02/09/2011

صيغة الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- و«فضلها» و«معناها»



صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- و«فضلها» و«معناها»


مقدمة


إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.


ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ [آل عمران: ١٠٢].


ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ  ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ    ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ  ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ      ﭭ ﭮ  [النساء: ١].


ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ * ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ  ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ  [الأحزاب: ٧٠ ٧١].


أَمَّا بَعْدُ :


قال الله تعالى- : ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ  [الأحزاب : 56].


وقال صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: « إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثمَّ صلُّوا عليَّ» (1)...


إنَّ أمر النبي صلى الله عليه وسلم- أمر عظيم ؛ إذ هدى الله به البَشَرِيَّةَ إلى النور المبين وإلى الصراط المستقيم ، الذي أخرجهم به من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ليردَّ للبشرية صوابها ويرشدها إلى طريق الهداية وتوحيد الله- عز وجل- ونبذ عبادة الأصنام والأوثان من دونه،  ولِيوجهها إلى صرف كل أنواع العبادة   من دعاء وتوسل وتوكل وخوف ورجاء لله  وحده؛ الذي لا معبود بحق سواه سبحانه وتعالى.


            ولمَّا كان أمر رسولنا صلى الله عليه وسلم- أمراً عظيماً؛ أمرنا الله -تبارك وتعالى- بالصَّلاة عليه أمراً مباشراً في كتابه العزيز فقال -عز من قائل-: ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ .


فجعل الخطاب للمؤمنين ؛ ذلك أنه لا يعرفُ قدرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم- إلا من آمن به حق الإيمان وذاق قلبه حلاوة  هذا الإيمان،  قال صلى الله عليه وسلم-: «ذاق طعم الإيمان ؛ من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم- رســــولاً»(2)، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


ولما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- أمراً ملازماً كُلَّ مسلم في يومه خمس مرات على الأقل؛ شَرعتُ بعد الاستعانة بالله عز وجل- على جمع كلامٍ لأهل العلم في هذا الباب، وتبيين الأحاديث الصحيحة الواردة في صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- مستخرجًا لها من صحيح الإمام البخاري ومسلم وغيرهما من علماء الحديث رحمهم الله أجمعين، وكلام أهل العلم على هذه الأحاديث وبيان بعض الألفاظ (المُحدثة) التي أُدخِلت على صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- وكلام العلماء عليها ، ومن ثمَّ أذكر خلاصة ما صحَّ من هذه الأحاديث، وبالله تعالى التوفيق.


واللهَ أسألُ أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم القيامة إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.


وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً


وكتب


أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة « الأُرْدُنِيُّ»


24 ربيع الأول 1428





«فصلٌ»


روى الإمام البخاري –رحمه الله- في «صحيحه»: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه- ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ : «قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ »(3)، وروى -أيضاً-عن أبي سعيد الخُدْريِّ رضي الله عنه- قـــال: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَذَا التسليمُ ؛ فَكَيْفَ نُصَلِّي عليك؟ قَالَ قُولُوا : «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آل  إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ».


 قال البخاري –رحمه الله- : قال أبو صالح عن الليث «على محمد وعلى آل محمد. كما باركت على آل إبراهيم»، وعن يزيد وقال: « كما صليت على ابراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم».


وروى البخاري أيضاً- في باب «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- »، عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه- قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي قَالَ قُولُوا : «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ»(4).


  وروى البخاري  في كتاب «الأنبياء» : عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سمعتُها من النَّبي صلى الله عليه وسلم-؟ فقلت : بلى فأهْدِها لي ، فقال : « سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- ؛ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصلاة عليكم أهل البيت ؛ فإنَّ اللَّه قد علَّمنا كيفَ نُسَلِّم؟ قَالَ قُولُوا: « اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبراهيمَ وعلى  آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهيمَ وعلى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ » (5) .


وروى الإمام مسلم –رحمه الله- في «صحيحه»، عن  يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ هُوَ الَّذِي كَانَ أُرِيَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- : « قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ » (6).


وروى أيضاً- بإسناده حديث شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ : لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- فَقُلْنَا قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ قُولُوا: « اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»(7).


ووردت هذه الصيغة من دون لفظة «اللهمَّ» في الشطر الثاني من الحديث كما رواه «مسلم».


 وروى مسلم أيضاً- عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ قُولُوا : «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ » (8).


وقد وردت هذه الصيغة الأخيرة عند «البخاري» مطابقة لما عند «مسلم» في كتاب «الأنبياء»، برقم: (3369).


ولما كانت الروايات الموجودة في كتب «السنن» متعددة بزيادات يسيرة لم يكن هناك داعٍ لإيرادها هنا لأن مدارها على ما في الصحيح من روايات وكل ما ورد فيها لا يخلُّ بمضمون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- بل يوافقها في كثير من الطرق وفيما سبق حصل المقصود إن شاء الله تعالى-.


ثمَّ إنَّ هناك العديد من الصيغ وردت في كتبٍ متعددة ومنها كتاب: «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم-» للإمام إسماعيل القاضي(9) –رحمه الله- المتوفى سنة: (282هـ ) ، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في «الفتح» والذي صَحَّ من مرويات هذا الكتاب لا يخالف ما جاء في «الصحيحين» والحمد لله.


وعلى ضوء ما تقدم فلا بد من ذكر بعض المسائل الفقهية المتعلقة في موضوع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- ، وذكر لَفْظٍ أَدْخَلَهُ العوام من الناس وبعض (المنتسبين للعلم)!! على صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- ألا وهو لفظ « سَيِّدِنَا » ؛ وهو سيِّدنا حقًا وصدقًا بل سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم- ، ولكنَّ الناظر إلى الروايات الموجودة في كتب السنن وغيرها من كتب الصحاح التي نقلت صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- لا يجــــد البتةَ هذه اللفظة ،ولا يجد عليها دليلاً صحيحًا ؛ إذ العبادات (توقيفية) لا يجوز الزيادة فيها أو النقصان منها بحسب الذوق والاستحسان ، وقد قال الله تعالى- :


ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ  [المائدة : 3].


وقد أفتى الحافظ ابن حجر –رحمه الله- فيما نقله عنه الحافظ محمد بن محمد بن محمد الغرابيلي وكان من ملازمي ابن حجر رحمهما الله تعالى- أنه سُئِلَ عن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- هل يشترط فيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم- (بالسِّيادة) ، أو يقتصر على ما جاء في الأحاديث والآثار الصحيحة، وأيهما أفضل؟  فأجاب –رحمه الله- : « نعم ، إتِّباعُ الألفاظ المأثورة أرجح، ولا يقالُ لَعَلَّهُ ترك ذلك تواضعاً منه صلى الله عليه وسلم-  ، لأنَّا نقول : لو كان ذلك راجحاً لجاء عن الصحابة ، ثم عن التابعين، ولم نقف في شيء من الآثار عن أحد من الصحابة ولا التابعين لهم قال ذلك مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك(10) اهـ.


قُلْتُ :


 وبهذه الفتوى أخذ جُلُّ أهل العلم فَكَمْ ألَّفوا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- ، ولكنَّهُم لم يذكروا قَطُّ لفظَ «السيادة» هذا ، وكل الخير في اتباع من سلف ، وكل الشر في ابتداع من خلف.





*****











« فَضلُ الصَّلاةِ على النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم- »


لا بُدَّ هنا- من ذكر بعض فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- لتتم الفائدة إن شاء الله تعالى فأقول وبالله تعالى التوفيق :


روى الإمام مسلم في «صحيحه» عن أبي هريرة رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال : « من صلَّى عليَّ واحدةً صلَّى الله عليه عشراً »(11)، قال النووي –رحمه الله- :  قوله : « من صلَّى عليَّ واحدةً صلَّى الله عليه عشراً » ، قال القاضي : معناه رحمتهُ وتَضْعيفُ أَجره ؛ كقوله تعالى: ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ  [الأنعام : 160]، قال : وقد تكون الصلاة على وجهها وظاهرها تشريفاً له بين الملائكة كما في الحديث «وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منهم» (12).انتهى...


وروى النَّسائيُّ في «سننه» كتاب (السَّهو) باب : (الفضل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم-):


 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبِشْرُ يُرَى فِي وَجْهِهِ فَقَالَ : « إِنَّهُ جَاءَنِي جِبْرِيلُ –صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ أَمَا يُرْضِيكَ يَا مُحَمَّدُ أَنْ لا يُصَلِّيَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا وَلا يُسَلِّمَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا»(13).


وروى -أيضاً- عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُـــــــــولُ اللَّـــهِ صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَــاتٍ » (14) .


وجاءت أحاديث أُخَرُ فيها فضائلُ جَمَّةٌ منها: ما رواه الطبرانيُّ عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم-  قال: « من صلَّى عليَّ حين يصبح عشراً، وحين يمسي عشراً، أدركته شفاعتي يوم القيامة »(15).


  ويعلم مما سبق ذكره ؛ أَنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- فيها الأجر العظيم والثواب الجزيل؛ فلا يضيع مثل هذا الفضل إلا محروم.





« مَسْأَلَةٌ »


وهل تجزي صلاةُ من لم يصَلِّ بعد التشهد الأخير على النبي صلى الله عليه وسلم- أم لا ؟


في هذه المسألة خلاف بين أهل العلم؛ فذهب الشافعي وإسحاق ابن راهويه إلى أنها واجبة ؛ فلا تجزيء صلاة من لم يذكرها ، والقول الآخر أنها سُنَّةٌ ، وهو مرويٌّ عن الإمام أحمد –رحمه الله- ،  قال المَروَذِيُّ : قلت لأبي عبد الله أن إسحاق بن راهويه يقول : لو أن رجلاً ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- في التشهد بطلت  صلاته. قال أي الامام أحمد : ما أجترئ أن أقول هذا . وقال في موضع : هذا شذوذ أي القول ببطلان صلاته– ، وهو قال مالك والثوري وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم.


 قال ابن المنذر هو قول جُلُّ أهل العلم إلا الشافعي وكان إسحاق يقول لا يجزئه إذا ترك ذلك عامداً . قال ابن المنذر: وبالقول الأول أقول أي بعدم الوجوب لأنني لا أجد الدلالة موجودة في إيجاب الإعادة عليه ،  وظاهر مذهب أحمد وجوبه  فإن أبا زرعة الدمشقي نقل عن أحمد أنه قال : كنت أتهيب ذلك. ثم تَبَيَّنْتُ فإذا الصلاة واجبة(16).


قال الإمام ابن حزم –رحمه الله- : « وإن اقتصر المصلي على بعض ما في هذه الأخبار أجزأه وإن لم يفعل أصلاً ؛ كرهنا ذلك ، وصلاته تامَّةٌ ! إلا إن فُرِضَ عليه. ولا بد أن يقولَ ما في خبرٍ من هذه الأخبار ولو مرة واحدة في دهره ، لأمره صلى الله عليه وسلم-  بأن يقال ذلك ولقول الله تعالى-: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًــا ﴾ ، والمرءُ إذا  فعل ما  أمر به  مرة فقد أدى ما عليه ، إلا أن يأتي الأمر بترديد ذلك مقادير معلومة ، أو في أوقات معلومه فيكون ذلك لازماً !» (17) ا هـ.


قُلْتُ :


 والصحيحُ أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- بعد التشهد؛ لا يجوز تركها البتة لورود الأمر بهذا ولعدم ثبوت أن أحدا من الصحابة ترك هذا الأمر في صلاته والله اعلم .





*****


فصل


« في معاني ألفاظِ الصَّلاةِ على النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم- »


أما المعنى لهذه الصلاة فهو كما يأتي:


قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» : « قوله «قال قولوا : اللهم»، هذه كلمة كثر استعمالها في الدعاء يعنى كلمة اللهم وهي بمعنى « يا الله » ، والميم عوض عن حرف النداء . وقد جاء عن الحسن البصري : «اللهم ؛ مجتمع الدعاء»، وعن النضر بن شميل: «من قال اللهم فقد سأل الله بجميع أسمائه» .اهـ .


قُلْتُ :


وهذا هو دعاء الأنبياء في القرآن ؛ فقد قال عيسى ابن مريم عليه السلام-: ﭕ ﭖ ... الآية، وقال الله تعالى-:  ﮇ ﮈ         ، وقال تعالى عن أهل الجنة: ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ، وفي سورة «الزمر» : ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ    .


ثم يكمل الحافظ –رحمه الله- فيقول : « أمَّا قوله : « صَلِّ » : معنى صلاة الله على نبيه صلى الله عليه وسلم- ثناؤه عليه عند ملائكته ، ومعنى صلاة الملائكة عليه :الدعاء له . قوله: «وعلى آل محمد»: ... ».


  وخلاصة القول في معناها على وجهين:


 الأوَّلُ:


أن يكون المعنى هو : أهل بيته ، من زوجاته وأبنائه صلى الله عليه وسلم-.


 والثَّانِي:


أَتباعه على ملته؛ أي: أمة الإجابة، وخَصَّ بَعْضُهُم: التَّقِيَّ منهم فقط. والله اعلم(18) .


« قوله : « كما صليت على آل إبراهيم » : آل إبراهيم : هم ذريته من إسماعيل وإسحاق كما جزم به جماعة من الشُّرَّاحِ وإن ثبت أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم- كان له أولاد من غير «سارة وهاجر»؛ فهم داخلون لا محالة . ثم إن المراد : المسلمون منهم ،بل المتَّقون ؛ فيدخل فيهم الأنبياء والصدِّيقون والشهداء والصالحون دون من عاداهم . اهـ.


قوله: « وبَارِك » : حاصل معناه أن يعطوا من الخير أوفاه وأن يثبُتَ ذلك ويستمر دائمـًــا ، « في العالمين » : المراد بالعالمين في ما رواه أبو مسعود في حديثه : أصناف الخلق . وقيل: الإنس والجن فقط.« إنك حميد مجيد »، أما الحميد فهو: فعيل من الحمد ، بمعنى محمود ، وأبلغ منه  وهو: من حصل له من صفات الحمد أكملها ، وقيل: هو بمعنى الحامد؛ أي: يَحمُدُ أفعال عباده . وأما «المجيد» فهو: من المجد. وهو: صفة مَن كَمُلَ بالشرف، وهو مستلزم بالعظمة والجمال، كما أَنَّ الحمد يدل على صفة الإكرام ؛ ومناسبة ختم هذا الدعاء بهذين الاسمين العظيمين: أَنَّ المطلوب: تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم- وثناؤه عليه ،والتنويه به ، وزيادة تقريبه ، وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد في ذلك إشارة إلى أنهما كالتعليل للمطلوب ، أو هو كالتذييل  له ، والمعنى : أنك فاعل ما تستوجب به الحمد من النعم المترادفة كريم بكثرة الإحسان إلى جميع عبادك » انتهى.(19)


وقد ورد كلام كثير لأهل العلم في معاني هذه الصلاة الكريمة لا داعي للإطالة بذكرها ففيما مضى كفاية والله أعلم.


«باب جامع لما صَحَّ من الروايات في صيغة الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم-»


هذا باب أذكر فيه ما صحَّ من صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم-  نقلتها من كتاب الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله- « صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم- »، حيث ذكر هذه الروايات الصحيحة  في باب «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم- وموضعها وصيغها» ، وإليك هذه الصِّيَغَ مرتبةً حسب ورودها في الكتاب المذكور :


            1. «اللهم! صلِّ على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل بيته وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وهذا كان يدعوا به هو نفسه صَلَّى الله عَلَيــْهِ وَسَلَّمَ ».


2. «اللهم !صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم  إنك حميد مجيد» .


3. «اللهم ! صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ،  وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد» .


4. « اللهم ! صلِّ على محمد النبي الأُميِّ ، وعلى آل محمد كما صليت على آل ابراهيم  وبارك على محمد النبي الأمِّيِّ وعلى آل محمد ،  كما باركت على آل إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد».


5. «اللهم ! صلِّ على محمد عبدك ورسولك ؛ كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد عبدك ورسولك وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم».


6. « اللهم ! صلِّ على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد».


7. « اللهم ! صلِّ على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد».





*****


« الْـخَاتِـمَةُ »


الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى.


 أما بعد : 


في ختام هذه الرسالة لا بُدَّ من التنويه لأمر مهم؛ ألا وهو محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم- ، فهذا أمر يدَّعيه كثيرٌ من النَّاس بل ويتبجحون في نسبته إليهم، وحالهم على غير ذلك يقيناً ، إذ تجد الرجل منهم لا يَظهَرُ عليه مظهرٌ واحدٌ من مظاهر حبه للنبي صلى الله عليه وسلم- وإنما يكون ذلك -أي محبته صلى الله عليه وسلم- باتِّباعه فيما جاء به من الشريعة .


فحبك للرجل؛ يجعلك تَبَعَاً له ؛ إن كان هذا الحب صادقاً ولا تَشوبُهُ شائِبَة ، فتجد محبة الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم- باديةً في أقواله وأفعاله وسَمْتِهِ ولِبَاسِهِ وأكْلِهِ وشُربِهِ ، بحيث إذا بلغه الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- بادرَ إلى العمل به وضَمَّهُ إلى ما عنده من الأعمال؛ فيزداد بهذا حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم- ، وبقدر ما يُفَرِّطُ بهذه الأوامر تجِدهُ لا يُلقي بالاً ، ولا يتحرك له ساكن إذا اعتُرِضَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم- أو نِيْلَ مِنْهُ ؛ فهو بعيد عن متابعته فمن باب أولى أن يكون بعيداً عن حُبِّهِ والدفاع عنه.


ولقد قرن الله -سبحانه وتعالى- مَحَبَّتَهُ بمتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم- ؛ فقال تعــــــــالى : ﭮ ﭯ ﭰ  ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ، ورحم الله الإمام «الشنقيطي» إذ يقول في تفسيره «أضواء البيان» على هذه الآية :


« صرح تعالى في هذه الآية الكريمة : أن اتباع نبيه موجب لمحبته جل وعلا لذلك المُتَّبِع ، وذلك يدل على أن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم- هي عين طاعته تعالى، وصرح بهذا المدلول في قوله تعالى : ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ وقال تعالى : ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ  ﮦ ﮧ .


«تنبيه» : والكلام ما زال له –رحمه الله- يؤخذ من هذه الآية  الكريمة أن علامة المحبة الصادقة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم- هي اتباعه صلى الله عليه وسلم- ؛ فالذي يخالفه ويدَّعي أنه يحبه ؛ فهو كاذب مُفْتَرٍ ؛ إذ لو كان محباً له لأطاعه ومن المعلوم عند العامة أن المحبة تستجلب الطاعة ، ومنه قول الشاعر : 





لو كان حبك صادقاً لأطعته             إن المحب لمن يحب مطيع


وقول ابن أبي ربيعة المخزومي :


ومن لو نهاني من حبه عـ             ـن الماء عطشان لم أشرب


وقد أجاد من قال :


قَالَتْ:


وقد سألت عن حال عاشقها *بالله صفه ولا تنقص ولا تزد


فَقُلْتُ:


لو كان رهن الموت من ظمأٍ *وقلتِ: قف عن ورود الماء لم يرد»(20).


والكلام في هذا الباب يطول ولكن المقام مقام اختصار وليس تطويل وفيما مضى كفاية ، والله الهادي إلى سواء السبيل ، والحمد لله رب العالمين .


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
وكتب
أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة «الأُرْدُنِيُّ»
24 ربيع الأول 1428








(1) رواه مسلم في «صحيحه» عن عبد الله بن عمرو بن العاص برقم: (384)، باب «استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم- ».
(2) رواه «مسلم» ، باب «الدليل على أن من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ رسولاَ فهو مؤمن وإن ارتكب المعاصي الكبائر» ، برقم : (34).
(3) الحديث رقم: (4797) ، كتاب التفسير ، باب «إن الله وملائكته يصلون على النبي...» انظر «فتح الباري» ،(8/532).
(4) الحديث رقم : (6358) ، كتاب «الدعوات» ، باب : «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم-  » ، وانظر «الفتح» ،  (11/152).
(5) رواه «البخاري»، كتاب «الأنبياء»، برقم: (3370) ، وانظر «الفتح» (6/408).
(6) «مسلم»، باب : «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم-  بعد التشهد» ،  الحديث رقم : (405).
(7) المصدر السابق ، الحديث رقم: (406).
(8) المصدر السابق ،  الحديث رقم: (407).
(9) وللشيخ الألباني –رحمه الله- تحقيق لهذا الكتاب ، فانظره.
(10) انظر : «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم-  » للشيخ الألباني  –رحمه الله-  ، صفحة: (172)، وقد نقلته مختصراً.
(11) «صحيح مسلم» ، باب :«الصلاة على النبي بعد التشهد» ، برقم: (408).
(12) «شرح صحيح مسلم» ، للنووي (3/229).
(13) (حديث حسن) ، كما حكم عليه الشيخ الألباني  –رحمه الله-  .
(14) (حديث صحيح) ، صححه الشيخ الألباني ، وانظر «صحيح الجامع» (2/1088) ، حديث رقم: (6359).
(15) حسنه الشيخ الألباني  –رحمه الله-  ، وانظر المصدر السابق ،الحديث رقم: (6357).
(16) مختصراً ، من «المغني» ،(2/ 94) ، المسألة رقم: (178).
(17) «المحلى» (3/88) ، المسألة رقم : (458) ، طبعة «دار إحياء التراث» بتحقيق الشيخ أحمد شاكر  –رحمه الله-  .
(18)  وهذا المعنى تلخيص مني لما في «فتح الباري» من قول الحافظ ابن حجر  –رحمه الله-  ، وأما ما سبق من المعاني فهو من نفس المصدر (11/ 159 و160).
(19)  «فتح الباري» ، (11/162) ، كتاب «الدعوات» ،طبعة المكتبة السلفية.
(20) «أضواء البيان» للإمام الشنقيطي (1/ 327) ،طبعة مجمع الفقه بجدة/الطبعة الأولى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق