترى أخي القارئ الكريم أن الآية محكمة وواضحة لمن كان له عقل وفهم، فمهما كان الاعتداء على طائفة من المسلمين فإنه لا يجوز نصرتهم على عدوهم الذي بيننا وبينه ميثاق سواء كان هذا العدو محتلًا أم كان غازيًا فنقض العهد ليس من سيماء المسلمين وقد نهاهم ربهم عن عدم الإيفاء بالعهود.

فماذا يفعل الحزب الإخونجي الإرهابي ومُنظروه بهذا الاستثناء في الآية؟!

وختامًا:

فإن القنيبي يحاول أن يدس السم في الدسم ويعطي إشارات -ولو خفية- لمن يستمع إليه أن الأمة قادرة على نصرة أهل غزة ويمنعهم من ذلك طاعتهم لولاتهم الذين لا يراهم ولاة شرعيين يجب لهم الطاعة بالمعروف، فالمطلوب من الناس التحرك من تلقاء أنفسهم وأن لا يطيعوا حكوماتهم ولا دولهم في المنع من أفعال تجر البلاد للحروب والخراب والدمار، وقد ضرب القنيبي أمثلة ساذجة لا تنطلي على صبيان الحواري فضلًا عن طلبة العلم ولكنها تُعجب المتابعين وتدغدغ عواطفهم وترضي غرور القوم في أنهم يستطيعون التأثير على الجماهير بمثل هذه الكلمات الآثمات سعيًا في نشر الفوضى وتمكين أعداء الأمة من بلادنا عن طريق فرض حالة الفوضى ونشر القلاقل والفتن، ولكن الله مُخيب سعي هذه الجماعة الضالة التي كانت -ومنذ نشأتها- حجر عثرة في وجه المصلحين الصادقين الذين يبتغون تبليغ رسالة ربهم لا الوصول إلى كراسي الحكم ومقارعة الحكام والخروج عليهم.

هذه الجماعة التخريبية التي تحركها أيدٍ خفية -بل معروفة- كما قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله عنها: "حركة الشيخ حسن البنا وإخوانه المسلمين الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدامة، ينفق عليها الشيوعيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين"!

فالله نسأل أن يكف شر هذه الجماعة عن بلاد المسلمين وأن يخلصنا من فتنتهم ومن مخططاتهم الهدامة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


وكتب ليلة الجمعة لست بقين من شهر شوال سنة 1446هـ
متواصيًا بالحق ومتواصيًا بالصبر
أحمد بن طريف أبو موسى الغرايبة
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين بالصلاة على النبي الأمين.
والحمد لله رب العالمين.


13/04/2025

الرد الخفيف على اتهامات أخينا شريف!

الرد الخفيف على اتهامات أخينا شريف!

 الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،،

أما بعدُ:

فإن الله تبارك وتعالى قال في مُحكم كتابه العظيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} التوبة: 119.

وفي صحيح البخاري من حديث عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يَكونَ صِدِّيقًا. وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا".

وإنه ليُزري بالمسلم العامي أن يقع في الكذب فكيف بمن انتسب إلى منهج السلف الكرام أهل الصدق والعدل؟!

فقد خرج علينا أخ لنا قديم (شريف) كنا نُثني عليه وعلى منهجه الذي كنا نوافقه فيما يُظهره منه إذا سئلتُ عنه =فمن ذات المعين نهلنا وعن ذات الأشياخ أخذنا وبهم اهتدينا وإليهم ندل وعليهم نعول، =بكلام واتهامات غاية في السوء مع سفاهتها وسذاجتها فقد اتهمني أخونا القديم هذا بثلاث تهم حكايتها لمن يعرفني ويتابعني منذ عقدين من الزمان على المنتديات من قبلُ وعلى مواقع التواصل من بعدُ تُغني عن ردها وملخصها تاليًا:

  1. الثناء على شخصية السنوار من جهة الشجاعة والشراسة.
  2. الثناء على رأس من رؤوس الإخوان أنه وطني.
  3. النشر لبعض الروافض لأنه عربي شريف، أو أنني أجعل العروبة هي ميزان الشرف والمروءة حتى لو كان شيعيًا أو نصرانيًا!

ورابعة مضحكة في الحقيقة وهي أن عنونتي لمقالات الرد على الإخوان والتكفيريين بـعنوان: (كسر الصنم) يشم منه رائحة التكفير! (!)!

هذه مؤاخذات أخينا (شريف) على العبد الفقير مع أنه يعرفني جيدًا ويعرف أنني على طريقة علمائنا ويعرف أنني معهم -قلبًا وقالبًا- وبلا خلاف فيما تكلموا به في الهيئات والأفراد وأنني لا أتحيز لمجروح جرحوه ولا أروج له ولا أثني عليه -معاذ الله- فكيف أُعدل من جرحه العلماء وعلى رأسهم شيخنا وشيخك يا (شريف) فضيلة الشيخ الربيع أطال الله بقاءه بالأدلة والبراهين أو بظهور ظلمه وجوره على السلفيين؟!

وما كنت أحب أن أرد على هذه السفاهات التي يعرف سقوطها كل من عرفني طيلة السنوات الماضية فقد اتخذت من الرد على جماعة الإخوان المفسدين طريقة أتقرب بها إلى الله ففتنة الإخوان المسلمين في بلدنا الأردن هي الفتنة العامة والطامة التي ما تركت بيتًا ولا صغيرًا ولا كبيرًا إلا وأصابته ألسنة لهبها حتى صرنا نواجه القريب والبعيد من أهلنا وإخواننا وأبنائنا وآبائنا وأمهاتنا لما لهذه الجماعة المنحرفة من تغلغل في مجتمعنا لا ينكره إلا جاهل أو معاند، فهل من اتخذ الرد على هؤلاء دينًا يتقرب به إلى الله يُتهم بالثناء عليهم أو تعظيم شأنهم؟

ما كنت ليخطر ببالي يومًا أن يتهمني أحد بهذه التهمة الظالمة الفاجرة، فهذه مقالاتي بالآلاف على المنتديات وعلى مواقع التواصل تطفح بالرد على الجماعة الضالة وعلى رموزها كسيد قطب والقرضاوي وكل من سار على طريقتهم الحزبية بالإضافة إلى الجماعات التكفيرية والعلمانيين والمتصوفة وغيرهم من أهل التحزب وهؤلاء هم من نواجههم في بلدنا أما من كان منتسبًا إلى السلفية ممن انحرف عن طريقتنا ففتنتهم خاصة وعامة الناس لا تتابعها ولا تعرف تفاصيلها لأن العامة يعكفون على القنوات الإخبارية ويتناقلون ما يُطرح فيها وخاصة قنوات الإخوان الخارجية، والفتن التي عصفت في التيار السلفي عامة منذ بزوغ فجر السرورية مرورًا بالمأربيين وجماعة إحياء التراث وسلفية حزب النور ومن معهم والحلبيين ومن نحى نحوهم وآخرها ما صدر من صعفقة للسلفيين تصدى لها علماؤنا وبينوا الحق فيها ونهم معهم فيما بينوه وإذا سؤلنا أجبنا بما نعلم، ويعرف هذا عني إخواننا الصادقون ولكننا نصبر على الناس ونناصحهم وكثيرون لما يتبين لهم الأمور يرجعون إلى الحق بلا ضجيج ولا تسميع ولا تشهير فنحن دعاة إلى الله غايتنا هداية إخواننا وبيان الحق لهم لكي لا ينزلقوا في ظلم أو هوى يرديهم ويهلك حسناتهم، ولكن شياطين الإنس لا يدعون مجالًا لأحد ويريدونها على طريقة: (عنزة ولو طارت)!

وإلى ملاحظات أخينا القديم والتعليق عليها بما يفتح الله به فقد كتبتها منذ أن نشر تقريبًا ولكني لم أنشرها إلا هذه الأيام، مع خجلي والله أن أكتب هذه الكتابة في هذه المسائل التافهة التي لا تدل إلا على سوء طوية قائلها وغيظ قلبه، وبعضها كتبته منذ أكثر من سنة ولم ينصحني -إن كنتُ أخطأت فيها- أخونا (شريف) ولم يعلق ولو بكلمة على الخاص مع أنه مفتوح له بل قام بحظري وقام هو أو بعض الملتصقون بأذياله بتصويرها والاحتفاظ بها لحين تجهيزها وضم بعضها إلى بعض ليرمي بها إخوانه ممن أخذ يسميهم (جماعة الأردن الجديدة)! مما يدل على تبييته للقدح قبل النصح وللإسقاط قبل السؤال والتثبت والنظر، فما لنا من حيلة بهؤلاء فإن الهوى يُعمي ويُصم، والله الموفق!


( المسألة الأولى )

الثناء على شخصية السنوار من جهة الشجاعة والشراسة

لمّا فتَّش أخونا (شريف) عن زلات لأخيه على عادته -التي تكاد تُهلكه أو أهلكته- لم يجد ما يقدح في شخصي ولا في منهجي =الذي يعرفني به طلبة العلم منذ خمس وعشرين سنة أو يزيد =إلا بتدليسات شنيعة قد يُقال إنها لا تُستغرب ممن اعترف على نفسه بالكذب وانتحال الشخصيات وعمل الحسابات التي يُثني فيها ومنها على نفسه!! فأشار -غفر الله لنا وله- إلى مقالٍ لي كتبته عند خبر قتل السنوار وقرر -في قرارة نفسه- أن فيه الثناء على شخص قائد ميليشيا حماس في غزة وحتى تتضح الصورة كاملة للقراء ممن قد لا يتمكن من التثبت من كل اتهامات أخينا (شريف) أنقل المقال بنصِّه وفَصِّه ليتأمله القراء وهو ما زال -إلى الساعة- منشورًا في صفحتي على (الفيسبوك)! وقد قلتُ فيه:

17 أكتوبر 2024 · 

أنا شخصيًا -وبعيدًا عن منهج وحزبية ومواقف- تعجبني شخصية الـسـنوار الصلبة والعنيفة، وأنه متحدٍ شرس للصـهـاينة فهو وإن اختلفنا معه ووصفنا بعض كلماته ومواقفه بالمخزية والجرداء عن الولاء والبراء، فإننا لا نطعن في شجاعته ولا في إقدامه- كما يظهر العاطفيين- فالرجل تحت النار منذ بداية هذه المحرقة فهذه صفات يعطيها الله من يشاء من عباده مسلمهم وكافرهم؛ لكن ومنذ بداية هذه الأحداث ونحن ننتقد نتائج هذه الأفعال وهذه المغامرات وتلك التصريحات والذرائع تلو الذرائع التي يقدمها القادة والأبواق على حد سواء! 
إن التكلفة باهظة جدًا ومميتة جدًا ومدمرة جدًا وهو ما يتنافى مع السنن الشرعية والحكمة الحربية فماذا خسرنا بسبب هؤلاء وماذا ربحنا؟
إن الخسائر عظيمة جدًا على صعيد الأرواح والأموال والعقائد، والخاسر الأكبر هو أهل الإسلام فقد خسروا أرواح أبنائهم وخسروا عقائد كثير منهم ممن كفر بكل ما هو إسلاميّ بسبب الخطاب التخويني لمن خالفهم أو الخطاب العاطفي الخيالي والتضخيمي لقوة هذه الفصائل مع أنّ الأصل في مثل هذه الأحداث أن توزن بميزان الشرع وأن يقوم الفاعلون لهذه الأعمال بإعادة النظر في النتائج الأولية لهذه الأفعال فما الذي جعلهم يستمرون في هذا الفعل المبيد للحجر والشجر والبشر؟!
على الناس أن تعلم أننا انتقدنا منذ البداية آثار هذه المغامرات وانفلات البعض في تزيينها وجعلها قدرًا محتومًا ليس لنا فيه خيار ثان، أو ليس هناك تُجاه أصحابه إلا أن تكون معهم وإلا فأنت في صف العدو الكافر!
وهذه النتائج تحكي عن نفسها من غير تزويق ولا خديعة خسرت هذه الفصائل قادتها وخسرت شعبها وبلدها وأموالها وطاقاتها التي تحتاجها الأمة ولكن في إطارها السليم الخالي عن التوجيه الخارجي وعن المكاسب الضيقة. بصر الله المسلمين بحقيقة دينهم وأزال عن عيونهم غشاوة العواطف التي أهلكت الكثيرين، وألهمهم رشدهم إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله المستعان!

قال أبو موسى:
فأين الإشكال يا عباد الله في ذكر شجاعة الرجل وشراسته مع بيان حاله في المقال المُشار إليه وفي عشرات المقالات التي كنت أصفه فيها بـ (مجنون غزة) و(معتوه حماس) وغيرها من الأوصاف الشنيعة، وكانت مناسبة كتابة المقال بهذه الصورة أن بعض أهل دعوتنا قد كاد أن يُفتن لما رأى منع ترحم الناس على السنوار والهجوم الذي شنه الإخوان ووصفوا فيه السلفيين بأنهم صهاينة وتكفيريون فانتشر كلامهم كالنار في الهشيم وطاشت عقول العوام ممن هم محل دعوتنا بسبب الدعاية الإخوانية الشرسة فكتبت ما كتبت تقريبًا لقلوب هؤلاء مع كونهم يرون أنني لا أرحم أذرع إيران كلها حماس وغيرها وقياداتهم فكان لهذا أثر خير عليهم فترك المقصود بالمنشور الطعن في السلفيين وأصبح يرى الصهاينة والحمساويين وجهان لعملة واحدة وقد علق بذلك عندي بعد أن كان لا يعجبه نقدي! فأنا ذكرت شجاعة الرجل وإقدامه وهو أمر طبعي لا علاقة له بانحراف المنهج ولا ضلال المتَّصف بهذه الأوصاف، وفي حقيقة الأمر لو أن قارئًا قرأ انتقاد (شريف) مع ما يراه من منشورات لا يتمكن (شريف) ولا زمرته من قراءتها لمدة سنة لبال في سراويله من الضحك، أفيكون من سخَّر قلمه وفكره وحياته للرد على الإخوان المفلسين ورؤوسهم ومن ارتبط بهم أو تأثر بمنهجهم متهمًا بمدح رؤوس الإخوان.. سبحانك هذا بهتان عظيم!
فلم يا أخي الكريم -أصلح الله حالنا وحالك- تجعل من نفسك أضحوكة الزمان؟!
ولعل حقدك قد أعماك عن أسلوب من أساليب اللغة المعروفة -وأنت اللغوي النحرير!- ألا وهو (المدح في معرض الذم) ولا أدري ماذا تقول في قول ربنا تبارك وتعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}؟! هل هو مدح لرأس من رؤوس المشركين؟!
قال الإمام الطبري في تفسيره هذا الموضع:
"فإن قال قائل: وكيف قيل وهو يهان بالعذاب الذي ذكره الله, ويذلّ بالعتل إلى سواء الجحيم: إنك أنت العزيز الكريم؟ 
قيل: إن قوله: ( إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) غير وصف من قائل ذلك له بالعزّة والكرم، ولكنه تقريع منه له بما كان يصف به نفسه في الدنيا، وتوبيخ له بذلك على وجه الحكاية، لأنه كان في الدنيا يقول: إنك أنت العزيز الكريم، فقيل له في الآخرة، إذ عذّب بما عُذّب به في النار: ذُق هذا الهوان اليوم، فإنك كنت تزعم إنك أنت العزيز الكريم، وإنك أنت الذليل المهين، فأين الذي كنت تقول وتدّعي من العزّ والكرم، هلا تمتنع من العذاب بعزّتك" اهـ. [انظر: تفسير الطبري].
فهل حكايتي لشجاعته وإقدامه مدح لمنهجه مع أنني ذكرت آثار أفعاله وحزبه وبينت ضلالهم وفقدانهم لمبدأ الولاء والبراء بثنائهم على الروافض وجعلهم شهداء القدس في مئات المقالات الموجودة في صفحتي وهنا على مدونتي؟!
ثم هب أن الثناء على السنوار منقصة تقدح في منهجي على حسب شطحاتك المنهجية فهل تتفق معي أنه ثناء على مسلم؟ 
فإن قلت نعم ولا بُد؛ فهل الثناء على مسلم مبتدع أشد أم الثناء على يهودي كافر ووصفه بأنه (نشمي) وهي كلمة تعني الشجاعة والرجولة والنخوة وقد اختصت بأهل الأردن من بادية الشام وإن كان هناك من يستعملها على القلة كما وثفت مارك صاحب الفيسبوك اليهودي، ولا أدري هل أسلم مارك أم أنك ستجد له في علم الأنساب علائق ببادية الشام؟! 
فهل ترضى أن أكتب فيك عشرين مقالًا أذمك فيها لأنك مدحت يهوديًا كافرًا وكنت فرحًا ومسرورًا بأن (عشيرة الترابين) الكريمة الأصل والمنبت ذات حظوة=(واصلة) عند مارك اليهودي، فأكتب كما تكتب أنت -بلا خوف من الله ولا وجل- أنك تثني على الكفار وأنك تعترف بأن عشيرتك -وحاشاهم أصلًا وفرعًا- متواطئون مع اليهود الذين يقتلون أهل غزة؟! ثم أبدأ بتزويق الكلام وأطعن فيما هو معلوم أنه من باب الدعابة مع الإخوان أو من جنس الحديث الذي فيه تبسط لا يراد ظاهر ما يتبادر إلى الذهن من معناه؟ فهل الثناء على شجاعة السنوار -المسلم- كالثناء على نشمية مارك -الكافر-؟!
فاتق الله يا أخي وأخلص عملك فما كل كلمة مطعن ولا كل ثناء انحراف ومراعاة حال العوام عند الدعوة أو التحذير من أهل الأهواء له أحوال وله تقديرات يراعي فيها الإنسان أهل دعوته بالمصلحة والمفسدة وبما يُصلحهم أو يدلهم على الخطأ والانحراف.


( المسألة الثانية )

الثناء على رأس من رؤوس الإخوان أنه وطني

وهذه إحدى فريات أخينا (شريف) المُنبية عن إضمار السوء والشر لإخوانه فهذه النقطة تُضَم إلى سابقتها ولكن لأن صاحب الهوى يبحث عن تكثير الزلات وإشاعة العثرات فإنه يبدل الكلام ويزيد ويعيد ويزوّْقُ العناوين ليُشعر القارئ أن الأمر جد خطير وأن الانحراف كبير، وأصل هذه المؤاخذة الثانية أنني نشرت مقطعًا لأحد نواب الإخوان في البرلمان أريد أن أرد بها على بعض الإخوان المسلمين ممن يسكن في الحي الذي أسكن فيه ويُتابع منشوراتي عن كثب، وقد حصل المراد من المنشور وبعدها حذفته، وما كنت أعلم أن أحدهم يتربص بنا الدوائر للأسف، وحتى يعلم القراء أصل المنشور (المحذوف) فهو أن هذا النائب كان (يُثني على ولي أمرنا -حفظه الله وأعز مُلكه- بأنه يكفل ويُنفق على مئات الأسر العفيفة والأيتام) وتكلم الرجل بكلام أظهر فيه مكانة الملك المفدى فأردت أن ألقم الإخوان المتابعين لصفحتي والساكنين في منطقتي بهذا الثناء من كبير لهم لأخزيهم وأظهر نفاقهم وكذبهم، وهي غاية شريفة يا (شريف) وطريقة معتبرة في إلزام الخصوم، وليس فيها ثناء بمعنى التزكية، والرجل معروف عنه أنه رغم عدائه للدولة إلا أنه لا يحمله ذلك على أن يفتري على ولي أمرها أو أن يتسبب في تخريب وطنه بخلاف الآخرين ممن هم معه في حزبه، فيقول في هذا الباب بالحق وهو ما أثنينا عليه وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إبليس: "صدقك وهو كذوب"، فهلَّا تتقِ الله وترعوي؟!

وأنت لك تغريدة أثنيت فيها على الشيخ فواز بأنه ينشر فضائل بلده وولاة أمره، فهلَّا بينت أن أصل المنشور ومقصده نشر وإظهار فضائل ولي أمرنا -سلمه الله- التي اعترف بها الأعداء، أم أنك متصيد مدلس أفاق يا .. (شريف)؟!


( المسألة الثالثة )

جعل العروبة هي ميزان الشرف والمروءة حتى لو كان شيعيًا أو نصرانيًا!

كنا قد ابتلينا بحرب الإخوان والحزبيين لنا في نازلة غزة، وقد رمونا عن قوس واحدة ووصفونا بالصهينة وكفرونا وفسقونا؛ لأننا وقفنا بكل ما نملك من قوة وفهم للواقع وللسياسة الشرعية ضد مشروعهم الطائفي المرتبط بإيران الشر والذي يبتغون به تدمير بلادنا وزعزعة أمنها ليجعلوها لقمة سائغة لليهود كما فعلوا في العراق ولبنان وسوريا واليمن وغيرها، وكنا قد أسندنا ظهورنا إلى جدار المنهج السلفي الحق وأخذنا نُعد العُدة للبيان لعامة الناس ممن غررت بهم كلمات الناطقين باسم محور الشر وأطاشت عقولهم قنوات الإخوان وتدليساتها فكنا مطمئنين أننا -في معركتنا هذه التي ندافع فيها عن ديننا وعقيدتنا ومنهجنا وأوطاننا- لن نُكلم بشيء يفت في عضدنا ويصرفنا عن هدفنا فإذا ببعض من أعمى الهوى قلبه يترصد ويجهز كنانته وينبل نباله ويرمينا في ظهورنا بكل سهم من كنانته مغموسٍ بالكذب والتهويل والتشنيع، فإنا لله!

وكان من طريقتي في حرب هذه الأحزاب وهذه الانحرافات أنني أحيانًا -نادرة- أنقل مقطعًا لبعض المنتمين للشيعة أو لحزبيين من باب الإلزام لبعض المتابعين المشغبين كما ذكرت في الفقرة الثانية آنفًا وأذكر أن العربي الأصيل لا يخون ملته حتى ولو كان نصرانيًا أو شيعيًا وهذا حق فقد وقف في محن كثيرة مع ملوكنا بعض النصارى وكان انتماؤهم للعروبة هو الدافع لهم وفعل ذلك غيرهم سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك بينما نجد من المسلمين ممن يرفع شعار الدين والسنة من جماعة الإرهاب الإخوانية يتجه قلبه وثناؤه وتعظيمه نحو الرافضة المجوس في حين يطعن في العرب حكامًا ومحكومين! والناس مفتونة بحزب الله وبحماس وغيرها من الفصائل المرتبطة بإيران الشر ويشوش على عقولها وفطرها المقاطع التي تُنشر هُنا وهناك من تصوير هذه المحرقة على أنها معركة متكافئة الأطراف ولأن بعض الناس من العوام خاصة ينبهه بعض المواقف من هنا وهناك وبعضهم يعتز بعروبته وقوميته كان نشر مقاطع ليس فيها ما يقدح في الدين بل فيها ما يوقظ الشعور في قلوب المتلقين وتُحذف بعد أن يحصل منها الغرض، وقد آتت أكلها عند كثير ممن أعرفه وقد كانوا يُثنون على خميني لبنان الهالك اللا حسن فصار عندهم مذمومًا ظاهر المكر والخبث، وأنا ولله الحمد لي آلاف -نعم آلاف- المقالات والتغريدات التي أبين فيها حال هؤلاء بما يجعل منشورًا كُتب لفترة وحذف بعد حصول الغاية لا قيمة له ولا وزن اللهم إلا عند مَن يتصيد ويصنف في ملف خاص للهجوم على إخوانه من ظهورهم، وربنا تبارك وتعالى يقول: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} !!

***

هذا جوابي على الملاحظات التي ذكرها أخونا القديم -هداه الله وأصلح باله- وأما الرابعة التي شعر (كذا!) أن فيها رائحة التكفير وهي زَبْرِي لمقالاتي في الرد على الإخوان بعنوان (كسر الصنم) فيكفيني أن أحيلك على موضوعات رد شيخنا ربيع -أطال الله بقاءه- في أحد كتبه على سيد قطب المصري وقد كان يسميه أقنوم التكفير لتنظر هل هذه العناوين يُشمُّ منه رائحة التكفير كما زعمت في عنوان كتبته للرد على الإخوان والحزبيين مع كون عنواني عام وعناوين شيخنا مخصوصة وظاهرها التعيين؟! فإليكها لعلك تفهم وتترك بُنيات الطريق؛ فإن إطلاق العبارات لا يعني التكفير فقد استعمل العلماء ألفاظًا أشد من لفظي وبعضهم ممن رد على الروافض اختار نفس العنوان لرده وما عرفت أحدًا من أهل العلم أنكر العنوان، وربنا سمى الهوى إلهًا فقال: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ}.. وهذا أسلوب معروف في التأليف والكتابة وخاصة في الرد على أهل الضلال فهل يوجد في عقلك صنم يجب كسره وتدميره كصنم الحزبية التي استفحل أمرها وأضل أربابها البلاد والعباد؟!

وختامًا:
فإننا لم نر لك/لكم أي نشاط في بيان منهج الإخوان المفسدين في بلادنا وهي أكبر فتنة في بلادنا الأردنية اليوم وضررها وخطرها كبير وعظيم على أمن واستقرار البلاد ودين العباد وقد وضعوا بلادنا في أكثر من موقف في قلب العاصفة ولكن الله سلم بفضله ومنِّه ثم بفضل طلاب العلم ممن واجه هذا الطوفان الجارف للإخوان المفسدين وأحلافهم من اليساريين، وبينما نحن نواجه ونتلقى الضربات لم نكن نراك معنا في الصف ولا وجدنا لك نشاطًا في ذلك بل جُل نشاطك أنت ومن التصق بك تتبع إخوانكم وتجهيز المنشورات ونقل الكلام من هنا وهناك واستجلاب التحذيرات كطريقة أهل الأهواء والتحزب (قص ولصق وتلفيق وتحريف وتغطية على تواريخ المنشورات... إلخ) ولكن الله خيَّب سعيكم وظهرتم -وللأسف- في مظهر المتصيد لإخوانه والظالم لهم فيا لبؤسكم! 
و(شريف) يعلم أنني مع علمائنا في كلامهم في الهيئات والأفراد أيًّا كانوا وأننا نقول بقولهم لا عن تقليد وتبعية ولكن عن معرفة بالأدلة والحجج فقد تعلمنا من شيوخنا التثبت وعدم قول شيء إلا ببينة حتى لا تُؤتى دعوتنا السلفية من قِبلنا، فنقف مع مشايخنا في كل مسألة بدليلها ونثق بصدقهم ونصحهم وإخلاصهم فما عرفنا عنهم طريقتكم ولا أسلوبكم الذي فيه التصيد والتجني، مع كوني أخذت جانبًا تخصصت فيه وصرفت وقتي وعمري في القراءة والدرس له لأواجه الجماعة المارقة الإخوان المفسدين وجماعة التكفير، ومن نظر في كتاباتي علم ذلك فليس من شرط السلفي أن يكتب رأيه في كل مسألة تقع على الساحة خصوصًا وأن غالبية المسائل المنهجية على الساحة ليس لها وجود في بلدنا الأردن اللهم إلا فتنة الحلبيين ومن لف لفهم وهناك من الإخوة من يرد ويبين فكل أحد منا على ثغر يقف عليه ويدفع من جهته بما علم وعرف فلمَ جعلتَ ثغرك الذي تقف عليه هو إخوانك السلفيين؟!!
وإنني كنت -وحتى وقت قريب- أتواصل معك ولعل آخر ذلك -قبل أن تحظر حسابي وتقطع التواصل فجأة- لما عزيتك بوالدتك رحمها الله وغفر لها وكنت أنت البادي بالقطيعة (المريبة) فأنت تختفي فجأة وتُلغي الصداقة فجأة ويبدو لي أن وراء الأكمة ما وراءها والله وحده العالم بما تخفي الصدور!
وحتى لما وقع منك ما وقع من الكذب واعترافك على نفسك وانتحالك لشخصية وهمية كنتُ قد أسررت لبعض الإخوة أنني في غاية الضيق وأشعر بالذل لأجلك بسبب هذا الاعتراف وقلت في نفسي ليته لم يعترف وليته حذف الحساب الوهمي وسكت لكانت الأمور أهون من اعترافه على نفسه بالكذب، ولكن الله قدر غير ذلك فإنا لله!
وأنت تعلم أنه لم يستغلَّ أحد من إخوانك في الأردن هذه المسألة للقدح فيك أو التشفي كما فعل خصومك، وكنتُ -يعلمُ اللهُ- إن سألني عنك سائل -حتى بعد انكشاف أمرك- أثني عليك وأقول أخونا فلان سلفي وله جهود ودعوة وكنت أسأل عن أحوالك أخانا (خيرالدين) ولم ألمح له عن الموضوع ولا بحرف فاسأله إن أحببت فإنه لم يقطعني وكان بيننا تواصل بالهاتف أو الرسائل يسألني وأناقشه في مسائل يطرحها، فلو تتجرد يا أخي الكريم من هذه الأمور التي تعيبنا قبل أن تعيبك، وتضايقنا قبل أن تضايقك، وأظهر حسن النية لإخوانك واترك عنك أسلوبك هذا كلما رأيت أن أحد إخوانك أصبحت له دعوته وبدأ يسير فيها أخذت تجمع له الزلات وتظهر له العثرات وتشقشق وتبسط لسانك في عرضه وتظهر نفسك في صورة الناصح المشفق!
وأنا كتبت هذه المقالة هنا ولم أنشرها على الفيسبوك لأن من عندي ممن يتابعني جلهم عوام ومن أقاربي لا يعرفون مثل هذه المسائل ولا تنفعهم بل نشرها والأخذ والرد فيها يشوش على دعوتي لهم وتحذيرهم من أهل الأهواء والتحزب في بلدنا خاصة وهي معركتنا الكبرى التي وددت أنك كنت فيها أحد المحاربين الأشاوس في حامي وطيسها، وإن كنتَ بدأتَ متأخرًا جدًا عن ركب المحاربين للإخوان بعض المنشورات التي لا تروي الغليل ولا تشفي العليل فهلمَّ أبا تركي والحق بإخوانك وبيِّن حال أكبر طائفة في بلادنا أضلت أهلنا وناسنا عن سواء السبيل حتى أضحى الكثيرون ممن نحب يحملون فكر الخوارج والإخوان، والله المستعان!
رفع الله عن دعوتنا السلفية ما ألم بها من الفتن والفرقة والتشرذم وجمع كلمتنا على الحق والدين وختم لنا بالصالحات أعمالنا وجعلنا من عباده المهتدين، وحفظ بلادنا من كيد الخوارج المارقين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
آمين آمين
وكتب متواصيًا بالحق ومتواصيًا بالصبر
ليلة 13 من شهر شوال سنة 1446 للهجرة
أحمد بن عياش أبو موسى الغرايبة
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولإخوانه