وقفة مع مقال (أين نحن من مجتمع السلف الصالح) للعودة.
مقال للشيخ علي بن يحيى الحدادي في 13 نوفمبر، 2011، منقول من صفحته على الفيس بوك.
هذا المقال من أسوء ما كتبه سلمان العودة لأنه جمع في مقال واحد مقتضب بعض المعاصي التي وقع فيها عدد من الصحابة رضوان الله عليهم وسردها سردا متتابعاً لا نجد له مثيلاً في كتب السلف الصالح لا في الصحيحين ولا في السنن ولا في الجوامع ولا في كتب تراجم الصحابة وإنما نجد مثل هذا السرد في كتب الرافضة والمعتزلة ومن تأثر بهم ممن لا يقيمون لأكثر الصحابة وزناً.
ومن مساوئ هذا المقال:
1- أن فيه تهويناً لمقام الصحابة في القلوب فإن حشد المعاصي والمثالب بعضها في إثر بعض عن صحابي ثم صحابي ثم صحابي يورث القارئ والسامع أنهم قوم أصحاب معاص وفسوق وفجور.
2- أنه قصد من مقاله أن يبرز أن مجتمع الصحابة ليس مجتمعاً مثالياً دائماً بل هو مجتمع يوجد فيه العاصي والمذنب والمنافق ومن لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا قليلا وليس له رواية وهذا مقصد فاسد فأهل السنة وإن كانوا لا يقولون بعصمة افراد الصحابة ولكنهم في الوقت نفسه يقررون أنهم لا يذكرون إلا بالجميل ولا يتعرض لجنابهم لا تصريحاً ولا تلميحاً لأن السلف تأدبوا بأدب القران والسنة ، وفيهما الثناء العاطر على المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وفيهما الثناء على من أنفق من قبل والفتح وقاتل ومن أنفق من بعد وقاتل و من قرأ كلام الله عنهم في سورة التوبة وفي سورة الفتح وفي سورة الحشر وغيرها وجد الثناء عليهم والإشادة بهم والرضى عنه.
وهكذا نجد عشرات الأحاديث تقرر وتؤكد مكانة الصحابة ومقامهم في نفوس المؤمنين ليتولوهم في الله وليحبوهم في الله وليترضوا عنهم ولئلا يكون في قلوبهم غل على أحد منهم.
فالمقصود أن تتبع زلل أفراد منهم للاستدلال بها على أنهم يمثلون مجتمعا لم يكن فاضلاً دائما لا يروق إلا لسبابة الصحابة والطعانين فيهم.
3- أن فيه تمهيداً لتقبل نقد الصحابة والطعن فيهم في أوساط أهل السنة بدعوى البحث العلمي والحيادية وأنهم بشر يصيبون ويخطئون، وهذه هي بوابة الرفض والنصب والعياذ بالله.
4- أن فيه تجريئاً للطعانين الصرحاء في الصحابة أن ينشروا إفكهم وينفثوا حقدهم فإذا قيل لهم لا يجوز قالوا لم تنكرون علينا وقد قال فلان وفلان مثل قولنا وهم من أهل السنة عندكم كما هم الأن يستدلون ببعض كتابات سيد قطب وابي الأعلى وغيرهما من رموز (الحركة الإسلامية السياسية).
5- أنه لا يتوافق تماما مع ما تقرر عند الأمة أن خير الناس قرن النبي صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وبتأمل العنوان وموضوع المقال تخلص إلى نتيجة وهي أن ذلك المجتمع ليس ببعيد عنا فالحال (قريب من بعضه) ففيهم الزنا والسرقة والقتل والغش ووو... نعوذ بالله من الخذلان
وقبل أن أختم هذه الوقفة الموجزة مع هذا المقال السيء أرى من المناسب أن أذكر للقارئ ما قام به أحد الوعاظ ممن يشار إليه بالبنان في مدينة الرياض إذ عقد سلسلة من المواعظ الممرضة للقلوب في العشر الأواخر من رمضان قبل سنوات فذكر أول يوم معصية لواحد من الصحابة ثم ذكر نموذجا لشخص معاصر مات ولم يفعلها ثم ذكر في اليوم الثاني معصية أخرى لصحابي وذكر شخصاً معاصراً مات ولم يفعلها وهكذا استمر إلى نهاية سلسلته
وأيا كان قصده من هذه المواعظ فلقد أساء الأدب وأساء الأسلوب وأساء الطرح والمؤسف في الواقعة أنه لم يناقشه أحد أول الأمر وإن كان كثير من الحاضرين اشمئزوا وشعروا بأن الكلمة هزت مكانة الصحابة في نفوسهم ولكن لم تكن لديهم الجرأة للمواجهة والمناقشة بدعوى أنه داعية وأنه أعلم منهم وأنهم ليسوا من أهل التخصص في العلوم الشرعية.
نسأل الله تعالى أن يمسكنا بعقيدة السلف الصالح في كل أبوابها وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق