04/03/2024

[التغليظ على أهل الأهواء والانحراف عن منهج السلف سُنَّة إلهية وطريقة نبوية] (المقالة الثالثة)

 [التغليظ على أهل الأهواء والانحراف عن منهج السلف سُنَّة إلهية وطريقة نبوية] (المقالة الثالثة)

أسلفنا القول بأننا سنذكر في هذه المقالة الثالثة أنواع أعداء الدين ومَن هو دائرٌ في فلكهم، وبيان وجوب الرد عليهم وبيان أحوالهم ولو اقتضى الأمر ذكرهم بأعيانهم فإن المصلحة لا تتحقق في كثير من الأحيان إلى بالبيان الواضح الذي لا ينصرف إلا للمردود عليه تعيينًا، وهذا الأسلوب أسلوب إلهي ونبوي فقد ذم الله أقوامًا بأسمائهم لما كان منهم من صدٍّ عن سبيل الله وعن دينه الحق، فذكرهم بأسمائهم كفرعون وهامان وقارون والسامري وأبي لهب وغيرهم وفي الحديث أضعاف ذكر هؤلاء فلا يُنكر هذا المنهج الإلهي إلا جاهل أو صاحب هوًى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -قدَّس الله روحه- كما في «مجموعة الرسائل والمسائل»:

«وأعداء الدين نوعان: الكفار والمنافقون، وقد أمر الله نبيه بجهاد الطائفتين في قوله: {جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم} في آيتين من القرآن.

فإذاكان أقوامٌ منافقون يبتدعون بدعًا تخالف الكتاب ويلبسونها على الناس ولم تبين للناس فسد أمر الكتاب وبُدِّلَ الدين، كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذي لم يُنْكَر على أهله.

وإذا كان أقوام ليسوا منافقين لكنهم سماعون للمنافقين قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوهم قولهم حقًا وهو مخالف للكتاب وصاروا دعاة إلى بدع المنافقين كما قال تعالى: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولا وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم} فلا بد أيضًا من بيان حال هؤلاء بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم فإن فيهم إيمانًا يوجب موالاتهم».

قال أبو موسى:

أوجب شيخ الإسلام في الفقرتين الآنفتي الذكر بيان حال المنحرفين من المسلمين الذين هم ليسوا بمنافقين في خاصة أنفسهم ولكنهم يُطرقون السمع لأولئك المنافقين فيعتقدون أن ما قالوه حق وصدق، وقد جعل الفتنة في هؤلاء أعظم لأن فيهم إيمانًا يوجب موالاتهم، فتأمل يا رعاك الله!

واليوم قد افتُتن أقوام يتقفرون العلم وينتسبون إليه ويتدثرون بالعلماء الكبار وفتنوا العوام في أمر ظاهر الفساد والإفساد سُفكت بسببه دماء الأمة المحمدية بلا ثمن ولا مصلحة يمكن تحققها، وقام فيهم أقوام يزينون هذه الأفعال غاية التزيين ويهجمون على الناصحين المُصلحين ممن يبتغي حقن دماء أهل الإسلام ويدعو إلى التريث وعدم استعجال ما لم تتحقق أسبابه ولا تحققت ابتداءً وسائله اللهم إلا بعض وسائل لا تُغني ولا تَحمي ولا تمنع اعتداء وُعتدٍ ولا جور جائر؛ فكيف بمن لا يرقُب في مؤمن إلًّا ولا ذِمَّة؟!!

ثم قال شيخ الإسلام -رحمه الله-:

«وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تُفسد الدِّين فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق لكن قالوها ظانين أنها هدى وأنها خير وأنها دين ولم يكن كذلك لوجب بيان حالها.

ولهذا وجب بيان حال من يغلط في الحديث والرواية ومن يغلط في الرأي والفتيا ومن يغلط في الزهد والعبادة، وإن كان المخطئ المجتهد مغفورًا له خطؤه، وهو مأجور على اجتهاده، فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله».

قال أبو موسى:

فكم من داخل اليوم في بدع من بدع المنافقين التي تُفسد الدين، وهل هناك مُفسد لدين الناس كالثناء على الرافضة وأذنابهم وتعظيم شأنهم وجعلهم أئمة يُقتدى بهم بل ويقول أحدهم إنه يتمنى أن يصلي في المسجد الأقصى -بعد أن يتحرر من براثن يهود- المرشد الأعلى للجمهورية المجوسية؟!

بل وأوجب شيخ الإسلام بيان حالهم وإن اقتضى ذلك ذِكرهم وتعيينهم، فلماذا اليوم يخرج علينا مميعة جُهلاء يمنعون من ذكر وتعيين أمثال هؤلاء ممن كان سببًا في إذعار الصهاينة على أهل غزة -سلمها الله- فقتلوا وشردوا عشرات الألوف من المسلمين الضعفاء الذين لا يملكون سلاحًا يدفعون به عن أنفسهم ولا يملكون ما يصمدون به على حصارهم وتجويعهم، فالرد على هذا العمل الإجرامي من أوجب الواجبات على من آتاه الله علمًا وحكمة، والأخذ على أيدي هذه الزمرة المُغامرة بدماء الناس وعلى أيدي غيرها ممن لا يعرف فقه المآلات ولا يفهم الواقع ولا يستطيع قياس حالة الأمة المحمدية في هذه الأعصار المتأخرة؛ لأن تركهم وما يفعلون لن يجلب للأمة إلا مزيدًا من القتل والدمار ونهب الخيرات؛ فالأمة في مقابل أعدائها في هذا الزمان ضعيفة أشد ما تكون في زمان من الأزمان، وعدوها أقوى ما يكون في زمن من الأزمان، والأمة مع هذا الضعف والخور غارقة في معاصيها ومُجاهرة بها ومنقسمة فرقًا كل حزب بما لديهم فرحون، فكيف يُرجى نصر وعلو على الكافرين ونحن في ركبهم سائرون وعلى سننهم ماضون؟!

فعلى هؤلاء المميعة أن يقبلوا الحق ولا يزيفوه للناس ولا يستكبرون عن قبوله ويلمزون أهل السنة بالمداخلة والجامية والغلاة وغيرها من الأوصاف التي يرومون بها الانتقاص لأهل الحق لمَّا عجزوا عن الرد على أدلتهم، ويُلمح شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إلى هذا المعنى بقوله: «ومتى كره هذا الحق كان ناقصاً في إيمانه، يُنقص من أُخوَّته بقدر ما نقص من إيمانه».

{والله ورسوله أحق أن يرضوه}.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا

وكتب لسبعٍ بقين من شهر شعبان سنة 1445هـ

أحمد بن طريف، أبو موسى الغرايبة

غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين

آمين.. والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد!

  (وجهة نظر) استغلال الإخوان والأحزاب اليسارية مظاهرات الجامعات الأمريكية في نشر الفوضى في البلاد ! الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الن...