بسم الله الرحمن الرحيم
مناقشة هادئة لاتفاق
نقابة المعلمين مع الحكومة لإنهاء الإضراب الذي استمر مدة شهر من الزمان في بداية
العام الدراسي 2019م.
الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله معلم الناس الخير وعلى آله وصحبه والتابعين أجمعين،،
أما بعد:
فأقول بادئ ذي بدءٍ إن
قطاع التعليم ومستخدميه يعانون معاناة شديدة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء
الأسعار وتآكل الرواتب، وهذه الحقيقة مما تعترف به الحكومة ابتداءً ولكنها تناقش
كيفية العلاج لهذه المشكلة وقد تتفق الآراء معها أو تختلف بحسب الزاوية التي ينظر
منها الناقد، وبرغم مُعاناة المعلمين هذه وتحملهم ظروف الحياة الصعبة لم يكن يدور
في خلدهم الاتجاه نحو الإضراب عن التعليم مدة شهر كما جرى، وإنما كانوا ينتظرون من
نقابتهم حلولًا مهنية تخفف عنهم بعض أعباء هذه الأوضاع إلا أن الإعلان تم ودوَّى
صداه في الأرجاء بالإضراب المفتوح عن التعليم والتوقف التام للقطاع التعليمي في
المملكة حيث بقي مليونا طالب من جميع الفئات جالسين في بيوتهم ينتظرون انتهاء هذا
الظرف المفاجئ..
كانت المطالب التي
تم الإعلان عنها من بداية الإضراب متعلقة بمسألتين اثنتين: (علاوة الخمسين بالمئة،
واعتذار الحكومة للمعلمين) ولم يكن أي معلم في الميدان يعرف شيئًا عن مطالب أخرى
إلا مسألة رفض المسار المهني الذي اقترحته الحكومة لإعطاء العلاوات لمستحقيها ولمن
يحقق الشروط التربوية ويتقدم في أدائه..
إلى هُنا وحتى آخر
ليلة من الإضراب لم يكن يعلم المعلمون في الميدان عن أي نوع من المطالبات ولا يقوم
مجلس النقابة بالتصريح حول أي منها وقد تعالت أصواتٌ بأن علاوة الخمسين بالمئة
دونها الرقاب والأرواح فما الذي جرى يا ترى؟
كان من الواجب على
النقابة ممثلة بمجلسها أن تطرح مطالبها التي ستعرضها على الحكومة على ميدان
المعلمين ليعلموا على أقل تقدير ما تفاوض النقابة بشأنه لا أن يكون الأمر سرًا لا
يدري عنه أي أحد حتى أعضاء الفروع ولقد سألت الكثير من الزملاء المعلمين وبعض
الأعضاء في النقابة عن المطالب وماهيتها فلم أجد عند أحد منهم جوابًا للأسف!
إذن كان تركيز
المجلس قائمًا على المطلبين المذكورين سابقًا: العلاوة والاعتذار، ومع استمرار
اجتماع مجلس النقابة بالاجتماع مع ممثلي الحكومة حول الاتفاق لإنهاء الإضراب وحصول
المعلمين على مطالبهم، خرج البيان الختامي ليعلن (انتصار الوطن!) والاتفاق على ستة
عشر بندًا ليس فيها أي ذكر لعلاوة الخمسين بالمئة التي كانت ستبذل في سبيلها
الأرواح! فصُعق من صُعق ورفض من رفض وهلل وصفَّق الكثيرون فهل يا تُرى كانت
المطالب التي تعهدت الحكومة بتلبيتها فيها مصلحة للمعلمين بحيث يُقال إنها مكاسب
عظيمة كما يصورها مؤيدو المجلس؟!
لعلي هنا أناقش هذه
البنود بندًا بندًا وأنظر إليها من زاويتي الخاصة كمعلم أولًا معني ومشمول
بالانتفاع من النقابة وبما تناور في سبيل الحصول عليه، علمًا أنني ضد الإضراب
قولًا واحدًا ولا أرتضيه تحت أي ظرف كان، ويُعرف هذا عني منذ الإضراب الأول قبل
سنوات بلغت العشر إبان إعادة هيكلة الرواتب في العام 2012 م.
وأمر آخر قبل البدء
بعرض بنود الاتفاق يجب بيانه، وهو أنني كمعلم لست ضد المطالبة بالحقوق فأنا كغيري
من المعلمين أعاني من الضائقة المالية وأحاول بشتى الوسائل توفير الحياة الكريمة
لأهلي وأولادي، ولكنني عند تضارب المصالح والحاجة إلى ترجيحها لا أغلب مصلحتي
الشخصية على المصلحة العامة فأنا أؤمن بأن الرازق هو الله جل جلاله، يرزقني كما
يرزق الحكومة، وأن كوني صاحب حق في مسألة معينة كعلاوة أو تحسين وضع لا يُعطيني
الحق في أن أسلب الآخرين حقوقهم، فإن كان هناك خصومة فبين المعلمين وبين الحكومة
وهي الجهة التي تعطيهم الرواتب ويعملون ضمن ملاكاتها، فحفظ حقوق الآخرين مانع لأي
فعل من شأنه تضييع هذه الحقوق الواجبة!
وعودًا على بنود الاتفاق المذكور -وقد وضعت أمام
كل بند الحالة الفعلية له من حيث تحققه وعدمه أو تحققه جزئيًا ونحو ذلك-، فقد جاء
فيه:
"تتعهد الحكومة
بتنفيذ وتحقيق ما يلي بالتعاون مع نقابة المعلمين":
البند الأول (تحت
النقاش):
"العمل على
تعديل نظام صندوق ضمان التربية بالتوافق مع النقابة، بالإضافة الى مشاركة النقابة
في إدارة الصندوق من خلال أعضاء تسميهم حسب النظام المعدل للصندوق، وإيجاد آلية
منتظمة لمنح قروض ميسرة للتعليم والسكن من مختلف الفئات وأن تسمي النقابة أعضاء
النصف زائد واحد".
مناقشة هذا البند:
بالنظر إلى حقيقة
هذا البند فإن فيه شقًّا متعلقًا قانونيًا يحتاج إلى قنوات مؤسسية لتعديله وإدراج
التعريف الجديد للجهة المشرفة على الصندوق وصلاحياتها المنوطة بها، وهذا مما يحتاج
وقتًا وتشريعات ناظمة خاصة بهذا الخصوص، وهو مما يمكن لقائل أن يقول أن الحكومة
تماطل في تحقيقه، ولقائل آخر أن يقول لا مماطلة وإنما الإجراءات القانونية تستوعب
هذا الوقت وزيادة خصوصًا وأن المؤسسات قد توقفت بسبب جائحة كورونا مدة طويلة.
أما الشق الآخر وهو
منح القروض الميسرة للتعليم والسكن من خلال مُدخرات الصندوق التي هي في الأساس
أموال المعلمين ومُقتطعة من رواتبهم قبل أن يقبضوها، فهل كان المعلمون قبل هذه
الاتفاقية يحصلون على هذه القروض أم لا؟
والجواب نعم فقانون
صندوق ضمان التربية قد نص بموجب قانونه الداخلي ومنذ العام 1998م على ما يلي:
"المادة (13):
أ - يجوز للمشترك في
الصندوق الحصول على سلفة لا يقل مقدارها عن ألفي دينار ولا يزيد على ستة آلاف
دينار وبمـا يعادل المبلغ المترصد لـه من مستحقاته فـي الصندوق بتاريخ طلب السلفة
.
ب- يتولى المجلس كـل
ثلاثة أشهر تحديد الحد الأعلـى لإجمالي السلف التي سيتم منحها للمشتركين استناداً
إلـى الملاءة المالية للصندوق وذلك بعد تسديد جميع الالتزامات الماليـة المترتبة
عليه وفقـاً لتعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية .
ج- لغايات هذه
المادة تعطى الأولوية فـي الحصول على السلفة للمشترك إذا كانت لغايات السكـن أو
تعليم الموظف أو تعليم أولاده .
د- يتم تسديد مقدار
السلفة دفعة واحدة وبدون فائدة علـى أن يتم حسمها مـن المبالغ التي يستحقها الموظف
وفقاً لأحكام المادة (7) من هذا النظام". انتهى.
وقد دأبت الوزارة
على فتح باب التقدم للسلف الطارئة (500)، و(1000) دينار بداية كل عام تُخصم على
أقساط يتحملها راتب الموظف الشهري وعلى مدة عام ونصف، وبحسب الأقدمية والمديرية
التابع لها الموظف تكون فرصته في الحصول على السلفة، مع إتاحة الفرصة بأخذ سلف
للتعليم والبناء تبتدئ بمبلغ (4000 دينار) وتنتهي بمبلغ (6000 دينار)، تُخصم بحسب
القانون من مدخرات الموظف عند تقاعده من الوظيفة، وقد أخذ آلاف المعلمين والمعلمات
هذه القروض وبعضهم حصل عليها أكثر من مرة!
والسؤال هنا: ما
الذي أضافه هذا البند من الاتفاقية عما هو متحقق بالفعل؟
البند الثاني
(مُتحقق):
"لمن رغب من
المعلمين احتساب سنوات الخدمة في الخارج للمعلمين المجازين والمعارين كخدمة محسوبة
لغايات التقاعد دون إلزامهم بالعودة والخدمة لفترة زمنية قبل وصولهم سن التقاعد، شريطة
دفعهم المستحقات اللازمة كما لو كانوا على رأس عملهم وأن يتم احتساب رواتبهم
الخاضعة للتقاعد حسب رواتب نظرائهم المعلمين في وزارة التربية والتعليم على أن لا
تتحمل الخزينة أي أعباء مالية تتعلق بذلك".
مناقشة هذا البند:
لعل هذا من أحسن
البنود الموجودة في الاتفاقية من حيث المبدأ فخدمة المعلم المُعار وإن كانت تعود
بالفائدة المالية عليه إلا أنه فقد معها حالته الاجتماعية وطُمأنينته في بلده وبين
أهله، فمن حقه بعد سنوات الغربة أن يُحتسب له تلك السنوات التي قضاها في الغربة
وحيدًا، وهو مطلب أكاد أجزم بأنه لن يكون لأحد اعتراض عليه لو كان مُجردًا من
الشرط الذي جعله في عِداد المستحيلات، وهو قولهم: (شريطة دفعهم المستحقات
اللازمة كما لو كانوا على رأس عملهم)!!
هذا الشرط المُذهب
لفرحة الزملاء المعلمين المُُعارين الذين لعلهم أنفقوا كل فلس تحصلوا عليه في بناء
بيت أو شراء قطعة أرض في أوطانهم، كيف فات المجلس المفاوض أنهم هدموا ما بدأوا
ببنائه!
فهل يُعقل أن يقوم
الزميل المُعار لمدة عشر سنوات مثلًا بدفع المستحقات اللازمة كما لو كان على رأس
عمله؟! يعني يدفع نسبته ونسبة الوزارة لمؤسسة الضمان الاجتماعي وهو مبلغ كبير جدًا
لا يستطيع دفعة أي معلم فلو فرضنا أن المبلغ المراد دفعه عن كل شهر يساوي سبعين
دينارًا –وهو أكثر من ذلك ولا شك- فيكون المتعين على المعار دفعه يساوي: 10 سنوات مضروبة
في 12 شهرًا مضروبة في 70 دينارًا ليكون الناتج: (8400) دينارًا عن هذه المدة!!
فقل لي بربك مَن مِن
المعلمين يمتلك هذا المبلغ الضخم؟!!
والسؤال هنا: ما هو
الامتياز الذي حصل عليه المعلمون في هذا البند؟
البند الثالث
(مُتحقق):
"التعديل على
التشريعات ليتم تخفيض سنوات الخدمة المعتمدة للتقدم لمكرمة المعلمين لتصبح خمس
سنوات".
مناقشة هذا البند:
لا أعتقد أن
المُفاوض هنا قد فكر ولو طرفة عين في هذا البند وكأنه كتب بنود الاتفاق في حالة من
الاستعجال المُفرط الذي يريد به استرضاء الجماهير!
كانت المكرمة
والتقدم لها مشروطًا بسنوات خدمة المعلم من الفئة الأولى والفئة الثانية فقط والتي
يجب أن تبلغ عشر سنوات ليتقدم ابنه بطلب المكرمة ويدخل في المنافسة على المقاعد
المتاحة لأبناء المعلمين وحسب معدلاتهم المئوية في امتحان الثانوية العامة، فقامت
اللجنة المفاوضة بفعلين أحدهما صواب وحق والآخر خطأ فادح أضر بأبناء المعلمين ولم
ينفعهم!
أما الصواب فشمول
زملائنا من الفئة الثالثة في المكرمة وهم الحراس والأذنة وسائقو الحافلات ومراسلو
المديريات وهذا أمر يفرح له كل معلم ولا يغضبه فهذه الفئة تحيدًا تعاني ما تُعانية
من قلة الرواتب وسوء أوضاع العمل الكثير ولأبنائهم حق كما لأبنائنا فهم لا يقلون
أهمية عن باقي الفئات في الوزارة، إلى هنا لا إشكال في هذا البند..
أما الخطأ الفادح
فهو المطالبة بتخفيض سنوات الخدمة للمتقدم لتصبح خمس سنوات، مما يجعل احتمالات
قبول الأبناء تقل جدًا ويرتفع بالتزامن معها معدل التنافس فلا يتحصل على المكرمة
إلا فئة قليلة من أبناء المعلمين الذين جُعلت المكرمة لأجلهم وصُدرت باسمهم،
ولأضرب مثالًا على ذلك:
نسبة مكرمة أبناء
المعلمين من إجمالي مجموع الطلبة المقبولين في الجامعات الحكومية تبلغ (5%) خمسة
في المئة فقط، فإذا علمت أن عدد الطلبة المقبولين في العام 2019م في الجامعات
الحكومية قد بلغ: (51748) طالبًا حسب الإحصائيات الحكومية، فإن نسبة أبناء
المعلمين منهم تساوي: 51748 مضروبًا في 5% فيكون الناتج: (2587) طالبًا بالتقريب،
مما يعني أن 130 ألف معلم استطاع أقل من 4% من أبنائهم الحصول على المكرمة مع الشروط
السابقة التي لم يكن فيها زملاؤنا من
الفئة الثالثة وكانت تشترط العشر سنوات، فما هي فرص حصول أبنائنا بعد إقرار هذا
البند الذي استغرق تحقيقه شهرًا من الإضراب؟!
والسؤال هنا: ما هي
فرصة أبنائنا الآن ليكونوا ضمن هذه النسبة (4%) بعد زيادة أعداد المعلمين وإضافة
زملائنا من الفئة الثالثة؟
وهل حقًا كان هذا
البند من الاتفاقية مُحققًا لتطلعات الميدان الذي يرغب في زيادة نسبة القبول لا في
تقليلها؟
البند الرابع
(مُتحقق بأقل مما يطمح له المعلمون):
"زيادة الأجور
وتحسين الظروف للمراقبة والتصحيح" .
مناقشة هذا البند:
لا شك أن المراقبة
في امتحان الثانوية العامة أمر شاق ومسؤولية وطنية كُبرى مُلقاة على كاهل المعلمين
تحديدًا وأن المُدة التي يقضيها المعلمون –وهي غير محسوبة الأجر- مدة لا تقل عن
مدة الامتحان ذاته والذي تم زيادة عشر دقائق –غير مدفوعة الأجر- على وقته الأصلي مما
يزيد الضغط النفسي والمشقة على المراقبين واللجان المسؤولة عن تسيير الامتحان على
وجه صحيح ومُتقن، والمطالبة بزيادة الأجور أمر مهم للغاية وله أثره النفسي على
المراقبين والمصححين مما يدفعهم للعمل بجد وتناسي إرهاق الساعات الطويلة، وهو ما
سعت اللجنة للتفاوض حوله وقد قامت الوزارة بزيادة الأجور دينارًا واحدًا للساعة
وقامت هذا العام باحتساب الوقت الإضافي بعد أن زادت عليه عشر دقائق أخرى، ونأمل أن
يتم النظر بعين العدل للجهد الذي يقوم به المعلمون في هذا الشأن والعمل على احتساب
كل الوقت لا مدة الامتحان فحسب فالوقت الذي يسبق ويعقب الامتحان لا يقل أهمية عن
وقت الامتحان الأصلي من حيث المسؤولية، ومن راقب علم الجهد والتعب الذي يعانيه
المعلم والمصحح في ذلك!
فيكون هذا أول بند
يطال الميدان بشكل مباشر مع عدم الرضى من الغالبية العظمى عن مقدار الزيادة
الممنوحة.
البند الخامس
(تحقُّقه وعدمه واحد):
"تعد مهنة
التعليم "مهنة شاقة" ويشار إلى ذلك في نظام الرتب عند تعديله إلى أن يتم
إضافتها مستقبلًا إلى قانون نقابة المعلمين".
مناقشة هذا البند:
لعل المفاوض سمع
شيئًا بهذا الخصوص فقاله! فما معنى (مهنة شاقة) وما هو المردود المتحصل من هذا
التوصيف الذي يدخل فيه كل عمل في الدنيا!!
إن العمل في دكان
للحلويات يعتبر مهنة شاقة فكيف تفاوض اللجنة على أمر معلوم بالضرورة، وإنما الذي
كان ينبغي أن يُتفاوض عليه هو اعتبار التعليم (مهنة خطرة)، فلا يكاد يخرج معلم من
الميدان إلا وقد أصابه أحد ثلاثة: إما (انزلاق غضروفي –الديسك-)، وإما (ارتفاع في
ضغط الدم)، وإما (ارتفاع السكر في الدم)! فما معنى قولهم في هذا البند: (مهنة
شاقة) لا أدري والله!
وبالنظر إلى
القوانين المعمول بها في مؤسسة الضمان الاجتماعي وهي المؤسسة المستهدفة في إضافة
هذا التوصيف ليتحصل المعلم على مكاسب تتعلق بمدة الخدمة وطبيعة الراتب التقاعدي
الذي سيتقاضاه منها؛ فإن الناظر لا يجد أي أثر يعود بالنفع على المعلمين فقانون
الضمان ونظامه لا يوجد فيه أي بند يُعد امتيازًا يتعلق بلفظ: (شاق)، بل الموجود
فيه لفظ: (خطر) وهو الوصف الذي يتعلق بامتيازات التقاعد والمدد التي ينبغي للموظف
شغلها وما يلحق ذلك الوصف من حيثيات..
والسؤال هنا: بماذا
كان يفكر المفاوض عندما طرح هذا البند على الحكومة لينهي إضرابه؟!
وهل حقًا ظنَّ ولو
لوهلة أن هذا إنجازًا سيضاف إلى سجل النقابة؟!
البند السادس(مُتحقق):
"اعتماد
أكاديمية التدريب التابعة لنقابة المعلمين واعتماد شهادات التدريب الصادرة عنها ما
دامت تحقق شروط الاعتماد للأكاديمية وشروط اعتماد البرامج التدريبية في وزارة
التربية والتعليم من ضمن المؤسسات التدريبية المعترف بها".
مناقشة هذا البند:
إن النهوض بمستوى
المعلمين مما يجب إيلاؤه الأهمية القصوى فميدان المعلمين يعاني من ضعف الأداء
الكبير الذي يلمسه جميع من بالميدان من الزملاء ويتفاوت الضعف والقوة بحسب
المهارات التي يمتلكها المعلم، ولا شك أن إقامة الدورات التدريبية مما يُحفز هذا الجانب
جدًا وينهض بالعملية التعليمية وتشير الخُطَّة التي قامت أكاديمية المعلمين بوضعها
إلى وجود ستة برامج أساسية بحسب موقع أكاديمية المعلمين هي:
1- برنامج تدريب
المعلمين قبل الخدمة: ويقدم أهم الكفايات المعرفيّة والمهاريّة والممارسات
والسلوكات التي ينبغي على المعلم أن يتسلح بها قبل خوضه تجربة مهنة التعليم،
ويستهدف البرنامج طلبة الجامعات والخريجين الراغبين في الالتحاق بمهنة التعليم.
2- برنامج تدريب
المعلمين الجدد: ويشمل الكفايات الرَّئيسيَّة التي يحتاجها المعلم عند البدء
بامتهان التعليم كالمعارف العلميّة والمهنيّة والقانونية الخاصة بالمهنة والمهارات
التواصلية بين فئات وعناصر المهنة وتعظيم الاتجاهات نحو التعليم والممارسات
اللازمة لمهنته. ويستهدف البرنامج المعلمين الجدد منذ تعيينهم حتى خدمة 3 سنوات.
3- برنامج المعلم
الرقمي: ويتضمن البرنامج الكفايات الرقمية اللازمة لإتقان المعلم متطلبات التعليم
الرقمي وأدوات تكنولوجيا التعليم، ويستهدف الفئة من 3-6 سنوات خدمة.
4- برنامج تدريب
المدربين أو برنامج التعليم المتمازج، ويحمل كلا البرنامجين كفاياتٍ مهاريّةٍ
متقدمةٍ تتضمن أهم الممارسات والعليا لامتهان التعليم والتصرف كمعلم محترفٍ يتسلح
بمختلف الاستراتيجيات المتقدمة ويعكسها داخل غرفته الصفيّة، ويستهدف البرنامج فئة
المعلمين من خدمة 6 – 9 سنوات.
5- برنامج الزّمالة
المهنيّة، ويعتبر البرنامج من البرامج التدريبية ذات الكفايات المتخصصة التي
تتمايز بها قدرات المعلمين وتغطي جميع الجوانب المهارية والقدرات العليا في مهنة
التعليم، ويستهدف البرنامج فئة المعلمين من 9-12 سنة خدمة.
6- برنامج الباحث
العلمي المتميّز: ويشكل البرنامج نقلةً نوعية في كفايات العملية التربوية
والتعليمية، إذ تشتمل كفايات البرنامج على امتلاك مهارات البحث العلمي المتميّز
ونشر الأبحاث، وتسعى الأكاديمية في هذه المرحلة إلى مساعدة المعلمين بنشر أبحاثهم
العلمية بمجلتها المُحكمة التي وضعتها ضمن خطتها لتكون الناظم الموثوق والمُيسّر
لدراسات المعلمين وأبحاثهم، ويستهدف البرنامج فئة المعلمين من 12- 15 سنة خدمة.
وكل هذه البرامج
مطلوبة ومهمة ويبقى على كاهل النقابة مسألة استقطاب الزملاء المعلمين للانخراط في
هذه الدورات وعرضها بطريقة مقنعة تظهر من خلالها المزايا والنتائج في الميدان
التربوي.
وأطرح هنا التساؤل
التالي: كم عدد الذين التحقوا بهذه الدورات وما هي النتاجات المتحقق على أرض
الواقع؟
البند السابع (مُتحقق
جزئيًا وتم البت مؤخرًا بعدم قانونيته وهو الشطر الأول منه):
"تتقدم الحكومة
بسؤال إلى الديوان الخاص بتفسير القوانين لبيان الرأي حول المادة 5/د من قانون
نقابة المعلمين الأردنيين للتبين من مدى قانونية وجود نقيب المعلمين أو ممثلين
مسميين من النقابة حسب الأنظمة المعمول بها حاليًا في مجالس التربية والتعليم
والاعتماد والمناهج وقيامهم بالمساهمة بتقديم الرأي أو الدراسات في ضوء المادة المذكورة.
وإذا كان الجواب
بعدم جواز مشاركة الأعضاء المذكورين على النحو المشار إليه في البند أعلاه، فتتقدم
الحكومة بمقترح تعديل المادة المذكورة بالتشاور مع النقابة بما يضمن مشاركة الأعضاء
المذكورين ومساهماتهم لتنسجم المادة مع الأنظمة المعمول بها والممارسة حاليًا على أرض
الواقع".
مناقشة هذا البند:
تم البت مؤخرًا بعدم
قانونية وجود ممثلين من النقابة في مجالس التربية والتعليم والاعتماد والمناهج،
وبقي أن تتقدم الحكومة بمقترح تعديل المادة (5/د) بالتشاور مع النقابة، وهو الأمر
الذي لم يتحقق بعد.
والسؤال المطروح: ما
مدى استفادة الميدان من هذا البند، وهل دخول النقابة في المجالس المذكورة مبني على
كون الوزارة لا تضطلع بمسؤولياتها التعليمية والتعلمية باختيار أنجع الأنظمة
التعليمية لرفع أهلية الطلبة أم لأنها تتجه بالتعليم نحو الهاوية وتريد النقابة من
خلال هذا البند إنقاذ الموقف، أم أنه دور رقابي؟
كل هذا غير واضح
للميدان ودعاوى تدمير التعليم وتدخل مؤسسات ما من خارج جسد الوزارة في المناهج وتأثيرها
في محتواها إلى غير ذلك من الدعاوى، كلها من الأمور التي لم يقم عليها دليل ملموس
بلهَ محسوس، وما هي إلا كلمات تُقال هُنا وهناك ويتناقلها الكثيرون ويتداولونها
على وسائل التواصل على أنها حقائق واقعة!
البند الثامن (مُتحقق):
"السماح
للمعلمين بالعلاج في المستشفيات العسكرية بنفس قيمة الاشتراك الحالية في مستشفيات
وزارة الصحة، وإلغاء ازدواجية التأمين الصحي للزوجين المعلمين، لحين استكمال
الحكومة لدراسة وإقرار نظام التأمين الصحي الذي سبق وأن بدأت به الحكومة فيما يتعلق
بجميع موظفي القطاع العام اعتبارًا من تاريخ 1/1/2020 ".
مناقشة هذا البند:
الناظر في حال
المستشفيات العسكرية يعلم علم اليقين أن هذا البند لا يوجد فيه أي مزيَّة تُذكر
للمعلمين الذين يتعالجون في مستشفيات وزارة الصحة، فعدد المنتفعين من المستشفيات
العسكرية وأسرهم يكاد يفوق عدد المعلمين بالضعف، حيث يبلغ عدد المستشفيات التابعة
للقطاع الحكومي العسكري (15) خمسة عشر مستشفًى، بينما مستشفيات وزارة الصحة تبلغ
(31) واحدًا وثلاثين مستشفى يضاف إليها مستشفيان جامعيان.
وهنا يجب الاعتراف
بأن الخدمات التي تقدمها المستشفيات التابعة لوزارة الصحة لا يقل جودة عن تلك التي
تقدمها المستشفيات العسكرية، إن لم تكن أفضل من حيث الظروف وقرب المستشفيات مع
اشتراك الجميع في الاكتظاظ ونقص الكوادر، فإن كان المقصود بهذه الحيثية هو مستشفى
المدينة الطبية فلا أظن أن العلاج فيها أمر صعب إذا احتاج إليه أي إنسان فعدد الذين
يحصلون على إعفاءات طبية كبير جدًا ودخولنا في هذا المجال يزيد من معاناة
المراجعين من منتفعي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ويُطيل انتظارهم!
وأما الجزء المتعلق
بإلغاء ازدواجية التأمين فقد كان مطلبًا ممتازًا لو لم تُتِح الدولة عملية الدمج
والرفع إلى درجة التأمين الأعلى بحيث يستطيع الموظف هو وزوجته أن يرفعا درجة
التأمين إلى الدرجة الأولى إذا كانت درجة تأمينهما الدرجة الثانية، وأن يرتفعا إلى
الدرجة الأعلى إن كانا بدرجتين مختلفتين، مع إتاحة الفرصة للعلاج في المستشفيات
الخاصة لمن أصبحت درجته بعد الدمج الدرجة الأولى، ويترتب عليه دفع نسبة (20%)
عشرين بالمئة نقدًا وهو ما يمكن الموظف أن يتفاوض مع المستشفى عليه، فتكون هذه
المزية أعظم بكثير مما طالبت به النقابة من إلغاء ازدواجية التأمين مع إبقائها على
حالها قبل إقرار الدمج، فإذا علمت بأن الموظف ينتقل من الدرجة الثالثة إلى الثانية
عند بلوغه السنة الأولى في الدرجة السادسة فإنه يحتاج إلى خمسة وعشرين سنة ليصبح
في الدرجة الأولى ويأخذ تأمين الدرجة الأولى بحسب السلم الوظيفي المعمول به في
نظام الخدمة المدنية!
فمن عساه يضحي بهذه
المزية لأجل خمسة عشر دينارًا؟!
البند التاسع (مُتحقق):
"تخفيض نصاب
المعلم ليكون الحد الأعلى للمعلم القائد (الرتبة المستحدثة الجديدة الخامسة)، 18
حصة أسبوعيًا، وللمعلم الخبير 20 حصة أسبوعيًا، والمعلم الأول 22 حصة أسبوعيًا
اعتبارًا من العام 2020/2021 ليتمكن المعلم من إيجاد الوقت اللازم لتطوير مهاراته".
مناقشة هذا البند:
كل ما يصب في صالح
المعلم ويزيل عنه بعض الأعباء في الميدان فموضع تقدير ومحل قبول ولا خلاف فيه.
البند العاشر (غير
مُتحقق):
"تسهيل إجراءات
ترخيص ذراع استثمارية تمويلية (شركة تمويل) ضمن القوانين المرعية، حيث ترغب
النقابة مستقبلا بالتقدم للبنك المركزي بطلب ترخيص بنك للمعلم ضمن القوانين والأنظمة
المعمول بها".
مناقشة هذا البند:
السؤال المطروح: ما
فائدة إنشاء بنك للمعلمين وهذه البنوك تملأ الدنيا ويعطون القروض بلا عقبات، وكل
شخص يختار ما يشاء منها ! طبعًا هذا على اعتبار أن المعلمين ليسوا مكبلين بقروض
لعشرين وثلاثين سنة جراء شرائهم الشقق والأراضي والسيارات وغيرها؟!
البند الحادي عشر (مُتحقق
ضمنًا):
"تسهيل حصول
المعلمين على قروض سكنية بسقوف مرابحة تفضيلية من خلال النوافذ الإقراضية التي
يدعمها البنك المركزي".
مناقشة هذا البند:
هذا البند متحقق
ضمنًا فالكثير من المعلمين يستفيدون من قروض البنوك الإسلامية وغيرها في سبيل
الحصول على السكن والميدان خير دليل.
والسؤال: ما هي
الامتيازات في هذا البند والتي تُعد نقطة جوهرية ليتم التفاوض عليها؟
البند الثاني عشر (متحقق
مسبقًا):
"تسعى الحكومة ليستفيد
المعلمون من المشاريع الإسكانية المدعومة التي ستقيمها الحكومة على أراضي الخزينة
ضمن برنامج الخطة الوطنية للإسكان ضمن الآليات المتبعة لتلك البرامج".
مناقشة هذا البند:
قد تم تحقيق هذه
المسألة مُسبقًا عن طريق طرح الحصول على شقة ضمن مدينة الملك عبدالعزيز ومشروع سكن
كريم وقد حصل المئات من المعلمين القدامى على شُقق بالفعل بمساحات متفاوتة،
وبأقساط بسيطة وميسرة، والمطالبة بالمزيد حتى يشمل جميع أرباب الأسر والمقدمين على
الزواج من المعلمين أمر مُلح في ظل تآكل الرواتب بسبب الإيجارات المرتفعة وتكاليف
الحياة الباهظة.
والسؤال المطروح:
ألم يكن الأجدر الحصول على قطع أراضي في كافة مدن المملكة من أراضي الخزينة
وتقسيمها بمساحات لا تزيد عن (300) متر مربع وبيعها على المعلمين بأقساط ميسرة
لينتفعوا بها مستقبلًا إذا ما وصلتها الخدمات؟ فلو فرضنا أن الذين يرغبون في
الحصول على قطعة أرض بهذه المساحة يبلغ عددهم (50) خمسون ألفًا لكُنَّا بحاجة إلى (15000)
خمسة عشر ألف دونمًا من أراضي الخزينة الموزعة في أرجاء المملكة وهي مساحة بسيطة
إذا ما علمنا أن مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار الحرجية تبلغ (1,6) مليون دونمًا!
حيث إن الأراضي الصالحة للزراعة في الأردن تشكل (3%) من مساحة المملكة فقط!
فهل كان المُفاوض
دارسًا لخيارات التفاوض ومدى ملاءمتها مع احتياجات المعلمين الحقيقية؟!
البند الثالث عشر (مُتحقق):
"تعزيز دور قسم
الإشراف التربوي في التدريب وتقييم اأداء المعلمين".
مناقشة هذا البند:
لا تعليق.
البند الرابع عشر (مُتحقق):
"إلغاء كافة إجراءات
النقل والعقوبات التي اتخذت بحق معلمين بسبب الإضراب ومتعلقاته، وتتعهد الحكومة
بعدم تقديم شكاوى بحق أي معلم أو عضو نقابي أو النقابة بسبب الإضراب، وتتعاون
الحكومة مع النقابة في إنهاء أية قضايا مرفوعة من طرف آخر. وتتعهد النقابة بعدم
اتخاذ أية عقوبات أو إجراءات بحق أي منتسب للنقابة بسبب موقفه من الإضراب".
مناقشة هذا البند:
أمر طيب ولا اعتراض
عليه مع كونه يُشكل اعترافًًا ضمنيًا بعدم قانونية الإضراب وأنه مخالف حقيقة لنظام
الخدمة المدنية بخلاف ما كان يتم الترويج له في الميدان ويُقسم عليه المفاوضون
ويطلبون من الميدان أن يجعلوه في رقابهم.
البند الخامس عشر (مُتحقق
وتوقفت عن جميع موظفي الدولة للظروف الاستثنائية وستعود مع بداية العام القادم):
"تصبح علاوة
الرتب المعمول به حاليًا على النحو التالي اعتبارًا من 1/1/ 2020: معلم قائد،
إداري قائد 75 بالمئة. معلم خبير، إداري خبير 65 بالمئة. معلم أول، إداري أول 50
بالمئة. معلم، إداري 40 بالمئة. معلم مساعد، إداري أول 35 بالمئة".
مناقشة هذا البند:
كان الوقوف في خانة
الوسط وترك التعنت في مطلب الخمسين بالمئة على الراتب الأساسي أمرًا مُهمًا لإنهاء
الحالة واستئناف العام الدراسي.
البند السادس عشر (متحقق
بالمُجمل عدا البنود: الأول والسابع والعاشر):
"يبدأ تطبيق
هذه الاتفاقية اعتبارا من بعد توقيع هذه الاتفاقية ما لم ينص على غير ذلك".
مناقشة هذا البند:
تم تطبيق غالبية
البنود المذكورة في هذا الاتفاقية إلا البند الأول المتعلق بصندوق ضمان التربية
وجعل لجنة من النقابة فيه بالمشاركة، والبند السابع المتعلق بالمادة (5/د) من قانون
النقابة، والبند العاشر والمتعلق بموضوع بنك المعلمين!
الخاتمة:
ختامًا أطرح التساؤل
التالي:
إذا كان هذا حال
اتفاقية النقابة مع الحكومة وحالة تحقق غالب بنودها فما هو المُحفِّز لهذه الثورة
التي قام بها مجلس النقابة وواجه بها الحكومة؟
سؤال برسم الإجابة
أتركه بين يدي زملائي المعلمين إن كان عند أحدهم إجابة منطقية مُقنعة، والله
الموفق.
وكتب: ليلة الأحد 18
ذي الحجة 1441هـ الموافق 8 آب 2020م، أبو موسى أحمد الغرايبة غفر الله له ولوالديه
وللمسلمين.. آمين