30/04/2024

(وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد!

 (وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد!

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى، أما بعد:

فمما لا يعرفه الكثيرون من إخواننا ممن لا معرفة له بمذاهب الغرب بشِقَّيه الأوروبي والأمريكي، ويستغله بعض الماكرين في التدليس على الأمة وخصوصًا فيما يتسببون به من مآسيَ لأبناء الأمة الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الصراعات السياسية المنشود منها الوصول إلى سُدَّة الحُكم، أن الغرب بعد الحرب العالمية الثانية لملمَ شتات أمره ونبذ الأديان كُلها فطغى عليه الفلسفة العلمانية في الحكم وجعل الأديان وخاصة النصرانية متقوقعة في الكنائس وعلى بعض وسائل الإعلام -مع تمويله لحملات التبشير في إفريقيا خاصة وغيرها من الدول عامة-.

فأخذ فلاسفتهم بتقرير ونشر قِيَمٍ عُليا كانت نبراسًا لهم فيما يبتغون تحقيقه من مكاسب دنيوية، فانتشرت مدارس ومذاهب فلسفية وسياسية شتى، ولكنها جميعًا تُقرر هذه القِيَم العليا، كـ (العدالة الاجتماعية، والحرية المطلقة بجميع أشكالها، و"حقوق الإنسان، والديمقراطية، والحكم الرشيد، ومحاربة الفساد المالي والاستبداد السياسي")، وأصبحت هذه القيم العليا تُدرس للأجيال في المدارس والجامعات حتى غدت العناوين الرئيسة لسياسات الدول والأحزاب المتداولة للسلطة السياسية في البلاد، ولما رأى الغرب أن خروجه من المنطقة العربية وجنوب إفريقيا والدول الآسيوية رأى أنه خسر كثيرًا من الموارد التي كانت وقود تطوره وصناعاته بأنواعها المختلفة، فكان السياسيون وأصحاب القرار يبحثون عن طريقة يتمكنون بها من الاستيلاء على مقدرات الأمم النامية -بحسب وصفهم- من دون أن تثور ثائرة الشعوب الغربية =(دافعو الضرائب) على حكوماتهم التي تجعل في برامجها الانتخابية القيم المذكورة آنفًا؟

فكيف يمكن أن تُقنع شابًا يَدْرُسُ في الجامعة أن الاستبداد السياسي والتدخل في شؤون الآخرين جريمة كبرى، وأن الإنفاق الضخم على التسلح إنما هو لحماية الأمن القومي للبلاد من الأخطار المُحدقة بها وليس لاستخدامه في تدمير الأمم والشعوب وقتل الإنسان وخاصة النساء والأطفال؟!

فكان من مكر الساسة أن أشاعوا أنهم سيقومون بنشر هذه القيم في دول العالم النامي والعالم المتخلف عن ركبهم الحضاري، وأنهم سيسعون بكل وسيلة لنشرها وإلزام الشعوب بها، ومع وجود حكومات عسكرية في بلدان العالم الثالث كانت الخُطة أن يخلقوا تيارات مُناهضة لهذه الحكومات باسم المعارضة السياسية والديموقراطية، فإذا ما حصل الصدام بين التيارات المتنازعة على الحُكم وبين الحكومات الموجودة حصلت القلاقل ولربما تطور الأمر إلى حمل السلاح والتقاتل فيما بينها، فتتم لهم الحُجة أمام شعوبهم بأن من واجبهم كدول عُظمى أن يحولوا دون سفك دماء المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ، فتتحرك الجيوش والأساطيل العسكرية للفصل بين المتنازعين والمكوث على صدور أهل البلاد، ومن ثم تغذية الصراع واللعب على الطرفين فتدعم هؤلاء بالسلاح وتدافع عن هؤلاء بالسلاح فتنهار البلاد ويبدأ مخطط الدعم المالي وتتضخم المديونية فيكون لزامًا على المَدين أن يُنفذ بعض ما يريده دائنه ويقرر كثيرًا من قيمه العُليا الغربية في مجتمعات تختلف تمام الاختلاف عرقيًا ودينيًا وأخلاقيًا، ويتزامن مع هذا المخطط الماكر دعاية في الدول الغربية مفادها أن الأمة الأوروبية أو الأمة الأمريكية قد أنقذت النساء بنشر حقوقهن وأنقذت الأطفال بتقرير حريتهم واختياراتهم، وأنقذت الدول بدعمها ورعايتها لمصالح الغرب! فتعيش الشعوب الغربية نشوة الحضارة وعظمة العلمانية، وتكريس القيم العُليا!

فهل ما يحصل من مظاهرات واعتصامات في الجامعات الأمريكية هو نتيجة للإجرام الصهيوني بحق أهل غزّة المظلومين لأنهم ظُلموا وشُرِّدوا وقُتلوا؟

أم أنه بسبب إنهيار القيم العليا الغربية على يد ساسة دعموا بأموال دافعي الضرائب آلة حربية تبيد شعبًا أعزلًا أكثر ضحاياه من النساء والأطفال؟

وللإجابة على ذلك لنضرب مثالًا واقعيًا حاضرًا وهو الحرب الروسية الأوكرانية، لماذا لم تقم ثائرة هؤلاء الطلبة ويخرجوا في مواجهات كما هو حاصل الآن؟

إن الحرب الروسية الأوكرانية حرب بين جيشين نظاميين يُحارب أحدهما الآخر دفاعًا عن مصالح قومية وأهداف أمنية، فدخول ودعم الساسة الغربيين لأحد الطرفين مُبررٌ عند هذه الشعوب، وله وجهته المنطقية التي يمكن أن تُقبل إلى حدٍّ ما، بينما الحالة الغزيَّة فمختلفة تمامًا فهي حرب من طرف واحد يمتلك كل أسباب القوة وبأعتى الأسلحة التدميرية التي تنزل كالعاصفة على رؤوس الأطفال والنساء والمدنيين المكشوفين تمامًا وما الدعم الغربي لهذه الآلة إلا على حساب أموالهم ورخائهم وامتيازات هذه الشعوب في بلدانها، فإذا تقرر عند الشعوب انهيار هذه القيم وتنكب سبيلها فإن الخروج لإنكارها واجب تحتمه الفلسفة الغربية التي تتمتع بها الشعوب وخصوصًا فئة الطلبة الجامعيين الذين يناقشون بشكل يومي آفاق وسبل نشرها وتطبيقها!

إذن، الأمر ليس كما يُصوره #محور_الشر من أنها انتفاضة لأجل دماء الغزيين فلا تنخدع يا رعاك الله!

وبما أن جماعات الإسلام السياسي وحُلفاؤهم من اليساريين مَكرَةٌ لا يتوانَوْن عن استغلال أي فرصة وأي حَدَثٍ يحصل هُنا وهناك لصالح مخططاتهم لنشر القلاقل في البلاد ومضايقة السلطات وإحراجها وتصويرها بصورة التآمر والموالاة التامة وقمع الحريات، للتوسل إلى إسقاطها شعبيًا فقد قاموا باستغلال هذه الأحداث وبدأت قنواتهم بنشر أحداث المظاهرات أكثر من نشر الأشلاء والقتل والدمار في المحرقة الغزيَّة ولسان حالهم يقول: هذه الجامعات الأمريكية قد ثارت وتحركت فأين جامعاتنا وأين طلابنا؟

وما ذلك إلا ليفتحوا جبهة جديدة تزيد من التوتر وتدفع السلطة دفعًا إلى مواجهة أبناء الشعب –وخاصة الطلاب-، فتمنعهم وتقمعهم لتصبح الدولة في لسان الإعلام الحزبي الموجَّه –مرة أخرى- مدافِعة عن الاحتلال وشريكة له في القتل والتدمير والحصار والتجويع!!

 إن الفجوة الثقافية الكبيرة بين شعوبنا وشعوب الغرب لتجعل غير العارف بالمبادئ الغربية أو طريقة فهم الأحداث لدى شعوبها تُشكِّل أرضية خصبة لتمرير إعلام #محور_الشر ما يريده في عقول الشعوب التي تثور لأدنى عاطفة، فكُن على وعي تام أخي القارئ الكريم فإن الحُكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، ونسأل الله أن يعصم دماء أهلنا في غزَّة وأن يُفشل سعي المفسدين ويرد عدوان المُعتدين، وأن يُبرم لأمتنا أمر رشد يُعزُّ به أولياؤه ويُذل به أعداؤه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 وكتب لتسعٍ بَقين من شهر شوال سنة خمسٍ وأربعين

أبو موسى أحمد الغرايبة

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين

آمين.. آمين

بالصلاة على سيد الأولين والآخرين

والحمد لله رب العالمين.

 

#نظرات #مُذلون_مُهانون #فكر! #تنوير

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أشد مزالق الأمة بعد انهيار دولة الخلافة!

  إن أشدَّ المزالقِ انحطاطًا مما أصاب أمتنا العربية على وجه الخصوص بعد انهيار دولة الخرافة العثمانية -في رأيي- هو انقسام الأمة بالمجمل إلى ف...