18/08/2024

(دعوة السلفيين لقراءة مسوَّدات=(بروتوكولات) حكماء صهيون ليست طريقة سلفية)! [المقالة الأولى]

 

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، أما بعد:

فقد سمعت مقطعًا مصورًا لمشهور حسن نقل فيه عن أحد طلابه أنه قال إن مسوَّدات=(بروتوكولات) حُكماء صهيون كانت تُدرس في مقرر (القضية الفلسطينية) في بلدنا الأردن عام 1962م، وذكر كلامًا -وهو يتلوَّع حسرةً- عن مطامع اليهود في المنطقة العربية، وعن مُخططاتهم الخفية والظاهرة.

وقد نصح في أثناء الكلام وفي نهايته طلبةَ العلم بقوله:

"أنصح الإخوة أن يقرؤوا [مسوَّدات=]*(بروتوكولات) حكماء صهيون حتى يفهموا ماذا يجري حولهم وحتى ينتبهوا انتباهًا زائدًا".

فهل نصيحة الإخوة بقراءة مسوَّدات اليهود طريقة سلفية أثرية، وهل إذا قيل إن هذا خاص بطلبة العلم فهل هم على وتيرة واحدة من الحصانة والفهم؟

إن النصيحة بقراءة كتب اليهود هي غِشٌّ للطلبة في حقيقتها، فالسلف مُجمعون على النهي عن قراءة كتب أهل البدع من المنسوبين لأمة الإسلام فكيف بقراءة كتب الملاحدة والفلاسفة من اليهود والنصارى؟!

وعلى كل حال فقد علل الشيخ مشهور -بصره الله- نصيحته هذه بقوله:

"اقرؤوا إخواني بروتوكولات حكماء صهيون، أقول لكم اقرؤوها حتى أصل لمرادي فإني أصبحتُ لا أستطيع أن أصل لمرادي. حتى تأخذوا ثوابتكم من الكتاب والسنة فلا تتأثرون بالإعلام".

فما هو مراد الشيخ من النصيحة بقراءة هذه المسوَّدات اليهودية والذي أصبح عاجزًا أن يصل إليه؟!

إن التناقض الصارخ في كلامه واضح لكل عاقل فكيف يجتمع النصح بقراءة هذه الكتب وبين أخذ الثوابت من الكتاب والسنة؟

إن عدم التأثر بمكائد الإعلام إنما يكون بالتمسك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والالتزام بمنهجهم ولا يكون بقراءة كتب اليهود والنصارى التي لا دليل على صحة نسبتها لهم -أولًا- ولا خير في محتواها -ثانيًا-، فأي ثوابت يمكننا المحافظة عليها بدلالة الطلبة على قراءتها والنظر في بنودها؟

ثم يزعم الشيخ -هداه الله- أن طلبة العلم يُنفذون هذه البروتوكولات ويستجيبون لها ولذلك هم متفرقون!

قال: "طلبة العلم متفرقين لأنهم استجابوا لبروتوكولات حكماء صهيون"!

أيُّ فرية هذه؟ ومن أطلعك عليها؟

إن مجرد ذكر اليهود بأنهم يستخدمون بثَّ الفرقة والخصومة والعداوة بين فئات المجتمع لِيَصلُوا إلى مرادهم كما ورد في البند الثالث من مسوَّداتهم (ص127):

«ونحن نحكم الطوائف باستغلال مشاعر الحسد والبغضاء التي يؤججها الضيق والفقر، وهذه المشاعر هي وسائلنا التي نكتسح بها بعيدًا كل من يصدوننا عن سبيلنا».

إن هذا ليس دليلًا يُتهم به طلبة العلم بأنهم يُنفِّذون مخططات يهود، ولَعَمْرِي إنها لفرية عظيمة -حتى لو قيلت على سبيل التجوُّز- أن تُذاع على الملإ ليسمعها عوام الناس الذين أفقدهم= تمييع بعض المنتسبين إلى السلفية للقضايا المنهجية بحجة الاتفاق والائتلاف وعدم تفريق الأمة= تمييز الغث من السمين ممن يتصدر لتدريس الناس وتعليمها أمر دينها!

كيف يُقال هذا وما المقصود من ورائه في خضم حرب يقودها هو نفسه على السلفيين الذين يُحذرون من التحزبات والجماعات التي هي سبب نَكَساتِ الأمة المتتالية وسببٌ رئيسٌ في سفك دمائها واستعداء وحوش أعدائها عليها، ويساعده على حربه هذه بعض (الزعران) وبعض المندسين في صفوف الدعوة السلفية ممن ليسوا من أبنائها!

فما سرُّ حرص الشيخ مشهور على قراءة طلبة العلم لمسوَّدات حُكماء صهيون، وماذا في ثناياها من معاني وما علاقة ذلك بالهجمة الشرسة على طلبة العلم الذين يُحذرون من حماقات الفصائل المرتبطة بإيران ووصف بعض المتعلقين بإزاره للسلفيين بأنهم غُلاة ومداخلة وصهاينة؟ ولماذا لم ينصح مشهور حسن بقراءة هذه المسوَّدات في النازلة العراقية والشامية؟

في حين كان الشيخ -هداه ربه- يُجرِّم كل أنواع المقاومة في العراق وسوريا ويرد بالتسفيه لآراء العلماء الذين أفتوا بالجهاد والمقاومة ويكتب في ذلك المُقدمات ويؤلف المؤلفات التي يقرر فيها عبثية هذه الجهاديات غير القائمة على أصل الكتاب والسنة ولا على الفقه ومقاصد الشريعة الغراء؛ فما الذي تغير وهل بنود هذه المسوَّدات=(البروتوكولات) غير مؤثرة في نازلة العراق وسوريا بينما لها كل الأثر فيما يجري في فلسطين تحديدًا!

يتبع....

----------------------------------

* مسودات، هي إحدى ترجمات كلمة (بروتوكول) لذلك أستخدمها لا على سبيل وصف البروتوكولات ولكن على سبيل ترجمة الكلمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق