13/07/2011

..:: مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ::.. لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي -رحمه الله- .::[ 1 ]::.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى سيما محمد عبده ورسوله صاحب أعطر سيرة وأنقى سريرة، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا..
أمَّا بعد:
فهذه سلسلة جديدة نافعة بإذن الله تعالى- أنقل من خلالها كتاب شيخ الإسلام مجدد دعوة التوحيد محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله- المسمَّى : «مختصر سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-»؛ مساهمة مني في إفادة إخواني الكرام، مختصرًا عليهم بهذا النقل- الكثير من الوقت، فما عليك إلَّا النظر في المواضيع النَّازلة تباعًا وبدقائق قليلة تتعرف فيها على سيرة خير خلق الله محمد بن عبدالله الهاشمي القرشي الأمين صلى الله عليه وسلم-، فلا تُضَيِّع على نفسك الفرصة أخي السلفي فساعاتنا التي نقضيها خلف شاشات الحاسوب كثيرة والأوقات فيها مهدورة -إلا من رحم ربي-، فالله المستعان وعليه التكلان..
وسأعتمد على طبعة «الجامعة الإسلامية» بالمدينة النبوية، والمطبوعة عام: (1424هـ) بتحقيق وتعليق الشيخ : محمد حامد الفقِي رحمه الله- والتي قام على تحقيقها عام : (1375هـ) أي قبل عامين من وفاته، وسأنقل في ثنايا المواضيع تعليقاته وحواشيه وإذيلها بكلمة : (الفقي)، والله أسأل أن يكتب لي أجر هذا العمل وأن يدخره لي مغفرة ورضوانًا يوم القيامة، إنَّه ولي ذلك والقادر عليه.

وكتب:


أبو موسى الأردني غفر الله له ولوالديه- آمين.. ليلة الأربعاء 11/شعبان/1432هـ، والحمد لله ربِّ العالمين.




«مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم-»
تأليف شيخ الإسلام



محمد بن عبد الوهاب التميمي


-رحمة الله عليه-


..::[ 1 ]::..

قال شيخ الإسلام مجدد دعوة التوحيد الإمام محمد بن عبد الوهاب التميمي المتوفَّى سنة: 1206هـ في كتابه «مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم-:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اعلم رحمك الله: أن أفرض ما فرض الله عليك معرفة دينك. الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة، والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار.

[قصص الأولين والآخرين]


[قصة آدم وإبليس]

ومن أوضح ما يكون لذوي الفهم قصص الأولين والآخرين، قصص من أطاع الله وما فعل بهم، وقصص من عصاه وما فعل بهم. فمن لم يفهم ذلك ولم ينتفع به فلا حيلة فيه. كما قال تعالى ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ﴾ [ق: 36].
وقال بعض السلف: «القصص جنود الله» [لم أجد من خرجه] يعني أن المعاند لا يقدر يردها.
فأول ذلك: ما قص الله سبحانه عن آدم، وإبليس، إلى أن هبط آدم وزوجه إلى الأرض. ففيها من إيضاح المشكلات ما هو واضح لمن تأمله، وآخر القصة قوله تعالى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 38 - 39].
وفي الآية الأخرى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: 123- 124]، إلى قوله: ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾ [طه: 127].
وهداه الذي وعدنا به: هو إرساله الرسل. وقد وفى بما وعد سبحانه، فأرسل الرسل مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، فأولهم: نوح، وآخرهم : نبينا -صلى الله عليه وسلم-، فاحرص يا عبد الله على معرفة هذا الحبل، الذي بين الله وبين عباده، الذي من استمسك به سلم، ومن ضيعه عطب.
فاحرص على معرفة ما جرى لأبيك آدم، وعدوك إبليس، وما جرى لنوح وقومه، وهود وقومه، وصالح وقومه، وإبراهيم وقومه، ولوط وقومه، وموسى وقومه، وعيسى وقومه ومحمد -صلى الله عليه وعليهم وسلم- وقومه.
واعرف ما قصه أهل العلم من أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- وقومه وما جرى له معهم في مكة، وما جرى له في المدينة.
واعرف ما قص العلماء عن أصحابه وأحوالهم وأعمالهم. لعلك أن تعرف الإسلام والكفر. فإن الإسلام اليوم غريب وأكثر الناس لا يميز بينه وبين الكفر. وذلك هو الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح.
وأما قصة آدم، وإبليس: فلا زيادة على ما ذكر الله في كتابه. ولكن قصة ذريته.
فأول ذلك أن الله أخرجهم من صُلبه أمثال الذَّر، وأخذ عليهم العهود: أن لا يشركوا به شيئا، كما قال تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا﴾ [الأعراف: 172]،[قال الشيخ حامد الفقي رحمه الله-:ولا يزال ربنا سبحانه يقيم الحجة بسننه في الخلق والرزق، وآياته وكتابه، ويأخذ العهود والمواثيق. ولكن أكثر الناس عن هذا غافلون، لأنهم يدينون دين الآباء والشيوخ فيشركون كما يشركون وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون (الآية رقم 170 من سورة البقرة)]،ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج. ورأى فيهم رجلا من أنورهم. فسأله عنه؟ فأعلمه أنه داود. فقال: كم عمره؟ قال: ستون سنة. قال: وهبت له من عمري أربعين سنة، وكان عمر آدم ألف سنة. ورأى فيهم الأعمى والأبرص والمبتلى. قال: يا رب لم لا سويت بينهم؟ قال إني أحب أن أُشْكَر. فلما مضى من عمر آدم ألف سنة إلا أربعين أتاه ملك الموت. فقال: إنه بقي من عمري أربعون سنة. فقال: إنك وهبتها لابنك داود. فنسي آدم فنسيت ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته.
فلما مات آدم بقي أولاده بعده عشرة قرون على دين أبيهم، دين الإسلام. ثم كفروا بعد ذلك. وسبب كفرهم الغلو في حب الصالحين. كما ذكر الله تعالى في قوله ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23]، وذلك أن هؤلاء الخمسة قوم صالحون كانوا يأمرونهم وينهونهم. فماتوا في شهر. فخاف أصحابهم من نقص الدين بعدهم.
فصوروا صورة كل رجل في مجلسه لأجل التذكرة بأقوالهم وأعمالهم إذا رأوا صورهم، ولم يعبدوهم. ثم حدث قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم من قبلهم، ولم يعبدوهم. تم طال الزمان، ومات أهل العلم. فلما خلت الأرض من العلماء: ألقى الشيطان في قلوب الجهال: أن أولئك الصالحين ما صوروا صور مشايخهم إلا ليستشفعوا بهم إلى الله، فعبدوهم.
فلما فعلوا ذلك: أرسل الله إليهم نوحًا -عليه السلام-، ليردهم إلى دين آدم وذريته الذين مضوا قبل التبديل، فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه، ثم عَمَرَ نوح وأهلُ السفينة الأرض، وبارك الله فيهم، وانتشروا في الأرض أممًا، وبقوا على الإسلام مدة لا ندري ما قدرها؟
ثم حدث الشرك. فأرسل الله الرسل. وما من أمة إلا وقد بعث الله فيها رسولا يأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن الشرك. كما قال تعالى ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36]، وقال تعالى ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ﴾ [المؤمنون: 44] الآية.
ولما ذكر القصص في سورة الشعراء ختم كل قصة بقوله ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: 8] فقص الله سبحانه ما قص لأجلنا. كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى﴾ [يوسف: 111] الآية.
ولما أنكر الله على أناس من هذه الأمة - في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم - أشياء فعلوها [هم المنافقون وما فعلوا في غزوة تبوك (الفقِي)] قال ﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ﴾ [التوبة: 70].
وكذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقص على أصحابه قصص من قبلهم، ليعتبروا بذلك.
وكذلك أهل العلم في نقلهم سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما جرى له مع قومه، وما قال لهم، وما قيل له.
وكذلك نقلهم سيرة الصحابة، وما جرى لهم مع الكفار والمنافقين، وذكرهم أحوال العلماء بعدهم. كل ذلك لأجل معرفة الخير والشر.
إذا فهمت ذلك:
فاعلم أن كثيرا من الرسل وأممهم لا نعرفهم؛ لأن الله لم يخبرنا عنهم لكن أخبرنا عن عاد، التي لم يخلق مثلها في البلاد. فبعث الله إليهم هودا عليه السلام. فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه وبقي التوحيد في أصحاب هود إلى أن عُدم بعد مدة لا ندري كم هي؟ وبقي في أصحاب صالح. إلى أن عدم مدة لا ندري كم هي؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق