08/08/2024

والحق ما شهدت به الأعداء!

 

(المدخلية / المداخلة)

فرية يُطلقها علينا (زعران) الجماعات الإسلامية و(زعران) المنتسبين إلى السلفية في هذه الفتنة الأخيرة، نحن بُرآءُ منها براءة الذئب من دم نبي الله يوسف -عليه السلام- ،وهذه الفرية هي وصفهم لنا بوصف هو بالنسبة لنا (مع كونه شرفًا وفخرًا) انتسابٌ إلى عالم قاربَ المئة من سني عُمره التي قضاها في العلم والتعليم والتحذير من كل مخالف لشريعة الله ومنهج أنبيائه من حزبي متأسلم ومن سلفي متستر بالسلفية ليكون الدينُ كله لله، فلا حزبيات ولا عصبيات ولا مدرسة متبوعة إلا مدرسة محمد ﷺ التي جاء بها على المحجة بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك!

والشيخ ربيع المدخلي -حفظه الله- زكاه العلماء الكبار وزكوا منهجه التحذيري لأنه من النصيحة للمسلمين، والعالم المنصف يعلم أن الجرح لكل مخالفٍ والتعديل لكل موافقٍ هو السور الحامي لأصل الدين والعقيدة، فكما قال ابن عساكر: "لولا الأئمة الأكابر لخطبت الزنادقة على المنابر"!

فإذا كان الناس يستعملون الجرح والتعديل في شراء الخُضَر والفواكه والملابس وغيرها فيقولون: جيد وعاطل، وخيِّرٌ وسيئ؛ فمن باب أولى أن يُستعملَ هذا الجرح والتعديل في كل من تكلم في دين الله تعالى وتصدر لتدريس الناس، لكنْ لزعارة البعض تجده يُشوِّشُ على هذا العلم=(الجرح والتعديل) بحجة أن (المداخلة) يُسقطون الناس وأن فيهم (غِلظة) وأن فيهم (غلوًّا) وهم كذَّابون -والله!- فليس فينا غلظة إلا على المخالف للنصوص -كما كان يغضب الرسول ﷺ- أو المتنكب لطريقة العلماء الكبار الذين شهد لهم أقرانهم بالعلم والفهم وسلامة المُعتقد والمنهج، فهل إذا كان عند البعض من المنتسبين إلى السلفية نوعُ شدَّة؛ فهل يجوز أن يُوصف كلُّ من حذَّر من مخالفة العقيدة والمنهج بهذا الوصف وهل يستحق تنفير الناس عنه؟!

وبينما كنت أتصفح حسابات القوم وجدت أحدهم -وأنا أعرفه منذ سنوات طوال- لكن ما يميزه عن القوم -حقيقة- أنَّ (شوره من راسه) قويُّ النقد لمن يُدافع عنهم -من أخدانه- لكنه لا يكف لسانه عنهم إذا ما وقعوا في التناقض، ومما يميزه -كذلك- أنه لا يُغير مبدأه -فيما علمته عنه من قديم- فإذا انتقد عند أحدٍ خصلة -هو يراها باطلة- أرخى العنان لعباراته اللاذعة لنقد كل مَن يقع فيها دون رحمة أو مواربة أو مُداراة، فهو بهذا الوصف عند (زعران) الإخوان ومن لف لفهم أشد من (المداخلة) والمخارجة عليهم!

كتب المذكور مقالة= أراد أن ينتقد فيها من أسماهم (مداخلة إيران) وهو وصف -أضحكني بشدة- وصف به من يعادون كل من ينتقد خمااش وحماقاتها والبلاء موكل بالمنطق فقد سلط الله على (زعران) الإخوان من يصفهم بما وصفوا به غيرهم -زورًا وبُهتانًا- =أرى أنها من الأهمية بمكان يتبين فيها أن جميع الفرق والأحزاب تُعادي السلفيين الذين يصفونهم بالـ (مداخلة) ويتفقون على حربهم ويسكتون مع ذلك عن من يوالي الرافضة وحزبهم،فقال واصفًا حالهم:

"لعل أكثر الأحزاب والجماعات والاتجاهات الإسلامية قد اتفقت على ذم (المداخلة)،

ورأيت بعضهم يقول إنه مستعد للمصالحة مع جميع الفرق باستثناء هذه الفرقة"!

قلتُ -أبو موسى-:

الحمد لله الذي جعلنا شوكة في حلوق هؤلاء المذكورين فنحن ما خالفنا دين الله -لا والله- ولكن لأننا ضربنا كل مُخالف لدين الله بمنجنيق السنة وآثار السلف، فقلنا  (للأعور) أعور وقلنا (للبصير) بصير، فأي منقبة نُذم بها في هذا الزمان الذي "يؤتمن فيه الخائن ويُخون فيه الأمين"؟!

وقوله -سدده الله- إن بعض هؤلاء مستعدٌ للمصالحة مع أي فرقة إلا مع (المداخلة) دليلٌ آخرُ على أننا على الحق -إن شاء الله- فنحن نجد الإخوان والسرورية وكل المنتمين لهذه الأحزاب ممن يحمل سيفه أو يسلُّ لسانه على الحُكام (أمراء وعلماء) يقبلون في صفوفهم الرافضي والصوفي والتبليغي وكل مُمَخْرَقٍ بل يقبلون قول كل علماني ينتقد السلفيين ولا يقبلون إخوانهم السلفيين الذين يحذرونهم من البدعة وينهونهم عن مخالفة منهج السلف، فتأمل يا رعاك الله حالُ مَنْ هو الموافقُ للحقِّ!

ثم قال -هداه الله مراشد الأمور-:

"وآخرون أعلنوا الحرب عليها (مع صحة معتقدها العلمي) وتركوا الحديث حتى عن الفرق العقائدية الضالة، وهكذا في شبه اتفاق (غير معلن) على الحرب عليها".

يا لله العجب!

قد شهد الكاتب وهو من أشد الناس لسانًا على من يسمونهم (المداخلة) بأن (المداخلة) صحيحو المعتقد (العلمي -كذا-!) وقوله: (العلمي)؛ أنا أعرفه منه فهو يحفظ (خط الرجعة) بذِكرِهِ ليقول إنهم -أي السلفيين- يُخالفون عند (التطبيق العملي) وهي طريقة أهل اللسان من أتباع السرورية أو ممن شاكلهم وليس منهم فيتهمون السلفيين بعدم الفهم أو عدم معرفة الأصول!

وعلى كل حال فشهادة الكاتب بصحة معتقد (المداخلة) يؤسس لسؤال مهم ألا وهو:

إذا كان معتقد (المداخلة) العلمي صحيحًا؛ فما هو الخطأ العملي الذي وقعوا فيه يا تُرى؟

يجيب الكاتب على هذا السؤال بقوله:

"ولو سألت الجميع عن أبرز صفات تلك الفرقة والذي جعلهم يتخذون هذا الموقف العدائي المشترك لقالوا :

أ. تصنيفهم الناس، هذا (حزبي وهذا سروري وهذا مميع) ... الخ.

ب. تعظيم الحكام، والثناء عليهم على ما عندهم من خلل وضلال ومعاص.

وأبرز مثال يذكرونه في هذا السياق مثال قذر فعلا وهو (زنى الحاكم نصف ساعة كل يوم على الهواء مباشرة!)".

إذن! فالمأخذ على من يسمونهم بالـ(مداخلة) وهم السلفيون -حقًّا وصدقًا- أمران اثنان:

الأول: تصنيفهم للناس. وقولهم: هذا حزبي وهذا سروري وهذا مميع.. إلخ.

فجواب هذا أن ينظر المسلمون أجمعون هل يوجد في شرع الله تصنيف؟

ولعل باحثًا مُنصفًا يقولُ الحقَّ بأن دين الله كله تصنيف بلهَ لا يوجد فيه إلا التصنيف، بل التصنيف أسُّ الشريعة التي يُعلم بها الموافق من المخالف، والكاتب ومَن ينتقدهم يمارسون هذا التصنيف الذي يذموننا به فيقولون: (مداخلة!) وهو نفسه جاء بفرع جديد فقال: (مداخلة إيران!) وهو وهُم كذلك يصنفون فرقًا من المسلمين فيقولون: (جهمية، أشاعرة، صوفية، خوارج، باطنية، رافضة، شيعة، زيدية، سهروردية، .... إلخ) في تصنيفات لا تكاد تنتهي، فعلامَ التشنيع على وصف السلفيين=(المداخلة) للبعض بالإخوانية والسرورية والتمييع؟! أليست أوصافًا لها أدلتها -عندهم- كما أن لأوصافٍ توافقونَ عليها أدلتها -عندكم-؟

فإما أن تقبلوا الجميع أو تُسقطوا الجميع، ليقال عندها أنكم أهل إنصاف لا إجحاف!

والتصنيف قديم عند السلف وكتبهم تطفح به بل إنهم قد يصفون رجلًا بالزندقة لمجرد أنه قال كلمة أو عاب طائفة من السلف.

«قال أبو إسماعيل الترمذي: كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أبي عبداللَّه أحمد بن حنبل، فقال له أحمد بن الحسن: يا أبا عبداللَّه ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث.

فقال: أصحاب الحديث قوم سوء.

فقام أبو عبداللَّه، وهو ينفض ثوبه، وقال: ‌زنديق، ‌زنديق، ‌زنديق، ودخل البيت.

انظر: "طبقات الحنابلة".

فهل كان الإمام أحمد (مدخليًا) يُصنف الناس ويصفهم بأوصاف التنفير والتشهير؟!

طبعًا الأدلة على وجود التصنيف عند السلف لو جُمعت لكانت مجلدًا أو أكثر ولسنا بمبتدعين أمرًا لم يكن عليه سلفنا، فهل يُعابُ من اتبع السلف في تصنيف المخالفين يا أيها المؤمنون؟!

الثاني: "تعظيم الحكام، والثناء عليهم على ما عندهم من خلل وضلال ومعاص.

وأبرز مثال يذكرونه في هذا السياق مثال قذر فعلا وهو (زنى الحاكم نصف ساعة كل يوم على الهواء مباشرة!)".

قلت هذه فرية صلعاء -ثانية- فالسلفيون لا يُعظمون الحُكام ولا يثنون على ما عندهم من المعاصي والضلال بل الذي يفعلونه الثناء على ما عندهم من الخير ليكثُر، ويُحذرون مما عندهم من الانحراف العقدي والأخلاقي من غير تثوير للناس أو ذكر للحاكم بالسوء، ونحن في هذا -كذلك- متبعون للسلف، فالدعاء للسلطان وطاعته وتحبيب قلوب الناس له ليس تعظيمًا ولا ثناءً بالباطل، بل هو من دين السلف الذي مارسوه، فإذا كان يجوز مدح رجل من الناس على ما عنده من التلبس بالمعاصي ترغيبًا له بالخير فلمَ الإنكار على مَن مدح السلطان -بالحق-؟ وإن كان لا يجوز مدح رجل متلبس بالمعاصي فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

والسلطان الحاكم ليس كغيره من الناس في جميع الأحكام فله خصوصيته وقد أرشد النبي ﷺ الناس إذا رأوا من السلطان شيئًا من معصية الله أو مخالفة شرعه بقول: “وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه؛ فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدًا من طاعة” رواه مسلم في صحيحه.

فالنبي ﷺ هنا لم يقل (أبغضوا سلطانكم) وإن كان السلطان قد يُبغض في القلوم لطغيانه وشرِّه، ولكنه قال: "فاكرهوا عمله" فلو سكِر الحاكم أو زنا أو فعل كل كبيرة فإننا نكره هذه الكبيرة وهذه المعصية منه كما نكرهها من غيره وننكرها بالطرق الشرعية التي بينها العلماء، ولكن إظهار كراهية السلطان -لذاته لا لمعصيته- فيها من إيغار صدور العامة ما يعرفه الكاتب وغيره، فهل خرجت الخوارج على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- (وهو خيرٌ مِن كلِّ مَن جاء بعده بلا خلاف) إلا بإظهار كراهيته ومثالبه ونشر ذلك بين عامة الناس حتى خرجوا بالآلاف فقتلوه صائمًا تاليًا لكتاب ربه -رضي الله عنه وأرضاه-؟!

فالسلفيون ممن يُسميهم المخالفون (مداخلة) لم يُعظموا الحُكام ولم يمدحوهم ولم يقبلوا معصيتهم ولم يتَّبعوهم على ضلالهم كما فعلت الأحزاب والجماعات المتدثرة بالإسلام اليوم في كثير من المواقف التي تُخالف كلامهم وعقائدهم.

ولا بُد هنا من ذكر مسألة مهمة وهي أن الثناء على الحاكم وعدم تكريه العامة بشخصه هو مصلحة راجحة اليوم تُدرأ بها مفسدة متحققة من جرَّاء الذم والثلب الذي يطالبنا به أهل الأهواء من تلك الفرق، ولننظر في ثورات الربيع العربي التي تولى الإخوان وتفرعاتهم إما الدعوة إليها عبر وسائل الإعلام وإما بتنفيذها بحمل السلاح على أرض الواقع، فما الذي استعمله الدعاة وقودًا لتأجيجها وإنجاحها؟

لقد اتخذوا من ذم الحُكام وتكفيرهم ووصفهم بالموالاة المُكفرة لليهود والنصارى وجعلهم أعدى أعداء الإسلام في قلوب العوام حتى ثارت ثائرتهم وقامت قيامتهم فشُرِّدُوا وانتُهِكَتْ أعراضهم ودُمرت بلادهم واستشرى القتل فيهم واستباح بلادَهُم الرافضة واليهود والنصارى والهندوس وكل ملة تُعادي الإسلام وأهله وتطمع لأن تكون آكلةً من قصعة أهل الإسلام!

فالمدح في مقابل ذم هذه الأحزاب هو الصواب المتعين على العقلاء، لأن لكل شيء ما يقابله ويدفعه فكيف تُمنع الثورات وكيف يُمنع الخروج والناس تسمع ليل نهار الذم للسلطان وبُغضه علانيةً وفي كل نادٍ؟!

ونحن نتبع مع المُثورين على الحُكام طريقة سلفية فقد صحح السلف ورووا أحاديث -ضعيفة من حيث الصنعة الحديثية- ولكنها تُغيظ أهل البدع من الجهمية وغيرهم فكانوا يروونها ويستحسنونها لما فيها من إرغام لأنوف أهل البدع وتثبيت لعقيدة السلف في وجدان الأمة، ولم يُنكر عليهم أصحاب الورع البارد في زمانهم فالسلفيون= (المداخلة) مُتبعون لا مبتدعون، ولا أعلم سلفيًا واحدًا مدح في الحُكام عدم تحكيم شرع الله في البلاد، ولا مدح فيهم إقامة الموالد البدعية، ولا مدح إقامتهم المهرجانات التي يُعصى الله فيها، فإطلاق القول بهذه الصورة غش ومكر وخديعة للقراء والله يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (والسلطانُ -أيَّدَه الله وسَدَّدَه- هو مِن أحقِّ مَن تَجبُ معاونتُه على مصالح الدنيا والآخرة، لِمَا جَمَعَ الله فيه من الفضائلَ والمناقب.

وكان من أسباب هذه التحية أنَّ فلانًا قَدِمَ، ولكثرةِ شكرِه للسلطانِ وثنائِه عليه ودُعاَئِه له حتى في الأسحارِ وغيرِها يُكثِرُ المفاوضةَ في محاسنِ السلطان، ويُجَدِّدُ بحضورِه للسلطانِ من الثناءِ والدعاءِ ما هو مِن بُشْرَى المؤمن، كما قالوا: يا رسول الله! الرجلُ يَعملُ العملَ لنفسِه فيَحْمَدُه الناسُ عليه، فقال: “تلكَ عَاجِلُ بُشْرَى المؤمنِ”.

فالسلطانُ جَعلَ اللهُ فيه مِن الاشتمالِ على أهلِ الاستحقاقِ ما يَأجُرُه الله عليه. وفلانٌ هذا من خِيارِ الناس وأصدقِهم وأنفعِهم، ومن بيت معروف، وقد جعلَ الله فيه من المحبَّهِ والثناء على السلطان ما هو من نِعَم الله عليه، وهو من أهل الخيرِ والدين معروف، فجَمعَ الله بسببه للسلطان قلوبًا تُحِب السلطانَ وتَدعُو له). [انظر:  كتاب جامع المسائل لابن تيمية – المجموعة الخامسة (ص٢٢٩) ].

فهذا المدح المذكور في كلام شيخ الإسلام هل هو من (المدخلية) أم تطبيقًا للسنة النبوية وهدي السلف في التعامل مع الحُكام وإن كانوا ظلمة فسقة؟!

وقد وصف الكاتب مثالًا ذكره أحد المشايخ بقوله: (مثال قذر فعلا)، وهو زنا الحاكم نصف ساعة.. إلخ، وهذا المثال مع كونه مثالًا صارخًا لأشد ما يمكن أن يقوم به سلطانٌ أمام الناس كشرب الخمر كذلك وجلد الأبرياء كذلك وغيرها من المعاصي والكبائر التي قد تقع من الولاة، فهو -وإن حصل استنكار البعض له- لا إشكال فيه؛ فالزنا ساعتين أو أكثر ليس بموجب نزع يد الطاعة -هذا هو المعنى والمغزى من المثال- فإنَّ زِناهُ على نفسه وطاعتنا له (بالمعروف) قُربة لنا والله يتولى حسابه، وهو بزناه لم يخرج من دائرة الإسلام إلا عند من يُكفر بالكبيرة من فرق الخوارج، وقد حصل ما هو أشد من هذا الزنا في زمن السلف فما ثوروا الناس وما كرهوهم في سلطانهم، فقد كان عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان يشرب الخمر، حتى إنه صلى بهم الصبح مرة أربعًا ثم قال: أزيدكم؟. فقال له ابن مسعود: (ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة)!

فأيهما أشد في دين الله؟

الزنا بالفاجرات أم زيادة الركعات عمدًا في الصلوات؟!

وقد سبق وأن ذكر هذا المثال وأشد منه الشيخ العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- حيث قال في شريط (شرح العقيدة الواسطية): ”لو فرضنا أن الأمير فاجر وفاسق كل ليلة مع مومس -والعياذ بالله- فإن أهل السنة يرون الجهاد معه، ولا يعصون الله فيه”. انتهى.

فهل هذا المثال الذي ضربه الشيخ ابن عثيمين (مثال قذر فعلا) عند الكاتب؟!

أم أن ابن عثيمين (مدخليٌّ)؟!

والحاكم حتى لو أتى بالكفر البواح على الملأ فإن الخروج عليه -بعد إقامة الحُجة عليه- مشروط بالقدرة فإذا كانت مفسدة هذا الخروج متحققة وستسبب القتل وانتهاك الحرمات والتشريد والدمار لم يكن جائزًا، فكم من حاكم (قد يكون كافرًا في عقيدته/ نصيري أو شيوعي) إلا أنه لا يصل أذاه لجميع الناس بل قد يصل إلى فئة دون أخرى ومع ذلك يمنع العلماء من الخروج عليه أو تثوير الناس عليه لما يحصل من المفاسد العظيمة بذلك فالصبر مع السلامة خير من المغامرة مع الشر المستطير الذي سيطال الحجر والشجر والدواب!

وقد كان الإمام أحمد يرى كفر من يقول بخلق القرآن وقد امتحَنَ السلطانُ الناسَ بهذا الكفر في زمانه -رحمه الله- وكان المتسرعون والمغامرون يأتون الإمام أحمد يريدون استصدار الفتوى منه بالخروج عليه وسل السيف في وجه السلطان واستبداله، وهو ينهاهم ويزجرهم ويقول: الدماء الدماء، اتقوا الله في الدماء؛ إنما هي فتنة خاصة!

فهذا الإمام أحمد وقع حاكمه في الكفر وحملَ الناس على القول به وإلا ضَرَبَ أعناقهم؛ لكنه لم يأذن بالخروج لما في ذلك من المفاسد العظيمة وأعظمها ضياع الأمن وسفك الدماء المعصومة خاصة وأنَّ القوة مع السلطان!

ونحن اليوم لا نرى من الحكام شيئًا من هذا الذي حصل في عهد السلف بل ولا يراهم الناس يزنون ولا يراهم الناس يسكرون ولا يعلم الناس عنهم عقائدهم، والذي نراه منهم -حتى بعض النصيرية!- الصلاة في مساجدهم والصيام والحج والعمرة معهم وغيرها من الأعمال التي هي من صميم الإسلام مع تفاوتهم في ذلك، والله يتولى سرائرهم!

فبما تقدم من بسط لهاتين الشبهتين اللتين يتخذهما المتحزبة ومن معهم من سقط المتاع يتبين للقارئ الكريم أنهم إنما يذمون السلفيين=(المداخلة) بما ليس ذمًّا في أصله، وإنما يستغلون الظروف الراهنة لتنفير الناس عن السلفيين ممن يريد بالناس الخير اصطيادًا في الماء العكر وتمهيدًا لخلو الساحة لهم ليبيضوا ويفرخوا، وقد سلك طريقهم سلفيون -سطحيون- متأثرون ببعض المتسترين بالسلفية في هذه الفتنة الأخيرة (المحرقة الغزيَّة) فضربونا بسهم من كنانة أهل البدع مستخدمين ذات القوس مشدودًا بوتر من (البغض، والحمق، واللؤم، ودواخل الأنفس)، فالله حسيبنا وحسيبهم!

وكتب:

أبو موسى أحمد الغرايبة

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين بالصلاة على النبي الأمين

والحمد لله رب العالمين.

4 / 2 / 1446هـ


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق