(تمييع وضياع .. ثم سفاهة)
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه الذي اصطفى..
أما بعد:
فقد أظهرت الأحداث الأخيرة الكثير من (المميعة السفهاء) ممن هُجيِّراه (الدفاع عن أهل البدع والأهواء) باسم الإنصاف والعدل والعلم -إي والله والعلم-!!
خرج علينا (خرافي) (حزبي) (مارق) يطعن في رسول الله ﷺ ويقول إنه مات ولم يبين للأمة كيف (تختار وتعزل وتحاسب) (كذا!) حُكامها وجعل هذا الفعل المزعوم منه ﷺ (نكبة) نُكبت الأمة بها، وهو كلام موضوع في سياقه لم يُبتر ولم يُحرَّف عن مضمونه فهو إذن خطاب عربي وبكلمات عربية فصيحة يفهمها العرب والناطقون بالعربية بكل سهولة ويفهمون منها ما لا يمكن أن يُفهم سواه ألا وهو (الطعن في جناب الرسول ﷺ واتهامه بعدم أو بالتقصير في أداء الرسالة وأنه وقع في ما لا يجوز له أن يقع فيه ألا وهو تأخير البيان عن وقت الحاجة)!
فلما سمع المُخلصون الصادقون من أهل العلم والفضل ومن طلبة العلم الذين لم تتلوث أفكارهم بأهواء الأحزاب المُضلة؛ أنكروه أشد الإنكار ورفضوه وحذروا من استمراء أو تهوين هكذا خطاب يُؤسس لهدم الشريعة ويفتح باب الطعن في الرسول ﷺ ومن ثم الطعن على خلفائه ومن جاء بعدهم في مسألة هي اليوم الفيصل بين أهل السنة=(السلفيين) وبين أهل التحزب=(الخلفيين) ممن يطوِّع نصوص الكتاب والسنة ليقنع الناس بأن الإسلام دين الفوضى والخروج على كل من (قيل) إنه لا يصلح لحكم الناس!
وقد قال بعض الصحابة لعثمان بن عفان -رضي الله عنه وأرضاه ولعن شانئه- لما همَّ أن يتنازل بالإمارة للخوارج: (يا أمير المؤمنين إنني لا أرى لك أن تخلع قميصًا قمصكه الله فتصير بعدك سنة كلما لم يُعجب قومًا أميرهم خلعوه)!
فهذه البصيرة الثاقبة من هذا الصحابي الناصح لأميره هي ذاتها نصيحة السلفيين ومنذ عقود للأمة حكامًا ومحكومين لسد ذريعة الفوضى والقتل والدمار الذي يريد أن يجعله (حزب الإخوان المسلمين) والمدافعون عنهم سُنة واجبة ودينًا يُدان الله به!
إن (ولد الددو الموريتاني)=(المارق) خرافي من الطراز الأول وليست هذه أولى ضلالاته لكنها (أخطرها) و(أشنعها) و(أشدها ضلالًا وانحرافًا)، فقد بدر من الرجل بوادر يعرفها طلبة العلم من قديم ولا يريد أن يراها أو يقتنع (أهل التمييع.. ثم السفاهة) بها ولا يريدون أن يتركوا طلاب العلم ليبينوا للناس خطرها، فالرجل يدعي علم الغيب على عادة الصوفية الغالية وهذا موجود بصوته وصورته ويتبرك ببزاق شيوخه ويتخبط في الأسماء والصفات وسائر العقائد السلفية ويأتي بالموضوعات ويبثها في إطار تزهده وتخشعه وبكائه ليصطاد السذج والمغفلين، إلى غير ذلك من تقريرات تصب كلها في صالح الحزب الإخواني الشيطاني الذي ذاق المسلمون الويلات بسببه، فالرجل منظر للثورات! وداع للخروج على الولاة! يلوي أعناق النصوص ويسوق الإجماعات الكاذبات على ضلاله العريض.
وفي كل مرة يسقط في السراج الفراش والذباب ممن جعل نفسه (محاميًا عن أهل البدع) متناسيًا أن السلفيين الذين يلمزونهم بـ(ـالمدخلية) إنما يبينون الأهواء بالدليل والبرهان لا بالظنون والأوهام، وكل أحد ردوا عليه إنما جاؤوا بما قاله بخطه أو بصوته وكل كلمة موثقة -ولله الحمد- فلسنا أحل هوى ولا طُلاب جاه ولا أهل حيف ولا سفه، فهاتوا لنا رجلًا تكلم فيه سلفي مخلص صادق=(ليس دسيسة) بغير برهان لنطرحه تحت أقدامنا غير آبهين به!
اليوم وبعد تجرؤ (ولد الددو) المارق الخرافي على جناب الله ورسوله ﷺ لم يستطع أفراخ سيد قطب المصري والسائرون على منهجه من أهل التمييع ثم السفه أن يكتموا حنقهم على السلفيين فهبوا -كعادتهم- وبسفاهة شديدة يلمزون الشيخ ربيعًا المدخلي -قدس الله روحه- ولعمري ما شأنه في هذه المسألة التي جاءت بعد موته؟!!
أمسك أهل التمييع ثم السفه العصا من المنتصف ووصفوا المارق الددو بأنه من أهل العلم!
وبأنه أخطأ!!
وبأنه لم يقصد ولم يرد كذا وكذا !!
وجعلوا من أنفسهم محامين عنه مع أنه تواقح ولم يعترف بتخطئتهم هذه وألقاها خلف ظهره وزعم أن ما قاله من النكبات أمر مُجمع عليه فكان كمن صك وجوه القوم بعد أن تعنوا الدفاع عنه والاعتذار له.
فهل اكتفى أهل التمييع ثم السفه برد خطأ الرجل الذي هو -بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع- كفر بالله وبرسوله ﷺ على الحقيقة وليس مجرد خطأ عابر أو زلة لسان من عالم؟
كلا! لم يكتفوا وغاظهم=(غيظ المرأة لجارتها) أن يهُب السلفييون ليدافعوا عن رسولهم ﷺ وأن يبينوا ضلال المتكلم وأنه يؤسس لمذهب خطير مآله هدم الدين وتقويض أركانه بعد التمهيد لعقود لهذا الأمر..
فأصل السمع والطاعة يُراد هدمه..
وأصل الاجتماع على ولاة الأمور ومناصحتهم بالطرق الشرعية يرارد هدمه..
وأصل الجهاد وفقهه وما يُشترط له من القدرة والإعداد يراد هدمه..
لتخلوا الساحة للحزب الضال ليتمكن أعداء الأمة من الولوج إليها واستحلال بيضتها كما فعلت حماس الإخوانية المارقة -والتي تبرعوا كذلك بتبرير أفعالها ظلمًا وعدوانًا على السلفيين- بأهل غزة العزل والواقع أكبر شاهد وخير دليل!
فوصف البعض -ممن لم يكتف بالميوعة في العقيدة والمنهج بل زاد عليها السفه في القول والرد- بأن الانتقادات التي حصلت من السلفيين=(المداخلة) ما هي إلا زوبعة! والأمر لا يحتاج كل هذا التعصب والتشنج والعنف في الرد ما هو إلا دليل اتباع الهوى والحقد القديم وإلا أي شيء يستدعي أن تحمر الأنوف وتنتفخ الأوداج له بعد عرض النبي ﷺ !
وإنني لا أستغرب أن يصدر هذا من هؤلاء فمن هوَّن من انتقاص سيد قطب من نبي الله موسى ﷺ ومن أصحاب النبي ﷺ وعلى رأسهم عثمان بن عفان فكيف له أن يستعظم وصف النبي ﷺ بالتقصير في تبليغ الدين ونصيحة الأمة وأنَّا له أن يغضب فكيف لمن تربى على الهوان أن يكون عزيزًا؟
أتظن أن الضلال يأتي دفعة واحدة يا عبدالله؟!
قال البربهاري: إن البدع تكون صغارًا ثم تعود كبارًا!
ونحن -ولله الفضل والمنة- لا نحيف على أحد ولا نتجرأ في إسقاط من ليس بساقط وإنما هو الدين والنصيحة للمسلمين، وأما دعوى فظاظة الأسلوب والشدة المفرطة وتنفير الناس فإنني ومنذ عقود لم أر أحدًا نفر من النصيحة وتباكى على الشدة إلا أحد شخصين:
- حزبي منحرف أوجعته سياط الحق وبيان الصدق.
- مميع لا يعجبه الشدة في الحق ويريد أن يسوي بين الشحمة والفحمة.
وإلا فإن أهل النظر والحق ينظرون في الأدلة وفي حقيقة النقد فإن كان الحق لائحًا بدليله قبلوه واعتنقوه وشكروا لمبينه ولم يعادوه، وشنعوا على المبطل ولم يوالوه، وإن كانت الدلائل غير واضحة المعالم طرحوه ونبذوه وبينوا الحق من الباطل فيه وأخذوا على يد من افترى وظلم، فأنصفوا الناقد والمنقود!
ولما كان العداء بين الحق والباطل قديمًا قدم الدنيا كان لا بد من حصول الاختلاف وظهور عداوة المبطلين لأهل الحق ولو بعد حين.
قال الله تعالى:
﴿وَكَذلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يوحي بَعضُهُم إِلى بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرورًا وَلَو شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلوهُ فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ﴾ [الأنعام: 112].
وقال تعالى:
﴿وَكَذلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ المُجرِمينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِيًا وَنَصيرًا﴾ [الفرقان: 31].
فكفى بربك هاديًا ونصيرًا، كفى بربك هاديًا ونصيرًا.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وكتب لست مضين من شهر ربيع الآخر لسنة سبع وأربعين
✍️ أبو موسى أحمد الغرايبة
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين.