04/03/2024

[التغليظ على أهل الأهواء والانحراف عن منهج السلف سُنَّة إلهية وطريقة نبوية] (المقالة الأولى)

 

[التغليظ على أهل الأهواء والانحراف عن منهج السلف سُنَّة إلهية وطريقة نبوية] (المقالة الأولى)

تغليظ القول في أهل الانحراف من سنن الله الثابتة في كتابه العزيز، وهي ثابتة كذلك وبأشد الألفاظ في سنة النبي فما الذي ينقمه المميعة وأضرابُهم على من يُغلظ بالقول على أهل البدع والتحزبات الباطلة كالإخوان والصوفية والخوارج المارقين، ومن دار في فلكهم من القعديين ولفَّ لفَّهم؟!

فلتعلم أخي القارئ الكريم أنَّ ذمَّ أهل الباطل والانحراف والنفاق سُنة إلهية وطريقة نبوية كما ذكرتُ لك آنفًا، فهذا ربُّنا -جل في عُلاه- يذُم صنوفًا منهم ويلعنهم بل وتلعنهم الملائكة والنبيون -واللعن من أشد العبارات في القدح إذ هو الطرد من رحمة الله!- .

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أن كل صنف ذمه الله ورسله يجب ذمه وأن ذلك ليس من الغيبة وبين أن ما لعنه الله ورسوله لُعن، فالله تعالى ذم الكافر والفاجر والفاسق والظالم والغاوي والضال والحاسد والبخيل والساحر وآكل الربا وموكله والسارق والزاني والمختال والفخور والمتكبر الجبار وأمثال هؤلاء، ولعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات من بعد ما بينه للناس وذكر لعنة الظالمين!

وأما تغليظ النبي على أهل المخالفات من شتى الطرائق فأكثر من أن يُحصى والأحاديث في الصحيحين كثيرة في هذا الباب تلميحًا وتصريحًا وهذا أيضًا ذكره شيخ الإسلام فقال: ولعن رسول الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، والمُحَلِّلَ والمُحَلَّلَ له، ولعن من عمِل عمَل قوم لوط، ولعن من أحد حدثاً أو آوى محدثاً، ولعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها، ولعن اليهود والنصارى حيث حُرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها.

وهذا كثير جدًا في القرآن الكريم وفي السنة النبوية ويتكرر في غير ما موضع تغليظ القول على كل مخالف متنكب للطريق، فهل يوصف بالغلو من اتبع كتاب ربه وسنة نبيه في بيان حال المنحرفين وغلَّظ القول فيهم، وهل كونُ المرء المُتكلَّمِ فيه مسلمًا يمنع من إغلاظ القول في حقه وعدم الرأفة في عقوبته ردعًا له وتحذيرًا للناس من شره ومن شر مقالته أو عقيدته أو أفعاله المخالفة لأصول الدين؟!

لقد قال ربنا بعد أن ذكر عقوبة الزُّناة: (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)! انظر سلمك الله وشرح صدرك للحق ماذا قال ربُّك؟ قال: (لا تأخذكم بهما رأفة) مع كون الزاني مسلمًا مؤمنًا ارتكب هذا الفعل الفاحش حال شهوة أو نزوة ألمَّت بنفسه الضعيفة مع كون هذا الفعل وهو الزنا بين رجل وامرأة قد لا يتعدى الضرر بسببه أسرة واحدة أو اثنتين وقد يُقال إنه حماية للمجتمع من الشهوات أن تشيع ومن الفواحش أن تنتشر؛ فكيف بمن ضرر مخالفته أو بدعته أو انحرافه يَمَسُّ أصل الدين والعقيدة أيُقال في الرادِّين على هؤلاء غُلاةً؟!

إن المميعة العصريين يضربون صفحًا عن هذه الطريقة الإلهية والسنة النبوية في بيان الحق ودحض الباطل ويرون أن وصف الإسلام عاصمًا من التغليظ بالقول وهو فهم لا يخلو صاحبه من أحد أمرين، إما أن يكون جاهلًا لا يدري منهج الله ولا منهج أنبيائه في الرد على الضلالات والمنكرات وهذا الصنف أمره يسير يكفيه أن يبذل جهدًا زائدًا ليتعلم لأنه إنما دواءُ العِيِّ السؤال كما جاء في الأثر.

وإما أن يكون من أهل الأهواء أو مِن الدافعين عنهم فيغمض عينيه عن هذا المنهج الإلهي الراسخ والطريقة النبوية الأصيلة في حماية الدين، أو يذهبُ يلوي أعناق النصوص ليتخذها مرافعة ينافح بها عن ربعه وأخدانه الذين يخشى أن ينفضوا من حوله ويتركوه بلا تصفيق وتعظيم وتبجيلٍ يروي به عليله ويشفي به غليله، وهذا الصنف كذلك كثير لكنه أشرُّ من الصنف الأول؛ لأن الأول دواؤه العلم، وأما الثاني فداؤه العلم فكيف يُشفى من داؤه هو دواؤه؟!

وفي معنى التغليظ والإساءة بالقول لأهل البدع والأهواء أورد شيخ الإسلام قوله تعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم)، فقال مُعلقًا عليه: وقد رُوي: إنها نزلت في رجل نزل بقوم فلم يُقْرُوه [من القِرا: وهو الطعام الذي يُقدم للضيف وعابر السبيل]. فإذا كان هذا فيمن ظُلم بترك قِراه الذي تنازع الناس في وجوبه وإن كان الصحيح أنه واجب، فكيف بمن ظُلم بمنع حقه الذي اتفق المسلمون على استحقاقه إياه؟.

قلتُ -أبو موسى-: فكيف بمن ظُلم بمنعه من معرفة دينه وعقيدته بسبب مَن حرَّف الدين واتبع الأهواء وأضل العباد وتحزب لشيطانه، وتسلح بلسانٍ منافق عليم؟!

ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو حسبُنا ونعم الوكيل..

أحمد بن طريف أبو موسى الغرايبة

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد!

  (وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد ! الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الن...