الواجب حظر كتب سيد قطب ومن سار على منواله وإخراجها من مكتباتنا ومساجدنا ومدارسنا وجامعاتنا وإتلافها واعتبار اقتنائها جرمًا يُعاقب عليه لخطورتها وعظيم تأثيرها على الأجيال لما تحتويه من أفكار متطرفة وتصريح بتكفير الأمة عن بكرة أبيها إلا أصحاب الفكر الإخواني!
(لا مساس بالأمن والأمان) .. القنيبي تدليس وخداع ولعب على وتر العواطف!
عنوان برَّاق وضعه أحد منظري جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في بلادنا لمقطع مصوَّر له على (اليوتيوب)، فإذا دخلت المقطع لتسمعه رأيت ثعلبًا ماكرًا يحرك حاجبيه ويجلُقُ =(جَلَقَ فَمَه عند الضَّحِك: فتحه) شفتيه ويمطِّطُها ويلوي ويُحرف ويُدلس على المستمعين الذين علق بعضهم بقوله:
(قرأتُ العنوان فاختنقت أنفاسي خشية فَقْدِ عَلَمٍ آخر على طريق الحق)!!
إياد القنيبي وضع في وصف مقطعه العبارة التالية:
(هذه الكلمة تغطي مفهوماً مهماً جداً في هذا التوقيت ، احضرها بتأمل، فهي تزودك بالحجج اللازمة في النقاش، وتعينك لتكون سبباً في الأمن والأمان)!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
أمَّا بعد:
فإن من عادة الإخوان المسلمين من حملة الفكر القطبي تحديدًا أن يستعملوا في تدليسهم على الأمة وعلى الشباب المتحمس خاصَّة نصوصَ الكتاب والسنة فيقومون بتحريف معانيها بشقشقة الكلام أو باجتزاء بعض النص ونزعه من سياقه أو ببتر ما يُقيد العام أو يخصصه، والقنيبي هذا من أمهر -وأمكر- أصحاب الفكر الإخواني والمسمى -زورًا- فكرًا إسلاميًا في فعل هذا الأمر؛ فقد استهل الكلام في مقطعه المذكور بعبارة -تهكمية- على عادته يستهل بها مسرحياته للضحك على السُّذَّج من مُتابعيه فقال:
(الأمن والأمان خط أحمر ويجب أن لا نسمح لأي أحد أن يعبث به تحت أي ذريعة)
فيا تُرى ماذا يريد القنيبي أن يقول تحت هذا الاستهلال؟!
لقد أورد القنيبي قول الله تعالى في سورة الأنعام، الآية رقم: 82، وهي قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}، ثم أورد أن معنى الظلم في الآية هو: (الشرك)، وعقَّب بقوله:
(ومن أوضح أشكاله: شركُ الطاعة، أن تطيع أحدًا في معصية الله وكأن نفعك وضرك ورزقك وأجلك بيده!)
هكذا -وبهذا الاستهلال- وطَّن القنيبي في ذهن السامع أن أشد أنواع الشرك المذكور في الآية هو (شركُ الطاعة)! فإن أنتم أطعتم من يمنعكم من واجب النصرة لإخوانكم -والذي صرح به بعد هذه الكلمات مباشرة- فأنت معرضون للوقوع في شرك الطاعة!
ثم أردف القنيبي آيات الموالاة بين المؤمنين وآيات نُصرة المؤمنين والنفر إلى الجهاد وقد بتر من بعض الآيات ما يهدم مُراده من كلمته بلا خوف من الله ولا حياء!
وللفائدة أورد للقارئ الكريم تفسير أهل العلم لهذه الآية التي استهل القنيبي بها مقطعه فمعرفة تفسير العلماء الثقات لكلام الله مُهم في فهمه الفهم الصحيح الخليَّ عن التحريف والتوجيه الحزبي.
قال البغوي: "قوله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، لم يخلطوا إيمانهم بشرك".
وقال ابن كثير: "أي : هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له، ولم يشركوا به شيئًا هم الآمنون يوم القيامة، المهتدون في الدنيا والآخرة".
وقال السعدي: "قال الله تعالى فاصلا بين الفريقين {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} أي : يخلطوا {إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} الأمن من المخاوفِ والعذاب والشقاء، والهدايةُ إلى الصراط المستقيم، فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقًا، لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة.
وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها.
ومفهوم الآية الكريمة، أن الذين لم يحصل لهم الأمران، لم يحصل لهم هداية، ولا أمن، بل حظهم الضلال والشقاء".
قلتُ:
فأنت ترى أخي القارئ الكريم أن أهل العلم سلفًا وخلفًا إنما قصروا معنى الظلم في الآية على الشرك الأكبر أي شرك الألوهية وهو صرف شيء من العبادة أو عبادة غير الله، ولم يتطرقوا إلى تخصيص معناه بما يندرج تحت مسائل الربوبية وأبوابها..
فمن أين جاء القنيبي بهذا التفسير لمعنى الشرك في الآية وجعل أوضح أشكاله شرك الطاعة؟!
والجواب:
أن القنيبي يتقفَّر تفسير أقنوم التكفير في عصرنا سيد قطب حذو القُذَّة بالقُذَّة بل ولا تكاد تجده ينقل من تفسير إلا ما يجد له موضعًا في كلام سيد قطب، فقد قال سيد قطب في تفسيره لهذه الآية من كتابه: (في ظلال القرآن):
"الذين آمنوا وأخلصوا أنفسهم لله، لا يخلطون بهذا الإيمان شركًا في عبادة ولا طاعة ولا اتجاه. هؤلاء لهم الأمن، وهؤلاء هم المهتدون".
وقال سيد قطب في موضع آخر:
"من أطاع بشرًا في شريعة من عند نفسه، ولو في جزئية صغيرة، فإنما هو مشرك. وإن كان في الأصل مسلمًا ثم فعلها؛ فإنما خرج بها من الإسلام إلى الشرك أيضًا... مهما بقي بعد ذلك يقول: أشهد أن لا إله إلا الله بلسانه. بينما هو يتلقى من غير الله، ويطيع غير الله".
إذن يرى سيد قطب وأفراخه اليوم أن طاعة المخلوقين -وهم يعنون هنا بلا ريب الحُكَّام المسلمين- هي من الشرك المخرج من الملة، ولذلك تراهم يتداولون كثيرًا مسائل الحاكمية وما يتعلق بها لأنهم يتوصلون بها إلى مبتغاهم من إخافة الجيل وتوجيهه بأنه إذا أقدم على طاعة الحاكم -ولو في غير معصية- أنه يكون معرضًا للوقوع في هذا الباب من أبواب الشرك.. فتأمل!
وشركُ الطاعة إنما المقصود به عند العلماء المحققين طاعة غير الله في معصية الله تعالى في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله. قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مجموع فتاواه: "فمن أطاع إنسانًا عالمًا أو عابدًا، أو غيره، في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله، واعتقد ذلك بقلبه، فقد اتخذه ربًا".
وحقيقته شرك الطاعة فسرها نبينا -صلّى الله عليه وسلّم-، لعدي بن حاتم -رضي الله عنه- حيث قال:
أتيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- وفي عنقي صليبٌ من ذَهبٍ.
فقالَ: "يا عديُّ اطرح عنْكَ هذا الوثَنَ"!
وسمعتُهُ يقرأُ في سورةِ براءةٌ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
قالَ: "أما إنَّهم لم يَكونوا يعبدونَهم ولَكنَّهم كانوا إذا أحلُّوا لَهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليْهم شيئًا حرَّموه".
أخرجه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني كما في صحيح سنن الترمذي.
وقال الشيخ ابن عثيمين في: (القول المُفيد): "فمن أطاع العلماء في مخالفة أمر الله ورسوله فقد اتخذهم أربابًا من دون الله باعتبار التصرف الشرعي؛ لأنه اعتبرهم مشرعين واعتبر تشريعهم شرعًا يعمل به".
فهل طاعة الولاة في حفظ أمن وأمان البلاد من شرك الطاعة، لأن القوم اليوم كُلموا كُلمة شديدة في جماعتهم حيث تم اكتشاف خلايا لهم يقومون بتصنيع الأسلحة دون علم الدولة ويُهربون المواد المتفجرة ويخزنونها بين البيوت وفي الحواري والمنشآت المدنية، وفي هذا الاتجاه كان من المسلم به أن الدولة ستحظر أي نشاط لجماعة الإخوان المسلمين الذين ثبت باعتراف أفراد الخلية تورط مسؤولين فيها فكان لزامًا على مُنظري الجماعة أن يمهدوا الطريق للأتباع والرعاع من أن أي منع لنشاطات الجماعة من الدولة وطاعة الجهات الأمنية في ذلك هو من الإثم الذي يصل حد الشرك!
وتقرير هذه المسألة من الخطورة بمكان أن فيها إخراجًا لمن أطاع الكبراء والأمراء في معصية الله من الإسلام؛ بل حقيقة هذا الكلام يؤول إلى تكفير المسلمين حكامًا ومحكومين، وهو من أصول الخوارج التي يقررونها في عقول الشباب ليحرفوهم عن الصراط المستقيم فيقعون في تكفير دولهم وولاتهم ومجتمعاتهم المسلمة.
ثم قام القنيبي بترسيخ هذه الفكرة وهي عدم طاعة الولاة في منعهم أي نشاط من شأنه زعزعة الأمن أو إذعار الدول التي تمتلك من الأسلحة ما يبيد الشجر والحجر والبشر لكي لا يعطي أي عمل من هذه الأعمال الذريعة لأعداء الأمة ليستبيحوا أرضها ويبيدوا أهلها كما هو حاصل في فعل حمقى الإخوان المسلمين في فلسطين حيث كانوا في عافية فتحرشوا بالعدو الصهيوني فأزال قطاع غزة عن الوجود وجعله أثرًا بعد عين فإنا لله وإنا إليه راجعون!
بتر القنيبي واجتزأ آية الأنفال واقتصر على نقل الجزء الأول منها دون الاستثناء الذي فيها من قوله تعالى: {وَإِنِ استَنصَروكُم فِي الدّينِ فَعَلَيكُمُ النَّصرُ} وترك باقي الآية والذي فيه الاستثناء وهو قوله: {إِلّا عَلى قَومٍ بَينَكُم وَبَينَهُم ميثاقٌ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ} [الأنفال: ٧٢].
هكذا يفعل القنيبي بمن يسمعه ويتبعه على تدليسه يورد الأدلة من غير نظر في معناها ولا في تفسير العلماء لها ويظن أنه بإيرادها يُلزم مخالفه من طلبة العلم ويقيم عليهم الحُجة بذلك، وبصرف النظر عن الحال الحاصلة فإن الله قيَّد الأمر بالنصرة لمن استنصرنا من المؤمنين بقوله: {إلا على قومٍ بينكم وبينهم ميثاق}، وإلا أداة استثناء فكأنه استثنى من واجب النصرة من كانوا بهذه الصفة المذكورة وهي أنهم يلتزمون عهودًا ومواثيق مع العدو الذي يستنصرهم عليه إخوانهم، وفي تفسير هذا المعنى قال شيخ المفسرين الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تفسيره «جامع البيان عن تأويل آي القرآن» (11/ 294):
«{وإن استنصروكم في الدين} يقول: إن استنصركم هؤلاء الذين آمنوا، ولم يهاجروا. {في الدين}. يعنى: بأنهم من أهل دينكم على أعدائكم وأعدائهم من المشركين، فعليكم أيها المؤمنون من المهاجرين والأنصار النصر، إلا أن يستنصروكم {على قوم بينكم وبينهم ميثاق}. يعني: عهد قد وثق به بعضكم على بعض أن لا يحاربه {والله بما تعملون بصير}. يقول: والله بما تعملون فيما أمركم ونهاكم من ولاية بعضكم بعضا أيها المهاجرون والأنصار، وترك ولاية من آمن ولم يهاجر، ونصرتكم إياهم عند استنصاركم في الدين، وغير ذلك من فرائض الله التي فرضها عليكم {بصير} يراه ويبصره، فلا يخفى عليه من ذلك ولا من غيره شيء». انتهى.
فأنت ترى أخي القارئ الكريم أن الآية محكمة وواضحة لمن كان له عقل وفهم، فمهما كان الاعتداء على طائفة من المسلمين فإنه لا يجوز نصرتهم على عدوهم الذي بيننا وبينه ميثاق سواء كان هذا العدو محتلًا أم كان غازيًا فنقض العهد ليس من سيماء المسلمين وقد نهاهم ربهم عن عدم الإيفاء بالعهود.
فماذا يفعل الحزب الإخونجي الإرهابي ومُنظروه بهذا الاستثناء في الآية؟!
وختامًا:
فإن القنيبي يحاول أن يدس السم في الدسم ويعطي إشارات -ولو خفية- لمن يستمع إليه أن الأمة قادرة على نصرة أهل غزة ويمنعهم من ذلك طاعتهم لولاتهم الذين لا يراهم ولاة شرعيين يجب لهم الطاعة بالمعروف، فالمطلوب من الناس التحرك من تلقاء أنفسهم وأن لا يطيعوا حكوماتهم ولا دولهم في المنع من أفعال تجر البلاد للحروب والخراب والدمار، وقد ضرب القنيبي أمثلة ساذجة لا تنطلي على صبيان الحواري فضلًا عن طلبة العلم ولكنها تُعجب المتابعين وتدغدغ عواطفهم وترضي غرور القوم في أنهم يستطيعون التأثير على الجماهير بمثل هذه الكلمات الآثمات سعيًا في نشر الفوضى وتمكين أعداء الأمة من بلادنا عن طريق فرض حالة الفوضى ونشر القلاقل والفتن، ولكن الله مُخيب سعي هذه الجماعة الضالة التي كانت -ومنذ نشأتها- حجر عثرة في وجه المصلحين الصادقين الذين يبتغون تبليغ رسالة ربهم لا الوصول إلى كراسي الحكم ومقارعة الحكام والخروج عليهم.
هذه الجماعة التخريبية التي تحركها أيدٍ خفية -بل معروفة- كما قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله عنها: "حركة الشيخ حسن البنا وإخوانه المسلمين الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدامة، ينفق عليها الشيوعيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين"!
فالله نسأل أن يكف شر هذه الجماعة عن بلاد المسلمين وأن يخلصنا من فتنتهم ومن مخططاتهم الهدامة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
سددكم الله ونفع بكم أستاذ أحمد
ردحذفأشرف الحجاج
آمين وإياكم أبا حذيفة جزاك الله خيرًا
ردحذف