20/06/2016

تأمل لحال طوائف وأحزاب اتخذت من الإسلام أو من محاربته شعارًا لها!



(خواطر  كتبتها منذ عام مضى فيها تأمل لحال طوائف وأحزاب اتخذت من الإسلام أو من محاربته شعارًا لها!)
إن من أخطر ما يهدد الأمم ويعمل على تقويض أركانها، هم الدخلاء عليها مِن أعدائها، فإذا عاون هؤلاء الدخلاء أبناء الأمة كان عملهم كعمل تلك الحشرة المتناهية في الصغر والتي تكون في الخشب فتظل تنخر فيه والأمة تظنه يعمل لأجلها ولنهضتها؛ فما تلبث الأمة حتى تكتشف أن ابنها هذا الذي عَمِلَ عَمَلَ تلك الحشرة وبمعونة مِن الدخلاء من أعدائها قد قوض أركانها وخلخل قواعدها فانهدمت على رؤوس أبنائها!!
أفكر مليَّا في أولئك الذين يريدون تحوير الدين بحسب عقولهم المظلمة، والتي يسمُّونها مستنيرةً -زورًا وكذبًا!- ولمَّا أتمعن في المحاور التي يبتنون عليها بنيانهم المُهلهلَ الهاوي القائم لا على نور الوحي والرسالة المُحمَّدية ولا على منهاج أهل العلم سلفًا وخلفًا أجدها تتمثل فيما يلي:
1- الاعتماد على القرآن -بزعمهم- لأن القرآن نصٌّ قطعي الدلالة قطعي الثبوت!
وهذا الوصف -قطعي الدلالة والثبوت- حقٌّ لا مرية فيه ولا ريب، ولكن كما قيل: كلمة حق أريد بها باطل! فإنهم يرومون من وراء هذه القرآنية في الاستدلال تعطيل السنَّة المشرفة الشارحة لهذا القرآن والمُبيِّنة لمعانيه وأحكامه.
لماذا؟
2- لأن في السُّنَّة ما يهدم مشروعهم التنويري = العلماني الإسلامي!
ولأن في السُّنَّة والحديث والآثار تقييدًا لشطحات عقولهم الكليلة والتي تبتغي التحرر من كل قيد فلذلك تجدهم كثيرًا ما يلوكون -وفي كل محفل- مسائل تتعلق بالمرأة واضطهادها وبحرية الاعتقاد ومدنية الدول وعدم التلازم بين الدين والدولة... إلخ الاسطوانة المشروخة التي يدورون في فلكها المستدير!
وهؤلاء القرآنيون الجدد حاولت أن أقف على منبع أفكارهم التي يرتوون منها، وهي على تناقضها وكثرتها أفكار لا يشعر القاري لها أنها تصب في بوتقة البناء والإصلاح كما يزعم أصحابها، ولكنها تعمل عمل المسحاة فتأخذ من الشريعة جزءً فجزءً حتى تسمله عن بكرة أبيه فلا يدري المتدين بدينهم الجديد أيهودي هو أم نصراني أم مجوسي أم إسلامي!!
... وبعد الدراسة والدرس وجدت أن أول من بدأ بمحاولة جعل الإسلام إسلامَين أحدهما (مستنير) والآخر (ظلامي رجعي متخلف)، هم أولئك الذين جاؤوا من الشرق الفارسي راكبين في عربة يجرُّها برذون من براذين فارس والتي لا يستقر على ظهرها من يركبها -أعني البراذين-، لأنك إذا نظرت إلى راكب البرذون رأيته يتراقص يمنة ويسرة لطبيعة في هذه البراذين كونها هجين غير أصيل!
والبرذون الذي عنيته هو (جمال الدين الأفغاني -كذبًا- الإيراني -حقيقة-)، قدَّمه البعض على أنه السراج المنير الذي أضاء للأمَّة قبس الهداية إلى ما فاتها وضيعته في قرونها الأولى، وفك أقفال العقول وأنار لها الدرب لتحلِّق عاليًا في سماء الزندقة ومسخ الشريعة باسم التجديد الديني ومراجعة الفقه والنصوص الشرعية وعدم موافقتها للعقل كما يزعم الكاذبون، أو لكونها غير إنسانية بالمرة لأنها تحث على إراقة الدماء وتقييد الحريات ولجم الأفواه وتطبق على العقول!
فكان ما كان!
وإذا بتلك العربة التي يجرها ذاك البرذون الإيراني فيها لفيف من الأساتذة وللأسف سائرهم من مصر الكنانة (أم العجائب)!
ومن ألمع الأسماء في عربة البرذون المازندراني هذا هو من يحلوا لهم تسميته بالإمام محمد عبده! وقد كان لمحمد عبده هذا أكبر الأثر في تلميع ونشر أفكار الأفغاني وتبنيها والصولة بها على ثوابت الدين ومحاولة زعزعتها وحرف الناس عنها، واسمع إليه كيف يغلو بسائق عربة الفكر الحداثي في رسالة أرسلها إليه يقول في بعضها:
اقتباس: «ليتني كنت أعلم ماذا أكتب لك، وأنت تعلم ما في نفسي كما تعلم ما في نفسك، صنعتنا بيدك وافضت على موادنا صورها الكمالية وانشأتنا في أحسن تقويم، فيك عرفنا أنفسنا، وبك عرفناك، وبك عرفنا العالم أجمعين، فعلمك بنا كما لا يخفاك علم من طريق الموجب، وهو علمك بذاتك، وثقتك بقدرتك وإرادتك، فعنك صدرنا وإليك إليك المآب.
أوتيت من لدنك حكمة أقلب بها القلوب واعقل العقول، واتصرف بها في خواطر النفوس، ومنحت منك عزمة أتعتع بها الثواب، وأذل بها شوامخ الصعاب، وأصدع بها حم المشاكل، واثبت بها في الحق للحق حتى يرضى الحق، وكنت أظن قدرتي بقدرتك غير محدودة، ومكنتي لا مبتوتة، ولا مقدورة، فإذا أنا من الأيام كل يوم في شأن جديد» انتهى الاقتباس.

(...لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين (!
هذا هو المنهج الذي يسير عليه دُعاة تجديد الإسلام وعلمنته، وهم ما يسمى اليوم بـ: (مفكر إسلامي)!
لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين كلمة قالها الأفغاني في محاورة مع أحد المستشرقين الفرنسيين ويدعى: (رينان)، نقلها عنه مستشرق آخر يدعى: (إيلي كدوري)، وقد حكم كدوري على الأفغاني بالإلحاد لأجل تلك العبارة!
إذن.. خير ما يمكن أن يُهدم به بنيان الدين المتين في ضمائر الناس هو الدين نفسه، كما تقول العرب: (لا يَفُلُّ الحديدَ إلا الحديدُ)!
- الحجاب= تخلف وانغلاق وتقييد لعقل المرأة، والقرآن ليس فيه أمر بهذا الحجاب الذي نراه اليوم!
- الحُكم= إنساني محض لا علاقة لله به ولا يجوز لأحد أن يحتكر مفهوم الدين ويعاقب الناس على مخالفته!
- العقيدة= لا إكراه في الدين، ولكل أحد أن يعتقد ما يشاء وينشر عقيدته ويبثها من غير أن يكون لأحد سلطة عليه فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر!
- فهم النص الشرعي= كل أحد له أن يفهم النص كما شاء ولا عبرة بأقوال الفقهاء ولا ما يُسمى الإجماع، فكل هذا تأويلات لها ظروف معينة وأثرت عليها أحوال سياسية، وتدخلت السلطة لتستجلبها لصالحها!
محاور عدّة ينطلق منها راكبو عربة البرذون، ليطبقوا قاعدته الذهبية ومنهجه المتين: (لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين)!
ومحمد عبده أحد من يسير على سَنن سائقه وشيخه، واسمع له ما يقول لشيخه الأفغاني كما ينقل ذلك عنه (كدوري):
اقتباس: «يقول الشيخ محمد عبده في رسالة لأستاذه بتاريخ 8 شعبان سنة 1300 هـ : (نحن الآن على سنتك القويمة: (لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين)، ولهذا لو رأيتنا لرأيت زهادا عبادا ركعا سجدا لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ...) نقلًا عن: (منهج المدرسة العقلية في التفسير ص161)» انتهى الاقتباس.
...  نعم لقد سار -ويسير- على سنن البرذون الإيراني أمَّة من الكُتَّاب وما يسمَّى (مفكرون إسلاميون) يهدمون الدين من داخله ويعملون عمل سوس الخشب الذي لا يلاحظه الناس إلا وقد نخر لبَّ الأمة فقوَّض بنيانها؛ ذلك أن الأمر جلل ويعلم هؤلاء الطلبة النجباء أن الهجمة ستكون عليهم شرسة لو أفصحوا بما يريدونه لهذا الدين، وَلَعَلَت أصوات العلماء وطلبة العلم في تمزيق النسيج الذي يبتغون حياكته للأمة لتلبسه شعار الذّلّة والصغار، ولكنهم يخفونه تارة ويظهرونه تارة على استحياء وقد يكون من غير استحياء يزامنه القُحَّة أحيانًا، وهذا يحدث في ندوات يحضرها أصحاب الشهوات من مفكرين ومفكرات، حاسرين ومتبرجات وقد يندس بينهم بعض أصحاب العمائم المستديرة!
إلا أن بضاعتهم ولله الحمد لا تروج على عامة الناس لأن ما يقولونه أشبه بالهرطقات والطلاسم التي لا تعيها عقول العامة لا لأنهم لا يعقلون بل لأنها تخالف صريح الدين الذي يعتمد في انتشاره على الفطرة السوية للناس، وإن كانوا متلبسين بالمعاصي والفسوق والانقطاع إلى الملاهي والشهوات!
وقد أمعنت النظر في هؤلاء فما وجدت واحدًا منهم إلا وله صلة بطائفة ادَّعت (الأخوة) الدينية، وتبنت (الإسلام) البرذوني وجعلته لها منهجًا تسير عليه.. فإما أن يكون معهم فلم يقسموا له من الرغيف كِسرة فنظر لنفسه مائدة أخرى، وأخذ يبثُّ سمومه في الناس.. وإما يكون منهم وينتسب إليهم ويتحزب لجماعتهم، ولكنه يدعي الحيادية والتنوير والنقد للثوابت بحجة إعادة النظر في الفقه ليواكب الواقع!
وإما تجده خارج إطار هذه الزمرة إلا أن أفكاره موافقة لأفكارها فتجده لا ينفك أن يكون حليفًا لها مسايرًا لمحطاتها!
وإما تجده على النقيض من منهجها يحاربها لا لأنها تختلف معه في المنهج ولكن لكونها تتسمى بالإسلامية!
جماعات وأحزاب اتخذت من الدين شعارًا، ومن الحُكم غاية لها وهدفًا لا هوادة في الوصول إليه واستعمال كل وسيلة تبررها الغاية المنشودة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد!

  (وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد ! الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الن...