بسم الله الرحمن الرحيم
..:: رأي الشيخ الأديب محمود شاكر رحمه الله ::..
في كلٍّ من :
..:: " أحمد أمين "، و"العقاد"، و" الأفغاني "، و" محمد عبده"، و"طه حسين"، و"الخميني"، وغيرهم ::..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ،،،
أمّا بعد:
كان الشيخ محمود شاكر –رحمه الله- المنافح عن الغزو الفكري الآثم الواقع على القارئ العربي في مصر خاصّة وفي الوطن العربي عامّة من أبناء جلدتنا الَّذين تأثروا بأفكار الغرب والفلاسفة والملاحدة، فكانوا سهمًا مسمومًا في ظهر المسلمين لما بثّوه من الأفكار التي تشكك الناس في دينهم وقيمهم التي تربّوا عليها، ومن هؤلاء الأدعياء رموز –لكن في الضلال- لطالما لمَّعهم أتباعهم ممّن تحزب لهم فقدّموهم على أنّهم أصحاب الفكر المستنير! الَّذين يريدون بهذه الاستنارة إعادة النَّظر في أصول الشرع وفروعه وتقديمه بصياغة جديدة تتناسب مع الواقع! –زعموا-..
" أحمد أمين "، و"العقاد"، و" الأفغاني "، و" محمد عبده"، و ... أسماء كان لها الدور الكبير في تغيير وجه الثقافة العربية والشرعية عند كثير من الحركات التي تبنّت أفكارهم –الزائفة- وقد بيّن أهل العلم عُوارهم وما هم فيه من الضلال فأنقذ الله بهؤلاء العلماء الربانيين كثيرًا من خلقه، والحمد لله ربِّ العالمين..
وأنقل لك هنا رأي الشيخ محمود شاكر –رحمه الله- في هؤلاء مستلًّا له من كتاب الأستاذ حسين ابن أحمد أمين –أحد المنتقدين هنا- وكتابه هذا أسماه : "شخصيات عرفتها"، وترى هنا أخي القارئ الكريم صدع الشيخ شاكر –رحمه الله – بالحق وعدم مداهنة صاحب الكتاب –المحاور له- وإبداءه رأيه في أبيه صراحة وبكل حزم، بل تجد في كلامه –رحمه الله- تقريعه لصاحب الكتاب –حسين أحمد أمين-، وذلك لمّا سأله هل قرأ كتابًا له اسمه : "دليل المسلم الحزين" فأعرض عن الإجابة مراعاة له ثم ألحَّ حسين على سماع الإجابة فكان مما قاله الشيخ شاكر:
" أتحسبني غافلاً يا سيد حسين عما تفعله؟ أتحسبني غافلاً عن نواياك وخططك من وراء مقالاتك في "المصور" أو كتابك هذا؟ لا يا سيد حسين! لا أنا بالغافل ولا أنا بالأبله حتى أسميك كما أسماك عبدالعظيم أنيس منذ أسبوع في "الأهالي" بالكاتب الإسلامي المستنير..!
ما معنى "الإسلام المستنير" بالله عليك؟
أهناك إسلام مستنير وإسلام غير مستنير!؟
أم أن الإسلام كله نور ، ومن لم يستنر به لا يجوز وصفه بأنه مسلم؟..
الكاتب الإسلامي المستنير حسين أمين! محمد عمارة! فهمي هويدي! حسن حنفي!!
دعني أقول لك إن كل ما تكتبونه هو عبث أطفال. نعم، مجرد لعب عيال! كلكم أطفال..
يقرأ أحدكم كتابين أو ثلاثة فيحسب نفسه مجتهداً ومؤهلاً للكتابة عن الإسلام والإصلاح والاستنارة!..".
قلتُ: انظر أخي القارئ الكريم إلى حزم العالم في بيان حال هذا الدّعي وأبيه وقومه، بلا هوادة ولا مداهنة، فرحمه الله رحمة واسعة وغفر لنا وله.. ثمّ أردف الشيخ شاكر قائلًا:
"محمد عمارة هذا تبلغ به الصفاقة والادعاء والجهل مبلغاً يجعله يصف كتاب محمد عبده "رسالة التوحيد" بأنه من أهم ما كُتب في التراث الإسلامي في علم الكلام!
لا يا شيخ؟!!
هل قرأت يا سيد عمارة كل ما كتب في التراث الإسلامي في علم الكلام ثم وصلت إلى اقتناع بأن هذا الكتاب الهزيل الحقير الغث لمؤلفه ضحل الثقافة، من أهم الكتب في الموضوع؟!
ما هذا العبث وهذا الاستغلال لجهل الناس؟!
لا.. الأمر أخطر من ذلك إنها مؤامرة!.
مؤامرة تستهدف تمجيد رجلين من أخطر عملاء الاستعمار في تاريخ أمة الإسلام :
..:: جمال الدين الأفغاني الماسوني ::..
و
..:: محمد عبده ::..
الصَّدِيْقُ الصَّدوق للورد كرومر.
إن المسؤولية عن معظم ما يعاني منه الإسلام اليوم تقع على عاتق هذين الخبيثين،خاصة الأفغاني الذي هو أُسُّ الفساد كله..
وقد تعجبان إن قلت لكم إنني متفق مع لويس عوض في الرأي بأن الأفغاني كان مجرد متآمر وأنه لم يكن صحيح الإسلام. وعلى أي حال فإن رأي لويس ليس جديد، وكل هذه الأمور كانت معروفة عن الأفغاني حتى أثناء حياته.
ألف حسرة على العالم الإسلامي وأمة الإسلام!..
جهل مطبق بالفكر الإسلامي وبالتاريخ الإسلامي..
تدهور رهيب في اللغة العربية ..
نظم التعليم في مدارسنا غربية محضة..
حتى الجماعات المسماة بالإسلامية ألقت بتراث أربعة عشر قرناً في صندوق القمامة.. نعم.
ولكنهم ينبرون للتهليل لإسلام "جاروي" وكأنه حدث هام في تاريخ الإسلام، وذلك لمجرد أن هذا الأفَّاق الانتهازي نطق أمامهم بالشهادتين، وأثنى على الإسلام في كتب له كلها أخطاء وكفر ومغالطات.. وبعضهم يهلل للخميني والثورة الإيرانية والاثنا عشرية، وما منهم من يدري أن الاثنا عشرية هم غلاة الشيعة لا معتدلوها كما يزعمون، وأن الخميني كافر زنديق.
فلمَّا سمع حسين تكفير الخميني سأل متعجِّبًا: كافر زنديق؟
فأجاب الشيخ : "بالتأكيد.. ألم يقل بتحريف القرآن وتزنية عائشة؟".
ثمَّ لطم الشيخ شاكر مُحاوره حسين بقوله عن أبيه:
" عبدالوهاب عزام، على عيوبه، كان رجلاً طيباً بسيطاً، أما أحمد أمين فلا.
ولكنه على أي الأحوال لم يكن في خبث طه حسين ودهائه ومكره..
غير أن ما أعيبه حقيقة على أحمد أمين هو أنه، وهو الرجل العالم المثقف الذي كان بوسعه أن يقدم فكراً جديداً مبتكراً في ميدان الدراسات الإسلامية، والذي يُجبُّ علمُه علم كافة المستشرقين، استسلم وأذعن لتأثير طه حسين وآرائه، ووقف موقفاً ذليلاً من أحكام المستشرقين الخبثاء الحاقدين على الإسلام، وتبنَّى في كتبه "فجر الإسلام وضحاه وظهره" هذه الأحكام، دون أن يجرؤ على تفنيدها والتصدي لها.. ما هذا الذّل؟
ما هذه الاستكانة وهذا الضعف، سواء منك أو من أبيك، تجاه المستشرقين الغربيين؟
أهم أدرى بتراثنا وأقدر على إصدار الأحكام بصدده من علمائنا نحن الذين نهلوا من هذا التراث مع لبن أمهاتهم، ونشأوا عليه منذ نعومة أظفارهم؟ كيف يكون من حق "خواجة" بدأ في تعلم العربية في سن العشرين أو الثلاثين، ويظل "يتهته" بها إلى أن يموت، أن يدلي برأي في المعلقات السبع، وأن يصدر حكماً على المتنبي أو أبي العلاء؟ كيف تُسوّغ لمسيحي صليبي نفسُه أن يتحدث عن الأشاعرة أو المعتزلة حديث الواثق المطمئن لمجرد أنه قرأ كتابين أو ثلاثة في الموضوع؟ أيجوز لي، وأنا العربي، مهما بلغ إتقاني للغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي، أن أؤلف كتاباً عن تشوسر شبيهاً بذلك الذي كتبه بلاشير الفرنسي عن المتنبي؟ هل أسمح لنفسي، وأنا المسلم، أن تبلغ بها الصفاقة والغرور حد الكتابة عن دقائق الاختلاف بين المذاهب المسيحية؟ كيف لعالم إسلامي فذ كأحمد أمين أن يقع في فخ هؤلاء الصليبيين؟ الأمر في حالة طه حسين أيسر فهماً؛ فهو لم يقع في الفخ، وإنما قرر باختياره الحر أن يشارك الصليبيين في نصب الأفخاخ لبني قومه ودينه ، أما أحمد أمين، بالرغم من ذكائه وعلمه وصدق إسلامه، فقد وقع "زي الشاطر" في حبائل الشيطان".
ثمّ قال الشيخ:
كلمني هذا الصباح المدعو "مارسدن جونز" الأستاذ بالجامعة الأمريكية في القاهرة، يريد أن يجتمع بي.. رفضت، وقلت له : إنني لا أريد أن أجتمع به.. أتسمع عن "مارسدن جونز" هذا؟
محقق كتاب "المغازي" للواقدي.
آه! حتى أنت قد صدقت هذه الأكذوبة كسائر الناس.. مارسدن جونز لم يحقق مغازي الواقدي ولا بذل فيه إلا أضعف الجهد.. وهذا هو السبب في أني رفضت مقابلته. فقد حدث يوماً أن جاءني رجل مصري غلبان اسمه عبدالفتاح الحلو، وأخبرني أنه هو الذي حقق كتاب المغازي من أوله إلى آخره بناءً على تكليف من مارسدن جونز، ومقابل بضعة جنيهات كان في حاجة ماسة إليها، ولم يظهر اسمه على الغلاف لا باعتباره محققاً ولا حتى باعتباره مشتركاً في التحقيق، واكتفى جونز بالإشارة إليه في المقدمة باعتباره أحد الذين قدّموا له العون أثناء تحقيقه للكتاب!! هذا مجرد مثل لأخلاقيات هؤلاء المستشرقين الذين تغنَّى والدك بفضلهم!
قال حسين: وما الذي مال بك إلى تصديق زعم عبدالفتاح الحلو دون تصديق زعم مارسدن جونز أنه محقق الكتاب؟.
قال شاكر في ضيق وهو يتململ في كرسيه مؤذناً بانتهاء الجلسة:
" الذي مال بي إلى تصديق زعم الحلو يا سيد حسين هو معرفتي بأخلاقيات المستشرقين.. بالمر، جيب، ماسينيون، مرجوليث، شاخت، كلهم خنازير استعماريون. وإني لأرد على كل عربي يتحدث عن فضل هؤلاء سواء في تعليمنا المنهج العلمي في تحقيق التراث أو في كتابة التاريخ أو غير ذلك، بأن المسلمين هم الذين خرجوا على الدنيا في عصرهم الذهبي بالمنهج العلمي في التأليف، وهم الذي ابتدعوا وضع الفهارس للكتب لا الغربيون كما يزعمون.. لقد وضعتُ بنفسي فهارس كتاب المقريزي "إمتاع الأسماع" الذي حقّقتُه، فوصلتني رسالة من مستشرق فرنسي شهير يُبدي فيها انبهاره بروعة هذه الفهارس، ويقول : إنه ليس بوسع أي غربي أن يأتي بمثلها...
المسألة إذن ليست مسألة فضل، وإنما هي تتعلق بخيبة المسلمين المحدَثين حيال تراثهم ..كل الأمور معنا تسير من سيء إلى أسوأ، في الثقافة، والسياسة، والاقتصاد، والأخلاق، أو ما شئت. والله سبحانه وتعالى إنما يعاقبنا على ما نرتكب وما نُهمل، وهو على كل شيء قدير " انتهى.
رحم الله الشيخ محمود شاكر وغفر له
والحمد لله رب العالمين
والحمد لله رب العالمين
وكتب
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيّاش بن موسى الغرايبة
26/3/1432
أبو موسى الأردني
أحمد بن عيّاش بن موسى الغرايبة
26/3/1432
ـــــــــــــــــــــــــ
تنويه: أصل النقل عن مقال قرأته في الشبكة العنكبوتية، وقد اقتبست منه كلام الشيخ شاكر فقط، لذا اقتضى التنويه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق