18/11/2013

قصيدة أبي إسحاق الألبيري الغرناطي في التوبة والزهد والحث على طلب العلم!


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله..
أمَّا بعد:
فـ (( هذه قصيدة قالها الفقيهُ الزَّاهدُ أبو إسحاق إبراهيمُ بنُ مَسعُود الإلبيريّ , رحمه الله , يخاطب الشاعر فيها ويعاتب ويحاور مَنْ دعاه (أبا بكر) .
وكان هذا الرجل قد ذكر بعض معايب الشاعر , وبلغه ما قال . وقد جعل الشاعر هذا المُنطلق فرصة لبسط آرائه في العلم والتقوى والتوبة ونبذ الدنيا , وإشارةً إلى مقالة أبي بكر فيه , وتجاوزاً لها في الوقت نفسه .
واختلط الحديث بين توجيه أبي بكر هذا , والحديث عن النفس , من منطلق لوم  الذات (من التحرّج المستمر) , وتضخيم الهفوات , وإعلان الخضوع المطلق لله تعالى )) .
[منقول من مقدمة تحقيق القصيدة].
وأنا أنقلها هنا لفائدتها وما فيها من معانٍ حسنة جميلة لعل الله أن ينفع بها أحدًا..

تَفُتُّ فُؤَادَكَ الأَيَّامُ فَتَّا           (1)        وَتَنْحِتُ جِسْمَكَ السَّاعَاتُ نَحْتَا
وَتَدْعُوكَ المْنَونُ دُعَاءَ صِدْقٍ    (2)        أَلاَ يَا صَاحٍ: أَنْتَ أُرِيدُ أَنْتَا
أَرَاكَ تُحِبُّ عِرْساً ذَاتَ خِدْرٍ    (3)        أَبَتَّ طَلاَقَهَا الأَكْيَاسُ بَتَّا
تَنامُ الدَّهْرَ وَيْحَكَ فِي غَطِيطٍ (4)        بِهَا حَتَّى إِذَا مِتَّ انْتَبَهْتَا
فَكَمْ ذَا أَنْتَ مَخْدُوعٌ وَحَتَّى    (5)        مَتَى لاَ تَرْعَوِي عَنْهَا وَحَتَّى ؟
" أَبَا بَكْرٍ" دَعَوْتُكَ لَوْ أَجَبْتَا    (6)        إِلَى مَا فِيهِ حَظُّكَ لَوْ عَقَلْتَا
إِلَى عِلْمٍ تَكُونُ بِهِ إِمَاماً         (7)        مُطَاعاً إِنْ نَهَيْتَ وَإِنَ أَمَرْتَا
وَيَجْلُو مَا بِعَيْنِكَ مِنْ غِشَاهَا   (8)        وَيَهْدِيكَ الطَّرِيقَ إِذَا ضَلَلْتَا
وَتَحْمِلُ مِنْهُ فِي نَادِيكَ تَاجاً    (9)        وَيَكْسُوكَ الْجَمَالَ إِذَا عَرِيتَا
يَنَالُكَ نَفْعُهُ مَا دُمْتَ حَياً        (10)      وَيَبْقَى ذِكْرُهُ لَكَ إِنْ ذَهَبْتَا
هُوَ الْعَضْبُ المُهَنَّدُ لَيْسَ يَنْبُو   (11)      تُصِيبُ بِهِ مَقَاتِلَ مَنْ ضَرَبتا
وَكَنْزٌ لاَ تَخَافُ عَلَيْهِ لِصّاً       (12)      خَفِيفَ الْحَمْلِ يُوجَدُ حَيْثُ كُنتَا
يَزِيدُ بِكَثْرَةِ الإِنْفَاقِ مِنْهُ        (13)      وَيَنْقُصُ إِنْ بِهِ كَفّاً شَدَدْتَا
فَلَوْ قَدْ ذُقْتَ مِنْ حَلْوَاهُ طَعْماً (14)      لآثَرْتَ التَّعَلُّمَ وَاجْتَهَدْتَا
وَلَمْ يَشْغَلْكَ عَنْهُ هَوىً مُطَاعٌ   (15)      وَلاَ دُنْيَا بِزُخْرُفِهَا فُتِنْتَا
وَلاَ أَلْهَاكَ عَنْهُ أَنِيقُ رَوْضٍ      (16)      ولا خِدرٌ برَبرَبه كَلفُتا
فَقُوتُ الرُّوْحِ أَرْوَاحُ الْمَعَانِي    (17)      وَلَيْسَ بِأَنْ طَعِمْتَ وَلاَ شَرِبْتَا
فَوَاظِبْهُ وَخُذْ بِالْجِدِّ فِيهِ        (18)      فَإِنْ أَعْطَاكَهُ اللهُ انتَفَعْتَا
وَإِنْ أُعْطِيتَ فِيهِ طَوِيلَ بَاعٍ    (19)      وَقَالَ النَّاسُ : إِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَا
فَلاَ تَأْمَنْ سُؤَالَ اللهِ عَنْهُ         (20)      بِتَوْبِيخٍ : عَلِمْتَ ؛ فَهَلْ عَمِلْتَا؟
فَرَأْسُ الْعِلْمِ تَقْوَى اللهِ حَقّاً     (21)      وَلَيْسَ بِأَنْ يُقَالَ : لَقَدْ رَأَسْتَا
وَأَفْضَلُ ثَوْبِكَ الإِحْسَانُ لَكِنْ   (22)      نَرَى ثَوْبَ الإِسَاءَةِ قَدْ لَبِسْتَا
إِذَا مَا لَمْ يُفِدْكَ الْعِلْمُ خَيْراً     (23)      فَخَيْرٌ مِنْهُ أَنْ لَوْ قَدْ جَهِلْتَا
وَإِنْ أَلْقَاكَ فَهْمُكَ فِي مَهَاوٍ      (24)      فَلَيْتَكَ ثُمَّ لَيْتَكَ مَا فَهِمْتَا
سَتَجْنِي مِنْ ثِمَارِ الْعَجْزِ جَهْلاً (25)      وَتَصْغُرُ فِي الْعُيُونِ إِذَا كَبِرْتَا
وَتُفْقَدُ إِنْ جَهِلْتَ وَأَنْتَ بَاقٍ     (26)      وَتُوجَدُ إِنْ عَلِمْتَ وَلَوْ فُقِدْتَا
وَتَذْكُرُ قَوْلَتِي لَكَ بَعْدَ حِينٍ     (27)      إِذَا حقّاً بِهَا يَوْماً عَمِلْتَا
وَإِنْ أَهْمَلْتَهَا وَنَبَذْتَ نُصْحاً      (28)      وَمِلتَ إِلَى حُطَامٍ قَدْ جَمَعْتَا
فَسَوْفَ تَعَضُّ مِنْ نَدَمٍ عَلَيْهَا   (29)      وَمَا تُغْنِي النَّدَامَةُ إِنْ نَدِمْتَا
إِذَا أَبْصَرْتَ صَحْبَكَ فِي سَمَاءٍ  (30)      قَدِ ارْتَفَعُوا عَلَيْكَ وَقَدْ سَفُلْتَا
فَرَاجِعْهَا وَدَعْ عَنْكَ الْهُوَيْنَى    (31)      فَمَا بِالْبُطْءِ تُدْرِكُ مَا طَلَبْتَا
وَلاَ تَخْتَلْ بِمَالِكَ وَالْهُ عَنْهُ      (32)      فَلَيْسَ الْمَالُ إِلاَّ مَا عَلِمْتَا
وَلَيْسَ لِجَاهِلٍ فِي النَّاسِ مُغْنٍ (33)      وَلَو مُلْكُ الْعِرَاقِ لَهُ تَأَتَّى
سَيَنْطِقُ عَنْكَ عِلْمُكَ فِي مَلاءٍ  (34)      وَيُكْتَبُ عَنْكَ يَوْماً إِنْ كَتَمْتَا
وَمَا يُغْنِيكَ تَشْيِيدُ الْمَبَانِي      (35)      إِذَا بِالْجَهْلِ نَفْسَكَ قَدْ هَدَمْتَا
جَعَلْتَ المَالَ فَوْقَ الْعِلْمِ جَهْلاً    (36)      لَعَمْرُكَ فِي الْقَضِيَّةِ مَا عَدَلْتَا
وَبَيْنَهُمَا بِنَصِّ الْوَحْيِ بَوْنٌ      (37)      سَتَعْلَمُهُ إِذَا " طَه " قَرَأْتَا
لَئِنْ رَفَعَ الْغَنِيُّ لِوَاءَ مَالٍ         (38)      لأَنْتَ لِوَاءَ عِلْمِكَ قَدْ رَفَعْتَا
لَئِنْ جَلَسَ الْغَنِيُّ عَلَى الْحَشَايَا (39)      لأَنْتَ عَلَى الكَوَاكِبِ قَدْ جَلَسْتَا
وَإِنْ رَكِبَ الْجِيَادَ مُسَوَّمَاتٍ     (40)      لأَنْتَ مَنَاهِجَ التَّقْوَى رَكِبْتَا
وَمَهْمَا افْتَضَّ أَبْكَارَ الْغَوَانِي    (41)      فَكَمْ بِكْرٍ مِنَ الحِكَمِ افْتَضَضْتَا ؟
وَلَيْسَ يَضُرُّكَ الإِقْتَارُ شَيْئاً     (42)      إِذَا مَا أَنْتَ رَبَّكَ قَدْ عَرَفْتَا
فَمَاذَا عِنْدَهُ لَكَ مِنْ جَمِيلٍ     (43)      إِذَا بِفِنَاءِ طَاعَتِهِ أَنَخْتَا
فَقَابِلْ بِالْقَبُولِ لِنُصْحِ قَوْلِي     (44)      فَإِنْ أَعْرَضْتَ عَنْهُ فَقَدْ خَسِرْتَا
وَإِنْ رَاعَيْتَهُ قَوْلاً وَفِعْلاً          (45)      وَتَاجَرْتَ الإِلَهَ بِهِ رَبحْتَا
فَلَيْسَتْ هَذِهِ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ       (46)      تَسْوؤُكَ حِقْبَةً وَتَسُرُّ وَقْتَا
وَغَايَتُهَا إِذَا فَكَّرْتَ فِيهَا          (47)      كَفَيْئِكَ أَوْ كَحُلْمِكَ إِذْ حَلَمْتَا
سُجِنْتَ بِهَا وَأَنْتَ لَهَا مُحِبٌّ      (48)      فَكَيْفَ تُحِبُّ مَا فِيهِ سُجِنْتَا ؟
وَتُطْعِمُكَ الطَّعَامَ وَعَنْ قَرِيبٍ  (49)      سَتَطْعَمُ مِنْكَ مَا فِيهَا طَعِمْتَا
وَتَعْرَى إِنْ لَبِسْتَ بِهَا ثِيَاباً       (50)      وَتُكْسَى إِنْ مَلاَبِسَهَا خَلعْتَا
وَتَشْهَدُ كُلَّ يَوْمٍ دَفْنَ خِلٍّ      (51)      كَأَنَّكَ لاَ تُرَادُ لِمَا شَهِدْتَا
وَلَمْ تُخْلَقْ لِتَعْمُرَهَا وَلٰكِنْ    (52)      لِتَعْبُرَهَا فَجِدَّ لِمَا خُلِقْتَا
وَإِنْ هُدِمَتْ فَزِدْهَا أَنْتَ هَدْماً   (53)      وَحَصِّنْ أَمْرَ دِينِكَ مَا اسْتَطَعْتَا
وَلاَ تَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَ مِنْهَا    (54)      إِذَا مَا أَنْتَ فِي أُخْرَاكَ فُزْتَا
فَلَيْسَ بِنَافِعٍ مَا نِلْتَ مِنْهَا        (55)      مِنَ الْفَانِي إِذَا الْبَاقِي حُرِمْتَا
وَلاَ تَضْحَكْ مَعَ السُّفَهَاءِ يَوْماً  (56)      فَإِنْكَ سَوْفَ تَبْكِي إِنْ ضَحِكْتَا
وَمَنْ لَكَ بِالسُّرُورِ وَأَنْتَ رَهْنٌ   (57)      وَمَا تَدْرِي أَتُفْدَى أَمْ غُلِلْتَا ؟
وَسَلْ مِنْ رَبِّكَ التَّوْفِيقَ فِيهَا   (58)      وَأَخْلِصْ فِي السُّؤَالِ إِذَا سَأَلْتَا
وَنَادِ إِذَا سَجَدْتَ لَهُ اعْتِرَافاً     (59)      بِمَا نَادَاهُ ذُو النُّونِ ابْنُ مَتَّى
وَلاَزِمْ بَابَهُ قَرْعاً عَسَاهُ           (60)      سَيَفْتَحُ بَابَهُ لَكَ إِنْ قَرَعْتَا
وَأَكْثِرْ ذِكْرَهُ فِي الأَرْضِ دَأْباً    (61)      لِتُذْكَرَ فِي السَّمَاءِ إِذَا ذَكَرْتَا
وَلاَ تَقُلِ الصِّبَا فِيهِ امْتِهَالٌ     (62)      وَفَكِّرْ كَمْ صَغِيرٍ قَدْ دَفَنْتَا
وَقُلْ : يَا نَاصِحِي بَلْ أَنْتَ أَوْلَى (63)      بِنُصْحِكَ لَوْ لِفِعْلِكَ قَدْ نَظَرْتَا
تُقَطِّعُنِي عَلَى التَّفْرِيطِ لَوْماً  (64)      وَبِالتَّفْرِيطِ دَهْرَكَ قَدْ قَطَعْتَا
وَفِي صِغَرِي تُخَوِّفُنِي الْمَنَايَا   (65)      وَمَا تَدْرِي بِحَالِكَ حَيْثُ شِخْتَا
وَكُنْتَ مَعَ الصِّبَا أَهْدَى سَبِيلاً   (66)      فَمَا لَكَ بَعْدَ شَيْبِكَ قَدْ نَكَثْتَا
وَهَا أَناَ لَمْ أَخُضْ بَحْرَ الْخَطَايَا (67)      كَمَا قَدْ خُضْتَهُ حَتَّى غَرِقْتَا
وَ لَمْ أَشْرَبْ حمَُيَّا أُمِّ دَفْرٍ         (68)      وَأَنْتَ شَرِبْتَهَا حَتَّى سَكِرْتَا
وَ لَمْ أَنْشَأْ بِعَصْرٍ فِيهِ نَفْعٌ      (69)      وَأَنْتَ نَشَأْتَ فِيهِ وَمَا انْتَفَعْتَا
وَلَمْ أَحْلُلْ بِوَادٍ فِيهِ ظُلْمٌ        (70)      وَأَنْتَ حَلَلْتَ فِيهِ وَانْتَهَكْتَا
لَقَدْ صَاحَبْتَ أَعْلاَماً كِبَاراً       (71)      وَلَمْ أَرَكَ اقْتَدَيْتَ بِمَنْ صَحِبْتَا
وَنَادَاكَ " الْكِتَابُ " فَلَمْ تُجِبْهُ   (72)      وَنَبَّهَكَ الْمَشِيبُ فَمَا انتَبَهْتَا
وَيَقْبُحُ بِالْفَتَى فِعْلُ التَّصَابِي   (73)      وَأَقْبَحُ مِنْهُ شَيْخٌ قَدْ تَفَتَّى
وَنَفْسَكَ ذُمَّ لاَ تَذْمُمْ سِوَاهَا     (74)      لِعَيْبٍ فَهْيَ أَجْدَرُ مَنْ ذَمَمْتَا
وَأَنْتَ أَحَقُّ بِالتَّفْنِيدِ مِنِّي        (75)      وَلَوْ كُنْتَ اللَّبِيبَ لَمَا نَطَقْتَا
وَلَوْ بَكَتِ الدِّمَا عَيْنَاكَ خَوْفاً    (76)      لِذَنْبِكَ لَمْ أَقُلْ لَكَ قَدْ أَمِنْتَا
وَمَنْ لَكَ بِالأَمَانِ وَأَنْتَ عَبْدٌ      (77)      أُمِرْتَ فَمَا ائْتَمَرْتَ وَلاَ أَطَعْتَا
ثَقُلْتَ مِنَ الذُّنُوبِ وَلَسْتَ تَخْشَى          (78)      لِجَهْلِكَ أَنْ تَخِفَّ إِذَا وُزِنْتَا
وَتُشْفِقُ لِلْمُصِرِّ عَلَى المَعَاصِي (79)      وَتَرْحَمُهُ وَنَفْسَكَ مَا رَحِمْتَا
رَجَعْتَ الْقَهْقَرَى وَخَبَطْتَ عَشْوَا          (80)      لَعَمْرُكَ لَوْ وَصَلْتَ لما رَجَعْتَا
وَلَوْ وَافَيْتَ رَبَّكَ دُونَ ذَنْبٍ      (81)      وَنُوقِشْتَ الْحِسَابَ إِذاً هَلَكْتَا
وَلَمْ يَظْلِمْكَ فِي عَمَلٍ وَلٰكِنْ (82)      عَسِيرٌ أَنْ تَقُومَ بِمَا حَمَلْتَا
وَلَوْ قَدْ جِئْتَ يَوْمَ الْحَشْرِ فَرْداً (83)      وَأَبْصَرْتَ الْمَنَازِلَ فِيهِ شَتَّى
لأَعْظَمْتَ النَّدَامَةَ فِيهِ لَهْفاً     (84)      عَلَى مَا فِي حَيَاتِكَ قَدْ أَضَعْتَا
تَفِرُّ مِنْ الْهَجِيرِ وَتَتَّقِيهِ        (85)      فَهَلاَّ مِنْ جَهَنَّمَ قَدْ فَرَرْتَا
وَلَسْتَ تُطِيقُ أَهْوَنَهَا عَذَاباً      (86)      وَلَوْ كُنْتَ الْحَدِيدَ بِهَا لَذُبْتَا
وَلاَ تُنْكِرْ فَإِنَّ الأَمْرَ جِدُّ         (87)      وَلَيْسَ كَمَا حَسِبْتَ وَلاَ ظَنَنْتَا
" أَبَا بَكْرٍ " كَشَفْتَ أَقَلَّ عَيْبِي  (88)      وَأَكْثَرَهُ وَمُعْظَمَهُ سَتَرْتَا
فَقُلْ مَا شِئْتَ فِيَّ مِنَ الْمَخَازِي            (89)      وَضَاعِفْهَا فَإِنَّكَ قَدْ صَدَقْتَا
وَمَهْمَا عِبْتَنِي فَلِفَرْطِ عِلْمِي   (90)      بِبَاطِنِهِ كَأَنَّكَ قَدْ مَدَحْتَا
فَلاَ تَرْضَ الْمَعَايِبَ فَهُو عَارٌ    (91)      عَظِيمٌ يُورِثُ الْمَحْبُوبَ مَقْتَا
وَيَهْوِي بِالْوَجِيهِ مِنَ الثُّرَيَّا      (92)      وَيُبْدِلُهُ مَكَانَ الْفَوْقِ تَحْتَا
كَمَا الطَّاعَاتُ تُبْدِلُكَ الدَّرَارِي   (93)      وَتَجْعَلُكَ الْقَرِيبَ وَإِنْ بَعُدْتَا
وَتَنْشُرُ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا جَمِيلاً  (94)      وَتَلْقَى البِرَّ فِيهَا حَيْثُ شِئْتَا
وَتَمْشِي فِي مَنَاكِبِهَا عَزِيزاً     (95)      وَتَجْنِي الْحَمْدَ فِيمَا قَدْ غَرَسْتَا
وَأَنْتَ الآنَ لَمْ تُعْرَفْ بِعَيْبٍ       (96)      وَلاَ دَنَّسْتَ ثَوْبَكَ مُذْ نَشَأْتَا
وَلاَ سَابَقْتَ فِي مَيْدَانِ زُورٍ     (97)      وَلاَ أَوْضَعْتَ فِيهِ وَلاَ خَبَبْتَا
فَإِنْ لَمْ تَنْأَ عَنْهُ نَشِبْتَ فِيهِ      (98)      وَمَنْ لَكَ بِالْخَلاَصِ إِذَا نَشِبْتَا
تُدَنِّسُ مَا تَطَهَّرَ مِنْكَ حَتَّى    (99)      كَأَنَّكَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا طَهُرْتَا
وَصِرْتَ أَسِيرَ ذَنْبِكَ فِي وَثَاقٍ    (100)    وَكَيْفَ لَكَ الْفِكَاكُ وَقَدْ أُسِرْتَا
فَخِفْ أَبْنَاءَ جِنْسِكَ وَاخْشَ مِنْهُم          (101)    كَمَا تَخْشَى الضَّرَاغِمَ وَالسَّبَنْتَى
وَخَالِطْهُمْ وَزاَيِلْهُم حِذَاراً       (102)    وَكُنْ كَـ "السَّامِرِيِّ " إِذَا لُمِسْتَا
وَإِنْ جَهِلُوا عَلَيْكَ فَقُلْ : سَلاَمٌ (103)    لَعَلَّكَ سَوْفَ تَسْلَمُ إِنْ فَعَلْتَا
وَمَنْ لَكَ بِالسَّلاَمَةِ فِي زَمَانٍ    (104)    تَنالُ الْعِصْمَ إِلاَّ إِنْ عُصِمْتَا
وَلاَ تَلْبَثْ بِحَيٍّ فِيهِ ضَيْمٌ        (105)    يُمِيتُ الْقَلْبَ إِلاَّ إِنْ كُبِلْتَا
وَغَرِّبْ فَالتَّغَرُّبُ فِيهِ خَيْرٌ       (106)    وَشَرِّقْ إِنْ بِريِقِكَ قَدْ شَرِقْتَا
فَلَيْسَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا خُمُولاً (107)    لأَنْتَ بِهَا الأَمِيرُ إِذَا زَهِدْتَا
وَلَوْ فَوْقَ الأَمِيرِ تَكُونُ فِيهَا     (108)    سُمُّواً وَارْتِفَاعاً كُنْتَ أَنْتَا
فَإِنْ فَارَقْتَهَا وَخَرَجْتَ مِنْهَا     (109)    إِلَى " دَارِ السَّلاَمِ " فَقَدْ سَلِمْتَا
وَإِنْ أَكْرَمْتَهَا وَنَظَرْتَ فِيهَا      (110)    لإِكْرَامٍ فَنَفْسَكَ قَدْ أَهَنْتَا
جَمَعْتُ لَكَ النَّصَائِحَ فَامْتَثِلْهَا   (111)    حَيَاتَكَ فَهْيَ أَفْضَلُ مَا امْتَثلْتَا
وَطَوَّلْتُ الْعِتَابَ وَزِدْتُ فِيهِ      (112)    لأَنَّكَ فِي الْبَطَالَةِ قَدْ أَطَلْتَا
وَلاَ يَغْرُرْكَ تَقْصِيرِي وَسَهْوِي  (113)    وَخُذْ بِوَصِيَّتِي لَكَ إِنْ رَشَدْتَا
وَقَدْ أَرْدَفْتُهَا تِسْعاً حِسَاناً       (114)    وَكَانَتْ قَبْلَ ذَا مِائَةً وَسِتَّا

وَصَلِّ عَلَى تَمَامِ الرُّسْلِ رَبِّي   (115)    وَعِتْرَتِهِ الْكَرِيمَةِ مَا ذُكِرْتَا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق