01/06/2015

ليدَّبروا آياته (تدبر لقوله تعالى: ﴿ الّذينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِيْ غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ﴾ من سورة الكهف)

‫#‏ليدَّبروا_آياته‬
قضيت البارحة نهاري كله في حيرة من أمري فقد كنت في سيارتي أستمع إذاعة القرآن الكريم فمرت علي آية من سورة الكهف وهي قوله تعالى: ﴿ الّذينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِيْ غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ﴾ فتحيرت لم ذُكرت العين مع أن الذِكر أمر مسموع، وقلت في نفسي أليس لو ذكرت الأذن لكان أنسب لموضوع الذكر؟
فقمت بمراسلة شيخنا محمد بن عمر بازمول سلمه الله أستفصل منه حول هذا الأمر فأجاب حفظه الله بما يلي:
”المراد بالذكر: الحق ودلائله. فهم لا يبصرون الحق ولا يستطيعون سماعه لما غلب على نفوسهم؛ فصار غطاءً على حواسهم، فلهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل“. اهـ.
ثم لاح لي معنى وافق ما ذكره الشيخ قبل أن أقرأ كلامه حفظه الله وهو أن قوله تعالى: ﴿ الّذينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِيْ غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي ﴾ جاء بذكر الغطاء على أعين أهل الضلال والإلحاد لأن مشاهدة التنزيل وآياته الدالة عليه أبلغ في إيصال الحق والوقوف عليه من مجرد السماع، فهؤلاء قد رأوا من آيات الله ومعجزات أنبيائه ما يجعلهم يؤمنون إيمانًا تامًّا بصدق المُنزَل عليهم، وقد ذكر لي بعض المهتمين بالتفسير مثالًا يوضح ذلك فقال: لو أنك أردت وصف حديقة وما فيها من روائع الخلق والجمال فكم تحتاج من العبارات لوصف ذلك والوقوف على جميع محاسنه؟، لا ريب أنك ستحتاج إلى الكثير من العبارات لأجل ذلك، وهذا بخلاف لو قمت بإحضار الذي تريد إخباره عن تلك الحديقة فأدخلته فيها فإنه يشهد من جمالها وبهجتها ما قد تعجز أنت عن وصفه بأبلغ العبارات!
وهكذا هؤلاء قد شاهدوا وسمعوا ثم أعموا أبصارهم عن مشاهدِ الحق وصمّوا آذانهم عن آياته فكانت النار لهم مثوًى ومآلًا!
ثم وقفت على كلام الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تعليقه على هذه الآية إذ يقول:
”﴿ الّذينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِيْ غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وكانُوا لا يَسْتَطيعُونَ سَمْعًا ﴾: وهذا يتضمن معنيين:
أحدهما: أن أعينهم في غطاء عمّا تضمنه الذكر من آيات الله، وأدلة توحيده، وعجائب قدرته.
والثاني: أن أعين قلوبهم في غطاء عن فهم القرآن وتدبره، والاهتداء به. وهذا الغطاء للقلب أولًا، ثم يسري منه إلى العين“!
فيا لله العجب كم في هذا القرآن من علو في البيان وإعجاز وعظمة!
١٨ رجب ١٤٣٦هـ
أبو موسى أحمد الغرايبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد!

  (وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد ! الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الن...