14/11/2023

السبئية الجدد!

 (السبئية الجدد)

عبدالله بن سبأ اليهودي الذي أحدث في الإسلام سبيل الاغتيالات وأصل طريق الخروج على أهل الولايات، يسير على منواله اليوم(متعمد) و(تابع) و(مُغرر به) وكثيرون لا يدرون حقيقة وأسس طريقته التي كان من نتائجها قتل الخليفة الراشد الثالث ذي النورين زوج ابنتي رسول الله ﷺ عثمان بن عفان.

 

فما هي أعمدة هذا المذهب الهدام وما هي أهم لبناته وكيف يمكن أن يستجر الأعداء ذات التجربة في أزماننا هذه، ودعونا ننقل كلام مؤسس المذهب السبئي بنصه كما أثبته لنا الطبري رحمه الله في كتابه تاريخ الملوك والأمم الشهير بتارخ الطبري...

 

قَالَ ابن سبأ لأتباعه بعد أن مهَّد بمراحلَ من الغلو في عليّ -رضي الله عنه-: "إن عُثْمَان أخذها بغير حق، وهذا وصي رسول الله ﷺ فانهضوا فِي هَذَا الأمر فحركوه، وابدءوا بالطعن على أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تستميلوا الناس، وادعوهم إِلَى هَذَا الأمر"...

 

يُكمل الطبري فيقول: "فبث دعاته، وكاتب من كَانَ استفسد فِي الأمصار وكاتبوه، ودعوا فِي السر إِلَى مَا عَلَيْهِ رأيهم، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعلوا يكتبون إِلَى الأمصار بكتب يضعونها فِي عيوب ولاتهم، ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذَلِكَ، ...

 

... ويكتب أهل كل مصر مِنْهُمْ إِلَى مصرٍ آخر بما يصنعون، فيقرؤه أُولَئِكَ فِي أمصارهم وهؤلاء فِي أمصارهم، حَتَّى تناولوا بِذَلِكَ الْمَدِينَة، وأوسعوا الأرض إذاعة، وهم يريدون غير مَا يظهرون، ويسرون غير مَا يبدون»اهـ.

تاريخ الطبري (4 /340-341)"...

 

الأساس الأول: الطعن في شرعية الحاكم وأنه أخذ الإمرة بغير حق، ويماثل هذا الأساس ما يروجه #الإخونج والطوائف المنحرفة، من أن الحكام اليوم (دكتاتوريون) ولم ينتخبهم الشعب وأتوا إلى الحكم بمساعدة الاستعمار، ويستلبون لذلك نصوصًا وأحداثًا حصلت بعد طرد #العصملي من البلاد..

 

إذن: "إن عُثْمَان أخذها بغير حق، وهذا وصي رسول الله ﷺ فانهضوا فِي هَذَا الأمر فحركوه ".. هكذا يأمر أتباعه كما يأمر #الإخونج_الخمينيين اليوم الناس بتحريك هذا الأمر وهو أن غير الحكام الموجودين أولى بالإمارة والحكم منهم لأنهم كذا وكذا،

 

الأساس الثاني: الإعلام السبأي حيث هي الآلة الأشد فتكًا بالعوام للتغرير بهم، واليوم تتولى قنوات ووسائل للتواصل هذه المهمة الخبيثة والتي كانت قديمًا تستخدم المكاتبات السرية وحول هذا الأساس يقول الطبري: "فبث دعاته، وكاتب من كَانَ استفسد فِي الأمصار وكاتبوه، ودعوا فِي السر إِلَى مَا عَلَيْهِ رأيهم"..

 

الأساس الثالث: يقول ابن سبأ اليهودي لأتباعه موصيًا إياهم: "وابدءوا بالطعن على أمرائكم".. وهذا الأساس من أشد الأسس فتكًا بعامة الناس لأن العامة دهماء أتباع كل ناعق، ولأن أمر السلطان جلل فأي خبر يسمعونه فإنه يأخذ بألبابهم وإن لم يكونوا شهدوا على ذلك، ولكن تجدهم يتناقلون الخبر عن السلطان بالهمس والتصريح والتلميح..

 

واليوم يقوم بهذا الأساس السبأي الخبيث مجموعات كثيرة ممن قُدموا للأمة على أنهم دُعاة ومقدمو برامج وأصحاب فكر وعقول وهم بقضايا الأمة من أمثال رجيع #الإخونج القابع في بريطانيا وأمريكا وتركيا تحديدًا فمنها يبثون خبثهم عبر الأثير ليغسلوا أدمغة الناس عبر قنواتهم، وحيثما تكن قناة لا تشاطرهم الأسلوب يقومون بإسقاطها ولمزها بالعمالة والصهينة!

 

الأساس الرابع: قال ابن سبأ: "وأظهروا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تستميلوا الناس، وادعوهم إِلَى هَذَا الأمر"... نعم أمرهم بأن يُخرجوا الطعن في الولاة بقالب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أساس من أسس الإسلام العظيمة وهو حق أريد به باطل، لكنهم أتوا بباطل وأرادوا به أبطل منه، فراحوا يتهمون صاحب رسول الله ﷺ بالفظائع ويؤلبوا عليه العامة!

 

واليوم يتفنن #الإخونج وأبواقهم بتصوير طعنهم في الملوك والأمراء بصورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنهم يغضبون لله من المخالفات التي تحصل هنا وهناك في البلدان العربية -السنية تحديدًا- وأن هذه المعاصي مستلزمة للناس أن تثور وتخلع البيعة من أعناقها لولاتها، ولقد رأينا تحريضهم الدنيء على بلادنا وبلاد المسلمين حتى بلغوا منها مبلغًا عظيمًا فأحلوها دار البوار!

 

واليوم استغلوا الأحداث الجارية في #غزة المنكوبة ليخرجوا قطعانًا متتالية يطبقون الأسس الأربعة للمذهب السبأي الضال وللأسف أخذ أبناء المسلمين يتبعونهم بلا نظر ولا حكمة ولا سؤال ناقد يطرحونه في قضية كان الناس في عافية منها فقامت فئة طائشة تعالت وساوس الشيطان في صدورها دعاها عقلها أو دفعها طمعها أن تتحرش بخنزير مستأسد فقام ينهش ويضرب ويدنس كل ما له صلة بهذه الفئة المغامرة الجهولة، فإنا لله وإنا إليه راجعون!

 

جهاد الأعداء من الصهاينة واجب شرعي وهو منوط بالقدرة ولو تكلف متكلف وخرج عن خموله وقرأ في كتب التاريخ كيف يكون الإعداد لخوض الحروب وما هي الحكمة من إبرام كثير من الخلفاء والأمراء والملوك للصلح مع أعدائهم وتركهم لغزوهم مرات ومرات لكان سيجد أن الدافع السائد هو (حقن دماء المسلمين) وحماية أموالهم وأعراضهم ودينهم، ولا يدرك هذه الحقيقة إلا من تجرد من الهوى ونظر بعين الشرع واستنبط من كتاب الله وسنة نبيه ما يحصل به خيري الدنيا والآخرة..

 

ومن ظن أن مجرد العواطف والشجاعة والمغامرة تأتي بالنصر في واقع أكبر بكثير مما يتوهمه البعض فهو إنسان يحتاج ليُؤخذ على يده ويمنع من الخوض في أمر سُفكت فيه دماء الآلاف وجرح عشرات الألوف وهُجر مئات الألوف بسبب ناهيك عن ما دُمر من البيوت والمشافي والمدارس والمرافق، والشرع أمر بحفظها..

 

أول العلاج الاعتراف بالخطأ ومن لوازم هذا الاعتراف التوقف الفوري عن التسبب في سفك دماء الناس مهما كانت الحجج فالانسحاب لحماية ما تبقى هو النصر المؤزر اليوم فإن رأس المال أثمن من مكاسب مظنونة وحتى رجال المقاومة ومن يخوضون هذه المعركة هم مسلمون والأمة بحاجة إليهم، ومجرد خطئهم لا يعني أن نُسلمهم للصهاينة الأرجاس فإصلاحهم أولى من إتلافهم، وليتقوا الله ربهم في أمتهم وليصححوا ما فرط منهم من وضع يدهم بيد الرافضة ضد أمتهم ودولهم، والله نسأل أن يهدينا سُبل الرشاد وأن يبصرنا بالحق ويجعلنا من أهله ودعاته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وكتب لتسع وثلاثين ليلة من العدوان الصهيوني الغاشم على أهلنا في غزة

أحمد بن طريف أبو موسى الغرايبة

غفر الله له ولوالديه ولعامة المسلمين

1 / جمادى الأولى / 1445هـ

14 / تشرين ثاني / 2023م

09/11/2023

معركة حطين ومغامرات المُغامرين!

معركة حطين ومغامرات المُغامرين!

بعد أحداث مفصلية في مصر والشام والأردن وكان أهمها نقض حاكم الكرك (أرناط) للهدنة بين صلاح الدين والصليبيين تهيأت أسباب المعركة بعد أن قام صلاح الدين بالزحف باتجاه قلعة الكرك وحاصرها ودمر زروعها ليقطع عنها الإمدادات ومن ثم اتجه إلى الشوبك وفعل ذات الأمر اتجه إلى بانياس بالقرب من طبرية وأخذ يُعد العدة لحرب الصليبيين، وظل صلاح الدين يُعد العُدة لهذه الحرب (عشر سنوات) مع توافر السلاح والعدة المُكافئة فيه، فلما اقتربت الأمور تشير إلى وقوع هذه المعركة "بدأت القوات الصليبية الزحف في ظروف بالغة الصعوبة في (21 من ربيع الآخر 583هـ = 1 من يوليو 1187م) تلفح وجوهها حرارة الشمس، وتعاني قلة الماء ووعورة الطريق الذي يبلغ طوله نحو 27 كيلومترا، في الوقت الذي كان ينعم فيه صلاح الدين وجنوده بالماء الوفير والظل المديد، مدخرين قواهم لساعة الفصل" نعم هذه الظروف التي أحاطت بصلاح وجيشه وقد كان في طبريا ينعم بالراحة كما تقدم!

إلا أن صلاحًا وهو قائد يعرف محيطه ويعيش قضيته مراعيًا للمصالح والمفاسد التي قد تصيب قومه وأمته قام عندما سمع بمسير الصليبيين وزحفهم نحوه، تقدم بجنده نحو تسعة كيلومترات عن البلدة، ورابط غربي طبرية عند قرية حطين بجانب قرني حطين وهي هضبة عالية مُشرفة، ونقل المعارك من أماكن السكان أمر يفعله القادة بحيث ينأون بالناس عن الالتحام المباشر الذي يذهب ضحيته النساء والشيوخ والأطفال وأولو الأعذار.

في الصورة المرفقة موقع طبريا البلد وموقع المعركة في فضاء حطين حيث كان الجيشان يلتحمان وجهًا لوجه وكان القتال يومئذ بذات السلاح فهل يمكن تنزيل هذا الواقع في معركة حطين على ما يفعله اليوم بعض المجموعات التي تزعم بأن حربها عبارة عن مغامرة مدروسة؟!

وصل الجيش الصليبي على مشارف جبل طبريا وهو الجبل الذي يشرف على جبل حطين. وقد كان صلاح الدين حريصًا على أن يحول بين أعدائه وبين الوصول إلى مصادر المياه خصوصًا وهم متعبون وساروا مسيرًا طويلًا وقد أنهكهم الجوع والعطش، وفي تلك الظروف قام المسلمون بإشعال "النار في الأعشاب والأشواك التي تغطي الهضبة، وكانت الريح على الصليبيين فحملت حر النار والدخان إليهم، فقضى الصليبيون ليلة سيئة يعانون العطش والإنهاك، وهم يسمعون تكبيرات المسلمين وتهليلهم الذي يقطع سكون الليل، ويهز أرجاء المكان، ويثير الفزع في قلوبهم".

هذه هي الظروف التي سبقت وقوع القتال وهي أمور مهمة جدًا في حسم مسار المعارك في ذلك الزمان وهو ما يحاول المتحزبون إسقاطه على واقع مدينة غزة اليوم –أعان الله أهلها ورفع عنهم ما أصابهم- وهذا الإسقاط غير ممكن مع الحالة الغزية وفي ظل التفاوت الهائل بين إمكانيات الطرفين، والنتائج الميدانية خير دليل على حجم الدمار والمخاسر التي تكبدها الغزيون العُزل إذ جُعلوا وقودًا لهذه المغامرة الفاشلة والله المستعان!

بدأ صلاح الدين هجومًا كاسحًا على الجيوش الصليبية بعد أن استغل جُنح الظلام فضرب طوقًا محكمًا حول جيش العدو فأصبحوا في قبضة الجيش المسلم فجاسوا خلالهم قتلًا وأسرًا واضطروهم إلى جبل حطين وحاصروهم "وكلما تراجعوا إلى قمة الجبل، شدد المسلمون عليهم، حتى بقي منهم ملك بيت المقدس ومعه مائة وخمسون من الفرسان، فسيق إلى خيمة صلاح الدين، ومعه (أرناط) صاحب حصن الكرك وغيره من أكابر الصليبيين، فاستقبلهم صلاح الدين أحسن استقبال، وأمر لهم بالماء المثلّج، ولم يعط (أرناط)، فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقّى منه إلى (أرناط)، فغضب صلاح الدين وقال: "إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني!"، ثم كلمه وذكّره بجرائمه وقرّعه بذنوبه، ثم قام إليه فضرب عنقه، وقال: "كنت نذرت مرتين أن أقتله إن ظفرت به: إحداهما لما أراد المسير إلى مكة والمدينة، والأخرى لما نهب القافلة واستولى عليها غدرًا".


نعم هكذا تكون خطة القتال وهكذا يكون الإعداد، ولاحظ أخي القارئ الكريم ما هو الحامل لصلاح الدين أن يضرب عنق (أرناط)، لقد كان الدافع الأول كونه أراد المسير إلى مكة والمدينة ليغزوها، وهذا إنما له تعلق بعقيدة صلاح تُجاه هاتين المدينتين العظيمتين فإذا نظرنا إلى فعل المغامرين اليوم لمَّا ضُربت مكة والمدينة بالصواريخ من قبل أوليائهم من الرافضة المجوس طاروا فرحًا وأيدوا الحوثي وشدوا على يده النجسة، ولم يخرج من هؤلاء الأوباش ذَكَرٌ واحد يستنكر الهجوم على المدينتين وفيهما أقدس مسجدين على الأرض!

إذن، عدة صحيحة وعتاد مكافئ وعقيدة قتالية ذات طابع أصيل معلومة البوصلة والراية والقائد والهدف.

وكان من نتائج هذه المعركة العظيمة والمفصلية في تاريخ الأمة أن الصليبيين هُزموا هزيمة نكراء لا زالوا يعانون منها إلى يومنا هذا، فقدوا زهرة فرسانهم، وقُتلت منهم أعداد هائلة، ووقع في الأسر مثلها، حتى قيل: إن من شاهد القتلى قال: ما هناك أسير، ومن عاين الأسرى قال: ما هناك قتيل.

"وغدت فلسطين عقب حطين في متناول قبضة صلاح الدين، فشرع يفتح البلاد والمدن والثغور الصليبية واحدة بعد الأخرى، حتى توج جهوده بتحرير بيت المقدس في (رجب 583هـ = أكتوبر 1187م).

الخلاصة: إن إسقاط المعارك الإسلامية الفاصلة على الأحداث الغزية أو قياسها عليه هو قياس مع الفارق وهو من الأقيسة الفاسدة التي لا يُعتد بها، لأن الله لما أمر بإعداد العدة لم يترك المسلمين يركنون إلى تأييد الله لعباده فحسب بل أمرهم بالأخذ بأسباب هذه النصرة من الاعتصام به وبدينه وبترك الآراء الشاذة والطائشة لأن حفظ النفس من أعظم مقاصد الشرع الحنيف وعصمة الدماء في الإسلام عظيمة وأعظم من الكعبة الشريفة؛ فالمغامرة بدماء الناس بدعوى أن الأمة انتصرت سابقًا (مع فارق الحالتين كما تقدم) يعد ضربًا من الجنون أو التآمر؛ فأي شيء أحسن عند أعداء الإسلام -وهم في قمة قوتهم وجبروتهم وتطورهم على كافة الصعد- من إعطائهم الذريعة لسفك دماء المسلمين العُزل وأعداء الأمة اليوم من أمة الغضب يقف في صفها كل أمم الأرض بجيوشها وأموالها وكل ما تملك من سلاح وعتاد، والأمة الإسلامية –على فرض أنها ستدخل في حرب مع هؤلاء- اليوم في حالة من الضعف الذي لا تملك معه قوت أبنائها لأكثر من ستة أشهر على أحسن تقدير، فعلى المسلمين اليوم أن يعوا أن الأمر ليس بالخطابات الرنانة ولا بالبطولات الوهمية، وإنما باتباع ما أمر الله به من إعداد العدة الإيمانية أولًا ومن ثم العسكرية ومن ثم تنظر الأمة طريقها ويجب على الأمة اليوم أن تعي أن الغرب لن يتركها تتوحد على أمر فيه نفعها وقوتها ولذلك يزرع بين أبنائها من يُنادي بوحدتها وهو أشد الناس بثًا للفرقة والفتنة ويفتح الباب للعدو الرافضي على مصراعيه ليعيث في الأمة الفساد والمستفيد الأول والأخير إنما هو العدو الغاشم الذي يضرب ويستنكر ويستلب من الأمة خيراتها، والله غالب على أمره!

وكتب أبو موسى أحمد الغرايبة

غفر الله له ولوالديه

25/4/1445هـ

9/11/2023م

 

 


طورُ التَّحول والتحوُّر الإخواني الجديد بعد قرب انهيار الجماعة والانتقال إلى أرضية جديدة وخصبة لزرع الأفكار الخارجية المتأصلة في فكر الجماعة! (التمهيد)

  (1) طورُ التَّحول والتحوُّر الإخواني الجديد بعد قرب انهيار الجماعة والانتقال إلى أرضية جديدة وخصبة لزرع الأفكار الخارجية المتأصلة في فكر...