03/04/2022

فوضى ثبوت دخول شهر رمضان

(فوضى ثبوت دخول شهر رمضان)
 #فوضى_وجهل #ثبوت_الشهر #رمضان
لا تنفك العامة عن اجتهاداتها المجردة عن العلم والفهم في دين الله، فيأخذون في كل عام زمام الأمور ويبدؤون بالتنظير والتقرير بخطأ الدولة الفلانية وصحة الدولة العلانية، وبعد ظهور الهلال تخرج كلتا الطائفتين -المُخَطِّئة والمُصَوِّبة- لتنقض ما بدأته أول مرة فتطلق عبارات الشك في صحة وبطلان الرؤية الشرعية للهلال!
وهكذا دواليك في دوامة من الجهل -والحُمقِ أحيانًا- لا تنتهي فيا لله العجب!
#إضاءة
عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: "الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشْرُونَ لَيْلَةً، فلا تَصُومُوا حتَّى تَرَوْهُ، فإنْ غُمَّ علَيْكُم فأكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ" أخرجه البخاري.
 
"فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".
أخبر النبي عليه السلام أن الشهر يكون تسعًا وعشرين يومًا ويكون ثلاثين يومًا، وقوله: فإن غم عليكم، أي: يوم التاسع والعشرين ليلة الثلاثين فلم تستطيعوا أن تروه بسبب حائل من غبار أو غيم فأكملوا أيام شعبان ثلاثين يومًا وهي أقصى مدة للشهر العربي فإنه لا يزيد على الثلاثين ولا ينقص عن تسع وعشرين.
وهنا مسألة وهي أن الغم المذكور في الحديث يمكن أن يكون غمًّا بسبب عدم رؤية الهلال مع كون السماء صحوًا، وهنا لا إشكال في أن شعبان ثلاثون يومًا.. ويمكن أن يكون بسبب حائل من غيم أو غبار ونحوه، وهنا له حالان: إما أن يكون الهلال لم يتولد فيكون الشهر ثلاثون يومًا، وإما أن يكون قد تولد بالفعل ولكن حال حائل من رؤيته وفي كلتا الحالتين وجب إتمام عدة الشهر ثلاثون يومًا باتفاق جمهور العلماء، وهذا ما يسمى يوم الشك وهو بالإجماع منهي عن صيامه.
فإذا غم الهلال وكان قد تولد بالفعل فإنه سيكون في اليوم التالي ابن ليلتين، وهنا حكم النبي صلى الله عليه وسلم بصحة الصيام وصحة دخول الشهر مع كونه قد تولد بالفعل ولكنه غُمَّ على الناس!
فإذن لا إشكال في صيام الناس بحسب ما يراه أهل العلم في بلدانهم وليس على عوام الناس إلا الالتزام بأمر ولاتهم لأنه حكم عام خاص بأولي الأمر.
#إضاءة
عن عُمَرَ -رضي الله عنه- قال: أنَّ الأهِلَّةَ بعضُها أكبرُ من بعضٍ، فصوموا لرُؤيَتِه وأفطِروا لرُؤيَتِه. أخرجه ابن العربي في أحكام القرآن وصححه.
وورد في بعض الآثار التي صححها بعض أهل العلم أن: من اقترابِ الساعةِ انتفاخُ الأهلَّةِ.
وهنا مسألة أخرى وهي أن الأهلة قد يحصل فيها نوع ضوء زائد يوهم الرائي أنها أكبر من عمرها الحقيقي فيتوهم الخطأ وهو صواب، ومن هنا لا بد من الرجوع إلى أهل العلم وأصحاب الخبرة في ترائي الأهلة وهم المنوط بهم الحكم على عمر الهلال وليس للعامة الذين يلوكون الكلام بلا فهم ولا أثارة من علم.
وأخيرًا فإن الواجب على المسلم التسليم للأحكام الشرعية القائمة على الكتاب والسنة ولا يلتفت إلى تشكيك المشككين لتطمئن القلوب إلى ذلك وتُقبل الأمة على عبادة ربها بلا شك ولا مرية.
ويظهر من هذا التفصيل أعلاه سماحة الشريعة ويُسرها في كل حال فهذه الأمة الإسلامية وزمن الخلفاء لم تكن تصوم على رؤية بلد واحد بل قد حصل في زمن واحد خلافة أموية وأخرى عباسية وأخرى عُبيدية وغيرها ولم يؤثر أنهم كانوا يصومون معًا وإنما كل أهل قُطر لهم رؤيتهم ومنوط بهم تحري الأهلة ولم يكن ينكر أحد على أحد أو يلتزم بلد برؤية بلد، ففي حديث كُريب أنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بِالشَّامِ، قَالَ : فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا_ ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ : مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ؟ فَقُلْتُ رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ : لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ) رواه مسلم.
والمسألة فيها أقوال أخرى وخلاف معروف والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
والحمد لله رب العالمين
وكتب: أحمد بن طريف أبو موسى الغرايبة
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
آمين
ليلة الإثنين غرة رمضان لسنة 1443هـ
 

هناك تعليقان (2):