04/09/2016

(الرد على زعم الدكتور محمد نوح القضاة مبيت النبي ﷺ ليلة في قرية السخنة الأردنية!)

(الرد على زعم الدكتور محمد نوح القضاة مبيت النبي ﷺ ليلة في قرية السخنة الأردنية!)
طلع علينا الدكتور القضاة بتقليعة جديدة وبفرية لم يأت بها قبله أحد! إذ يقول الدكتور في إحدى خطاباته الحماسية!:
"هل تعرفون لماذا اخترت الزرقاء؟ وماذا فيها؟ فيها السخنة، حيث نام رسول الله ﷺ ليلة فيها، ويوجد بها الشجرة التي استظل بها رسول الله ﷺ، وبها أثر من رسول الله ﷺ".انتهى.
فأقول مستعينًا بالله وبه أتأيَّد:
الكلام الذي ذكره الدكتور لا أصل له من الصحة ولا يستند إلى أي معلومة تاريخية أو متعلقة بالسيرة المطهرة -ألبتة-، بل هو مجرد تحليل أراد الدكتور أن يقنع نفسه أولًا ويقنع الناس ثانيًا أنه يؤدي إلى النتيجة التي ذكرها، إذ لا يعتبر دليلا يمكن أن يستند إليه أي باحث مهما صغر حجمه أو كبر لإثبات حدث تاريخي مرَّ عليه خمسة عشر قرنًا من الزمان بشخوصه وأماكنه وأحداثه!
ولأدخل في صلب البحث فإن المصادر التاريخية والمتعلقة بالسيرة النبوية المطهرة لم تذكر من قريب ولا من بعيد مبيت النبي ﷺ في مدينة الزرقاء فضلًا عن أن تذكر قرية السخنة فيها، وقرية السخنة لم تذكر في أي مصدر تاريخي يتعلق بالسيرة أو في سرد البلدان والقرى في الحواضر الإسلامية والرومية، فهذا ياقوت الحموي صاحب كتاب (معجم البلدان) وهو من أوسع المراجع في البلدان والقرى والبوادي، لم يذكر فيه (السخنة) إلا في موضع واحد حيث يقول: معجم البلدان (3/ 196): سُخْنَةُ: بضم أوّله، وسكون ثانيه ثمّ نون، بلفظ تأنيث السّخن وهو الحارّ: بلدة في بريّة الشام بين تدمر وعرض وأرك يسكنها قوم من العرب، وعلى التحديد بين أرك وعرض. انتهى.

فأين هي تدمر الشام من سخنة الزرقاء؟!!

علمًا أن ياقوت الحموي يفصل في البلدان والأماكن ويذكر شيئًا من الأحداث فيها فكيف يترك حدثًا كهذا ولو إشارة في ترجمته للزرقاء المدينة إذ يقول: معجم البلدان (3/ 137): الزّرْقاء: بلفظ تأنيث الأزرق: موضع بالشام بناحية معان، وهو نهر عظيم في شعارى ودحال كثيرة، وهي أرض شبيب التّبّعي الحميري، وفيه سباع كثيرة مذكورة بالضراوة، وهو نهر يصبّ في الغور. انتهى.

قلت: وقصر شبيب هذا ما زال قائمًا إلى يومنا هذا، والنهر جفت منابعه، وعاد قفرًا لا حياة فيه!

طبعًا بما أن الدكتور لا يمكن أن يسعفة نص من كتاب تاريخ ولا كتاب سيرة فإنه راح يفسر إثباته المزعوم لنوم الرسول ﷺ في السخنة بتفسير ساذج وإن شئت فقل ممجوج، قال فيه -كما نقلته عنه صحيفة عمّون في اتصال هاتفي جرى بينهما-:
إأن القوافل المتجهة إلى الشام لا بد وأن تقف في محطات إجبارية -كذا قال!- للاستراحة والتزود والعناية بالدواب... إلخ  ومن ضمن هذه المحطات كانت قرية السخنة حيث نزل النبي ﷺ مع عمه أبي طالب وبات ليلة في السخنة!!
هذا ما استدل به الدكتور سامحه الله، ولا أدري هل يظن الناس أغبياء لتمشي عليهم مثل هذه الحجة الباهرة؟!
ولعل الدكتور لم يتنبه إلى أن هذا التحليل يمكن إنزاله على جميع المدن والقرى والبوادي والحواضر على مسافة 2000 كيلو متر من مكة إلى الشام وكل قرية يكون قد بات بها ﷺ، وقس على ذلك..!
إلا أن الرجل أكد تأكيدا جازما للحدث ولا يُعلم كتاب في التاريخ الإسلامي ذكر قرية السخنة، بل إن ياقوت الحموي في معجم البلدان وهو من أعظم المعاجم في وصف المدن والحواضر لم يذكر السخنة إلى في موضع واحد كما تقدم آنفًا.. فأين هي النصوص الدالة على ما زعمه الدكتور، والله -عز وجل- يقول: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}!

فالذي أعتقده أن الدكتور قد جازف مجازفة كبيرة وخطيرة في نسبته حدثًا لا وجود له تاريخيًّا ولا يمكن حتى إثباته إلا في مخيلته ومخيلة من يؤيده نتيجة تحليلات افتعلها غير قائمة على أي دليل صحيح أو نقل صريح..

فعلى الدكتور وأمثاله أن يكفُّوا عن الاستهتار بعقول الناس وعلى المؤيدين له من الدكاترة ومن لف لفهم أن يكفوا أيضًا عن التأييد بالباطل وبعماية تامة من غير نظر ولا اعتراف بمجازفة الدكتور فإن المؤيِّد للباطل أسوأ من المُبطل ذاته، لأنه اقترف جرمين: جرمًا بحق نفسه إذ أتبعها هواها، وجرمًا في زيادته تضليل الناس بتأييده للباطل والتخرصات، ولعل الدكتو يراجع نفسه ويتوب عن هذه الفرية والتي تتعلق بذات النبي ﷺ، فإنه القائل في الحديث المتواتر عنه: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار"، وهو القائل -أيضًا-: "من حدث عني بحديث وهو يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"!
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا نبي الصدق والحق والرحمة محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه والتابعين..
وكتب: أبو موسى أحمد بن عيَّاش الغرايبة
1 / 12 / 1437
والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

طورُ التَّحول والتحوُّر الإخواني الجديد بعد قرب انهيار الجماعة والانتقال إلى أرضية جديدة وخصبة لزرع الأفكار الخارجية المتأصلة في فكر الجماعة! (التمهيد)

  (1) طورُ التَّحول والتحوُّر الإخواني الجديد بعد قرب انهيار الجماعة والانتقال إلى أرضية جديدة وخصبة لزرع الأفكار الخارجية المتأصلة في فكر...