((للصائم فرحتان))... ::وبدعة زيارة القبور يوم العيد::
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أمَّا بعد:
فإن كثيرًا من الناس قد منَّ الله عليهم بطاعته في شهر الخير والبركات شهر رمضان المبارك، فكان لهم بهذه الطاعة جائزة قد أخبر بها نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: (( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ))، أخرجه البخاري.
وقوله : (( للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح )) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": (( زاد مسلم " بفطره " , وقوله " يفرحهما " أصله يفرح بهما فحذف الجار ووصل الضمير كقوله صام رمضان أي فيه . قال القرطبي : معناه فرح بزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر وهذا الفرح طبيعي وهو السابق للفهم وقيل إن فرحه بفطره إنما هو من حيث إنه تمام صومه وخاتمة عبادته وتخفيف من ربه ومعونة على مستقبل صومه )).
إلى أن قال -رحمه الله- : (( ففرح كل أحد بحسبه لاختلاف مقامات الناس في ذلك , فمنهم من يكون فرحه مباحا وهو الطبيعي , ومنهم من يكون مستحبا وهو من يكون سببه شيء مما ذكره )). انتهى مختصرًا.
قال أبو موسى: وصنف يكون فرحهم محرم لما يعترية من المخالفات التي يعاقرها الناس في يوم العيد من سماع للغناء المحرم ومصافحة النساء للرجال الأجانب إلى غير ذلك من المنكرات التي تفشو يوم العيد.. والله المستعان.
بيد أنَّ أقوامًا ممن حُرموا الفرح هذا اليوم لِمَا تلبَّسوا به من بدعة (( زيارة القبور )) يوم العيد، فقلبوا فرحهم الشرعي إلى ترح وأحزان لم يوجبها الله ورسوله عليهم، ولا أمرهم بها ولا آباءهم من قبل، فأي بدعة ابتدعوها يوم العيد الذي يفرح به المسلمون؟ وأي زيارة ابتكروها يوم العيد؟
وقد أمرهم الله ورسوله بالفرح هذا اليوم فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(( أنها أيام أكل وشرب وذكر لله ))، إذن هو اللهو المباح والأكل المباح وغيره مما أحله الله.
فلا يُعلم أحد من قرون الأمة المفضلة فعل مثل هذا أو أمر به، لا من الصحابة ولا تابعيهم ولا أتباعهم، فدل ذلك على أن الأمر مُحدثٌ بعدهم لا يجوز فعله .. ولو كان هؤلاء صادقين فيما يدَّعونه من أنهم يريدون الزيارة فقط لأجل الزيارة لفعلوا ذلك في أيام السنة الطويلة ولكن الواقع يكذب هذه الادِّعاءات فلا تكاد ترى على طول السنة من يزور القبور للاتِّعاظ والعبرة وتذكر الآخرة.. فدل على أن هؤلاء القوم يخصصون يوم العيد بهذه العبادة التي هي بدعة قبيحة لم يسنَّها لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه ..
ألا فليعمل المسلمون على تعلم أمر دينهم وليعلموا ما يحل من الأعمال مما لا يحل لينالوا الأجر والثواب الأتمين فيفرحوا الفرح الشرعي ليصيبهم الشطر الثاني من الحديث وهو قوله : (( وإذا لقي ربه فرح بصومه )) ، قال الحافظ ابن حجر في شرحه : (( قوله : ( وإذا لقي ربه فرح بصومه ) ، أي بجزائه وثوابه . وقيل الفرح الذي عند لقاء ربه إما لسروره بربه أو بثواب ربه على الاحتمالين . قلت : والثاني أظهر إذ لا ينحصر الأول في الصوم بل يفرح حينئذ بقبول صومه وترتب الجزاء الوافر عليه )).
نسأل الله العظيم أن يتقبل منا ومنكم وأن يغفر لنا ولكم ونسأله تعالى أن يعيد علينا رمضان أعوامًا عديدة وأن يجعلنا ممن فرح الفرحة الكبرى بلقاءه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
والحمد لله رب العالمين..
وكتب:
أبو موسى الأردني
أحمد بن عياش بن موسى الغرايبة
-غفر الله له ولوالديه-
آمين..آمين
مساء يوم عيد الفطر المبارك
غرة شوال لعام 1432 من هجرة المصطفى
صلى الله عليه وسلم.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق