30‏/03‏/2017

في تربية الأولاد!

#في_تربية_الأولاد

أرسل لي بعض الأصدقاء كلامًا يقول صاحبه أنه لن ينجب طفلًا قبل أن يكون قد هيَّأ له الحياة الكريمة، ويستنكر في كلامه قول العامة: (يأتي الطفل ورزقه معه) ويصف هذه المقولة بالتافهة!!
وذكر فيما ذكر أن حاجة الطفل لا تقتصر على الطعام والكساء، بل هو محتاج إلى أن يعيش طفولته بطولها وعرضها ويحتاج إلى الألعاب والاهتمام والتربية والتعليم، ويحتاج إلى وجود أبوين مسترخيين يتحملان إزعاجاته.. إلخ، وأنهى صاحب الكلام كلامه بقوله: إن إنجاب طفل وحرمانه من أن يتمتع بطفولة سعيدة جريمة لا تغتفر!!
ولي مع هذا الكلام تعليقات لعل الله ينفع بها وبه أتأيد.

بداية أنوه إلى أن الإسلام دين شمولي قائم على جلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، وهو يدور مع كل ما هو نافع ومفيد في الحياة الإنسانية فلا يتنافى الإسلام مع مصلحة الإنسان بل يصب بالكلية في هذه المصلحة سواء الدنيوية أو الأخروية.
وصاحب الكلام المذكور آنفًا عنده من الجهل في دين الإسلام بله في الحياة بشكل عام ما الله به عليم، فهو وأمثاله متعلقون بالمحسوس فإن كانت الدنيا بين يديه رضي واطمأن وإن زالت من بين يديه جزع وظن أنه هالك!
لذا أنا أخاطب أهل العقول والقلوب العامرة بالإيمان بربها المتعلقة بحبائل الإيمان الوثيقة والمُقبلون على دنياهم بمنظار الآخرة الذي لا يخيب من نظر به ولا ندم من عمل له!
والله الموفق.

حث الإسلام على الزواج ورغب فيه أيما ترغيب، بل كان من مزايا هذا الدين العظيم أن أشبع رغبة الرجال الغريزية وميلهم الفطري إلى النساء بأن أباح لهم تعديد النكاح مثنى وثلاث ورباع، ولم يجعل لذلك قيدًا إلا قيد خوف العدل بين النساء في المسكن والنفقة والكسوة، وأمر في هذه الحالة بالاقتصار على واحدة أو ما ملكت اليمين.
بل ثبت عن رسول الله ﷺ أنه أمر الشباب الذي لا يملك مؤونة الزواج بالصيام كبحًا لجماح الشهوة وتهذيبًا وصيانة للنفس، فقال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.... ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء".

ومما حسّنه الإسلام في أمر الزواج أن أمر باختيار الزوجة الصالحة ذات المنبت الحسن والصفات الحسنة، فجاء في الحديث: "تزوجوا الودود الولود"، وهاتان صفتان ممدوحتان في النساء بعامة، مع الصفة التي يجب أن تكون منطلق كل علاقة زوجية وأساس كل أسرة يراد تكوينها بين رجل وامرأة وهو (الدين)؛ لقوله ﷺ: "فاظفر بذات الدين"!

فإذا عرفنا أن أول اللبنات التي يجب أن تقوم عليها الحياة الزوجية السعيدة والأسرة الإسلامية المتينة المتماسكة هي ثلاثة أمور رئيسة (القدرة على الإنفاق / المرأة الودود الولود / المرأة صاحبة الدين) علمنا أن أمر الزواج والإنجاب في الإسلام ليس أمرًا اعتباطيًا غريزيًا بل له أهدافه ويراد منه ما أراده الله من بني الإنسان من توحيده بالعبادة وعِمارة الأرض.

والإسلام أراح العباد من أكبر الهموم في مسألة الزواج، وكفلها لهم بالنص الصريح وبكلام العزيز الحكيم، فقال تبارك وتعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ [الذاريات: 22 - 23].
وكفل للمقبلين على الزواج والراغبين بأن يكون لهم ذرية من أصلابهم رزق من سينجبونه بأمر الله فقال عزَّ مِن قائل: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ [الأنعام: 151].
﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ﴾ [الإسراء: ٣١].
فأقرَّ الله أعين أهل الإيمان بهذه المُبشرات والضمانات، فقرَّت بها أعينهم، واطمأنت قلوبهم أن الله لن يضيِّعهم، وزاد هذا التوكيد توكيدٌ آخر من نبينا الكريم ﷺ إذ قال في ما رواه عنه أبو هريرة -رضي الله عنه-: «ثلاثة حق على الله تعالى عونهم»، وذكر منهم: «والناكح الذي يريد العفاف» (رواه الترمذي حسنه).
فهذه مجموعة محفزات على النكاح بشروطه، ومجموعة مطمئنات على ما تقوم به الحياة وتربية الأولاد، فلله الحمد والمِنَّة!

ففيما سبق رد على استنكار صاحب المقال قول العامة: (يأتي الطفل ورزقه معه)، ولن أعرج على وصفه لهذا الكلام بالتافه فالله حسيبه وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو يتولى حساب عباده!

وفي رأيي القاصر أن المقبلين على الزواج يحتاجون إلى أمرين مهمين ليكون هذا الزواج نواة أسرة صالحة في المجتمع الإسلامي الكبير ويكون نتاجُهما نتاجًا صالحًا تنتفع به الأمة والبشرية جمعاء، وهذان الأمران هما: إيمان، ومشروع!
فبالإيمان تستقر النفس وتهدأ وتنشغل به عن خطرات شياطين الجن والإنس ممن يوسوس في عقول الشباب المُقبل على الزواج والراغب في كثرة الإنجاب أنك ستفتقر ولن تستطيع تربية ولا تعليمًا ولا نفقة!
وبوجود المشروع الصادق الذي يراد به الحياة الآخرة وتحصيل مرضاة الله يولد الهمُّ الباعث على زيادة العناية والرعاية لنتاج هذه الأسرة من بنين وبنات!

أما موضوع الإيمان فقد تكلمنا عنه باقتضاب فيما تقدم، وسأتكلم عن المشروع وأستهل الكلام بأثر يروى عن الفاروق عمر رضي الله عنه -وإن كان ضعيفًا إلا أن معناه متعلق بموضوع هذه التعليقة- يقول فيه: "إني لأكره نفسي على الجِماع رجاء أن يخرج الله من صلبي نسمة توحده" أو قال: "تسبح الله"، وأيّا كانت الرواية فهذا مقصد شرعي أخروي عظيم وهو بذاته يدل على الهم الذي ينبغي أن يحمله المُقبل على النكاح من حُسن التربية وإنجاب الولد الصالح لا مجرد قضاء الوطر وإشباع الرغبات!
فالحياة الزوجية ليست شهوانية صِرفة وإنما شرعها الإسلام ورغَّب فيها لحفظ النسل ولطهارة الإنسان من أدران الزنا والخنا، واختلاط الأنساب فجعل لها أبدع قانون وأحوطه وجعل لها أركانًا وواجبات ومستحبات وشروطًا وقيودًا وموثيق غليظة توعد الله من تعداها بالعقوبة يوم القيامة.. فعلى المسلم أن يفطن ويتنبه وأن يكون من هذا على حذر!

ذكر صاحب المقالة أن حاجة الطفل غير مقتصرة على المأكل والكسوة، وهذا حق في ذاته لا غُبار عليه ألبتَّة، ثم قال: بل هو محتاج إلى أن يعيش طفولته بطولها وعرضها -كذا قال!- ولا أدري ما يعني بطولها وعرضها، فالذي يقرره علماء النفس والتربية أن النفس البشرية تحتاج إلى ما يهذبها ويقلل من رغباتها الجامحة في امتلاك كل ما ليس عندها على كل الصُّعد فترك الطفل يعيش حياته بطولها وعرضها دعوى فارغة لا تقوم على رؤية عقلية صحيحة أبدًا وصاحبها لا يعرف من مسالك التربية أي شيء للأسف!
فكيف يُترك الولد مرخيًا له الحبل على الغارب لمجرد كونه طفلًا؟!
إن هذا لمن السفه الممجوج الذي لا تقبله الفِطر السليمة ولا العقول القويمة!
إن من أهم مراحل تكوين الأولاد هي مرحلة الطفولة المبكرة ففيها تنغرس القيم والأخلاق والعادات الحميدة والقيم المجتمعية الطيبة بحيث ينشأ الولد والبنت عليها وتنتقش في قلبه ووجدانه كالنقش في الحجر.. وتركه يمارس كل ما يريد من غير حسيب ولا رقيب مجازفة خطيرة وسلوك لطريق عاقبته وخيمة، وكم رأينا من هؤلاء من يُعاني الأمرين مع أولاده على صغر سنهم فتجده لا يستطيع أن يأمر ولده بشيء فيه خيره فيجيبه إلى ذلك أبدًا إلا بالقوة الجبرية!
فتأمل ولا تتعجل!

قال صاحب المقالة: ويحتاج إلى الألعاب والاهتمام والتربية والتعليم، ويحتاج إلى وجود أبوين مسترخيين يتحملان إزعاجاته.. إلخ.
أما الألعاب فأمرها سهل متيسر ويمكن استغلال غريزة الاستكشاف لدى الطفل وتوجيهه إلى ألعاب فيها فائدة ذهنية وتربوية ينتفع منها وليست هي مقتصرة على وجود الدمى وغيرها مما ينتشر الآن في الأسواق مما يسبب التخلف العقلي لأولادنا والبلادة الذهنية لهم، ولكل طبقة من طبقات المجتمع ألعابه التي يستمتع بها وهي تتفاوت بساطة وتعقيدًا بحسب تفاوت أرزاق الناس وفي كلٍّ خير والحمد لله، وأذكر أننا كنا نلعب بالأسلاك ونصنع منها السيارات، ونستخدم علب السردين كسيارات ونستخدم علاقات الملابس لصنع القوس والنشاب، وتستخدم البنات الدمى المصنوعة من الإسفنج، والأقمشة، ولعبنا بالألعاب الإليكترونية والورقية والسيارات والطائرات والعجلات وركضنا بسعادة غامرة حفاة بلا أحذية ولبسنا أفضلها حينًا من الدهر وكل هذا قبل عالم الجوالات وما ألصق بها من مُلهيات!
وكل جيل وله ما يلعب به ويقضي رغبته في الترويح عن النفس وتسليتها.

وأقفز إلى قول الكاتب: ويحتاج إلى وجود أبوين مسترخيين يتحملان إزعاجاته.
وأقول أين هذا في دنيا الملوك ولا أقول في دنيا عامة الناس؟!!
هذا وهم ما بعده وهم، إن كان يُظنُّ أن في الأرض من هو مسترخٍ لا همَّ عنده ولا أحوال نفسية تؤثر عليه، إن هذا الأمر أمر لا يمكن أن ينفك عن النفس البشرية أبدًا فإنها تنشغل بأقل شيء يصيبها وتهتم به ويزعجها أقل نظرة أو تصرف أو خاطر، فطلبُ مَنْ هذه حالُه مُحال في هذه الدنيا وقد أخبرنا الله أنه خلق الإنسان في كَبَد، أي: في عناء ومشقة.. ولو لم يكن من أمور الدنيا التي تُشعر بالتوتر والعصبية إلا همُّ تربية الأولاد وتنشئتهم التنشئة الصالحة -ولو كان ولدًا واحدًا- لكفى به سببًا يردُّ على الكاتب كلامه، إلا أن ما يسبب هذا الاضطراب في الرؤية والخطأ في التقدير هو الركون إلى مادية الحياة والتطلع إلى اجترار التجربة الغربية -الفاشلة أسريًّا- ومحاولة تصويرها على أنها هي الحق المبين وهي السراج المنير، وأن تخلفنا التكنولوجي والحضاري ما هو إلا بسبب كثرة الإنجاب!

وأعود إلى أهم نقطة طرحها الكاتب وعليها مدار الرد الذي أكتبه وهي مسألة حاجة الطفل إلى التربية والتعليم، وهما من الحاجات الأساسية التي تقوم عليها حياة الطفل المستقبلية، وبهما يحيا الحياة السعيدة الهانئة، وقد حث الإسلام على التربية وشدد في أمرها وعاقب من أساءها وبيَّن أن التربية الإيمانية هي أعلى مقاصد هذه التربية فجعل للمسلم من الأسباب الفطرية والشرعية ما يتكئ عليه في تربية نفسه وذريته، فنبهه على أهمية العبادة وربطِ المؤمن بربه وتوكله عليه واستعانته به في كل أمور حياته حتى في شراك نعله!
ولن أسرد ما ورد في الكتاب والسنة من الآيات والآثار ما يعزز هذه النقطة فالأمر واضح ومعروف لكل من له معرفة بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
وحث الإسلام على العدل بين الأولاد والتسوية بينهم في العطايا لا فرق في ذلك بين ذكر أو أنثى، وأمر الوالدين بالإحسان إلى أولادهما بالدعاء الصالح والتنشئة على الأخلاق الحسنة كالإيمان والصدق والأمانة والشجاعة والغيرة والقوة والنخوة والمروءة وبذل المعروف للناس والرحمة وابتغاء الدار الآخرة والمثوبة من الله، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وبين لهم خطر التكبر على الخلق، والاستعلاء عليهم بالأقوال والأفعال القبيحة، ونهاهم أيضًا عن التشبه بالأمم وحثهم على التميُّز بالشخصية المسلمة الصالحة العامرة للأرض بألوان الخيرات وصنوف الإفادات، لذلك كان المسلمون في عصورهم الذهبية منارة تُشع علما ونورًا وإيمانًا ملأ أصقاع المعمورة فأنارت الأرض بنور ربها!
وهذه التربية الشامخة العزيزة تحتاج بادئ ذي بدء إلى وجود هذه التربية في نفوس الزوجين بحيث تكون القبس المنير الذي يضيئ لهما طريقهما ويستلهمان منه خطوات هذه التربية المنشودة، وليست كثرة الأولاد أو قلتهم بالشيء المؤثر أبدًا في هذه المشروع الإصلاحي الإنساني الكبير بل قد تكون الكثرة أكثر إعانة من القلة فيربي الأولاد بعضهم بعضًا بالمشابهة والمشاكلة ويقدح في عقولهم التحدي وسرعة الإنجاز وطرافة المنافسة فلا يجد الأبوان من هذه الكثرة إلا الخير وراحة البال.. والله بيده التوفيق لا رب سواه ولا معبود حقٌ إلَّاه!

إذن.. فالتربية ليست بالأمر الهين وهي بحاجة إلى نفوس عالية وطموحات باسقة كشاهق النخل تسمو بوجدانها وترنو أن تكون في أعالي القمم، ولا تقبل بأن تدنسها أوحال الأمم ممن لا يرجون الله واليوم الآخر، وإن كثيرًا ممن تعلق بالمادة ليجزع وتضيق نفسه ذرعًا إذا سمع أن فلانًا من الناس ذو عيال كثيرة فيأخذ بالنقد له وكأنه ارتكب ذنبًا أو زاد في معاناة البشرية وضياعها، وما علم هذا الجاهل أن الأمم بأخلاقها لا بأعداد أفرادها، وهذه أوربة تعاني اليوم وتئنّ من سوء ما اقترفت يداها ومن شناعة ما قدمته للبشرية من زبالات الأفكار في التحرر والمساواة وتشوية الفطر وجعل الحياة الغريزية الشهوانية الحيوانية متاحة لكل من بلغ الثامنة عشرة من عمره فلا رقيب ولا حسيب ولا قيمة لوالد ولا والدة فضاعت أخلاقهم إن كان ثمة أخلاق!
وزادت دنياهم كدرًا وضيقًا فصار الواحد فيهم آلة تكد لتحصيل المال ومن ثم تنكص على أعقابها في نهاية الأسبوع فتنفقه فيما فيه هلاك أبدانها وأديانها!

وقد استيقظت أوربَّة على نفسها في السنوات الفائتة وقد شاخت وهرمت وبدأت بالتناقص والتقلص فقد أفاد المؤتمرون في جنيف السويسرية في مؤتمر حول معدلات النمو السكاني في العام الرابع بعد الأف الثانية فقد أفادت "المعطيات المتداولة أن الانخفاض الكبير في معدلات الانجاب تحول إلى مشكلة كبيرة تواجه معظم البلدان الأوروبية. وتعود هذه الظاهرة إلى نمط العيش الذي انتهجته الأجيال الجديدة منذ منتصف القرن الماضي وصولا إلى السنوات الأخيرة.
فقد تراجع الإقبال على الزواج، وارتفعت نسبة الذين يؤجّـلونه إلى سن متأخرة على عكس ما كان متعارفا عليه في السابق، وتزايد عدد الاشخاص الذين يختارون البقاء بدون زواج طوال حياتهم.
وأدّت هذه السلوكيات الجديدة إلى انخفاض معدلات الإنجاب في بلدان أوروبا الغربية إلى أقل من 1،5 طفل لكل امرأة، بل إن هذه النسبة بلغت في بعض دول جنوب القارة وشرقها 1،3 طفل لكل امرأة.
كما أدّى تدهور الأوضاع الصحية في بلدان أوروباالشرقية بعد تحسّـن قصير في أعقاب انهيار المعسكر الشرقي في بداية التسعينيات والارتفاع المسجل في حالات الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب في إضفاء المزيد من التعقيد على المسائل المرتبطة بالانجاب في العديد من هذه الدول". [منقول من مقال كتبه محمد شريف - جنيف بتاريخ 15 يناير 2004 نشر على موقع: swissinfo] (!!)
إذن هذه حالهم وهذا ما وصلت إليه من تردٍّ مخيف أصبح يشكل لهم قلقًا وهم يحيصون حيصة الحُمر الوحشية فلا يهتدون إلى حل لهذه الأزمة!
هذه أوربّة كما ترى رغم توفر الحياة المادية والمال الهائل والتقدم الحضاري على كل الصعد غير قادرة على إقناع ملايين الشباب والشابات بترك الزنا للانخراط في سلك الزواج العفيف والأسرة الصالحة، وعاجزة تمامًا عن أن تقنع شعوبها بإعادة النظر في مسألة الإنجاب وتكثير المواليد حتى لا يهلك الجنس الأوروبي، حتى جعلت من ضمن الحلول لهذه المُعضلة أن تفتح المجال للهجرة إلى بلادها لأولئك الذين يُكثرون من الإنجاب وليس هؤلاء إلا العرب!

ومن هنا تعلم أن وصف الكاتب وامتناعه عن الإنجاب لأسباب ظنيَّة لا قطعية ووصفه للإنجاب بالجريمة التي لا تُغتفر هو جريمة في ذاته في حق الأسرة وجريمة في حق البشرية جمعاء، وجريمة في حق الطفولة ذاتها.. فمتى يفيق أمثال هذا من غفلتهم وينظرون إلا واقعهم نظرة فاحصة يستلهمون فيها الحلول من تاريخ الأمة العريق ويقدمونه لأبناء الأمة ويتركون عنهم زبالات أفكار الغرب الذي إن فعل فعلًا ناسبه ردحًا من الزمن وحصل له به مصلحة برهة من الوقت لم يكن ذلك مما يجب أن نتقمَّصه ونجعله رداءً لنا نرتديه ونترك جوهر الأمر الذي فيه صلاح دنيانا وأُخرانا، واللهَ أسأل أن يردنا إلى ديننا ردًّا جميلًا ، وأن يفهمنا إسلامنا فهمًا سليمًا، وأن يتولّانا بحفظه ورعايته وأن يهدي ضال المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
وكتب:
لثلاث مضين من رجب المحرم سنة 38 هجرية
أبو موسى أحمد بن عيَّاش بن موسى الغرايبة
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين
آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لماذا يُحذر السلفيون من كل من يُجيز إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية؟

  #تصحيح_المفاهيم #زَغَلُ_التَّمييع لماذا يُحذر السلفيون من كل من يُجيز إثارة القلاقل في البلاد الإسلامية؟ لما جاء هذا الدين بالنور ال...