13/12/2013

يَا لِعَذَابَاتِ الشَّاميّين!

يَا لِعَذَابَاتِ الشَّاميّين!
جالسٌ في هذا اليوم العاصف الماطر؛ شديد البرودة كأنه الزَّمهرير!
جالسٌ أمامَ مِدْفأتي المُلْتَهبةِ والَّتي تَبُثُّ مِن أَلْسِنةِ نَارِها الدِّفْءَ والْحَرارةَ، وَأَبْنائي الأربعة جالسون حولها يتبادلون كَلام الطُّفُولَةِ الَّذي لا يَنْتَهِي!
طُفولةٌ آمِنَة تَنْعُمُ بِرزق اللهِ الكريم مِنْ غَير أَنْ تُدْرِكَ عَذَابَاتِ أَضْرَابِهَا مِنْ أبناء الشَّام المَكْلُومِ!
يَنْعُمون بِحَنَانِ الْأَبِ ورِعَايَةِ الْأُم، وأَمْنِ البلَدِ الَّذِي نَسْأَلُ الله أَنْ يُدِيْمَهُ عَلَيْنَا وَأَنْ يُنْعِمَ بِهِ على إِخْوَانِنَا في سائِرِ بِلَادِ المُسْلِمين..
يَتَمَنّى أَوْلادُنَا أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الدِّفْءِ لِيَلْعَبُوا في الثَّلج!
لِيَتَراشَقُوا كُرَاتِهِ الدَّائِريَّة على أَجْسَادِهِمْ الدَّافِئَةِ وَيُطْلِقُوا الضَّحِكَاتِ والصَّيْحَاتِ تَعْبِيرًا عَن فَرْحَتِهِم العَارِمَةِ بِنُزُولِ رَحْمَةِ الله على الْعِبَادِ وَالبِلادِ!
بَيْنَمَا أَبْنَاءُ الشَّامِ الْجَرِيْحِ يَتَمَنّوْنَ أَنْ يَنْعُمُوا بِبُيُوْتٍ آمِنَةٍ دَافِئَةٍ، وَوَالِدٍ حَنُوْنٍ، وَأُمٍّ رَحِيْمَةٍ!
لَكِنْ هَيْهَاتَ!
الْأَبُ الْحَنُوْنُ قُتِلَ شَرَّ قِتْلَةٍ مِنْ غَيْرِ رَحْمَةٍ، وَالْأُمُّ الرَّحِيْمَةُ انْتُهِكَ عِرْضُهَا مِنْ وُحُوْشٍ لًا تَرْقُبُ في مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً!
وَأَمّا مَنْ يَنْشُدُ أَطْفَالُ الشَّامِ أَنْ يَلْعَبُوْا مَعَهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ جِيْلِهِمْ؛ فَأَيْنَ هُمْ؟!
في مَلْجَإٍ أَوْ خيمةٍ أَوْ مَاتُوا مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ أَوْ هُدِّمَتْ فَوْقَ رُؤُوْسِهِمْ مَدْرَسَتُهُمْ!!
إِنَّ اسْتِشْعَارَ عَذَابَاتِ هؤلاءِ الإِخْوَةِ إِخوةِ العقيدة والدِّين- لَمِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ على مَنْ خَلَقَ اللهُ لَهُ بَيْنَ أَضْلُعِهِ قَلْبًا يَنْبِضُ بِالْإِيْمَانِ وَالرَّحْمَةِ!
إِنَّ المُسلمَ لِلْمُسلمِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا؛ فإِذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ؛ يَسْتَشْعِرُ قَهْرَهُ وَسُوْءَ حَالِهِ وَقِلَّةَ حِيْلَتِهِ، يَئِنُّ لِأَنِيْنِهِ، وَتَجْرِي دُمُوعُهُ لِجَرَيَانِ دَمْعِهِ، وَيَعْتَصِرُ قَلْبُهُ أَلَمًا لَمَّا يَرَى أَوْلَادَهُ آمِنينَ مُطْمَئِنِّيْنَ في كَنَفِ وَالِدِيْهِمْ، وَأَبناءَ إِخْوَانهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لَا وَالِدَ وَلَا وَالِدَةَ وَلَا أَمْنَ وَلَا طُمَأْنِيْنَةَ بَلْهَ- وَلَا مَأْوًى وَلَا مُعِيْنٍ!!
تَتَبَعْثَرُ كَلِمَاتِيْ وَيَتَلَكَّأُ قَلَمِيْ طَوِيْلًا قَبْلَ أَنْ يَسْرِيَ مِدَادُهُ على الوَرَقِ!
مَا بَالُكَ لَا تَكْتُبْ أَيْ قَلَمْ؟!
أأذَهَلَكَ يا عزيزي! الخطْبُ الْجَلَلُ؟
أَم الهمُّ الثَّقِيل.. وناسٌ تئنُّ وتذبح ولا حيلة لي ولا لَكَ إلا الْبَوْحَ بشعور القلب؟!!
ساعدني كي لا أنفجر باكيًا أمام أبنائي ..
ساعدني لأخفف ثورة البركان الحارق بداخلي..
ليس لي ولأمثالي إلى أن نجأر بالدُّعاء لعلَّام الغيوب، ولمغيِّر الأحوالِ والخطوب!
فاللهُمَّ مالِك المُلك، وقيُّوم السَّمَاواتِ والْأَرْضِ، يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ، يَا فَرْدُ يَا صَمَدُ!
كن لأهل الشَّام وارفع عنهم عذاباتهم..
وَآوِهِمْ؛ فإنه لا مُؤْوِيَ لهم إلا أنت..
وَاكْسُهُمْ فَلَا كاسِيَ لهم إلا أنت..
وَأَطْعِمْهُمْ فَلَا مُطْعِمَ لهم إلا أنت..
 لك الله يا شام!
فإنَّنَا لا نَمْلِكُ إلَّا الدُّعاءَ.. واللهُ قريبٌ يُجيبُ دعوَةَ الدَّاعِي إذا دعاه!

فلَعَلَّ الْفَرَجَ يَكُوْنُ قَرِيْبًا!!

وكتب:
ليلة السبت 10/صفر الخير/1435هـ
أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه
آمين..

هناك تعليق واحد:

  1. Thank you for these words about My humble blog, I hope to find where everything is fun and useful!

    ردحذف