«مختصر زاد المعاد»
..::[5]::..
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصَّلَاةِ]
كَانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا قَبْلَهَا، ولا تلفظ بالنية، ولا استحبه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة.
وَكَانَ دَأْبُهُ فِي إِحْرَامِهِ لَفْظَةَ: اللهُ أَكْبَرُ. لا غيرها، وكان يرفع يديه معها ممدودتي الأصابع، مستقبلا بهما الْقِبْلَةَ إِلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، وَرُوِيَ إِلَى مَنْكِبَيْهِ، ثم يضع اليمنى على ظهر اليسرى.=قال أبو موسى: إلى هنا تنتهي عبارة الإمام ابن القيم –رحمه الله-، ولا زيادة عليها في الأصل، وما يأتي من الكلام؛ هو من إضافة الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحم الله الجميع-، وفي الجملة التي أدرجها نَظَرٌ عند الأئمة فالصحيح أنَّ النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يضع اليمنى على اليسرى على صدره، وانظر لزامًا: «أصل صفة الصلاة» للشيخ الألباني: (1/215).= [فوق الرسغ والساعد، ولم يصح عنه موضع وضعهما، لكن ذكر أبو داود عن علي: من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة] .
وَكَانَ يَسْتَفْتِحُ تَارَةً بِـ: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ» وَتَارَةً يَقُولُ: «وَجَّهْتُ وجهي للذي فطر السموات وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»،
«اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، واصرف عني سيئها لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وأتوب إليك» ولكن المحفوظ أنه فِي قِيَامِ اللَّيْلِ.
وَتَارَةً يَقُولُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل. .» إلى آخره. وقد تقدم.
وَتَارَةً يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السموات والأرض ومن فيهن» إلى آخره [انظر صحيح مسلم: (769)] . ثم ذكر [أي ابن القيم] نوعين آخرين، ثم قال: فكل هذه الأنواع قد صحت عنه.
وروي عنه أنه كان يستفتح بـ «سبحانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إله غيرك» ذكره أهل «السنن» والذي قَبْلَهُ أَثْبَتُ مِنْهُ.
وَلَكِنْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ أنه يَسْتَفْتِحُ بِهِ فِي مَقَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلم- ويجهر به، يعلمه الناس.
قال أحمد أذهب إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عمر، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَفْتَحَ بِبَعْضِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان حسنا.
وَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ.
وَكَانَ يَجْهَرُ بـ «بسم الله الرحمن الرحيم» تارة ويخفيها أكثر.
وَكَانَتْ قِرَاءَتَهُ مَدًّا، يَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَيَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ قَالَ: «آمِينَ» فَإِنْ كَانَ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ، وَقَالَهَا مَنْ خَلْفَهُ.
وَكَانَ له سكتتان: سكتة بين التكبيرة والقراءة، واختلف في الثانية، فروي بعد الفاتحة، وروي أنها قبل الركوع.
وقيل: بل سكتتان غير الأولى، والظاهر أنهما اثنتان فقط، وأما الثالثة فلطيفة، لأجل تراد النفس، فمن لم يذكرها، فلقصرها [قلت: موضوع السكتات فيه كلام عند الفقهاء ولمزيد تفصيل انظر: «أصل صفة الصلاة»: (1/346)، و(2/601)].
فإذا فرغ من قراءة الْفَاتِحَةِ أَخَذَ فِي سُورَةٍ غَيْرِهَا، وَكَانَ يُطِيلُهَا تَارَةً وَيُخَفِّفُهَا لِعَارِضٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، ويتوسط فيها غالبا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق