10/01/2014

طبقات طلاب العلم!

طَبَقَات طلاب الْعلم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى .. أمَّا بعدُ:
فإنَّ طلبة العلم يتفاوتون في مقاصدهم في الطلب بحسب رغباتهم وغاياتهم تفاوتًا شديدًا، وهم طبقات عدة جعلها الإمام الشوكاني –رحمه الله- أربع طبقات أسوقها إليك أخي طالب العلم الغالي -بتصرف مني- لتنظر أين أنت من هذه المراتب، ولتكون لك حافزًا على تصحيح النيَّة وتقويم المسار؛ فمعاهدة النيَّة أمر لا بد منه لطالب العلم على طول الزمن وفي كل الأحايين، فإليكها ملخصة من كتاب الشوكاني الفذّ: «أدب الطلب ومنتهى الأدب» فإنه كتاب جامع للفوائد والكثير من الفنون والآداب التي يحتاجها المبتدي ولا يستغني عنها المنتهي!
الطبقة الأولى:
مَن ارتفعت همَّته فيقصد الْبلُوغ إِلَى مرتبَة فِي طلبه لعلم الشَّرْع يكون عِنْد تَحْصِيلهَا إِمَامًا مرجوعا إِلَيْهِ مستفادًا مِنْهُ مأخوذًا بقوله مدرسًا مفتيًا مصنفًا.
الطبقة الثانية:
مَن قصرت همَّته عن صاحب الطبقة الأولى وعن غايته فَيكون غَايَة مقْصده ومعظم مطلبه وَنِهَايَة رغبته؛ أَن يعرف مَا طلبه مِنْهُ الشَّارِع من أَحْكَام التَّكْلِيف والوضع على وَجه يسْتَقلّ فِيهِ بِنَفسِهِ وَلَا يحْتَاج إِلَى غَيره، من غير تطلُّع منه إلى تعدِي فَوَائِد معرفته إِلَى غَيره، وَالْقِيَام فِي مقَام أكَابِر الْأَئِمَّة ونحارير هَذِه الْأمة!
الطبقة الثالثة:
مَن كان نِهَايَة مَا يُريدهُ وَغَايَة مَا يَطْلُبهُ أمرًا دون صاحب الطبقة الثَّانِيَة كمن يرغب إِلَى إصْلَاح لسانه وتقويم فهمه بِمَا يقتدر بِهِ على فهم مَعَاني مَا يَحْتَاجَُ إِلَيْهِ من الشَّرْع وَعدم تحريفه وَتَصْحِيفه وتغيير إعرابه من دون قصد مِنْهُ إِلَى الِاسْتِقْلَال، بل يعزم على التعويل على السُّؤَال عِنْد عرُوض التَّعَارُض والاحتياج إِلَى التَّرْجِيح!
فَهَذِهِ ثَلَاث طَبَقَات للطلبة من المتشرعين الطالبين للاطلاع على مَا جَاءَ فِي الْكتاب وَالسّنة إِمَّا كلا أَو بَعْضًا بِحَسب اخْتِلَاف الْمَقَاصِد وتفاوت المطالب.
الطبقة الرابعة:
مَن يقصد الْوُصُول إِلَى علم من الْعُلُوم أَو عِلمين أَو أَكثر لغَرَض من الْأَغْرَاض الدِّينِيَّة والدنيوية من دون تصور الْوُصُول إِلَى علم الشَّرْع.
فَيَنْبَغِي لمن كَانَ صَادِق الرَّغْبَة، قوي الْفَهم، ثاقب النّظر، عَزِيز النَّفس، شهد الطَّبْع، عالي الهمة، سامي الغريزة، أَن لَا يرضى لنَفسِهِ بالدُّون، وَلَا يقنع بِمَا دون الْغَايَة، وَلَا يقْعد عَن الْجد وَالِاجْتِهَاد المبلغين لَهُ إِلَى أَعلَى مَا يُرَاد وَأَرْفَع مَا يُسْتَفَاد! فَإِن النُّفُوس الأبية والهمم الْعلية لَا ترْضى بِدُونِ الْغَايَة فِي المطالب الدُّنْيَوِيَّة من جاه أَو مَال أَو رئاسة أَو صناعَة أَو حِرْفَة حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ:
إِذا غامــرت فِي شرف مـــدوم  ::  فَلَا تقنـــع بِمَا دون النُّجُـــوم
فَطَعْمُ الْمَوْت فِي أَمر حقيـــر  ::  كطعم الْمَوْت فِي أَمر عَظِيم
فانظر أخي طالب العلم من تريد أن تكون وأي طبقة تروم، واستعن بالله على ما تريد وأخلص النية والعمل فالموفق من وفقه الله وفقَّهه؛ فإنَّه «مَن يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرًا يفقهه في الدِّين»، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا.
اختصره وتصرَّف في بعض ألفاظه الفقير إلى عفو ربه، أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه .. آمين، في الثامن من ربيع الأول سنة 1435هـ، في مدينة إربد من جُند الأردن، حرسه الله من الشرور والفتن!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق